⏪⏬
لم تكن الرحلة مأمونة العواقب ، فالرياح تشتد على فترات ، المطر يقذف بحبائله بشتى الاتجاهات ، الأشجار تنوء تحت وطأة عجزها عن مقارعة العاصفة ، لقد أخبرونا منذ ثلاثة أيام بأنها العاصفة ( سوسو ) ... ياله من اسم جميل مثير ، ابتسمت كثيرا عندما قرأت
الخبر ، فكثيرا من الأخبار تكون ( ملفقة ) وقد اعتدنا على تلفيق التهم لبعضنا البعض ، لعل هذا ما جعلني أعيد ابتسامتي مرة أخرى ولعلها تحولت إلى ضحكة عريضة يشوبها الكثير من التشاؤم في بعض اللحظات .
إذن الدراجة لم تعد هنا ، والموعد لم يلغ حتى الآن ، علي تحمل المخاطرة ك جندي يسير بقدميه نحو واد لايعرف ماذا يخبئ له من مفاجآت ، ك عصفورة تخاطر بروحها للذهاب بعيدا بحثا عن بعض الطعام لصغارها في ذلك العش المختبئ بين غصنين كبيرين على متن شجرة شابة .
ارتديت كل مالدي من ملابس ( شتوية وصيفية ) ، نسيت مظلتي السوداء ، وعندما عدت لإحضارها تذكرت بأنها ( مثقوبة ) ... ياله من حظ عاثر ، حتى أنت أيتها المظلة تأبين حمايتي من هذه العاصفة ال ( سوسوية ) !!! ...
لا يهم ، سأذهب حالا إلى شجرة الجوز ، فهي بانتظاري بكل تأكيد - أقصد الشجرة - أما فتاتي فلست أدري إن كانت ستغامر بالحضور أم أنها ستبقى جانب المدفأة .
الطريق أصبحت وعرة جدا ، الأمطار لم ترحم مسيرتي ، حتى سوسو استمرت في غليانها غير مكترثة بجسد نحيل لا يقوى على مقارعتها .
لابد من شيء ما يسليني في ذاك الدرب الموحل ، والموحش معا ، فكنت أردد كلمات فيروزية لازالت عالقة في ذاكرتي منذ سنوات طويلة : ( رجعت الشتوية ... ومعها سوسو الحلوة القوية ) ، ضحكت كثيرا وأنا أردد كلمات الأغنية التي اختلطت مع كلماتي العشوائية ، وقت ليس بالقصير يمضي ، المسافة تقترب حينا ، وتطول حينا آخر ، ومابين هذا وذاك أركن إلى زاوية كي أستريح قليلا .
مرت الدقائق متثاقلة أكثر مما يجب ، وكأنها عجوز تجاوزت التاسعة والتسعين من عمرها ، شجرة الجوز ترتدي حجابا صلدا خشية العاصفة ، العصافير التي اعتدت أن أراها هناك لم تكن في مكانها .
( كم أنت قاسية يا سوسو ) ، قالت شجرة الجوز ، فضحكنا معا هذه المرة ، الباص لم يأت ، الطريق شبه مقفرة ك صحراء لانهاية لها .
قبل أن أقرر الرحيل كتبت في صفحة ما في دفتري الرمادي : ( هل يمكن أن يموت الإنسان مرتين ) ... ثم أسدلت الستارة ...
*وليد.ع.العايش
لم تكن الرحلة مأمونة العواقب ، فالرياح تشتد على فترات ، المطر يقذف بحبائله بشتى الاتجاهات ، الأشجار تنوء تحت وطأة عجزها عن مقارعة العاصفة ، لقد أخبرونا منذ ثلاثة أيام بأنها العاصفة ( سوسو ) ... ياله من اسم جميل مثير ، ابتسمت كثيرا عندما قرأت
الخبر ، فكثيرا من الأخبار تكون ( ملفقة ) وقد اعتدنا على تلفيق التهم لبعضنا البعض ، لعل هذا ما جعلني أعيد ابتسامتي مرة أخرى ولعلها تحولت إلى ضحكة عريضة يشوبها الكثير من التشاؤم في بعض اللحظات .
إذن الدراجة لم تعد هنا ، والموعد لم يلغ حتى الآن ، علي تحمل المخاطرة ك جندي يسير بقدميه نحو واد لايعرف ماذا يخبئ له من مفاجآت ، ك عصفورة تخاطر بروحها للذهاب بعيدا بحثا عن بعض الطعام لصغارها في ذلك العش المختبئ بين غصنين كبيرين على متن شجرة شابة .
ارتديت كل مالدي من ملابس ( شتوية وصيفية ) ، نسيت مظلتي السوداء ، وعندما عدت لإحضارها تذكرت بأنها ( مثقوبة ) ... ياله من حظ عاثر ، حتى أنت أيتها المظلة تأبين حمايتي من هذه العاصفة ال ( سوسوية ) !!! ...
لا يهم ، سأذهب حالا إلى شجرة الجوز ، فهي بانتظاري بكل تأكيد - أقصد الشجرة - أما فتاتي فلست أدري إن كانت ستغامر بالحضور أم أنها ستبقى جانب المدفأة .
الطريق أصبحت وعرة جدا ، الأمطار لم ترحم مسيرتي ، حتى سوسو استمرت في غليانها غير مكترثة بجسد نحيل لا يقوى على مقارعتها .
لابد من شيء ما يسليني في ذاك الدرب الموحل ، والموحش معا ، فكنت أردد كلمات فيروزية لازالت عالقة في ذاكرتي منذ سنوات طويلة : ( رجعت الشتوية ... ومعها سوسو الحلوة القوية ) ، ضحكت كثيرا وأنا أردد كلمات الأغنية التي اختلطت مع كلماتي العشوائية ، وقت ليس بالقصير يمضي ، المسافة تقترب حينا ، وتطول حينا آخر ، ومابين هذا وذاك أركن إلى زاوية كي أستريح قليلا .
مرت الدقائق متثاقلة أكثر مما يجب ، وكأنها عجوز تجاوزت التاسعة والتسعين من عمرها ، شجرة الجوز ترتدي حجابا صلدا خشية العاصفة ، العصافير التي اعتدت أن أراها هناك لم تكن في مكانها .
( كم أنت قاسية يا سوسو ) ، قالت شجرة الجوز ، فضحكنا معا هذه المرة ، الباص لم يأت ، الطريق شبه مقفرة ك صحراء لانهاية لها .
قبل أن أقرر الرحيل كتبت في صفحة ما في دفتري الرمادي : ( هل يمكن أن يموت الإنسان مرتين ) ... ثم أسدلت الستارة ...
*وليد.ع.العايش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق