اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

حنان و أحمد | قصة قصيرة ... *مريم حوامدة

⏪⏬ 
يكبرني بثلاثة أعوام ورغم وجود آخرين من الصبية في البيت وفي المحيط إلا أنني لم أحاول الاقتراب من أحدهم لوهلة كنت أعتقد أنه شقيقة أنثى ،

البيت صغير يقع على حافة شارع رئيسي مسفلت في منطقة استراتيجية تبعد مسافة زمنية حوالي ساعة عن المدينة سيراً على الأقدام وتبعد عن القرية المجاورة أيضاً نفس المسافة ، شجيرات السرو العالية تصطف بجانب بعضها بمحاذة الشارع لتشكل سور عالي يلف البستان المحيط للمنزل من الواجهة الأمامية للشارع ، على الجانب الأيسر توجد بعض شجيرات اللوز المتناثرة وسور من الحجارة "القلاع " المتوسطة الحجم كان قد بناها الأب كي تحمي سقيفة المواشي الكبيرة وفي آخر هذا السور باتجاه البيت فتحة في السور كبيرة نوعاً ما هي بمثابة بوابة لدخول ساحة البيت ولكنها بلا باب وعلى زاويتها اليمنى زيرٌ من الفخار كبير الحجم مملوء صيفاً وشتاءً بماء المطر الذي يتم تجميعه من سطح الغرفتين الصغيرتين بواسطة "مزراب " وهو أنبوب معدني اسطواني مثبت مع طرف جدار الغرفة الصغيرة التي تستخدم كمكان لحفظ الأغذية والطبخ حيث تنزلق المياه داخل الانبوب وتسقط في اوعية كبيرة تسمى " براميل " هذا الزير الفخاري معلق في طرفه بواسطة سلسلة من الجنزير المعدني الرقيق " طاسة من المعدن الذي لا يصدأ" وتحرص الوالدة على تنظيفها بالماء والصابون وتلميعها كل صباح والموقع المعّد له في مدخل البيت باتجاه الطريق الفرعي ذو الحصى الصغيرة لكي يشرب كل من مر بجانب سور البيت من الزوار والأهل والمارة حتى أن الأم ذكرت أن هناك أفعى كانت تشرب منه هي وفراخها ولم تبّخ فيه السُم على الاطلاق ، وحتى أن هذه الأفعى كانت ترافقها إلى تنور الخبز " الطابون وتأكل فتات الخبز الذي يسقط بعد كل عملية لصنعه ، وفي حادثة أخرى ذكرتها لي أنها كانت تحمل في بطنها ولداً وتذهب الى الوادي السحيق يومياً لتحضر الماء في أوعية تضعها على رأسها وتترك اطفالها الصغار لمدة ساعة ونصف لوحدهم من أجل إحضار الماء وكانت عندما تغادرهم تأتي هذه الأفعى وتجلس قبالتهم متكورة تحرسهم لحين عودتها ومن ثم تختفي ،
يقابل البيت على الناحية الاخرى من الشارع منزل كبير جداً ذو طابقين تسكن فيه عائلة من العائلات التي لجأت إلى الضفة الغربية بعد النكسة وهي عائلة كبيرة جداً فيها ما يزيد عن عشرين من الذكور وأكثر من ذلك من الإناث اضافة إلى النساء المتزوجات والجدات ، وكانت تربط العائلتين علاقة حميمية كونها العائلة الوحيدة القريبة من البيت
، كان ذلك في أوائل سبعينيات القرن الماضي وكنا نذهب سوياً إلى المدرسة في الصباح ونعود بعد الظهيرة ،
رغم العلاقة الحميمية بين العائلتين كان ما يقلقني هو العنجهية أحياناً التي كانت بعض من البنات الصغيرات يتعاملن بها والمزاجية التي تداهم عقولهن لشعورهن بأنهن أفضل شأن وأحسن حال من ابنة عائلة فلاحة صغيرة تعيش في بيت صغير ، هذا المد والجزر خلق نوع من المنافسة بيننا
هن يتنافسن بالأزياء الجميلة أو الذهاب أحيانا للمدرسة ركوباً في سيارة الأخ الأكبر أو الوالد وابن العم وكنت أنافس بالطريقة التي استطيع فيها وهي التفوق عليهن في التحصيل الدراسي ، وذات يوم كنت أنا وإحداهن وتدعى حنان قد غادرنا المدرسة إلى البيت وأقسمت حنان أنها سوف تدعوني للغداء في بيتها الذي يبعد عن بيتنا مسافة عشرين متراَ وبعد الحاحها وافقت على ذلك وعندما اقتربنا من منازلنا ناديت بصوت مرتفع لتسمعني والدتي بأنني في بيت حنان ، دخلنا البيت واستقبلتنا والدتها بابتسامة غير معهودة وهي التي تعاني من الغيرة الدائمة من زوجة زوجها " ضرتها " التي تكبرها بثلاثين عاماً أشارت لنا والدة حنان للدخول و لتناول الطعام وكان عبارة عن البيض المقلي مع قطع البطاطا وقطعة جبن كبيرة والخبز المدني الذي يصلح لعمل شطائر ، كان هذا الخبز بالنسبة لي غريبٌ نوعاً ما حيث أنني تعودت على تناول خبز الطابون الخبز المفرود على الحصى ومعروف بأنه لذيذ جداً مقارنة بالخبز المدني والمدني اشارة إلى المدنية ، وبدأت حنان بتحضير المائدة ووضعتها على صينية وحملتها لنجلس خارج البيت على سلم حجري عريض بالقرب من غرفة الطبخ وقالت لا تتتناولي شيئاً حتى اقوم بتقسيم الطعام بيننا حيث قامت بتقطيع الجبن قطع صغيرة على فتات من الخبز بحجمها حتى نلتهمها براحة وسهولة، استغربت الأمر في البداية ولكن فيما بعد عرفت أن هذا أسلوب بعض العائلات ولكن حنان كان في نفسها أمر آخر ،
هذه الحادثة كانت من ضمن الكثير من الأمور التي جعلتني لا ارافق احداً أو أثق بصديقة مما أدى ذلك إلى تمسكي الشديد بأحمد وجعله رفيقي وصديقي الصدوق عدا عن أنه شقيقي لدرجة أنني اقسمت في نفسي لو طلب مني أي عمل له وكنت متعبة سأعمله بلا ضجر ، وذات يوم صباحاً كنت أجلس معه في الصباح على درجات من حجارة تقابل غرفة الطبخ وكنت قد وضعت إبريق الشاي على الفرن نظر أحمد إليّ قائلاً هل تعلمين ما أريده الآن ؟ أريد قطعة من الكيك " الجاتوه " فقلت له سوف أعمل لك ذلك وكنت في ذلك الحين ابلغ من العمر عشرة أعوام ، ذهل أحمد من ردي فقلت له لا تقلق لقد تعلمت ذلك في المدرسة في حصص التربية المنزلية ولكن هناك مشكلة أنا بحاجة لبعض المكونات وهي ليست لدينا ،
نهض أحمد من مكانه وقال لي هيا لنذهب لأقرب متجر وهذا الدكان يقع في مخيم ل اللاجئين الفلسطينين ممن هجروا قسراً من اراضيهم ويبعد عنا ما يقارب نصف ساعة زمنية ذهاباً ومثلها إياباً ، ذهبنا على عجل من أمرنا وكعادتنا في الطريق لا نخلو من الضحك والمشاكسات وصلنا المتجر في طرف المخيم واحضرنا المواد وعدنا للبيت ، أسرعت في الذهاب للمطبخ ولكني فوجئت بشبه كارثة وهي أنني قد نسيت إبريق الشاي على وهج النار طيلة هذه المدة مما أدى إلى تبخر الماء وتفحم مسحوق الشاي الأسود والتصاقه في جوانب الإبريق ولو تأخرنا قليلاً لكان قد ذاب جسد الإبريق وكان حريق شامل .
تركت حنان الدراسة في سن الخامسة عشر وتزوجت ولم أعلم عنها شيئاً بعد ذلك .
كنت متفوقة في الدراسة وكان أحمد متفوق أكثر وقضينا سنوات طويلة وهو رفيقي في طريق الذهاب والإياب انتظره حتى يكمل دروسه في البرد او الحر وهو كذلك ،
ولكن في يوم حصلت مفاجاة منه أذهلتني وصعقتني لدرجة أنني مرضت نفسياً بسبب أحمد وهو قراره ترك الدراسة والتوجه لسوق العمل ، كان الأمر بمثابة فاجعة لي بكيت ولطمت وجهي وداهمتني حمى ، كيف لك ان تتركني لوحدي دون رفقة وحماية ومشاكسة ؟
كيف لك ان تترك المستقبل الجميل أريدك طبيب اريدك مهندس ولكن دموعي لم تشفع.
ترك أحمد المدرسة واندمج في سوق العمل وكان يرضي حزني بالأموال والمصروف المدرسي المرتفع والملابس والفسح الجميلة حتى انه اشترى لي دراجة هوائية كبيرة الحجم ودراجة اخرى له وكنا نذهب في ايام العطل لفسحات طويلة لمدينة القدس وكنت اول فتاة تقود دراجة في وسط المدينة في السبيعنيات واوائل الثمانينيات .
أصبح أحمد رجل أعمال ولديه شركة كبيرة وكان لبق الحديث دمث الخلق هادىء رزين وحظي بحب واحترام ومعرفة في المناطق والمدن المحيطة ،
كانت جلساتنا دوماً لا تخلو من الضحك والذكريات الجميلة ،تخطينا نصف قرن ونحن أطفال كلما نجتمع ، وفي إحدى المرات سافر أحمد للمرة الأولى إلى الولايات المتحدة بمفرده وكانت رحلة استغرقت شهراً كاملاً ، وعندما عاد سألته عن ما حدث معه من قصص وأحداث ،
فذكر لي أنه تاه في مطار فرانكفورت وكاد ان لا يعثروا عليه إلا انه استدرك ذلك بقدرة الهية على حد تعبيره عندما قال لي أنقذت نفسي وتحدثت بالانجليزية رغماً عني دون ان أعلم كيف نطقت ذلك حتى تمكنت من الوصول إلى المكان الصحيح ،
أحمد شارف على نهاية العقد الخامس وما زال طفلاً رغم أنه جد يقول لي دائماً أنا أحمد فقط وليس أبو فلان وجد فلان ولست حاج او شيخ انا أحمد ابن العشرة أعوام
وأنت مريمة الصغيرة .

*مريم حوامدة 

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...