اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

مبدعون فلسطينيون غلّفوا المشهد الثقافي بكآبة رحيلهم في العام 2019


رام الله - متابعات: في الثالث من الشهر الأخير للعام 2019، فقدت الساحة الأدبية العربية، قامةً كبيرة في عالم الترجمة والأدب، برحيل المترجم الفلسطيني الكبير صالح علماني، عن عمر يناهز السبعين عاماً، مخلفاً وراءه مئات العناوين المترجمة عن الإسبانية
من روايات ودراسات لأبرز كتّاب العالم، بينهم غابرييل غارسيا ماركيز، وخوسيه ساراماغو، وإيزابيل الليندي، وماريو بارغاس يوسا، ولوركا، إدواردو غاليانو، وجيوكاندا بيللي، وماريو بينيديتي، وأنطونيو سكارميتا، ولويس لانديرو، وآريل دوفمان، وكارلوس فوينتس .. والقائمة تطول.
وكانت مصادر في عائلة المبدع الكبير ذكرت لـ”الأيام”، أن رحيله كان مفاجئاً في إسبانيا، إثر نوبة قلبية حادة ومفاجئة، وأن زوجته نقلته إلى المستشفى لكنهم لم يفلحوا في إنقاذ حياته.
وقالت سوريا علماني، ابنة شقيق صالح علماني، وتقيم في رام الله: تواصل معنا قبل أقل من أسبوع، وكان بصحة جيدة، بل أخبرني أنه كان بصدد البدء في ترجمة كتاب جديد دون أن يحدد ماهيته .. خبر حزين بالفعل، خاصة أن عمّي صالح كان يسكن معنا في ذات المنزل، قبل عقود، في دمشق.
واستذكرت علماني، في حديثها لـ”الأيام” تفانيه في عمله الإبداعي قائلة: عندما يكون منغمساً في ترجمة جديدة، فإنه يعيش حالة انفصال عن الواقع، وتتملكه العصبية .. مضيفة: في تلك الأوقات، لو كان في الخارج “ضرب مدافع” لن يشعر به، كما لم يكن يستمع لكثير مما نقوله، وكأنه في عالم آخر، وكان مستعداً أن يمكث لثلاثة أيام أو يزيد دون طعام، بحيث تكون القهوة رفيقته حينها كما السجائر .. عندما يعمل على ترجمة كتاب ينفصل عن العالم الخارجي، كما استذكرت سعادته البالغة، حين كان من المقرر تكريمه في فلسطين قبل ثلاث سنوات، لفرط رغبته في زيارة وطنه، إلا أن الاحتلال حال دون ذلك.
ولا يمكن لمتحمس للأدب المحمول على السحرية من أميركا اللاتينية أو الأدب الاسباني إلا وقد مر باسم صالح علماني (1949 ــــ 2019) ماركة الترجمة المسجلة، والقامة الأدبية التي ساهمت في تعريف الأجيال العربية بمؤلفات أعمدة الأدب العالمي من روائع، لذا سيستعيد اليوم كلّ قراء هذا الأدب الرفيع اسم مترجمهم الألمعي بعدما أسدل الستار على تاريخ حافل من العطاء في مكان إقامته بإسبانيا.
وعلماني مترجم فلسطيني احترف الترجمة عن اللغة الإسبانية بشكل خاص، ولد في حمص العام 1949، وتعود أصوله إلى ترشيحا في الداخل الفلسطيني، ودرس الأدب الإسباني وأمضى أكثر من ثلاثين عاماً في خدمة أدب أميركا اللاتينية المكتوب بالاسبانية، ليصنع معادلات موضوعية وأساليب جمالية تعني اللغة العربية على وجه الخصوص، حتى بات من الممكن القول عن حرفته أنها فكّ للنص الأدبي وإعادة تركيبه بلغة مختلفة دون إفقاده هويته أو أصالته أو عناصره المتينة وفرادة اللغة التي كتب فيها
وترجم علماني ما يزيد على مئة عمل عن الإسبانية، لذا حظي في مكان إقامته بعناية وافرة، وإحاطة توازي الدور الهام الذي لعبه كجسر ثقافي حقيقي، وناقل معرفي، هو الذي أتاح مساحة معرفية شاسعة للقراء العرب كي يطّلعوا عن كثب على أهم النتاجات الأدبية، فقد كرّمته مدريد مرّات عديدة.
وبدأ صالح علماني عمله في وكالة الأنباء الفلسطينية ثم أصبحَ مُترجمًا في السفارة الكوبية بدمشق، وعمل في وقتٍ لاحقٍ في وزارة الثقافة السورية، وتحديداً في مديرية التأليف والترجمة، وكذا في الهيئة العامة السورية للكتاب إلى أن بلغَ سنَّ التقاعد في العام 2009.
وبعدما ترجمَ عشرات الكُتب عن الإسبانية؛ طالبَ خمسةٌ من أبرز كتّاب أميركا اللاتينية الذين ترجم لهم الحكومةَ الإسبانية بأن تمنحه الإقامة تكريمًا لمنجزه في “نقلِ إبداعات اللغة الإسبانية إلى العربية”؛ وهو ما حصلَ حينما مُنح الإقامة في إسبانيا مع عائلته بعد نزوحه من سورية.
وحصلَ علماني العام 2015 على جائزة “جيرار دي كريمونا” للترجمة، كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات العربية والدولية حول الترجمة، كما أشرف على عدد من ورش الترجمة التطبيقية في الترجمة في معهد سيرفانتس بدمشق.
وكان علماني يرى أن المشكلة أثناء الترجمة في اللهجات الأميركية اللاتينية وليس في اللغة الإسبانية بحدّ ذاتها؛ حيث أن تلك اللهجات تختلف من بلد إلى آخر، لكن دراسته الطب ومعرفتهُ بشعوب القارة وأحوال معيشتهم وحكاياتهم وخرافاتهم وآلامهم وموسيقاهم، واطلاعه على تاريخ أميركا اللاتينية بشكلٍ عام ساعده في فهمِ كل الاختلافات.
كمال بلاطة
رحل، مطلع آب، في العاصمة الألمانية برلين، الفنان التشكيلي والناقد والمؤرخ الفني الفلسطيني كمال بُلّاطة، عن عمر يناهز السابعة والسبعين، وهو من مواليد القدس العام 1942، حسب تصريح صحافي لأسرته، أشارت فيه إلى أنه رحل بشكل مفاجئ، في منزله ببرلين، لافتة إلى أنه كان يمنّي النفس أن يُدفن في القدس، وإلى أنها، أي عائلته، تواصلت مع عديد المحامين، في مساعٍ منها لتحقيق رغبته هذه، وهو ما تحقق لها بعد إجراءات معقدة كانت أقرب إلى ما يمكن وصفه بالمعارك.
ورحل بُلّاطة بعد رحلة حافلة بعديد الإنجازات على صعيد التأليف والكتابة والنقد، وكذلك على الصعيد الفني، والسياسي أيضاً، بحيث بات من أبرز التشكيليين العرب في العالم، إلى جانب ما تمتع به من شهرة واسعة في مجالي دراسة ونقد الفن الفلسطيني خاصة، والفن العربي والإسلامي عامة.
ونعى بُلّاطة العديد من أصدقائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الروائي اللبناني إلياس خوري: كمال بُلّاطة الفنان الفلسطيني الكبير، الصديق والأخ الحبيب، تبكيك القدس ويبكيك قلبي .. كمال بُلّاطة وداعاً، في حين كتب الفنان الفلسطيني هاني زعرب: لا عجب أن المنافي تدعهم يخرجون من ثقبها الأسود الكبير في الصيف، لتعانق أرواحهم الضوء الذهبي لتلك المدن التي ولدوا فيها .. نودع كمال بُلّاطة، الإنسان الاستثنائي والفنان، الذي وهب عمره لقضية شعبه، وأعطى كل ما يستطيع، وانتظر دائماً أجيالاً عربية جديدة تكمل لوحة الحريّة التي كان من أصدق رسّاميها.
وكان بُلّاطة حاز على جائزة محمود درويش للإبداع هذا العام، حيث أشارت لجنة التحكيم إلى أن الفنان ابن القدس، امتلأت طفولته بوجع النكبة والتهجير والتشريد، وأن المعرفة والإبداع كانا أحد أساليبه للاستمرار والنضال، وأنه تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة بروما، ثم واشنطن قبل الاستقرار في المنفى (الولايات المتحدة، والمغرب، وفرنسا، وألمانيا).
وقال بيان لجنة التحكيم وقتها: أدرك كمال بلاطة بعد فترة الستينيات، التي تتميز بالاستكشاف، أنّ طريق الفن التشكيلي التي اختارها تقتضي أن يدرك مسؤوليته المزدوجة في ترسيخ التأسيس والمراهنة على التجديد، ليتمكن الفن الفلسطيني أن يفرض نفسه عربياً وعالمياً.
ومن نتاجه، نشر دراسات عن الفن الإسلامي والعربي الحديث باللغتين العربية والإنكليزية في عدة مجالات، ومنها الشؤون الفلسطينية، والكرمل، ومجلة الدراسات الفلسطينية، وفنون عربية، ومواقف، ومجلة الآخر. وفي الاتجاه التأسيسي والتنظيري نفسه نشر كتابي الفن الفلسطيني خلال نصف قرن، واستحضار المكان، وكتاب بين الداخل والخارج عن أعمال الفنان هاني زعرب، كما ساهم في العام 1974 بوصفه عضواً في مؤسسة دار الفتى العربي، بإخراج سلسلة كتب للأطفال، ونظم أثناء الانتفاضة الأولى معرضاً فنياً متجولاً في الولايات المتحدة، برزت فيه رسومات أطفال الحجارة.
كما اهتم بُلّاطة بأعمال محمود درويش، وفي العام 1979 نظم قراءة شعرية لمحمود درويش في الولايات المتحدة، وطالما جسد بلاطة، كما درويش، قيم الحرية والإنسانية والهوية والكرامة والجمال، هو الذي انتهى منذ فترة قصيرة من إنجاز كتابين كبيرين بالإنكليزية يضمّان مختارات من كتاباته في النقد التشكيلي والفن العربي والإسلامي، وكان يشتغل في الفترة الأخيرة على سلسلة فنية جديدة باستعمال تقنية الرقش، حين عاد من بيروت، الشهر الماضي، بعد أن قدّم محاضرة بعنوان “سَفر بين الشفافيّات” في دار النمر للفن والثقافة.
وتعلم بُلّاطة الرسم في القدس حيث ولد، وتحديداً في مرسم الفنان المقدسي خليل حلبي في حي “باب الخليل” في القدس، ثم درس الفن في “أكاديمية الفنون الجميلة” في روما (1960– 1965)، وعند احتلال القدس الشرقية العام 1967 كان في زيارة إلى بيروت لإقامة معرض هناك ولم يُسمح له بالعودة إلى فلسطين المحتلة.
وعاش بُلّاطة في المنفى حتى رحيله ولم يعد للقدس سوى “زائر” بجواز سفر أجنبي العام 1984 حيث صور المخرج الدنماركي رودولف فان دِن بيرغ فيلماً وثائقياً بعنوان “غريب في بيته” عن عودة الفنان الناقصة إلى مدينته المحتلة.
ومما قاله بُلّاطة في إحدى المقابلات التلفزيونية: قدري أن أعيش بعيداً عن موطني فلسطين لأكثر من نصف قرن، وتنقلت بين عدّة دول .. هذه المسيرة مستمرة، والرحلة هذه جزء من تجربتي الشخصية، وأعتقد أنها كذلك السبب وراء كتاباتي ولوحاتي، فأنا لست رساماً فحسب، ولا أعتبر نفسي رساماً .. بالنسبة لي الكتابة هي طريقي نحو الوطن .. أكتب بالعربية والإنكليزية حول الفنون والحضارة العربية، أما الرسم فهو وجودي في الوطن .. هكذا أجمع بين الأمرين في ذات الوقت خلال مواصلتي للحياة.
صبحي شحروري
وفي العاشر من شباط 2019، رحل صبحي شحروري، “عميد نقاد فلسطين”، عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عاماً، ليبقى مبدعاً وناقداً له تأثيره الملموس على الكتابة الفلسطينية، وقد تبدى هذا التأثير في غير حقل من حقول الأدب الفلسطيني، كما تجلى في النشاط الثقافي العملي الذي دأب على القيام به، متخذاً أشكالاً متنوعة من التواصل مع الكتاب الفلسطينيين سواء منهم أولئك الذين نشؤوا على الكتابة في زمن صبحي أو بعده بقليل، أم هؤلاء الشبان الجدد الذين ظلت ساحتنا الثقافية تلدهم سنة بعد سنة وجيلاً بعد جيل.
ومنذ حمل القلم قبل ما يزيد على خمسة وستين عاماً، وهو معني بهموم حركتنا الثقافية، متفاعل معها ومع ما تطرحه من نتاجات ثقافية مختلفة. لذلك لم يكتف بالاهتمام بالقصة القصيرة التي كتبها منذ مطلع شبابه وظل يكتبها حتى وقت متأخر، بل إنه كرس جزءاً غير يسير من اهتمامه لكتابة النقد الأدبي، نقد الشعر والقصة والرواية، وأعطى في ذلك نتاجاً متميزاً، بسبب قدرته على تذوق النصوص الأدبية والتعاطي معها من دون مجاملة أو اعتبارات شخصية، وبسبب الحرص على متابعة أحدث النظريات النقدية واستيعابها والاستفادة منها في النظر إلى نتاجاتنا الثقافية المحلية.
لذلك، يصح القول إن الدور الذي نذر صبحي شحروري نفسه لأدائه في قلب حركتنا الثقافية، لم يكن دوراً من قبيل التمني أو الرغبة التي لا تجد تجلياتها في الواقع.
يضاف إلى ذلك، المشاركة الفعلية المثابرة في الكثير من الندوات والمؤتمرات والفعاليات الثقافية التي تشهدها بلادنا بشكل غير منقطع، وكذلك الاهتمام الجدي بدعم التجمعات الثقافية في رام الله وغيرها، والتواصل معها وتحويلها إلى بؤر لتوليد الأفكار الجديدة وصقل المواقف والاجتهادات الثقافية المتنوعة، والتحرك الذي لا ينقطع في اتجاه التواصل مع العمل الأكاديمي والأنشطة الثقافية التي تضطلع بها جامعاتنا، وإقامة أفضل الروابط مع الأدباء والمثقفين الفلسطينيين ما وراء الخط الأخضر، وواظب على ذلك حتى أيامه الأخيرة.
وولد صبحي شحروري في قرية بلعا، قضاء طولكرم، العام 1934، أنهى دراسته الابتدائية في قريته، وبعد حصوله على الثانوية دخل الجامعة فتخرج حاملاً للإجازة في الفلسفة، وكتب بداية القصة القصيرة ومن ثم النقد والدراسات والرواية، ونشر مقالاته في جريدة الجهاد وبعض الصحف اللبنانية، ومجلة الأفق الجديد.
ومن مؤلفاته المطبوعة: المعطف القديم (قصص) القدس عن منشورات البيادر 1968، والداخل والخارج (قصص، القصة القصيرة في الأرض المحتلة (بالاشتراك مع حنان شعراوي)، الأستاذ والسكين (رواية)، وقصة موت الراعي حمدان (رواية)، وفق ما ذكر في “موسوعة أعلام فلسطين في القرن العشرين”.
من الجدير ذكره أن صبحي شحروري كان أحد أهم كتاب القصة القصيرة الذين دأبوا على نشر قصصهم في مجلة “الأفق الجديد”. وثمة من يخطئ في اعتباره من الجيل الذي اصطلح على تسميته فيما بعد “جيل الأفق الجديد”، فهو أسبق من هذا الجيل في مضمار الكتابة الإبداعية والصحافية، لأنه ابتدأ الكتابة منذ العام 1955. وعلى أية حال، ووفق ما نشر في فصلية “الشعراء” العام 2004، فإن من يقرأ قصص صبحي شحروري التي نشرها في “الأفق الجديد” قبل ما يزيد على أربعين سنة، (الزامور، سلة تين، رأس الشيخ والقطار، وغيرها) يدرك أن هذه القصص مكتوبة بوعي فني متقدم، وبلغة رصينة بعيدة عن المباشرة والتسطيح، دالة على مخزون ثقافي ومعرفي وفير.
خليل توما
وبعد رحيل شحروري بيومين، رحل الشاعر الفلسطيني خليل توما، عن عمر يناهز 74 عاماً، هو المولود في بيت جالا العام 1945، بعد مسيرة إبداعية ونضالية طويلة، أنجز خلالها أربع مجموعات شعرية جمعت في كتاب أعماله الكاملة، وهي: “أغنيات الليالي الأخيرة”، و”نجمة فوق بيت لحم”، و”تعالوا جميعاً”، و”النداء”.
وفي فلسطين حيث لا يمكن عزل السياسة عن يومياتنا بكامل تفاصيلها، كان لها في شعر توما نصيب كبير، هو الذي أشار إلى أنه تأثر كثيراً بالأحداث الكبرى في تاريخ الشعب الفلسطيني مثل النكبة والنكسة، وتجربة اعتقاله في سجون الاحتلال ما بين العامين 1974 و1976، وقال: كل كتاباتي متأثرة بالوضع السياسي الذي كان والقائم حالياً، كوني مؤمناً بأن للشعر رسالة تنحاز لجهة القضايا المهمة والوطنية والتعبير عن معاناة الناس وهمومهم، ولكن هذه الرسالة يجب أن تقدم بطريقة فنية وجمالية، ولا يمكن التغاضي عن القيم الجمالية في النصوص، فالشكل والمضمون يجب أن يتكاملا في القصيدة”.
سميح حمّودة
وخسرت فلسطين، في الخامس والعشرين من أيار الماضي، واحداً من أهم باحثيها ومؤرخيها وأبرز الأكاديميين فيها، وهو د. سميح حمودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، والذي رحل عن عمر يناهز التاسعة والخمسين عاماً، بعد صراع مع المرض.
حمودة من مواليد بيت لحم في العام 1960، وهو خريج جامعة بيرزيت وجامعة جنوب فلوريدا في العلوم السياسية وعلوم الإنسان. عمل في جمعية الدراسات العربية بالقدس (1985 – 1992)، ومركز دراسات الإسلام والعالم في تامبا بولاية فلوريدا الأميركية (1992 – 1995)، وحاضر حتى وافته المنيّة في دائرة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت.
وكان حمودة مديراً لتحرير دورية “حوليات القدس” التي كانت تصدرها مؤسسة الدراسات الفلسطينية في رام الله، قبل توقفها في آب من العام 2015، ونشر فيها عدداً من الدراسات والمقالات والوثائق، كما أن له عدداً من الكتب والدراسات والمقالات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبالحركات الإسلامية الفلسطينية، وبتاريخ فلسطين في عهد الانتداب، والمنشورة في العديد من المجلات العربية.
وكان من آخر ما أصدره كتاب “رام الله العثمانية: دارسة في تاريخنا الاجتماعي 1517 – 1918” عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في العام 2017، وقبله كتاب “صوت من القدس: المجاهد داود صالح الحسيني من خلال مذكراته وأوراقه”، عن دار الفكر في رام الله.
وأشرف حمودة على تأسيس أرشيف بلدية رام الله وتنظيمه، وشارك في تأسيس وتنظيم الأرشيف الرقمي لكل من مؤسسة الدراسات الفلسطينية في رام الله، وجامعة بيرزيت.
سميح شبيب
وفي الخامس والعشرين من الشهر التالي (حزيران)، ووري الثرى في مخيم اليرموك للاجئين قرب دمشق، الدكتور سميح شبيب، الكاتب والأكاديمي الفلسطيني، صاحب المؤلفات المتعددة في التاريخ الفلسطيني الحديث.
وكان شبيب قد توفي في دمشق، قبل الدفن بأيام، عن 71 عاماً في مستشفى يافا الذي يحمل للمفارقة اسم المدينة الفلسطينية التي ولد فيها في 16 أيار 1948، وذلك بعد يوم من نكبة الفلسطينيين واضطرارهم للجوء بعيدا عن وطنهم.
وبقي يوم ولادة شبيب وظروف لجوء أسرته مطبوعين في ذاكرته، حيث وصف نفسه في مقابلة صحافية العام 2015، في الذكرى الـ67 للنكبة، آنذاك، بأنه “ابن الخوف”. 


وأوضح وهو يغالب دموعه كيف قذفته النكبة رضيعاً من حي العجمي اليافاوي العتيق والشهير، وضاع من أسرته أثناء فرارها، إلى أن تعرفت عليه عمته من “تعليقة ذهب” صغيرة وضعت على صدره، قبل ركوب عائلته السفينة المتجهة إلى بيروت.
عاش شبيب طفولته في سورية، وحصل العام 1972 على درجة البكالوريوس في التاريخ من جامعة دمشق قبل انتقاله إلى بيروت لدراسة الصحافة في الجامعة اليسوعية، والانخراط في العمل السياسي والبحثي الفلسطيني الذي كان في أوجهِ وقتَها.
عمل شبيب باحثاً في مركز الأبحاث الفلسطيني ببيروت ومحرراً في صحف ومجلات عدة، بينها “الصمود” و”القاعدة”، كما واصل دراسته الأكاديمية، فحصل على درجة الماجستير من الجامعة اليسوعية عن بحث بعنوان “حزب الاستقلال العربي في فلسطين 1932-1933″، الذي صدر العام 1981 عن مركز الأبحاث الفلسطيني. 


وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان العام 1982 وانتقال مؤسسات منظمة التحرير الفلسطيني إلى عدد من الدول العربية ودول الجوار، غادر شبيب إلى دمشق ومنها إلى تونس، حيث أقام لعامين، ثم استقر في قبرص حتى العام 1993، حيث عمل في الفرع المؤقت لمركز الأبحاث الفلسطيني، إلى جانب مشاركته في تحرير مجلة “الأفق الأسبوعية”.
في نيقوسيا أصدر شبيب، أغلبية أبحاثه المنشورة عن التاريخ الفلسطيني الحديث، وأهمها “البنية التنظيمية للأحزاب الوطنية الفلسطينية” عام 1988، و”منظمة التحرير الفلسطينية وتفاعلاتها في البيئة الرسمية العربية” في السنة ذاتها، و”حكومة عموم فلسطين.. مقدمات ونتائج” عام 1989، و”محمد علي الطاهر.. تجربته الصحافية في مصر” العام 1990.
انتقل شبيب إلى رام الله مع العائدين بموجب اتفاقات أوسلو الموقعة مع إسرائيل العام 1993، حيث عمل محاضراً في دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية بجامعة بيرزيت، كما ترأس تحرير مجلة “شؤون فلسطينية” بعد إعادة إصدارها من رام الله، إلى جانب كتابة المقالات في صحف فلسطينية عدة، بينها “الأيام”.
صبحي غوشة
وفي اليوم الأخير من نيسان رحل الكاتب والمناضل المقدسي صبحي غوشة، الذي ينتمي إلى جيل بدأ يتشكّل وعيه مع النكبة العام 1948، فانخرط مبكراً بالحياة العامة والعمل المدني والسياسي، وكذلك في الكتابة عن الهموم الوطنية والقومية.
ولد الراحل في القدس، ودرس الطب في “الجامعة الأميركية” ببيروت وتخرج العام 1953، وبدأ عمله طبيباً في وكالة الإغاثة في البلدة القديمة، وفي عيادته الخاصة، كما أسّس وترأس “جمعية المقاصد الخيرية” العام 1954، وأنشأ كذلك مستشفى المقاصد الخيرية، وفاز بعضوية بلدية القدس العام 1959، وعضوية مجلس أمانة القدس العام 1963.
أصدر غوشة مجموعتين قصصيتين هما “شمسنا لن تغيب” (1986)، و”الشمس من النافذة العالية: وجوه في رحلة النضال والسجن” (1988)، والتي يغلب على نصوصهما مناخات العمل الفدائي والعديد من الأحداث البارزة في التاريخ الفلسطيني المعاصر.
في عام 2001، نشر عمله الأبرز بعنوان “القدس.. الحياة الاجتماعية في القرن العشرين” الذي أعيدت طباعته عدّة مرات، وهو كتاب موسوعي صدر في إطار “مشروع كتابة تأريخ القدس الشامل” الذي تشرف عليه الشاعرة والباحثة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي.
خصّص غوشة في كتابه فصلاً لكل مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية، مستعرضاً علاقة المقدسيين بالعمران والطقوس الشعبية ومراسم الخطبة والزواج والولادة وألعاب الأطفال ووسائل الترفيه والعزاء، ومكانة القدس كمركز من مراكز العلم في فلسطين، حيث ضمّت العديد من المدارس الدينية والمنتديات الأدبية والفكرية، والمكتبات، الحياة الدينية لأهلها، ومفصّلاً أيضاً المهن والصناعات الشعبية التي سادت في القرن الماضي.
أحمد عبد الرحمن
ورحل في مطلع الشهر الجاري، الكاتب والسياسي أحمد عبد الرحمن، عن عمر يناهز 76 عاماً، بعد وعكة صحية.. وهو من مواليد قرية بيت سوريك، شمال غربي القدس، ويعد من القادة الأوائل لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” التي التحق بها عام 1967.
وإضافة إلى دوره السياسي، فإن عبدالرحمن كان أديباً وإعلامياً له عدة مؤلفات، منها: “عشت في زمن عرفات”، و”عرفات”، الذي فاز عنه بجائزة الدولة التقديرية للآداب والفنون والعلوم الإنسانية للعام 2015 .
أمجد ناصر
ومع نبأ رحيل الشاعر الأردني أمجد ناصر، في تشرين الأول، بعد صراع مع مرض السرطان، اشتعلت منصّات التواصل الاجتماعي، صوراً وأشعاراً وذكريات وقصائد رثاءً له، هو الذي غادرنا جسداً عن عمر أربعة وستين، ما بين اسمين، أحدهما يعرفه الجميع، وهو الاسم الذي كان ذات يوم مستعاراً، وأحدهما ويعرفه قلة هو اسمه الأصلي، وأعني يحيى النميري نعيمات.
وكان أمجد ناصر انخرط في صفوف الثورة الفلسطينية ببيروت، ورحل مع رحيل الثوار والفدائيين في العام 1982، بعد أن كان مسؤولاً عن البرامج الثقافية في إذاعة الثورة الفلسطينية هناك، كما تبنى القضية الفلسطينية من خلال أعماله الأدبية، شعراً ونثراً، حتى أن كثيرين كانوا يصفونه بأنه “شاعر فلسطيني من أصل أردني”.
وولد الشاعر والأديب والصحافي الراحل في بلدة الطرّة بالرمثا شمال الأردن عام 1955، وفاجأ متابعيه منتصف أيار الماضي على موقع “فيسبوك” بتدوينة مؤثرة تحمل عنوان “راية بيضاء”، يوجز فيها فحوى آخر زياراته إلى طبيبه في مستشفى تشرينغ كروس بلندن، حيث تم إبلاغه أن “العلاج فشل في وجه الألم”.
وحصل ناصر على جائزة محمود درويش للإبداع، التي تمنحها مؤسسة محمود درويش، هذا العام، فيما كرّمه الرئيس محمود عباس، في العاصمة الأردنية عمّان، بوسام الإبداع والثقافة والفنون تقديراً لدوره في إغناء الثقافة العربية، وتحديدا الأردنية والفلسطينية، وقدمه له ممثلاً للرئيس وزير الثقافة د. عاطف أبو سيف.
ــــــــــــــــــــــــــــ
*رأي اليوم

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...