⏪⏬
قصة فدائي :حمل السلاح وودع الأصحابا
صلى وسبح للإله وتابا
وحنا يقبل والديه وطفله
ويعانق الأبواب والأعتابا
أوصى شريكة عمره بوحيده
وهي الحبيبة لا ترد جوابا
ورنت إليه وفي ملامح وجهها
حزن يفجر في الضلوع شعابا
همت الدموع فكان كل جوابها
قبلا تفيض تخوفا وعذابا
وعدته أن تبقى على حرم الهوى
ترعى العهود وفية لو غابا
أوصته أن يرضي الضمير وأن يفي
دين البلاد وأن يصون شبابا
فتعانقت عيناهما وتشابكت
فيها الدموع وبللت أهدابا
ومضى وفي عينيه شوق متيم
وهوى يفيض خناجرا وحرابا
وطواه جنح الليل بين ستوره
ومضى كصاعقة تجر شهابا
متحفزا كالليث صاد للردى
ومن المنية يرتدي جلبابا
تحت السلاح يسير في خطواته
موت وكم رجف الزمان وهابا
بين الصخور وتحت ضغط حذائه
تهوي الشوامخ تستحيل ترابا
ملك الحياة وتوجته خلودها
لما تمسك بالردى وتصابى
* * *
ورنا إلى الأرض السليبة وانبرى
متشوقا لعناقها وثابا
هام الفؤاد على سفوح هضابها
وبكى على تلك الربوع وذابا
شدته نحو الأهل قصة غاصب
هدم الديار وشرد الأحباب
داس المساجد واستهان بقدسها
هتك الطقوس وأحرق المحرابا
نشر الدمار على معابد أهلها
أضحت وقد نام الضمير خرابا
* * *
وصل الحدود ينوء تحت عتاده
قص الشريط وحطم الأطنابا
ومضى إلى قلب الجحيم محملا
بالموت يزحف كالقضاء عقابا
فهو الهصور ، فهل يخاف بغابها
عند النزال ثعالبا وذئابا
حمل الجراح ثخينة بفؤاده
وتحمل الأظفار والأنيابا
ورأى العدو على مسافة رميه
فنما الرجاء بناظريه وطابا
وتحسس الرشاش وهو مهيء
ليصب نارا في الغزاة وصابا
شمخت قنابله على زناره
وتحفزت كالنازلات غضابا
* * *
سرحت به الذكرى وجال بفكره
ماض تجلل بالسواد وشابا
ورنا إلى الأفق البعيد كأنه
يتذكر الأصحاب والأترابا
وخيال زوجته وطيف وليده
ودموع والدة تسيل عبابا
فوراءه متع الحياة بغيضة
وأمامه رفع العدو قبابا
فالعيش للأحرار ذل دائم
والموت أجمل أن يكون غلابا
وانقض كالسيل المدمر ناشرا
رعبا أطار ضمائرا وصوابا
ويصب نارا لا حدود لطيشها
بين الصفوف تمزق الأعصابا
دك الحصون على رؤوس جنودها
وتساقطت جثث الرجال هبابا
فروا إلى الأوكار رعبا واحتموا
خلف الجحور وأوصدوا الأبوابا
وتوهموا أن الجحيم تفجرت
أحشاؤه حمما تحز رقابا
ماض يرش النار تسحق ما ترى
وتحيل ما شاد العدو يبابا
غمر الغزاة بوابل من مارج
أرضى الضمير وأنعش الألبابا
وتنفس الصعداء حين أحالها
كتلا وأشلاء ترد حسابا
شد العزيمة كي يعود مكللا
بالنصر يحمل قصة وكتابا
لكن خلف الليل يكمن خائن
فرماه غدرا مقتلا وأصابا
سقط الشهيد مضرجا بدمائه
وكبا يبوس الأرض والأعشابا
وتجمعوا كالعاهرات فراعه
أن يترك الأزلام والأنصابا
وبجرأة سحب الصواعق كلها
فتفجر الجسد النبيل وغابا
وتفجرت معه فلول شراذم
وتناثرت أجسادهم أسلابا
وهب التراب دماءه فتعطرت
مهج التراب قداسة ومهابا
كتبوا على الجدث المكفن بالضحى
اسما يطيب ملاحما وخطابا
كم مد جسرا للقتال معبدا
بالتضحيات وللجهاد ركابا
شق السماء إلى الخلود مخلفا
حرم النجوم مسافرا جوابا
وافى الرفاق إلى الجنان فهللوا
وتعانقوا وتبادلوا الأنخابا
واستقبلته الحور ترفل بالحلى
تسقيه من خمر اللمى أكوابا
واصطف جند الله تكريما له
وتسابقوا لعناقه طلابا
واهتم جل جلاله بوصوله
وحنا عليه محبة وثوابا
*جابر سابا شنيكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق