اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

ولائم الحيتان ...* سعاد الورفلي


سعاد الورفلي
⏫⏬
يا أمي أخاف من الظلام- بدت ممسكة تلابيب رداء أمها المتشح باللون الرمادي ظهرت عليه آثار مختلطة زادت من متاهة الألوان
المتداخلة ..!! دفعتها دون أن تجيبها بينما انشغلت الأم بتعبئة قوارير ضخمة الحجم من سلسل يسترسل ضعيفا عند أقصى نقطة من خلف ملجأ بني من الأوراق السميكة، والنايلون أحاطته الأعشاب، كأنه قلفة حجر انفلق بين اثنين في قاع بحر تحوطه الأعشاب البحرية وتلتف به، كلما نمت ازداد حجم الالتفاف .أما الأطفال الآخرين، فكانوا قبل أن يعلنَ الرجل الذي تكفّل بمسائل الصلاة وعقد القران أذان المغرب، يملؤون الأزقة المتقابلة المتكدسة فيها البيوت المصنوعة من النايلون والبلاستيك، بالضجيج وبإعلان حرب تشبه حروب الكبار، فكلهم يشكلون فرقَا صغيرة يسمونها ميلشيات آخذين ألقابا مميزة كان آباؤهم يتداولونها في أحاديثهم، كلما انتهت نشرات الأخبار، وحكايات ألف ليلة وليلة للسادة والمسؤولين كلهم يعِدون ووعودهم دهانات مسكنة لحرقة قلب انهار واهترأ، ينتظر الصباح علّ الصباح قريبٌ لكن ذلك الصباح امتد واستطال وصار مساءً بقناع الصباح القريب .

قال الرجل يخاطب الشيخ الذي بيده مسبحة متلألئة: تعبنا وأدركنا الموت ولم نحقق شيئا ضاعت آمالُنا في عرض البحر هذه القوارب تنزف بأجسادنا، والحيتان تقيم وليمةً شهية في قاعها .تُرى منذ متى ولم تتذوق الحيتان لحوم البشر؟ .

ما كان على الشيخ إلا أن يزيده دفقةُ من علوم البلوغ ومسْلك الواصلين الذين صبروا وامتدوا على جمر الحياة واهترأ لحمهم وهزل بنيانهم وشحبت الحياة على وجوههم ..ثم ماتوا وهم يضحكون.

ينصرف الشيخ مستغفرا .. ويظل الرجل مفكرا في كلماته ... يعود لبيته ..تستقبله أم العيال بتقرير يستنزف قواهيضع يديه على رأسه صارخا: أخْ آهْ ..أه .. يا امرأة توبي توبي لماذا لاتصبرين ألا تريدين أن تموتي بهدوء، كفِّي عن الولولة والصراخ .

كانت رؤوسُ الأطفالِ الخمسة تُطِلُّ من خلف الستارة يشاكسونهما، ويدخلون متوزعين في قلب الخيمة البلاستيكية ضاحكين بصوت عال ..يلعنهم منْزلا غيظَه ووعيدَه على اللحظة التي استنزلهم فيها من ظهره، يتفُّعلى نواحي المكان يركل وسادة كانت مركونة بالقرب منه ترتبك المرأة تهرع نحو الستارة، تُنْزِلُجامَغضبِها على أقربِهم مودةً تضربه بلا رحمة تبكي وتبكي، يهرب من بين يديها يستلقي عند شاطئ البحر سمع حكايات كثيرة عن القوارب والمسافرين والمدينة الفاضلة،مدينة بلا حرب - تمتلئ بعرائس الظل وأوانس بيضاواتوحلوى غزل تملأ الشوارع .. تذكر ابنة الجيران الجميلة، لقد سافرت مع أهلها لكنها لم تركب البحر، بل ضربت في الجو شراعا طارت بها الطائرة الورقية . هكذا أخبرته أمه قبل الخروج من بيتهم كانت تظن أنهم سيستقرون وستستمر حياتهم لكن القنابل لم تدع مجالا للحب ..

استلقى على شاطئها يسترضع الأحلام نام ويداه مفتوحتان للغد . قلبته الأمواج تدحرج على الحصى،سمع ضجيجا وأناسًا يركلون بعضهم يتزاحمون على عوّامة كبيرة، مسح وجهه، شعره الأشقر الملبد برمال الشاطئ ظل ينغزُه، تذكر رفيقًه لاعبَ الكرةِ المتمكن أين يجده يا ترى؟! هو أيضا لم يذق طعما للنوم، رغم الغربة وتوحد المشاعر في البيوت البلاستيكية إلا أن زوجة أبيه كانت تذيقه صنوفا من العذاب .. الطائرات من جهة وأرملة أبيه تمنُّ عليه بعلب الحليب التي كانت تسرقها من بيوت الدعم، تأتي لتحرق أصابعه ثم تسقيه حليبا مشوبا بالماء الملوث . لمحه من بعيد كادوا أن يدوسوه، صرخ: معاذ ..معاذ .. هرع إليه، لم ينتبه أحدٌكانوا يملؤون القوارب، حتى الإطارات الملتفة التي كانت متعة الحياة في البحر؛ صارت نعوشا تنقلهم حيث لاجهة .

اضطر أن يصرخ، فصديقه معاذ تحت كتل اللحم والعرق وشعور الرجال الملبدة. يالَهذه الليلة السوداء ! دار حول المكان، لم يشعرْ بشيءٍ سوى بيدٍ تبدو غير حانيةٍ التهمته بشراسة، ألقتْ به في قاربٍ امتلأ بالنساء، تفاجأ بأمه وأبيه وصاحبته وأخيه كلهم –أبتعين- شعر بقلبه ينقبض، لايريدهم معه:_ الغربة لاتحتمل العائلات، ولاتحتمل كلماتِنا لانحتملُها !..سحبتني أمي ضمتني بقوة، صفعتني أين كنت طيلة الليل ؟ لم أستطع إجابتها . كان القارب يرقص والنساء تصرخ والأطفال يتهاوون في البحر؛ أما الرجال فقد التزموا بالصمت . رأيتهم يسحبون الآيادي بهدوء،عرقهم وعرق البحر قاتلا قامعا لكل الشهوات،لانطمع بأكل أو شرب، فقد سُدت طرق اللذائذ الموجة: صرخ شاب في مقتبل العمر- ثم سرعان ما تهاوى في البحر، قلت لأمي التي تحضنني بقوة، أخرجوا الرجل من البحر، سمعتهم يقولون: من يقع لايعود - هنيئا له بالموت - تحدثوا عن الموت كثيرا (الموجة الموجة!) لم يكن من أحد، كنت أنا والقارب وشاطئ البحر. أحسستُ بأقدامٍ تمشي من حولي يرتدون ثيابا ملونة على وجوههم كمامات يغطون رؤوسهم بالخوف، تحرك أصبعي الصغير تنهدتُ قليلا . كنت أحتضنُ شاطئ الحياة بقوتي شعرت بصدر أمي وريحتها وعنفوانها، لم تبرحني صورة أبي وهو يركل الوسادة لمحت الدموع تسّاقط من عينيه يمنعها من الانهمار، ورأيت عينيه جيدا وهو معنا، ملتزما الصمت . دمعه كحبة الحلوى أردت أن ألعقَها -أردتُ أن أقول له: لاتلعن ظهرك يا أبي، الحياة ليست فقط في الدنيا، سنلتقي هناك ونضحك كثيرا كثيرا ! سنكمل باقي أحاديثنا ونحن نتوسد صدور أمهاتنا. سمعتهم يقولون: لقد مات الطفل، لقد مات الطفل !

رأيتهم يرسمونني على حوائطهم، وصفحاتهم، رأيت دموعهم التي لاتشبه دموع أبي.. رأيتهم للمرة الأولى .

*القاصة: سعاد الورفلي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...