اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الفدائى الفلسطينى و"سيرينا" اليهودية - قصة قصيرة ..**بقلم محمود كامل الكومى


فى ليل أختفى عنه ضوء القمر ولحظة المسير بحذر "كَمِن " مابين الأشجار- فَوَقعِ أقدام أحد الجنود تُنبِىء بِقدومه , وأنتظر متأهباً ,الى أن دنا وأقترب , لحظتها خرج من مكمنِه , وعاجلة بطعنة من "سكين" أِستَلَه من مخبئه مابين الثياب ,كادت تُرديه ,فكتم أنفاسه
بكوفية كانت تطوق عنقه, فأختنق المغدور , فسحبه بعيداً عن نهر الطريق ,واستولى على سلاحه وخزائنه المحشوة بالبارود , وفر بعيداً ,فيما الفجر على وشك أن يلوح ,وحشرجة صياح الديك تبوح .
أنتصف ليل القدس الشرقية , فبدا على أُهبة الأستعداد ,فيما أختمرت فى رأسه منذ مده عملية طعن لجنود الأعداء -الذين عاثوا فى البلاد فقتلوا الشباب , وعلى يديهم ترملت النساء وتيتمت الأطفال وسيق الكثير الى السجون والمعتقلات - تفور الآن .
فلاش باك , تستعاد الواقعة الى يوم من أيام الشتاء قدحتها الذاكرة جيدا ورمقتها العيون بمكيرسكوب الزمن وأدركها العقل بالمخيخ, حينها كان رنين أجراس الكنائس فى بيت لحم يدق فى عالم النسيان ,أحتفالا بأعياد الميلاد ,وفى التو أضاءت القدس الغربية عملية فدائية لأستشهادى فجر من خلالها نفسه فى حافلة يستقلها جنود صهاينة , - الفدائى يقطن القدس الشرقية ,منزل أهله قريب من منزلنا ,بسرعة البرق كان والدى فى منزل الأستشهادى تضامنا مع أهل الشهيد , حيث طوقت قوات الأحتلال المكان وانتهكت حرمة المنزل وعاثت فسادا فى كل الأرجاء وقبضت على أب الشهيد وأخيه وكبلت معاصمهم بالأغلال وتجاوزت مع النساءو أنبرت تجرد أم الشهيد ذات النقاب مما يستر العورات فتصدى والدى وأشتبك مع الغِيلان ,فعاجلوه بطلق نارى أرداهُ قتيلا ,فَتَجرعتُ أستشهاده صبيا فى العاشرة , ولم تفارق مخيلتى الواقعة الى الآن بعد مرور تسع سنوات , فأدركت أن عودى لن يواصل الأنتصاب اِلا لحظة الأخذ بالثأرعلى طريق استعادة الوطن .
ها أنا اليوم فى جوف الليل تهجداً قربانا الى الله اركع ,لعل العناية الآلهية تدركنى من كل الجوانب وترمى بالغشاوة على أعين الحارس الغاصب , فصارت الأستجابة سريعا حين أعاننى على هذا الوغد فحانت بداية الثأر.
حين عزمت , ونهضت من سرير غرفتى , قبلتُ أخى ابن العاشرة الذى تيتم فى سنته الأولى وناجيته أنى ذاهب استحضر روح والده بالقصاص ممن يتمه وأستعيد الوطن , وأمام غرفة أمى ودعتها نائمة من وراء الباب , وبهدوء فتحته ثم أزلجته , وبخفة أنطلقت أتحسس سكينى الملفوف تحت ملابسى , وبدت تصفر الريح على وقعِ اقدامى , وحصافة درسى للدروب والمداخل والمخارج التى تغيب عن الجنود والحراس الصهاينة بدت طُرقى شبه آمنه , ومابين القدس الشرقية والغربية تجاوزت الحدود , وما سلف كانت الواقعة .
حافلة جنود من جيش الأحتلال تضىء المكان بالكشافات , حينها نظرت للخلف من على بعد مئات الأمتار, فنهال الرصاص, بسرعة البرق أحتميت بجدار تحوطه أشجاروقبل أن تقترب الحافلة أطلقت على خزان وقودها وابل من الرصاص فأشتعلت فيها النيران وخرج الجرذان مذعورين فتم أصطيادهم , ولم اراهم اِلا منبطحين على الطريق غَرقى فى دمائهم الكالح الأحمرار.
قبل أن يتدراك من يقطنون المكان غير المكتظ والمترامى فى بيوته , ابتعدت بخفة عن بقعة المعركة غير بعيد وتسلقت الجدران تلو الجدران , الى أن وجدت نفسى فى بيت شبه مهجور , أَضَاءَهُ بريق عينين , ومضت فى مهجتى تهدهدها من توتر واستنفار , ودنا البريق , وبدت من تشعه لايرهبها سلاحى , وطمأنتنى حين زفرت بالأنجليزية انها تدرك كفاحى, فَحَدَثُها وزرقاء اليمامة عيونها صارا جديرين بِأِدراكها الموقف , فالعمليات الفدائية باتت تضج مضاجع المستوطنين ,لكنها وضعت يدها على سلاحى وأشارت لى على غرفة نومها ,وخبأت السلاح بين طيات ملابسها فى دولابها , وزحفتُ أسفل السرير فى صمت رهيب .
أنتشر الجنود فى كل مكان يفتشون الأماكن والبيوتات , الى أن وصلوا الى بيت مخبأى , وعلى الفور أخبرتهم صاحبة البنيان أنها الآن بغرفة نومها ولم يدخل عليها أنس ولاجان , فتركوا الغرفة لذاتها , وفتشوا باقى الغرف وفوق السطوح وداخل الجراج , وأنسحبوا الى باقى الأماكن ينقبون فى كل المخارز , عن هذا الفدائى الحاضر الغائم عن العيون والحراس وما تم استدعائه من قوات الأحتلال.
بعد أن تتبعت " سيرينا" الطريق بعيونها المها التى تضىء وتواصل البريق , فايقنت أن قوات الأحتلال قد غادرت غير بعيدة عن المكان – مدت ساعديها لى من مكمنى فقبضت على يدها بقبضتى , وخرجت من تحت السرير استنشق عبيرها الذى اعادنى للحياة من جديد , لحظتها مسحت على شعرى , فغاصت نظراتى فى مقلتيها واسرتنى راحتيها,فأستسلمت لها مطمئناً , فقد أنقذتنى من الطغاة ,فصارت المناجاة.
كنا ناشطتين فى هيئة التضامن من أجل الشعوب جئنا سويا من أمريكا , رغم أنى و"راشيل كورى" ندين باليهودية اِلا أننا أردنا أن ننزه ديننا عن أجرام الصهيونية العنصرية ,فكانت فلسطين وجهتنا أرادت( راشيل) أن تنقل الواقع المآساوى للشعب الفلسطينى وأجرام حكام أسرائيل ضد العُزل , الى العالم فكانت راشيل هى ضحية هذا الواقع- كأنها كانت تريد شيئاً أكثر من وجودها ونشاطها مع (هيئة التضامن من أجل الشعوب)داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة, كأنها كانت تعتقد أن استشهادها سيؤكد للعالم معنى المأساة التي يعيشها الفلسطينيون ومعنى التعذيب اليومي الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلية عليهم.
لايزال صدى ندائها علىَّ (سيرينا) -لحظة أن دهستها الجرافات الأسرائيلية عمداً وهى تمنعهم من هدم بيوت الأمنين الفلسطينين- مازال يرن فى أذنى ثم غامت مدرجة فى دمائها وأستشهدت .
تواصل سيرينا من يومها أمنت أكثر بحق الفلسطينين بالعودة الى وطنهم السليب , وزاد ايمانى بالمقاومة كطريق وحيد لتحقيق الهدف , وأثرت الأقامة هنا فى القدس الغربية , بعد استشاهد راشيل على أمل تحقيق ماكانت تربو اليه وتوطدت علاقاتى بكثير من عرب 48 وفلسطينيو القدس الشرقية , وكنت حمامة سلام فى كثير من الأحيان .
كان الفدائى المختبىء عن أعين قوات الأحتلال التى لازالت تٌنَشِط المكان , يطأطأالآذان لسيرينا منبهراً بلغتها الأنجليزية المبسطة والتى اجادها بطريقة متوسطة , وعربيتها المنطلقه لبعض الكلمات المتحشرجه فى كثير من الآحيان , لكنه كان يعى جيدا ماتقول فغاص داخلها ينهل من صفاء سريرتها وحلاوة لهجتها ووميض مقلتها , ولم يشأ ان ينطق لها بأسمة خاصة انه لم يحمل ورقة تشير الى هويته ومكان ميلاده خوفا ان يصلوا الى مكان أسرته فيفعلوا بها كما فعلوا مع اسرة الأستشهادى حين قَتَلَ والده جنود الأحتلال , أدركت "سيرينا " حذره فأستكانت لطلبة ,وغامت برهة ثم أتت بالطعام حين أدركت حالة الضيف من الجوع والعطش ,فأكلا معا واستزاد يرتوى من الماء ومال على صدر " سيرينا " من شدة الأرهاق فى غفوة بريئة ضمته بحنانها فأستراح وأباح لجفونه الأغلاق , واطلقت راحتيها تداعب شعره فى براح , ولم تدر انها الجراح ,فصوت الكلاب البوليسيه قد ازداد فى النباح , واذا بصرير الباب ينبىء عن كسره ويستباح المكان فأنتفض الفدائى من غفوته وأنطلق الى دولاب الملابس يحمل السلاح ويزوده بخزائن المقذوفات , لحظة أن تقدمت الكلاب تنبح على باب غرفة النوم فقابلها بوابل من الرصاص آتى عليها جميعا فأنسحب الجنود الى خارج الدار , وصاروا يرمون البيت وتحديدا غرفة النوم بالحمم الصاروخية فتشبثت سرينا تحتضن الفدائى وتنادى الصهيونية عنصرية ضد الأنسانية فأشتعلت النيران فى المكان وتهدمت الجدران , وفارق الفدائى وسيرينا الدنيا -بعد أن حولها الصهاينة والأمريكان الى غابة استباحوا فيها الأبرياء- وهم فى عناق الى الحياة الأبدية , يتوجهون برسالة سرمدية للأنسانية فلسطين عربية وأسرائيل صهيونية عنصرية .
محمود كامل الكومى
كاتب ومحامى - مصرى

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...