اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

موعد ...** قصة: د. طارق حسـن


-التالي . وجّه كلامه للممرّضة التي تقف بالباب لتنادي المريض باسمه .
دخلَت شابّةٌ ثلاثينيّة بقوامٍ ممشوق و طولٍ يؤهّلها أن تكون لاعبة كرة سلّة ،بشرتها بيضاء مع مسحة سَمارٍ آسِرة ، تضع حلَقاً في فتحة
أنفها اليمنى ، و رغم أنّه لم يكن ليستسيغ هذه الصرعات لكنها بدَت جميلةً في وجهها ، لم تكن باهرة الجمال لكن جمالها مُثير.
- مرحبا دكتور ، كيفك؟
-أهلين ، حنان .
لم تكن المرّة الأولى التي يراها ، فقد راجعَته مرات عديدة كانت أولاها عندما جاءت بكسرٍ في اصبعها. ، كان تجبير الكسر و المراجعات المتتالية لمتابعة شفاءه فرصةً جيّدةً لرؤيتها و الحديث معها ، شجّعه على ذلك شخصيتها الدمِثة و ابتسامتها الساحرة.
لم تنقطع زياراتها حتى بعد شفاء كسرها ، كانت تأتي بحُججٍ شتّى ، حيناً ترافق أختها المتزوجة التي تعاني آلاماً في المفاصل ، و حيناً آخر جارتها التي تشكو من ظهرها ، و حيناً ثالث تأتي للسلام فقط على اعتبار أنها تراجع طبيباً آخر . تكرّرت زياراتها حتى أصبح يفتقدها إذا طال غيابها :
-طوّلتِ الغيبة هالمرّة . قالها بابتسامةٍ لا بدّ أنها فهمَت مغزاها ، لكنّها أجابت بخبث :
-الحمد لله ، ما كنت أشكي من شي .
فهِم من كلامها كأنّها تقطع الحديث بهذا الاتجاه لذلك غيّره ليسألها عن شكواها . دار في خلَده بعد الفحص أنها متمارضة فلا بدّ أنّ لها هدفاً آخر من زيارتها.
رغم أنّه لم يسألها يوماً عن وضعها العائلي لكنه كان شبه متأكد أنها غير مرتبطة أو متزوجة ، قرّر أن يحسم الأمر هذه المرّة فاستغلّ حديثاً بدَأته عن أمها المدخّنة التي تعيش معها ليسألها بنوعٍ من التذاكي :
-و زوجك ؟
ابتسمَت ابتسامةً ماكرة كأنها تقول له أني أعرف قصدك :
_ لستُ متزوجة .
ابتدأ الحديث يأخذ مساره الذي رسمه له :
-و لا مخطوبة ؟
هزّت رأسَها بالنفي .
هنا وجدَ نفسَه يكرّر عبارة الغزَل الغبيّة التي ما زال العشّاق الجدد يرددونها في أول تعارف منذ أكثر من خمسين سنة و لم يخلُ مسلسل أو فيلم عربي قديم أو حديث منها :
-تبّاً للعزّاب ، أهُم عُميان !!
ضحكَت بمكر فقد كانت أجرأ منه و أقدر على التحكم بمجريات الأحداث ، و لعلّ شخصيّتها المسيطرة ما جذبَه إليها ، عكس زوجته المسكينة المطيعة.
أخذَ يبحث عن فرصة ليطلب منها رقم جوالها ، لقد راودته هذه الفكرة في كل زيارةٍ لها ، لكنه لم يجرؤ يوماً على طلبه ، فكّر : لتكُن بحجّة متابعة حالتها (التي لاتستدعي المتابعة أصلاً) لكنها حجّة مكشوفة ، أو هل أطلب تحليل دم و بحجة تزويدها بالنتائج أطلب رقمها ؟!تبدو فكرةً أسخف من الأولى .
أخيراً ، قرّر مصارحتها :
-فيه موضوع حابب أفاتحك فيه ، بس مو هلأ ، ممكن تعطيني رقم جوالك لنتواصل ع الواتس ؟
لم تكن ابتسامتها تحتاج أي تفسير ، فالرسالة وصلَتها بنجاح حتّى قبل أن ينطق بحرف.
#######
كانت بداية مساء ذلك اليوم عاديّة ككل مساء ، عاد من عمله ، حضّر العَشاء من حواضر البيت فمنذ سافرَت زوجته و الأولاد إلى بيت أختها لم يأكل طعاماً مطبوخاً إلا نادراً ، فهو لا يجيد الطبخ و ليس من هواته و يفضّل أكل أي شيء على أن يقضي ساعات في الطبخ لأجل وجبة يأكلها في عشر دقائق .
بعد أن أنهى عَشاءه و نظّف ما اتّسخ من الأطباق وحضّر الأركيلة و ركوة القهوة جلسَ أمام التلفاز ، أمسك الجوال و أرسل لها رسالته الأولى :
-مسا الخير ، حنان . كيفك ؟ معك الدكتور سامر
لم يطُل انتظاره لتتحول الاشارات إلى اللون الأزرق و تبدو عبارة (يكتب...) تحت اسمها :
_ أهلين ، دكتور . كيفك ؟
- إذا فاضية ممكن نحكي؟
- فاضية ، تفضل ...
امتدّت المحادثة إلى ساعات الفجر الأولى ، تحدّثا عن كلّ شيء بدءاً بأحوال الطقس و نشرة الأخبار و انتهاءاً بأصغر تفاصيل يومهما ، ماضيهما (كما يريد كلّ منهما أن يصوّره للآخَر) ، أحلامهما . لم يكُن الحديث رسمياً دائماً ، أخذ يتجاوز خطوطاً حمراء عندما وجد أنّها تعطيه ضوءاً أخضر . لكنّهما كانا يتراجعان في كلّ مرّة قبل أن يقعا في المحظور .
طلبَ منها متابعة الحديث عبر "سكايب" ، لم توافقه الرأي لكنها لم تمانع في ارسال مقاطع الصوت .
اتصلَت زوجته ،تخلَّصَ منها سريعاً بحجة أنه متعَب و يوشك أن ينام. ، و أكمل محادثته معها حتى نادى المنادي : حيّ على الفلاح .
أفاق في صباح اليوم التالي على رسالة من الجوال : صورة عليها عبارة صباح الخير ، رسالة مثل مئات رسائل المجاملة التي ترِده كثيراً و لا يكترث لها ، لكنّه هذه المرّة سُرّ بها كأنّها المرّة الأولى التي يتلقى فيها رسالة ، ليس لأي سبب سوى لأنها منها.
لم تنقطع الرسائل بينهما ذلك اليوم ، في عمله ،في اللحظات الفاصلة بين مريضٍ و آخَر ، في طريق عودته للمنزل ، أثناء اعداده شيئاً ليأكله ، لم يتركا زاويةً من زوايا اليوم لم يتواصلا فيها ، كما لم يتركا شيئاً يقال أو لا يقال الا قالاه .
أخيراً طلب إليها أن يلتقيا يوم الجمعة ، لم تمانع و لكنها نصبت له فخاً حين سألته عن المكان ، و قد وقع فيه :
- عندي ، بالبيت
كانت هذه العبارة كفيلة بتعكير كل ما صفا بينهما ، و احتاجت منه عدّة أيّامٍ ليصلِح ما بدا من خُبث نيّته . لكن الأمر انتهى على خير أخيراً و عادت المياه إلى مجاريها.
لم يكن قد تخلّى عن هدفه لكنه آثر التأنّي ، مضى أسبوع أو أكثر قبل أن يطرح عليها الموضوع ثانيةً و بصيغةٍ أخرى :
- لقد ازداد تعلّقي بك ، لا أستطيع أن أكمل حياتي بدونك .. أفكر جدّيّاً بالارتباط بك ..
و بدأت مرحلة جديدة من الأخذ و الرد :
-و لكن ، زوجتك ؟أولادك ؟ أهلي ؟ المجتمع؟
لم يفقد عزيمته ، خصوصاً أنه عرف من البداية أنها لا تمانع ، بل و تتمنى ، لكن أسلوب التفاوض هذا لا يخفى عليه.
توالت الأيام ، و ابتدأا التخطيط لحياتهما المقبلة معاً ، هذا يعني أنّ اللحظة التي طال انتظاره لها قد حانت :
- صار لازم نلتقي و نحكي تفاصيل ، بس أكيد مو عندي بالعيادة.
-و لا عندك بالبيت . ردّت بحزم لتقطع عليه الطريق.
-طيب ، شو رأيك بمشوار بالسيارة؟
- تمام ، موافقة.
تلك الليلة نام هانئاً ، فقد شارف على الوصول إلى هدفه و راح يفكر بتفاصيل ما سيجري في لقاءهما . كانت أفكاره تأخذه خارج حدود المسموح ، ثم ما يلبث أن يعود إلى المتاح ، لم يحدّد بعد حتى الآن غايته من هذا اللقاء ، بل و حتى من هذه العلاقة : هل يريدها فعلاً ؟ أم يريد جسدَها؟ هل تعجبه شخصيتها؟ أم أن الأمر مجرّد تحدّي مع نفسه؟ هل يتسلى ؟أم وقع في غرامها؟
طيلة تلك الأيام نسي أو تناسى أنه رجل متزوّج و لديه أولاد . ساعدَه في ذلك بُعدهم عنه في الزمان و المكان . كما أنّ الموعد القادم شغل كل تفكيره .
كان الاتفاق أن يلتقيا يوم الخميس مساءاً ، و كان عليه أن يستأذن من العمل من أجل اللقاء ، لم يكن هذا الجزء صعباً إنما الصعوبة في الطرف الآخر فلكي تخرج من رقابة أهلها كان عليها أن تدّعي المرض لتجد حجّة لتلتقيه في العيادة ثم يخرجان سويّة ، لم تنتهي المشكلة هنا فحتى إن مرضَت فلا بد أن يصطحبها أحدهم ، فكيف لها أن تتهرّب من مرافقها؟ كان الحلّ أن تدّعي وجود مُرافق وهمي ينتظرها ليذهبا معاً، رتّبَت الأمر مع إحدى صديقاتها و صارت جاهزة للموعد.
##########
كان لقاءاً حميمياً ذلك الذي ابتدأ بابتسامات و نكات خفيفة ، ثم عَشاء رومانسي في أحد المطاعم ، ثم جولة في شوارع المدينة متجهَين إلى ضواحيها.
مضى الوقت دون أي حديث عن التفاصيل التي يُفترض أنهما التقيا للحديث عنها ، فقد بدا أنهما متفقان ضمنياً على الهدف من هذا اللقاء و إن لم يصارح أي منهما الآخَر .
حاول تجاوز الحدود ، لكنها صدّته بتمنّع ،فَهِم منه أنها لن تمانع للأبد لكنها ربّما تؤجله لوقت آخر ، لذلك تقبّل منها ذلك برحابة صدر ، و راح يرسم في مخيّلته. ذلك الوقت الذي سينال فيه مبتغاه ، أخذ يخطط للموعد القادم حتى قبل أن ينهي موعده الحالي . سرح في تفاصيل ذلك اللقاء لحظة بلحظة ، لكن صوتها أعاده إلى الواقع :
-دكتور، امتى أراجعك مرة تانية؟
ها هو لا زال في العيادة و لا زالت أمامه ، و كما في كلّ مرّة غادرَت دون أن يجرؤ على طلب رقم جوالها ، لكنه قال في نفسه :
-حسناً ، لكنها ستعود .

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...