اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قصة سالم ــ قصة قصيرة || حميد طاليس

يركب دابته ويسير فجرا.. نعجته في عين الرحل الايمن
..وحجارة وطوب في عين الرحل الايسر..لحفظ التوازن ..جلبابه الصوفي الممزق الحشن يدفأ جسده قليلا ..لكن صقيع الخريف أقوى من ان  تدفأ قساوته أسمال بالية.. حفيف الريح يضفي رهبة على الطريق الطويل الممتد...

يفرك يديه..من شدة البرد..يتحسس أدنيه..يضع يده على فمه وينفخ أنفاسا ملتهبة..يشعر بالدفىء لحظات ..يداعب رأس نعجته..ويرمقها بنظرة طويلة..تحمل حزنا عميقا...
منذ أن تفتحت عيني سالم على الحياة..أذرك انه طفل يثيم..وفي قريته البعيدة اليثم أشد مرارة وقساوة..
والناس بجهلهم وفضاضتهم يزيدون مرارة اليتم اشتعالا..
كبر سالم.. تجاوز العشر سنين بقليل..زادت احماله..وتحمل مسؤولية اكبر من عمر الطفولة..غادر المدرسة مرغما بمرارة في الحلق.. ليرعى اغنامه المعدودة، مصدر رزقه الوحيد..كان وحيد أمه الذكر..ثلاتة أخوات يكبرنه..لكن المرأة بقريته البعيدة لا حاول لها ولا قوة..مجتمع ذكوري شديد القسوة ..لم يترك للمرأة خارج البيت مجال لتحرك.. التهم دورها بشراهة الجياع..إغتصب حقها ببطش الغزاة ،وزادها نظرة دونية فوق الحساب...
تذكر سالم كلام والدته :
انت رجل الان يا سالم..وخالك-سعيد- لم يأت كما هي عادته ليبيع النعجة بالسوق.. تعبت من رجاء سكان القرية لقضاء مصالحنا..انهم يبدون تهربا واضحا..عليك ان تتحمل المسؤولية يا بني،وتبيع النعجة بالسوق..ليس لنا مال..ونحتاج الدقيق واغراض عديدة..البيت فارغ يا سالم  ..لا مناص من تحملك المسؤولية..
وأردفت قائلة وهي تحاول أن تتظاهر بالقوة وتخفي دمع عينها ..خلف صرامة مصطنعة...
انا غريبة يا سالم عن هذه القرية ، اهلي يسكنون بعيدا عن هنا..الزواج فقط و حظي التعيس من قادني الى هذا المكان المقفر..وكما يقولون إبن المرأة الغريبة غريب أيضا ..إفهم هذا جيدا يا سالم..يجب ان تعتمد على نفسك من الآن فصاعدا....
ترددت برأسه صدى كلمات أمه مدوية كالرعد.. لتمنحه بعض القوة والشجاعة..
كز على اسنانه واغمض عينيه وهو يردد..انا رجل واستطيع ان أبيع النعجة..لن أخاف من السوق ..سابيعها وساواجه الرجال..لن يرعبني احد..ولن يستغفلني احد...انا رجل انا رجل...
قبل طلوع الشمس بقليل كان سالم قد وصل الى سوق القرية الاسبوعي..ربط حماره..وبجهد أكيد قاد نعجته الى حيت مكان بيع الخراف...
دلف ببطىء بين الرجال يجر نعجته تارة ويدفعها تارة اخرى.. الاكتضاض ، والضوضاء والنقاشات تصم الادان.. ازدحام وتدافع يتطلب الكثير من القوة.. احس بصغر حجمه بين الجموع وانتابه شعور بالضعف  للحظة، دموعه كانت وشيكة ان تغادر عينيه..تمالك انفاسه وتذكر والدته واخواته ..تقدم مبديا قوة مفقودة..مظهرا شجاعة لم تنضج تمارها بعد..إتخد مكانا قصيا بين صفوف الباعة..امسك بنحر نعجته وجعل راسها يقابل وجهه مقلدا باقي الباعة..انتصب بهامته القصيرة ..حاول ان يبدو اطول من طوله الحقيقي ..استعاذ بالله ووقف يطلب رزقه...
تقدم نحوه رجل ضخم الجثة ببطن بارزةوبملامح جافة لا تفصح عن اي شيء ..عاين النعجة امسك بظهرها حاول رفعها..وحركات اخرى فهم من خلالها  سالم انه يجس سمونتها فبادره قاءلا:
انها نعجة سمينة ومليحة سيدي..انا من يطعمها كل يوم...ستكون محظوظا لو اشتريتها...
----  يجيبه الرجل بفضاضة مقهقها :
قلت محظوظ ..انها مجرد نعجة وليست كنزا..
ليقترح عليه مبلغا مقابل شراءها..
اعجب سالم بالمبلغ ..كان اكثر مما خمنه مسبقا..لكنه حاول ان يكون شاطرا..وطلب ان يزيده الرجل قليلا من المال...
*** رمقه المشتري بعينيه..مرددا هذا ما تستحقه لا اكثر..
وبسرعة التف واختفى وسط الحشود دون ان يترك لسالم فرصة لتفكير...
تأسف سالم لذهابه وخاطب نفسه..ثمن جيد لو منحني فرصة التفكير قليلا لكنت بعتها له..على اي حال يبدو السوق جيدا اليوم ومن المؤكد سياتي مشترى اخر..ولن اضيع الفرصة مرة اخرى...
عدل من وقوف نعجته مسح على ظهرها ووجهها..وانتظر قدوم زبونه المنشود ..
تقدم نحوه رجل اخر..سأله عن الثمن..
عرض عليه سالم الثمن الذي اقترحه الزبون الاول..دحجه الرجل بنظرة نافدة ثم استذار راجعا..في صمت مطبق...
تقدم نحوه رجلان اخران..سأله الاول عن ثمن نعجته وقبل ان يجيب سالم..انبرى الرجل الاخر قائلا لصاحبه  انه طفل صغير ..ليذهبا وهما يرددان :سنعود عندما يحضر والدك ...
كان الجواب الذي لا يحب سماعه..-والدك-انها الكلمة التي تفيض لها عين سالم دون ارادة منه..الوثر الحساس الذي طال ما ابكاه..كان يتهرب دوما من خوض اي نقاش يخص والده.. ينأى بنفسه بعيدا عن اي مجمع يذكر فيه اسمه..  لم يكن يستطيع ابدا ان يتحكم بدموعه ان ذكر اباه...
في هذه اللحضة احس فعلا انه يحتاج والده..سيطرت على خاطره مشاعر حزن عميقة..واحساس بالضعف الكبير..تمنى لو يترك النعجة والسوق ويغادر الى
المجهول..يذهب بعيدا حيث لا زمان لا مكان...
مر الوقت بسرعة وبدات حركة سوق الخراف تخف..
وهو ما يزال ممسكا بنعجته..يفكر بامه واخواته وبيته الفارغ من اي زاد..عليه ان يبيعها باي ثمن..ليشتري ما يلزمه....مع مرور الوقت اذرك سالم ان المبلغ الذي اقترحه الرجل الاول مجرد خدعة..خدعة ماكرة يقوم بها الوسطاء ليرفعوا اسعار السوق..كان لسوء حظه اول ضحاياها...اذرك ايضا ان الكبار يرفضون التعامل مع صغار السن..يرفضون البيع او الشراء منهم ..على الاقل في سوق قريته الاسبوعي..
شعر باحباط يعتري جسده الصغير ..وهو يرى السوق ينفض رويدا رويدا..عرق بارد اجتاح ظهره .. لم تعد لديه القوة ليمسك بنعجته  أسدل يداه ..وتسمر واقفا بجانبها فقط.. بين الحضور والغياب ...
سالم سالم..صوت ينادي من بعيد..تناهى الى سمعه..استدار بتتاقل ..ليرتمي في حضن خاله سعيد..

حميد طاليس

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...