اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

تل مكسور ... قصة : مصطفى الحاج حسين

مضى على تعيين الأستاذ [ حمدان العمر ] ،

أكثر من ثلاث سنوات ، معلما وحيدا في قرية [ تل

مكسور ] ، دون أن يطلب نقله إلى قريته القريبة ،

بالرغم من حاجة أبويه العجوزين ، إلى خدماته في



الأرض التي يتملّكانها ، فهو يرى نفسه كل شيء في

[ تل مكسور ] ، فإذا انتقل إلى قريته ، ذهبت مكانته

وهيبته ، ولسوف يضطر أن ينزل من عليائه ، ليعمل

في الأرض ، بدافع الحياء والواجب أمام الحاح

والديه .

لقد أوهم الجميع ـ بمن فيهم المختار ـ [ أبو

قاسم ] بأنه رجل مسنود في المحافظة ، بأن أبرز

لهم بطاقة غريبة ، على أنها بطاقة أمنية ، فانتشر

صيته حتى شمل القرى المجاورة ، كما اشتهر

بقسوته وبطشه ، وكثيرا ما كان يبتسم في سره ،

حين يتذكر خوف الكبار منه قبل الصغار .

وماكان يغريه في البقاء في [ تل مكسور ] ، ما

يلقاه من خدمة واهتمام وتبجيل ، فقد سكن في

أحسن البيوت ، وأكل أشهى الطعام ، بفضل دعمه

المزعوم .

ومن دواعي استمراريته في هذه القرية ،

مغامراته الجنسية فيها ، فهو يستغل وضعه

معلماوحيدا ، يستشيره الجميع في كل الأمور ،

قانون ، سياسة ، زراعة ، وحتى أمور الدين ، وكثيرا

ما كان يتبجح بمقولة ، [ من علمني حرفا ، كنت له

عبدا ] ، مشددا بتلذذ عظيم على كلمة [ عبد] ، كل

هذا استخدمه طعما في اصطياد النساء الساذجات ،

بالإضافة إلى كونه عازبا لم يتجاوز الثلاثين، يعد

نفسه متميزا بثقافته ، وعاداته ، وملبسه ، ومشربه ،

ومن هذا المنطلق ، يصر على ارتداء طقمه البني ،

وقميصه البرتقالي ، وربطة عنقه الحمراء ، في كل

الأوقات ، وكان يطيل الوقت حين ينظف أسنانه ،

ليراه أكبر عدد ممكن من الأهالي ، وإلى أن ينبثق

الدم من لثته الملتهبة .

إنه يرى في شخصه ملكا ، في هذه القرية

الغافلة . لكن ما ينغص عيشه هي [ خديجة ] والدة

تلميذه [ جمعة الخلف ] ، أجمل نساء القرية ،

الأرملة ، والوحيدة ، والتي تستطيع لو شاءت أن

تتسلل إليه ، أو يتسلل إليها ، فالبيت قريب ، ولكنها

نفرت من كل المحاولات .

ذات يوم طرق بابها ، بعد منتصف الليل ،

فرجع مغسولا ببصقة ، مازال يحس وقعها على

وجهه ، مما جعله يتنازل ، وبدافع شهوته المتقدة

نحوها ، ويعرض عليها الزواج ، فتعللت له بولدها ،

وبأنها نذرت حياتها من أجله ، فأضحت جرحه

الكبير ، وتحولت شهوته إلى جرح عميق ، انصب

على ولدها [ جمعة ] ، فصار يضرب بعد الدلال ..

رغم تفوقه ، فتنتقل شكواه ودموعه إلى أمه ، التي

تشكو أمرها وأمر ابنها إلى الله .

كان الأستاذ [ حمدان ] يقف على الكرسي ،

يتلصص من خلال النافذة ، مراقبا حركة التلاميذ

في استراحتهم ، فما إن تبدر أية حركة من اللعب

البريء من الصبي ، حتى يباغت بصوت الأستاذ

المتجسس ، ويبدأ التحقيق معه ، وفي النهاية تكون

العقوبة القاسية ، هي الجزاء المنتظر لهذا اليتيم

المسكين .

واليوم ... حدث ما يبرر كل حقد [ حمدان ]

على تلميذه [ جمعة ] ، وشاهد من خلال النافذة ،

التلاميذ يلعبون بكرة مصنوعة من الخرق البالية ،

لأنه حرم عليهم اللعب بالكرة الحقيقية ، التي جمع

ثمنها منهم ، ولما كان [ جمعة ] بينهم ، اندفع

[ حمدان ] إلى الباحة الترابية ، وأطلق صفارة

الإنذار ، فتجمد الدم في عروق الصغار ، اقترب من

الكرة ، تفحصها جيدا ، ثم صرخ :

ـ من دس علم المدرسة ، مع هذه الخرق ؟.

خيم على رؤوسهم صمت رهيب ، وتوجه

{ حمدان } بنظره الحاقد صوب { جمعة } :

ـ أنت .. أليس كذلك ؟ .. قسما بالله

سأسحقك .

وانبعث صوت الطفل ، مبهوتا لهذا الإتهام :

ـ لست أنا .. يا أستاذ !!

ـ اخرس يا كلب .. هذا عمل لا يقوم به

سواك .

ـ وحق المصحف يا أستاذ ، أنا لا علاقة لي

بصنع الكرة .

وعلى الفور ، أمر الأستاذ بعض التلاميذ ، فرفعوا

قدمي { جمعة } إلى الأعلى ، وانهال عليه بعصاه

الغليظة ، فانطلق صراخ الطفل ، بريئا ، لينتشر في

أرجاء القرية المتناثرة البيوت ، فالتم الناس على

صوت العويل ، وأسرع بعض الصبية ، فأخبروا

الأرملة .

تحلق الأهالي رجالا ونساء وأطفال ، وجميعهم

يسألون :

ـ ماذا فعل { جمعة } .. ؟ .

وكان الصغار يتولون الجواب :

ـ لقد صنع من علم البلاد كرة .

والأستاذ { حمدان } منهمك بضرب الصغير ،

غير عابىء بصراخه وتوسلاته :

ـ أستاذ .. دخيلك .. أبوس رجلك .. اتركني .

وقبل أن تجد توسلات الصغير ، مكانا في قلب

الأستاذ ، الذي كان يزهو داخليا ، لأنه مركز لهذه

الأحداث ، جاءه صوت { خديجة } ، الذي يميزه عن

أصوات نساء الأرض :

ـ لماذا تضرب ولدي هكذا ، يا حضرة

الأستاذ ؟!.

فزعق [ حمدان ] بوجهها :

ـ لأنه مجرم .. مخرب .. خائن .. هل فهكت ؟ .

اقترب الحاضرون أكثر من المعلم ، المتقطع

الأنفاس :

سأبعثه إلى السجن ، قسما سأبلغ السلطات

عنه ، هذه جريمة لا يسكت عنها .

صرخت الأم بانفعال شديد :

ـ يعني ما حصل شيء ، ولد لا يفرق بين العلم ،

وأية خرقة أخرى ...

زمجر المعلم المتلذذ بهذه المشاجرة الكلامية :

ـ ولد ..؟!! .. لا يعرف قيمة العلم ؟!.. هذا

غير صحيح ، من منكم ـ وتوجه بكلامه للحاضرين

ـ من منكم .. لا يعرف بأن العلم رمز للدولة ؟؟!!..

اقترب المختار { أبو قاسم } ، يرجوه :

ـ يا أستاذ [ حمدان ] ، هذا ولد .. يجب ألا

تؤاخذه ، على هذه الغلطة .

صاح [ حمدان ] :

حتى أنت يامختار ؟؟؟!!!... والله سأكتب

تقريرا إلى مختلف الجهات الأمنية ...

... سأذكر وجهت نظرك هذه يا أبا قاسم : ـ أنا يجب

أن لا أتناقش معكم ، في هذا الموضوع .. أصلا ليس

من قيمتي أن أتناقش مع أحدكم ، هذا موضوع

خطير ، وأنتم لا تفهمون بالسياسة ، سأكتب ... ومن

لا يعجبه سأذكر اسمه في التقرير ، فأنا لا يجوز لي

التسامح في هذا الشأن ، وأنا لعلمكم كاتب تقارير

ممتاز ، ومن لا يصدق فليذهب إلى قائد قطعتي في

الجيش ، ويسأله عن تقاريري ، كان يضرب المثل

بها ، أمام رفاقي ، ومن هذه الناحية ... أنا لن أخسر

شيئا ، سوى كتابة التقرير ، ووضع توقيعي وخاتم

المدرسة عليه ، ثم تأتي الدوريات .

ولما أراد المختار أن يتدخل مرة أخرى ،

حدجه الأستاذ بنظرة ذات معنى ، وكتم بهجته ..

بإرباكه .. وصرخ :

ـ أرجوك يا جناب المختار ، لا تتفوه بكلمة

ستندم عليها ... ومسؤوليتك أن تبلغ عنه بنفسك .

نشر الخوف ظلاله على الجميع ، وتعثرت

الكلمات على شفاههم ، مرت لحظات منحوته من

دمع وظلام ، حار الواقفون ، وطال صمتهم ، فكر

[ أبو عيشة ] أن يساند [ حمدان ] ، حتى لا يظل

متعاليا عليه ، لكنه خجل من ل[ خديجة ] ، أرملة

[ نايف ] ابن عمه ، التي رآها واقفة بانكسار .

تردد أصحاب النخوة في مواقفهم ، وتقدم

[ أبو نواف ] ، وطبع قبلة على شارب المعلم ،

وتشجع [ أبو ممدوح ] ، فعزم على الجميع ، أن

يتفضلوا إلى داره ، ليذبح خروفا إكراما للأستاذ ...

هكذا راح يقسم .

وانكبت خالة الأرملة العجوز ، على يد

[ حمدان ] ، تقبلها ، وتبللها بدموعها .

كثرت التوسلات ، وتعالت الأصوات ... مسترحمة ،

مستعطفة ، حتى [ خديجة ] ... تهدجت كلماتها من

الفزع .. وهي تتمتم :

ـ هذا طفل يا أستاذ ... لو كان رجلا ...

ولم تكمل كلامها ، حتى انتفش كالطاووس ، وهو

يزعق بتلذذ :

ـ السلطات العليا وحدها ستقرر مصير ابن

الخائن هذا ..

انصعقت [ خديجة ] ، توقعت كل شيء ، إلآ أن يتهم

زوجها بالخيانة ، وحاولت أن تتمالك ، فلتصمت ...

عن هذه الإهانة ، فالجميع يعرفون من هو زوجها ،

المهم الآن ... أن تستعطف هذا الحاقد ، لأن مصير

ولدها [ جمعة ] في خطر ، فابتلعت الإهانة ،

وضغطت على جرحها ، وقالت :

ـ سامحك الله يا أستاذ [ حمدان ] ، لو كنت

تعرف أي الرجال ، كان [ أبو جمعة ] ، لما اتهمته

بالخيانة .

أدرك [ حمدان ] نقطة الضعف عند غريمته ،

فعزم على تمريغ اسم المرحوم :

ـ لو لم يكن جبانا ، لما أنجب هذا الولد الخائن .

وهنا فقدت [ خديجة ] رشدها ، لم تعد تحتمل أكثر

مما سمعت ، فصرخت كمجنونة ، واندفعت

بتجاه [ حمدان ] :

ـ اخرس ... اخرس ياكلب ، من أنت ، حتى

تقول عن [ أبي جمعة ] جبان ؟؟؟!!!!.. متى أصبح

الشهيد خائنا ؟!.. اذهب فاسأل تربة الجولان ،

لتعرف من هو [ أبو جمعة ] ، أنت مجرد نذل ..

حقير ، حاولت النيل من عرض هذا الشهيد ، الذي لا

تساوي أنت وتقاريرك فردة حذائه .

واندفعت نحوه أكثر ، رافعة يدها بقوة ، تريد

أن تصفعه ، في تلك اللحظة ، عندما كان يتراجع

[ حمدان ] مذعورا كالفأر ، شاهد جميع من كان

حاضرا ، من أهالي [ تل مكسور ] يد [ خديجة ]

الطاهرة ، تخفق في سماء القرية المكتنزة بالغيوم ،

بشموخ وكبرياء ، ترتفع تماما مثل علم البلاد .

مصطفى الحاج حسين

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...