—لما أنت هنا؟
من جاء بك إلى هذا المكان؟!
—جئت لأرى أمي!...
—وأين هي أمك؟
لقد ذهبت من هذا الطريق.
—هل أنت متأكد مما تقوله
—أجل... يا سيدتي.
كل يوم أراها تسير أمامي....
وأبكيها أن تعود، ولكن لا جدوا من بكائي.
—أمد بصري إلى الأفق البعيدة ولا أرى غير مراكب الصيادين.
وكيف ذهبت من هنا أنه بحر كبير وواسع لا تستطيع السير فيه.
لا ياسيدتي هي ذهبت مع أهل القرية جميعاً لم يبقى أحد الكل رحل، ذهبت لتبحث عن عمل وترسل لي النقود لأكمل تعليمي.
—هل هي أخبرتك بذلك؟
—لا عمي قال لي هذا الكلام.
والآن أنا انتظرها هنا.
—ولكن ياولدي أصبحت الشمس تميل للغروب.
ما رأيك بأن أسير معك لبيتك وفي الصباح تأتي مرة أخرى وتنتظرها هنا.
—أجل ولكن أنا لا يوجد لذي بيت....
وأين تنام ياولدي....
بجوار قبر أبي....
وهل تعرف أباك
أجل أعرفه جيدا ولكن أختفي لمدة ليلتين ووجدوه مقطوع الرأس عند أسفل الوادي
—حسناً إذاً ... ومن يعتني بك؟
—جدتي... وعمي!
ها... هو عمي أنه مقعد على كرسي متحرك بثرت ساقيه بأثر شظية في أسفل ظهره.
—وجدتك هل تستطيع أن تعتني بك وبه؟ ... أجل أنها تحبنا كثيراً ولكن دائما تبكي وتترحم على أبي وأمي.
—إذا تعال معي.
—إلى أين تريدينني أن أذهب ....
—لا تخف ياولدي!
سأتحدث لجدتك قليلا ونعود في الصباح لنرسل لوالدتك رسائل مع طيور النورس.
...
—هل سأرى أمي مرة أخرى؟
—أجل سنحاول أنا وزملائي أن نبحث عنها
—هل هذا صحيح!
—نعم ولكن أذهب أمامي أريد أن أرى عمك وجدتك!
—حسنا هيا بنا....
بدأنا بالسير أنا وزملائي نسير خلفه وهو تارةً يركض وتارةً يتوقف لينظر خلفه
ويبتسم بإبتسامة تملأه حيرة وفرح!
فجأة توقفنا أمام مكان مظلم يشع منه نور خافت!
في البداية خفت قليلاً وخيم السكون بعد ما كان صوت البحر وطيور النورس تملئ المكان.
أقترب مني الصغير وأمسك يدي وشدني منها
سيدتي هيا اقتربي هنا بيت جدتي وعمي،
رائحة كريهة تعم المكان وسكون مخيف يخيم عليه ظلام مرعب مع نعيق الغراب
أقترب( حكم )مني وهمس بالقرب من أذني...
أستاذة هل تريدين الدخول.
أستدرت لمكان الصوت ....ها...ها....
وقد جف سقف حلقي وتلعثمت الكلمات
نعم أجل سندخل
—ولكن يا أستاذة هذه هنا (المقبرة).
هل سندخل؟
— نعم...نعم سندخل.
الصغير يسكن هنا ويدعونا للدخول
...
سمعت صوت يأتي من بعيد ....( تيم) يا صغيري هل جئت
—يقول الصغير:أجل ياجدتي لقد عدت.
وجئت لكي بضيوف...
—أجل ياولدي...
دعهم يدخلون
—هيا يا سيدتي أقتربي
جدتي بإنتظارك
—أجل ... أجل.. يا (تيم) سأدخل.
كان شعور فظيع كانت هي أول مهمة توكل إلي بعدما تركت عملي في مكتب المحامات وأنتسبت إلى هيئة الإغاثة الدولية لمشردي الأيتام والحروب.
حاولت السير للأمام ولكن الرائحة كانت تفوح أكثر وأكثر أنها رائحة المقابر والدم وما زال الطيران يحلق في السماء رغم حلول أول الليل.
صغر الكون في عيني وصغرت الحياة وبدأ البكاء والصمت والخوف والألم يخيم على المكان
أمسك بيدي وقادني نحو قبر أباه وكيف يحتضنه كل ليلة وهو يشعر بالأمان بحضنه.
عندها أدركت كيف المصالح والحروب تتناس أقلامنا أحلامنا وأخطأنا وعثراتنا وزلاتنا لنصبح مسودة ملئ بالشخبرات المملة تأخذها الرياح إدراج أزمان وأزمات مبعثرة من التشردم والفكر الميت والعقول اليابسة قبل الحرب وبعد الحرب نحن جثث هامدة نمشي بلا روح،
نحن رحلة شقاء على هذه الأرض بلا إسم أو عنوان.
نحن الآلات مدمرة للكون
نحن كالدود يأكل الأخضر واليابس وإن لم يجد ما يأكله يأكل بعضة البعض إلى أن يتيبس ولا يجد شيء.
سألت الصغير ماذا تريد عندما تكبر.
أجاب أن انتقم لأبي وأمي وأبي من موت وتشرد وعجز.
— نظرت بعينيه.
قلت له:
إن تضع تفكيرك في فكرة الانتقام هذا جهد كبير وجلد للروح والجسد
عندها كأنك قتلت نفسك مرتين
مرة عندما وثقت مما ادوك ومرة أخرى عندما شغلت تفسك بفكرة الانتقام.
لا تكن مثلهم فكر بمستقبل مشرق جميل ينتظرك
ليلى صياح الحسين
سورية
من جاء بك إلى هذا المكان؟!
—جئت لأرى أمي!...
—وأين هي أمك؟
لقد ذهبت من هذا الطريق.
—هل أنت متأكد مما تقوله
—أجل... يا سيدتي.
كل يوم أراها تسير أمامي....
وأبكيها أن تعود، ولكن لا جدوا من بكائي.
—أمد بصري إلى الأفق البعيدة ولا أرى غير مراكب الصيادين.
وكيف ذهبت من هنا أنه بحر كبير وواسع لا تستطيع السير فيه.
لا ياسيدتي هي ذهبت مع أهل القرية جميعاً لم يبقى أحد الكل رحل، ذهبت لتبحث عن عمل وترسل لي النقود لأكمل تعليمي.
—هل هي أخبرتك بذلك؟
—لا عمي قال لي هذا الكلام.
والآن أنا انتظرها هنا.
—ولكن ياولدي أصبحت الشمس تميل للغروب.
ما رأيك بأن أسير معك لبيتك وفي الصباح تأتي مرة أخرى وتنتظرها هنا.
—أجل ولكن أنا لا يوجد لذي بيت....
وأين تنام ياولدي....
بجوار قبر أبي....
وهل تعرف أباك
أجل أعرفه جيدا ولكن أختفي لمدة ليلتين ووجدوه مقطوع الرأس عند أسفل الوادي
—حسناً إذاً ... ومن يعتني بك؟
—جدتي... وعمي!
ها... هو عمي أنه مقعد على كرسي متحرك بثرت ساقيه بأثر شظية في أسفل ظهره.
—وجدتك هل تستطيع أن تعتني بك وبه؟ ... أجل أنها تحبنا كثيراً ولكن دائما تبكي وتترحم على أبي وأمي.
—إذا تعال معي.
—إلى أين تريدينني أن أذهب ....
—لا تخف ياولدي!
سأتحدث لجدتك قليلا ونعود في الصباح لنرسل لوالدتك رسائل مع طيور النورس.
...
—هل سأرى أمي مرة أخرى؟
—أجل سنحاول أنا وزملائي أن نبحث عنها
—هل هذا صحيح!
—نعم ولكن أذهب أمامي أريد أن أرى عمك وجدتك!
—حسنا هيا بنا....
بدأنا بالسير أنا وزملائي نسير خلفه وهو تارةً يركض وتارةً يتوقف لينظر خلفه
ويبتسم بإبتسامة تملأه حيرة وفرح!
فجأة توقفنا أمام مكان مظلم يشع منه نور خافت!
في البداية خفت قليلاً وخيم السكون بعد ما كان صوت البحر وطيور النورس تملئ المكان.
أقترب مني الصغير وأمسك يدي وشدني منها
سيدتي هيا اقتربي هنا بيت جدتي وعمي،
رائحة كريهة تعم المكان وسكون مخيف يخيم عليه ظلام مرعب مع نعيق الغراب
أقترب( حكم )مني وهمس بالقرب من أذني...
أستاذة هل تريدين الدخول.
أستدرت لمكان الصوت ....ها...ها....
وقد جف سقف حلقي وتلعثمت الكلمات
نعم أجل سندخل
—ولكن يا أستاذة هذه هنا (المقبرة).
هل سندخل؟
— نعم...نعم سندخل.
الصغير يسكن هنا ويدعونا للدخول
...
سمعت صوت يأتي من بعيد ....( تيم) يا صغيري هل جئت
—يقول الصغير:أجل ياجدتي لقد عدت.
وجئت لكي بضيوف...
—أجل ياولدي...
دعهم يدخلون
—هيا يا سيدتي أقتربي
جدتي بإنتظارك
—أجل ... أجل.. يا (تيم) سأدخل.
كان شعور فظيع كانت هي أول مهمة توكل إلي بعدما تركت عملي في مكتب المحامات وأنتسبت إلى هيئة الإغاثة الدولية لمشردي الأيتام والحروب.
حاولت السير للأمام ولكن الرائحة كانت تفوح أكثر وأكثر أنها رائحة المقابر والدم وما زال الطيران يحلق في السماء رغم حلول أول الليل.
صغر الكون في عيني وصغرت الحياة وبدأ البكاء والصمت والخوف والألم يخيم على المكان
أمسك بيدي وقادني نحو قبر أباه وكيف يحتضنه كل ليلة وهو يشعر بالأمان بحضنه.
عندها أدركت كيف المصالح والحروب تتناس أقلامنا أحلامنا وأخطأنا وعثراتنا وزلاتنا لنصبح مسودة ملئ بالشخبرات المملة تأخذها الرياح إدراج أزمان وأزمات مبعثرة من التشردم والفكر الميت والعقول اليابسة قبل الحرب وبعد الحرب نحن جثث هامدة نمشي بلا روح،
نحن رحلة شقاء على هذه الأرض بلا إسم أو عنوان.
نحن الآلات مدمرة للكون
نحن كالدود يأكل الأخضر واليابس وإن لم يجد ما يأكله يأكل بعضة البعض إلى أن يتيبس ولا يجد شيء.
سألت الصغير ماذا تريد عندما تكبر.
أجاب أن انتقم لأبي وأمي وأبي من موت وتشرد وعجز.
— نظرت بعينيه.
قلت له:
إن تضع تفكيرك في فكرة الانتقام هذا جهد كبير وجلد للروح والجسد
عندها كأنك قتلت نفسك مرتين
مرة عندما وثقت مما ادوك ومرة أخرى عندما شغلت تفسك بفكرة الانتقام.
لا تكن مثلهم فكر بمستقبل مشرق جميل ينتظرك
ليلى صياح الحسين
سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق