اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الموت فى شعر أبى القاسم الشابى || د. محمد عبدالحليم غنيم

أبو القاسم الشابى شاعر تونس والأمة العربية ( 1909 ـ 1934 ) نشأ وعاش فى تونس شخصية بسيطة وشاعرية قوية ونفس أنهكها الضعف والمرض ونوائب العصر بيد أنها ظلت قوية بشعره الذى انتشر فى أرجاء الوطن تونس والوطن العربى الكبير.
كان أبو القاسم الشابى نحيف الجسم، سريع البديهة، قوى الانفعال، حاد الذهن، تكفكف رقة طبعه على غرب عاطفته وحدة ذهنه، يراه أصدقاؤه بشوشا كريما وديعا متأنقا طروبا لمجال الأدب يحب الفكاهة الأدبية، خلف لنا خلال فترة حياته القصيرة ديوانه " من أغانى الحياة " وقد رتبه بنفسه وخط أكثره بيده الطاهرة، بيد أن المنية عاجلته وحالت دون إتمامه، وكان يبغى طبعه فى مصر عن طريق صديقه الدكتور أحمد زكى أبو شادى (1) .


وإذا كان الشابى قد بدأ نشر شعره فى تونس فى جريدة النهضة عام 1926 وظهر شعره مجموعا ضمن كتاب أدبى يعد من أهم المراجع الأساسية لدراسة الأدب التونسى فإنه لم يظهر كشاعر معروف فى الشرق العربى إلا فى عام 1933 أى قبل وفاته بعام واحد وذلك بعد نشر قصائده فى مجلة " أبولو " التى كان يشرف عليها الدكتور إبراهيم ناجى وكان لقصيدته " صلوات فى هيكل الحب " أثرها الكبير على جيل الشعراء فى ذلك العقد وقد اختارها فاروق شوشة ضمن أفضل ما قيل من مختارات الشعر فى الحب .
كانت تلك مقدمة لابد منها للدخول إلى عالم أبى القاسم الشابى الشعرى وإن كنت أظن أنها غير وافية، بيد أن الموضوع الذى اخترنا الحديث فيه لا يتحمل أكثر من هذا .

الموت فى شعر أبى القاسم الشابي..
عبر ديوانه "من أغانى الحياة" أفرد الشابى قصائد عديدة للموت وعن الموت هذا إلى جانب ما نجده فى كثير من القصائد التى لا علاقة لها بموضوع الموت، ولا يخدعنا عنوان الديوان، فمثلما غنى شاعرنا للحياة فإنه قد غنى للموت أيضا:
يا موت نفسى ملت الدنيا فهل لم يأت دوري

وثمة شىء ما، هاجس خفى فى أعماق النفس يدفع الكثرة من الشعراء إلى الحديث عن الموت فى زمن مبكر من حياتهم يدورون حوله فى قصائدهم يرحبون به أو يخافون منه وعندئذ يقبلون على الحياة يعبون منها قبل أن تقلع عنهم السفينة إلى ما لانهاية (2) .
مثل هذا الهاجس جعل أبا القاسم الشابى ولم يكن عمره قد تجاوز الخامسة عشر ينظم، أقول ينظم قصيدة فى الرثاء بعنوان " دمعة أرسلتها عين الضمير " قالها فى الشيخ "النجلي" وهو من علماء جامع الزيتونة فى ذلك الوقت وهى قصيدة تقليدية سار فيها على نهج القدماء فى قول الشعر ويبدو أن الشاعر لم يكن راضيا عنها فهى غير موجودة فى أول طبعة من ديوانه أقصد طبعة القاهرة التى رتب قصائدها بنفسه كما يقول مقدم الديوان الأستاذ محمد الأمين الشابى ويقول فى ختامها:
يـا قبـره قـد حزت كل فضيـلة وحويت علما راسخ الأركان
يـا مزنة صـبرا عليـه وأغدقـى يا رحمة من وابل الرضوان
لا تجزعوا يا أهل تونس واصبروا فالموت غايتنا بنـى الإنسان

فى الشواهد الثلاثة التى اقتطعناها من القصيدة يتأكد للقارئ الواعى بالشعر وبشعر الشابى خاصة لماذا لم يضمها إلى ديوانه، إن اللقاء الحقيقى للشاعر بالموت يبدأ بموت والده الذى كان شاعرنا يكن له تقديرا وحبا عظيمين بدوا ظاهرين خلال رثائه له بقصيدة بعنوان "يا موت":
وفجعتنـى فيمن أحب ومن إليه أبث سـري
وأعـده فجرى الجميل إذا ادلهم على دهرى
وأعـده وردى ومزمارى وكاساتـى وخمري
وأعـده غابـى ومحرابـى وأغنيتى وفجرى
ورزأتنى فى عمدتى ومشورتى فى كل أمرى
وهدمت صرحا لا ألوذ بغيره وهتكت ستري
إلى أن يقول:
وفقدت ركنى فى الحياة ورايتى وعماد قصرى
( الديوان، ص 95 , 96)
تلك كانت بداية الموت مع الشاعر عندما رزئ بوفاة والده وفيها نلمح نضج الشاعر وتمكنه من لغة الشعر وإذا عرفنا أنه قالها بعد وفاة والده بأيام فى عام 1929 حيث وفاة والده كما تقول المصادر القريبة (3) تتضح لنا عبقرية الشاعر المبكرة. ثم توالت قصائده عن الموت وكثرت إشاراته إليه فى القصائد الأخرى التى ليس لها علاقة بالموت، إذ بدأت تنمو علاقته بالموت وتصل إلى مداها مع مرضه، فقد أصيب بتضخم فى القلب، بعد أن تزوج، ولازمه المرض حتى وفاته فى أكتوبر 1934، ويمكننا أن نضع أيدينا على القصائد التى قيلت فى هذه الفترة أى بعد مرضه وحتى وفاته لنجده قد جسد الموت فى شعره تجسيدا عميقا وأتى بتصورات ومعانى لم يسبقه إليها أحد فكان نسيجا متفردا له بصمته الخاصة.
عرف شاعرنا أنه مقبل على الموت وكان يعلم أنه يموت قليلا قليلا لذلك كان صادقا فى أحاسيسه تجاه الموت وقد أفرد كما قلت فى بداية المقال قصائد خاصة للموت مثل : خلة الموت ـ إلى الموت ـ يا موت ـ حديث المقبرة ـ فى ظل وادى الموت .
ولنتوقف قليلا عند قصيدة " فى ظل وادى الموت " قال الشاعر هذه القصيدة فى أيامه الأخيرة وقد أبدى فيها يأسه من الحياة فيقول الشاعر العظيم فى بساطة متناهية تقترب من النثرية، لكن أية نثرية تلك التى تلخص كل آلام شاعر حساس مثل الشابي:
ثم ماذا ؟هذا أنا صرت فى الدنيا بعيدا عن لهوها وغناها
فى ظلام الفناء أدفـن أيامـى ولا أستطيـع حتى بكاها
وزهـور الحياة تهوى بصمت محزن مضجر على قدميا
جف سحر الحياة يا قلبى الباكى فهيـا نجرب المـوت هيا
( الديوان، ص 143)

الموت عند الشابي..
ثقافة الشابى عربية خالصة فلم يكن يعرف لغات أجنبية بيد أنه قرأ معظم ما ترجم فى عصره ولكنه قليل، كما أن سنين عمره المحدودة ( خمس وعشرون عاما ) لم تسعفه فى نضج شاعريته غير أنه لو امتد به العمر لكان له شأن آخر فى تاريخ الشعر العربى . وإذا وقفنا عند ما يتعلق بموضوعنا الرئيسى الموت، فنجد أن ما كتبه الشاعر عن الموت وكان نتيجة تجارب عاشها وخاصة فقد أبيه ومرضه، ولا يمكن أن نطلق على تجربته الأولى فى الرثاء تجربة عاشها بيد أن تجربة الشاعر الخاصة مع الموت جعلته ينطلق رغم هذا فى طريق خاص متفرد، فالموت صون الحياة وقلب رحيم والموت قبل ذلك كله روح جميل والموت راوى ظماء الفلاة والموت مهد ناعم وثير تتوق إليه البشرية ثم أن الموت خلاص لك أيها الإنسان إن حاصرتك الخطوب وسدت عليك سبل السلام، ثم يدعونا فى دأب ألا نخشى أعماق الموت لأن فيه ضياء السماء الوديع حيث عذارى السماء يغنين ويرقصن وهن يمسكن بغصون النخيل أى أن الموت شيء جميل، إنها قمة الرومانسية .
إلى الموت لا تخشى أعماقه ففيها ضياء السماء الوديع
وفيها تميس عذارى السماء عوراى ينشدن لحنا بديع
وفى راحهن غصون النخيل يحركنها فى فضاء يضوع
تضئ به بسمات القلوب وتخبو به حسرات الدموع
( الديوان , ص 77)
وفى قصيدة "يا موت" ينقم شاعرنا على الموت ويؤنبه لأنه أخذ منه والده وتركه وحيدا عرضة للآلام :
يا موت قد مزقت صدرى وقصمت بالأرزاء ظهري

إلا أنه رغم ذلك لا يجد غيره منقذا له فيناجيه ليأخذه إليه:
خذنى إليك فقد ظمئت لكأسك الكدر الأمر
خذنى فقد أصبحت أرقب فى فضاك الجون فجري
خذنى فما أشقى الذى يقضى الحياة بمثل أمري
إلى أن يقول :
يا موت نفسى ملت الدنيا فهل لم يأت دورى
( الديوان , ص 96، 97)
نعم لقد أتى دورك وأخذك الموت منا بيد أنه ترك لنا شعرك العظيم لنظل،ـوقد مر على وفاتك ثلاث وسبعون عاما ـ ننشده لحنا عظيما ينساب عبر أحاسيسنا، لله درك من عبقرى خلدت الموت فى قصائدك مثلما خلدك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1 ـ قام الشاعر بتصدير ديوان " الينبوع " للدكتور أحمد زكى أبو شادى .
2 ـ الشعراء ورحلة العمر القصيرة، مجلة الدوحة، يناير 1982 د. الطاهر أحمد مكى .
3 ـ أشار إلى ذلك محمد أمين الشابى فى مقدمة الديوان .
4- أغانى الحياة، ديوان أبى القاسم الشابي، منشورات دار الكتب الشرقية، تونس ودار مصر للطباعة، القاهرة 1955.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...