اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

صهيــل الصمــت || د. كلثم جبر

د. كلثم جبر
استشعر الحنين في هذا اليوم القائظ وأنا اقف وسط التراب المتراكم أبحث عن بقاب صوتك .
هبت رياحه من بعيد …
كنت لم أفق بعد من صدمة الفراق الأولي ، وكنت تندثرين ( بعباءتك السوداء ) تهرولين نحو البهو الواسع ، مطمئنة لقدر الله ، ولم تكن صدي خطواتك بئيسة .
كنت تركضين نحو المجهول ، وأنا أركض خلفك والضياء خلفنا يزدا توهجاً ، أحاول أن أغادر بؤسي ، وقوقعة صمتي ،واثنيك عن فرارك ، غير أن خطواتك التي رفضت أن يحملها المقعد المتحرك سبقتني إلي الداخل وتحول الصراع بداخلي إلي أنين والضياء المتغلغل من البوابة الزجاجية خلفنا يتضاءل أصبحنا معاً داخل ممرات الدهاليز الباردة ، وأنا أحمل حقيبتك الصغيرة … ووسائلك الزرقاء …

*
في الزمن الأول …

تصادمت الوجوه في ضجة عجيبة ، كنت أنظر إليه ، وأنا متدثرة بثوبي الزهري :

* حبيبي ينظر إلي .

( التفت لأريهم كيف كانت عيناه الواسعتان تنظران إلي ، غير أني لم أجد أحداً ) .

في الزمن الآخر .. والطرف الآخر من المدينة …

تصادمت الوجوه مرة أخري وهي تصرخ تحت الشمس ، وامرأة متدثرة بثوبها الأسود ، تحاول التغلغل في زحام السير وهي تنظر إليه ، وترفع يدها في حركة صاخبة مشيرة للجسد المسجي فوق الأعناق :

* حبيبي ينظر إلي .

( التفت لتربهم كيف كانت عيناه شبه المغلقة تنظر إليها ، غير أنها لم تجد أحداً ) .
*
أنهض ببطء ..

الشمس تلقي بشظاياها من خلف النافذة ، وأمواج البحر تتلاطم من بعيد ، انظر إلي جانب وجهك ملامحك لم تعد واضحة لدي ، اعتلي السرير الحديدي أعانق جسدك في هذه المساحة الصغيرة من الزمن ، همست بهدوء عجيب :

* بعد قليل أكون جاهزة لمواجهة قدر الله لا تنزعجي ..

أظل متشبثة بجسدك أتتبع بناظري صفاء وجنتيك ، انحدر إلي القاع ، تستلمين للتعامل بين الحين والآخر ، وأسقط في رائحة عبق بخورك ، أحاول أن اصرخ : ( دعينا نفارق هذه الغرفة الباردة ) .

غير أن صوتي تبخر قبل أن يصل إليك ، وفكرة الهروب من هذه البوابة التي أغلقت متاريسها الحديدية خلفنا تلاشت تحت وطء الخطوات الرتيبة التي جاءت لنأخذك لغرفة المجهول .
*
في الزمــن الأول

قفزت من فوق ظهر المقعد المتحرك ، وتركت الممرضة تهرول وخلفي فزعة ، وأنا أهرول خلفحاضنته الزجاجية الصغيرة وهم يهرعون به لغرفة المجهول وأنا متدثرة بثوبي الزهري :

* حبيبي يبتسم إلي .

( التفت لأريهم كيف كان يبتسم إلي ، غير أني لم أجد أحداً ) .

في الزمن الآخـر .. والطرف الآخر من المدينة ..

أخرج الفتية مخزون قهرهم في لحظة محتدمة ، لم يتبق شئ في جوف الأرض من حصي ، قلبوا التراب ، وذرات التراب ، تجمعت أجسادهم متلاصقة ، تراخت قبضاتهم حينما هبت رائحة شواء جسد بشري ، تقهقروا للخلف ، أعادتهم البوابة الخشبية المشرعة للمدينة العتيقة والغبار الساكن إلي بوتقة الحزن فصمت هتافاتهم وهم يتلقون الحاضنة الزجاجية نجسد طفل مسيحي بداخلها وامرأة متدثرة بالسواد تغادر البوابة المشرعة ، مشيرة إليه :

* حبيبي يبتسم إلي :

( التفت لتريهم كيف كان يبتسم إليها ، غير أنها لم تجد أحداً ) .

*
وقفت من بعيد .. خطواتي الثكلي كانت تتأرجح ، كنت أري أخي يلبس (قبعته البحرية ) وأنت فوق السرير الحديدي مدثرة بالبياض ، وأنا أتابعك للنظر وأخي يقبض بأطراف قبعته فوق رأسك حتي لا تسقط ، وهو يتمتم لنفسه أو لربما لي :

* رقيتها .. هل رقيتها طويلاً .. آيات من القرآن الكريم أقرئيها .. انفخي في صدرها فوق وجهها لتعود سالمة .

كنت لم أع بعد معني الضياء المتفجر في وجنتيك ، وابتسامتك التي ظلت تلاحقنا هادئة وأنت تمعنين النظر في وجوه أخواتي المتزاحمة حولك ، مقتربة من غرفة المجهول تصطدم حافة سريرك بالجانب الأيمن من الباب ، وأنا أركض بداخلي خلفك وأحاول أن أسد بجسدي الباب حتي لا تتسللين إلي الداخل ، غير أنك قررت الدخول أو عدم الخروج قبل عثورك علي مقبض السكينة الذي استل طفلي بين حناياه .

*
في الزمن الأول ..

التصقت بي الأصوات .. أغمضت عيني ألملم أثوابك القطنية التي صنعتها أختي الصغري وبألوان عمرها الزاهية ، أجمع ذراتي المتناثرة ، أتقهقر بضع خطوات الخلف ، أتخيلك مبتسمة وفوق رأسك قبعة أخي البحرية ، أتخيله مبتسماً وفوق رأسه الصغير قبعة أختي القطنية التي أهدتها إياه يوم أن أغفي محتضناً بكفه الصغيرة إصبعها وهي تتعتم فوق رأسه بآيات قرآنية لم تكتمل .

حاولت أن أنهض من رماد سقوطي .. ولم أصرخ ، أبداً لم أصرخ وأنا متدثرة بثوبي الزهري :

” الحمد لله .. الحمد لله أنهما يسجدان لله معاً .

( ألتفت لأريهم كيف كانا يسجدان لله معاً ، غير أني لم أجد أحداً ) .

في الزمن الآخر ، والطرف الآخر من المدينة ..

جاءوا بقميصه الملطخ بالدم ، وفي ذاكرة المرأة المدثرة بالسواد آثار لكابوس لم تنطفئ ملامحه بعد ، غير أن الأشياء بدأت تتسع وتصبح في مساحة الرؤية ، حاولت أن تستعيد تفاصيل جسده وهو بودعها في ذاك الصباح الباكر ويتكفئ علي يديها مثلما إياها .. حينما لملمت بقايا ثوبه ، وقميصه ، رأته في وسط الزحام يطل بملامحه الفنية وفوق رأسه عصبته القطنية التي أهدتها إياه خالته في يوم ماطر ، يسابقها صوتها المختنق الضاج بالوجه وهي تردد من الداخل دون أن يسمعه ( أرجوك .. أ.. أ .. ) ولم تصرخ .. أبداً لم نصرخ وهي متدثرة بثوبها الأسود :

* الحمد لله ، إنه يسجد لله ..

( التفت لتريهم كيف كان يسجد لله ، غير أنها لم تجد أحداً ) .

د. كلثم جبر 
- قاصة قطرية 

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...