اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

نجمة النمر الأبيض نموذج لرواية الفقد والسعي | آمال عوّاد رضوان ــ فلسطين

نجمة النمر الأبيض نموذج لرواية الفقد والسعي!آمال عوّاد رضوانالخبر: في قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدانالأرثوذكسيّة في حيفا، وتحت رعاية المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ/ حيفا، أقامنادي حيفا الثقافيّ أمسية ثقافيّة بتاريخ 6-10-2016، تناولت رواية “نجمة النمرالأبيض” لد. محمد هيبي، وذلك وسط حضور كبير من الأقرباء والأصدقاء والأدباءمن المثلث وحيفا وسائر الجليل، وقد رحبّ المحامي فؤاد نقارة مرئيس ومؤسس الناديبالحضور والمشاركين، منوّهًا إلى توضيح بعض ملاحظات
مهمّة وأساسيّة حول نشاطاتالنادي وبرامجه القادمة، ثمّ تولّت عرافة الأمسية أميمة محاميد، وتحدّث عن الروايةكلّ من: د. لينا الشيخ حشمة وبروفيسور إبراهيم طه، وكان مداخلة قصيرة لعروسالدامون غدير بقاعي، تتوافق ومضمون الأمسية والرواية، وفي نهاية اللقاء شكرالمحتفى به د. هيبي الحضور والقائمين على الأمسية والمنظمين والمشاركين، ثمّ تمّالتقاط الصور التذكاريّة!كلمات التقرير بالتفصيل:مداخلة المحامي فؤاد نقارة مؤسس ورئيس ناديحيفا الثقافي: الأخوات والإخوة مساؤكمخير، باسم المجلس المِلّيّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ في حيفا، وباسم نادي حيفا الثقافيوباسمي، نرحّب بكم في قاعة كنيسة القدّيس يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة، في لقائناالثقافي مع الاخ د. محمد هيبي ومناقشة روايته الأولى “نجمة النمرالابيض”. أطلب من الحضور المحافظة على الهدوء، وإغلاق الهواتف النقالة،والامتناع قدر الإمكان عن إعطاء ملاحظات لغويّة وأخرى، حفاظا على احترام المشاركينفي المداخلات من على المنصة. أشكر جميع الإخوة من أعضاء نادي حيفاالثقافي الذين يعملون بكل الجهد والطاقة تطوّعًا لإنجاح نشاطات النادي، وأخصبالذكر الإخوة: المحامي حسن عبادي، والشاعرة آمال عوّاد رضوان، وخلود فوراني سريّة،وفضل الله مجدلاني ود. جوني منصور، وأشكر المجلس المِليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ فيحيفا، ممثّلًا بالإخوة أعضاء المجلس الأستاذ جريس خوري والمحامي كميل مويس، فلولادعم المجلس المليّ الكامل غير المشروط لبرنامج النادي واستخدام هذه القاعة لنشاطاتالنادي، لما تمكّن النادي من القيام بنشاطاته. الشكر أيضًا للمشاركين الدائمينالذين أصبحوا جزءًا أساسيًّا من برنامج النادي، فالحُلم بإقامة النادي راودنا منذمدة طويلة وحققناه، فأصبحَ مؤسّسة ثقافيّة لها اسمها على مستوى الوطن، ومِن ضمن أهدافناتقريبُ الأدباء والمثقفين من بعضهم البعض، والتعارف فيما بينهم، وإيجاد دفيئةحاضنة للفكر والثقافة المتنوّرة، وأهداف اخرى حققناها في العمل المتواصل من نشاطاتالنادي، حيث أصبح اللقاء أسبوعيًّا كلّ يوم خميس، له صبغة ثقافيّة واجتماعيّةبامتياز، بحسب ما نلمسه ونسمعه من الأخوات والإخوة المشاركين والمُتابعين. وفي هذه المناسبة نبارك للأخ الزميل والأديبسعيد نفّاع بخروجه إلى الحرّيّة يوم الاثنين 10-10-2016، والنادي بصدد الاحتفاء بهبإقامة أمسية لأديبنا المُحرّر.من لا يعمل لا يخطئ، وبما أنّ نشاط الناديتطوّعيّ، فأنا مستعدّ دائمًا لسماع أيّة ملاحظات بنّاءة، لِما فيه منفعة نشاطاتالنادي. أمسياتنا القادمة: *بتاريخ 13-10-2016 إشهار رواية “محاق”للكاتب ناجي ظاهر. *بتاريخ 20-10-2016 إشهار الطبعة الثالثة من الكتاب الوثيقة”يوميات طبيب في تل الزعتر” للدكتور الطبيب يوسف عراقي الحيفاويّ الأصلالذي سيحضر خصّيصًا من النرويج حيث يقيم، وذلك بمناسبة الذكرى الأربعين لمجزرة مخيّمتلّ الزعتر. *بتاريخ 03-11-206 إشهار “حكاية عشق” و “جداريّاتنصراويّة” للأستاذ فتحي فوراني. *بتاريخ 10-11-2016 عكاظيّة حيفا الثامنة معالشعراء عبد الرحيم الشيخ يوسف، وسماهر نجّار، وابتهاج داود خوري، وعرافة الشاعر أنورخير المواظب على حضور كلّ الأمسيات. *بتاريخ 17-11-2016 إشهار كتاب البحث في”أدب السجون في مصر وسورية والعراق” للدكتورة لينا الشيخ حشمة. والشاعرةسلمى جبران وإشهار مجموعتها الشعريّة “خارج مدار الذات” في رام الله أوّلًافي متحف محمود درويش بتاريخ 10-10-2016،وفي حيفا مسرح الكرمة بتاريخ 16-10-2016 الساعة 19:30 نأمل تشريفكم.الشكر الكبير لد. محمد هيبي المواظب دائمًاعلى حضور أمسيات النادي والمشاركة في المداخلات، ونشكرك على روايتك الرائعة، وأشكربروفيسور إبراهيم طه، ود. لينا الشيخ حشمة وأميمة محاميد المشاركين في هذه الأمسية،وأطلب منهم التقييد بالوقت المُخصّص لهم حفاظا على نجاعة البرنامج. وأخيرًا، صفحة ناديحيفا الثقافي على الفيس بوك https://www.facebook.com/ groups/334690180075215/، وهي متاحة للجميع، ننشر فيها صور وتسجيلات المداخلات والتقارير الأسبوعيةعن نشاطات النادي، ويمكن التواصل معنا عبرها. مداخلة أميمة محاميد: الكتابةُ تأتي الينا لا نذهبُ إليها،تشتاقُنا الكلماتُ كما نشتاقُها، حينها ينزلقُ القلمُ فيسيلُ الحبرُ فوق الأوراقِ المتعطشةِبسلاسةٍ وإنسيابٍ، ليرسم ويُجسّد لنا بريشتِهِ الإبداعيّةِ أجملَ اللوحاتِ، ولكلّلوحةٍ قصّةٌ وحكايةٌ، منها ما يُفرحُنا ومنها ما يُبكينا، وبعضُها يَستفزّناويحبسُ أنفاسَنا، نركبُ عُبابَ الكلماتِ ونُبحرُ في خيالِنا، لاستكشافِ ما بينالسطورِ من معانٍ ومعرفةٍ وحقيقةٍ. في كثيرٍ منَ الأحيان نشعرُ أنّنا جزءٌ لا يتجزّأمِنَ الروايةِ، نعيشُ اللحظاتِ الهاربة، نتقمّصُ الأدوارَ ونشعرُ أنّنا أبطالُالرواية، تستوقفُنا العباراتُ والصّورُ، نعانقُ الكلماتِ ولا نتركها، نشهقُ ونقولُ:الله ما أجملكَ أيُّها الكاتبُ! وهذا إن دلَّ على شيءٍ، فإنّه يدلّ على القدرةِ الإبداعيّةِلدى الكاتب، إذ استطاعَ أن يُلامسَ بِحرفِهِ الماسيّ إحساسَ القارئ ويُحاكيمشاعرَهُ، وهذا ما لمسناهُ في روايةِ نجمة النمر الأبيض للكاتب الدكتور محمد هيبي،إذ استطاع كاتبُنا بأسلوبِه المتميّزِ أن يستفزّ القارئ، ويُشعِلَ فتيلَ الضوضاءِداخلَهُ ويحاكي وجدانَه، كلماتُه تدغدغ المشاعرَ، حروفه تعبقُ برائحةِ التراب وأريجِالزعتر والزيتونِ، ممّا جعل للروايةِ نكهةً خاصّة ومميّزةً. ماذا قال د. بسامفرنجيّة في رواية نجمة النمر الأبيض: حروف وكلمات محمد هيبي تتراقص في أعين القارئقبلَ أن تدخل وجدانه، فالرواية ساحرة القراءة، ممتعة الأسلوب، قويّة الأفكار، ذاتجاذبيّة خاصّة، وما أن يبدأها القارئ ، فلا يستطيع أن يتركها من يده حتى يُنهيها،ومِن علاماتها المميزة تلك اللغة الشاعريّة التي تنساب سلِسلة في كلّ جملة، وتلكاللغة العربيّة المتينة السبك التي يُجيدها الكاتب ببراعة لافتة للنظر، فالكاتبيغرف من بحر، بل يغرف من بحر شعريّ ولغويّ، فهو سيّد اللغة، وتأتي الكلمات من قلمهطيّعة سلِسة محبوكة بعفويّة خاصّة، بأسلوب السهل الممتنع، ممّا يزيد الروايةجمالًا وجاذبيّة وسِحرًا، وأنا أقول لك: يا فارس القلم طوبى لك وطوبى لنا.مقتطفات من مداخلة إبراهيمطه/ نجمة النمر الأبيض نموذج لرواية الفقد والسعي: هي رواية الدكتور محمّد هيبي، تتميّز بمبنىمأنوس وثابت، وهو مبنى كلاسيكي معروف ينهض على فلسفة الفقد أو الغياب. هكذا قرأتالرواية. هكذا فهمتها. ولا شكّ في أنّ الكاتب أحسن توظيف هذه الفلسفة في هيكلةالرواية وبنائها على نحو يجعلها رواية تقليديّة. وفي مسألة الحبك استطاعت الروايةأن تصل الحدث بالحدث وتشدّ الشخصيّة إلى الشخصيّة بأدوات كثيرة منها: البعد الذاتيالصادق المقنع، والضمير الأوّل الذي يقرّب القارئ من السرد، والمشاعر الجيّاشةالدافقة في الحبّ والحنين والحزن والأمل والألم والرجاء… وهذه كلها بطبيعة الحالتجعل الرواية حركيّة دافقة دراميّة. يُصوّر الكاتب في روايته مأساة الشعبالفلسطينيّ كلّه من خلال قصّة أمّه وأبيه وعمّه، فيها يتّجه من الميكرو إلىالماكرو.إلى جانب الفصولالجميلة في الرواية ثمّة فصول تكثر فيها الثرثرة والمونولوجات المطوّلة والمبالغاتوالاقتحامات البوليسيّة. وهي في الحقيقة آفةٌ عامّة، مرض طال أدبَنا الفلسطينيّبصفة أو بأخرى في كلّ مراحل تطوّره. وفي المحصّلة الأخيرة، مشكلة الرواية مع هذهالاقتحامات في: (1) الكثرة. الوتيرة السريعة التي يظهر فيها القول السياسيّ فيالرواية. (2) المبالغة. تجاوز كلّ حدّ معقول ومنطقيّ. (3) الموقع. وغالبًا ما تقطعالطريق أمام تدفّق الأحداث المتخيّلة الكافية في ذاتها لأن توصل القارئ إلى مايسعى إليه الكاتب من قول آيديولوجي. وفي الأخير، نذكّر بأنّ الأدب نشاط حييّ،خجول، دبلوماسي، متملّص. ولا يصير الشعر شعرًا بالشعار، حتى وإن قال صاحبه: “فليسقطالاحتلال ولتسقط الرجعيّة العربيّة” ألف مرّة.مداخلة د. لينا الشيخحشمة: حين يضيقالواقع يمسي الحلم أداةً لترميم الذّات المشرّدة، ويصبح حقيقة، ولو على سبيلالتّمنّي. هكذا يكون الخيال الأدبيّ شكلًا من أشكال الحريّة؛ يحرّر النّفس في فسحةالفعل القادر على الخلق والتّغيير. لهذا يكتب د. هيبي، يكتب تفريغًا للحزنالمكبوت، وتطهيرًا لألم الفقد، ليحقّق توازنه المفقود من فقده لوطنٍ يعشقُه، مازال فقدُه يقتلُه. إنّ فعل الكتابة هناهو انعتاقٌ وأمل. يكتب هيبي ليلومَ من كاد ينسى، وليذكّرَ بجرحٍ ما زال ينزف، هوجرح المنارة والمشرّدين. يكتب لينفضَ عن ذاكرة بني الأعفم غبارَ السنوات الطّويلة،لذاكرةٍ قد ضاعت في متاهات النسيان وغدر الزّمان، واعيًا لدور الأدب في حفظ التّاريخ والذّاكرة، مؤكّدًاأنّ المنارة، وهي حكاية من اقتُلع من وطنه من بني الأعفم، من أبناء المنارة، هيالوطن الذي كان، والذي سيبقى والذي سيعود، وهذا هو حلم محمّد الأعفم، بطل الرواية.الأعفم كما يوضّح لناالكاتب بآليّة الميتاقصّ في الإهداء: “هو رمز للإنسان العربيّ الفلسطينيّالمشرّد في الوطن والمَنافي تسكنه المنارة، ويحملها جيلًا بعد جيل”. ومحمّدالأعفم جاء إلى الدّنيا بعد النّكبة، يبلغ السّتّين من عمره، يعيش وجع الانتظار، يحمل المنارة في قلبهوفكره، يبحث عن طريقها، رافضًا الزّواج بعيدًا عنها. هو ثمرة الخراب والضّياع، هوالضّياع، ولكنّه الأمل الذي لا يضيع.”هو حكاية عمر استباحه الغدر، غدر الأعداء، وغدر الأخوة الأعداء. غدر الأخوةالأعداء قبل الأعداء”(ص8). هكذا صارت المنارة كومةً من حجارة، أمست حلمًا بعدأن كانت حقيقةً. لم يولد فيها محمّد الأعفم ولكنّها ولدت فيه، يراها عروسًا حسناءَترتدي ثوبها الأبيض، تنتظر فارسها الّذي تأخّر. أمّا هو فيأتيها فارسًا هزمه القهروالحنين، وقتلته الثرثرةُ الصّامتة عبر السنين. هي ما زالت تنتظر، أمّا هو فقد سئمالصّمتَ والانتظار.تكثر ملامح التّصوّففي هذه الرواية، فإذا كان الصّوفيُّ يعاني غياب الحبيب إلى أن يلتحم به ويتحقّق”الاتّحاد”؛ فالأعفم صوفيٌّ يعاني في غياب حبيبته المنارة. وإذا كانواجب العاشق الصّوفيّ أن يجعل من المعشوق غايةً في ذاته، فالأعفم يجعل من المنارةِالحقيقةَ الأسمى والغاية العليا، إلى أن تمسيَ يقينًا وينتهي إلى أحضانها. وإذاكانت الصّوفيّة هي غريزة السّؤال الّذي يلوب على المجهول والمفقود، فإنّ الأعفميلوب متسائلًا عن المنارة المفقودة. والسّؤال هنا سعيٌ وراء الكمال، والسّعي بدايةالفعل، والفعل قد يبدأ بالحلم. أمّا المتسائل فهو مسلوبٌ ومقهور؛ وقد أدخله السّلبفي قوقعة التنقيب عن اليقينِ، حيث الفضاء الموجع المشرذم بالغياب. وإلى أن يمسيَالغيابُ حضورًا يلوب عليه الوجدانُ لَوَبانَ الأمِّ على ولدِها الرضيعِ. هكذا يكونالصّوفيّ، وهكذا كان الأعفم. إنّ الأعفم مشغولٌبالطّريق إليها أكثر من انشغاله بالغايةِ نفسها، فكم من مرّة يكرّر كلمة”الطريق” في الرواية! ويذكّرني هذا الانشغالُ بالطّريقِ والشّوقِ إلىالخلاص ببحث صابر عن والده في رواية “الطّريق” لنجيب محفوظ، وإن اختلفتطريق صابر عن طريق الأعفم. كما أوافق أستاذي بروفيسور إبراهيم طه في قوله، بأنّهاتذكّرنا كثيرًا بقصّة زعبلاوي لمحفوظ أيضًا. فإذا كان صابر يبحث عن والده ليمنحهحياة كريمة، وإذا كان الرّاوي في قصّة زعبلاوي يبحث عن زعبلاوي ليقدّم له الشّفاءوالسّعادة، فالأعفم كذلك يبحث عن السّعادة في عودة المنارة. وإذا كان الأعفم يشعربالضّياع لأنّه لم يصل إلى اليقين بعد، أيّ المنارة، فإنّه سيشعر باليقين عندمايلتقي بسلوى، امرأة المنارة، حينها يرى الأعفمان سعادتهما تتحقّق في الحلم. كذلكيجد الرّاوي السّعادة في قصّة “زعبلاوي” عندما يلتقي بزعبلاوي في الحلم.وحين يصل الصّوفيّإلى حالة الوجد يستطيع أن يجد التّوافق الضّائع بينه وبين نفسه، مثلما يصل الأعفممع سلوى الى حالة الوجد وينتشي بالحبّ، ويتذوّق سعادة الوجود، فيدرك أنّه في طريقالمنارة. والمحبّ الصّوفيّ يمحو من قلبه كلّ شيء إلّا المحبوب. كذلك ينفّض الأعفمقلبه من كلّ شيء إلّا المنارة، مسخّرًا كلّ علاقاته وذكرياته وهواجسه للمنارة.صورة المرأة فيالرّواية: يسعى د.هيبي للتّأكيد على مركزيّة حضور المرأة الفلسطينيّة في الرّواية. فإذا كانتالأنوثة قد اقترنت على صعيد الوعي الجمعيّ بالضّعف والخنوع، فإنّها بعيدةٌ هنا أن تكونَخاضعة عاجزة، فقد وصلت قمّة التّفاعل مع الهمّ الجماعيّ والوطنيّ، بَدءًا بوالدةالأعفم وصولًا إلى سلوى الأعفم. يتجلّىنضال الأمّ في عدم رضوخها لقرار أهلها في ترك زوجها، وفي رفضها التّخلي عن المنارة.ربطت مصيرها بمصير الوطن، واختارت البقاء مع زوجها وهي تدرك حياة التّشرّد الّتيستدفعها مقابل قرارها هذا. لعبت دورًا مهمًّا في ترسيخ المنارة في ذاكرة أبنائها،فيقول الأعفم مخاطبا نفسه: “ألم تكن المرأة هي السّبب؟ ألم تكن أمّك هيالمرأة التي غرست المنارة في كيانك وقبل أبيك! أججّت حبّ المنارة في قلبك؟”(ص93). ويتماهى حبّ الأمّ مع حبّ المنارة لأنّها رابطه الأوّل بالحياة وبالمنارةكذلك (ص168). إذن هي المرأة، منبع الحياة ورحمها.ثمّ تظهر حمدة، حمدةهي تلك الشابّة الفاتنة الّتي حملته إلى المنارة فزارها معها لأوّل مرّة في حياته.كانت حمدة في العشرين من عمرها، وكان هوصبيًّا. لم يكن يعرف المنارة، كانت ما زالت في مخيّلته مجرّد خيالٍ، لكنّها غدَتْمعها حقيقة. منذ ذلك اليوم الّذي حضنته حمدة باتت المنارة لا تفارقه، وليس جسدحمدة إلّا رمزًا للمنارة. ففي هذه التّجربة تتجسّد في نفسه تلك العلاقة الّتيستربط عمره بالمرأة والمنارة معًا. ثمّ تظهر سلوى الأعفم،هي امتدادٌ للأمّ وحمدة، ساحرةُ الجمال، تشبهه بالأفكار وبعشقها للمنارة. هينموذجٌ للمرأة المثقّفةِ الجريئة القادرة على الفعل وصنع القرار. فلا يقدّم هيبيصورةً نمطيّة للمرأة المقموعة، بل يقدّمها شخصيّة أملت مكانتها واحترامها على الرّجل، فلا تقلّ عنه صبرًا وتضحية ووعيًا وإبداعًا، مؤكّدًا أنّعدم نسيان المنارة لا يقتصر على النّضال الذّكوريّ، بل إنّ للمرأة دورًا فيتثبيتها في الذّاكرة. وكأنّه يقول: ليستذاكرتي مثقلةً بثقافة قمعيّة ضدّ المرأة، فها هي في روايتي تتربّع على عرش الثّقافةوالجرأة، وفقط في حضنها يكون الخلاص، ومعها يتحقق الحلم. الأعفم بحاجة إلى جرأتها.وفي سبيل تحقيق حلم المنارة لا بدّ لنصف المجتمع، أي المرأة أن يكون حرًّا وقويًّاومشاركًا. كما أنّ امتلاك المرأة لمستوى ثقافيّ جامعيّ عالٍ يؤهّلها كي تنخرط في قضايا مجتمعها، ويمكّنها منالدّفاع عن طموحاتها ومشاعرها. إنّ شهرزاد هنا لاتخاف ولا تخشى السّيف، بل تنافس الرّجل وتقتحم مملكته في حقّ الكلمة والتّعبير،وهيبي لا يريدها في صراع مع شهريار أو أن تسرق قلمه، بل هي كالأعفم، مبدعة وكاتبةومعلمة للموضوع ذاته الذي يعلمه. هكذا يسعى ليؤكّد أنّ شهرزاد الفلسطينيّة تشاركشهريار في حمل السّيف في وجه الهزيمة والنسيان. هي نجمة النمر الأبيض. سحرها لايقاوم، والنمر لا يروّض كما يقول البروفيسور طه نقلًا عن الكاتب زكريّا تامر، ولذاهي لا تروّض ولا تقمع ولا تنسى.يكثر الأعفم منتساؤلاته حول سلوى وعلاقتها بالمنارة، كتساؤله عن دور المرأة في وطن مفقود:”هل يستطيع الحبّ أن يجعل الوطن امرأة؟”، “هل يصبح الوطنامرأة؟”، و”هل يكون الحبّ مشروعًا بعيدًا عن هذا الوطن/ المنارة؟.لكنّها أسئلة تؤكّد أكثر ممّا تسأل، تعلن لا تصرّح، ولا تمنح القارئَ فرصةَالمشاركةِ في عمليّة التواصل الأدبيّ، بل سرعان ما يقدّم الكاتب الإجابات جاهزة،مؤكّدًا أنّ سلوى هي الملاذ، وأنّ حبّ المنارة وحبّ المرأة شيء واحد. ألم تعلّموالدة الأعفم ابنها، أنّ “المرأة تكون كلّ شيء حين يفقد الانسان كلّ شيء”(ص 187-188). الأعفم الذي تجاوزالسّتين يعتبر نفسه مشروع عجز وضعف، لكنّه في لقاء سلوى لم يفقد الأمل الذي لايضيع ولا يروّض. السّتون هنا هي إشارة إلى عمر نكبة المنارة. إذن المنارة، وإن طالانتظارُها، لم تفقد الأمل. وسلوى الّتي تجاوزت الثلاثين هي مشروع حماس وقوّة شباب،معها سيكفّ عن الصّمت ويخطو خطوته الأولى في الطريق. هناك سيُختصر الزمن في عمرواحد، ويقترب الحلم من الحقيقة. “فماجدوى المرأة إن لم تكن حلما أو مشعلا ينير طريق الرجل إلى فردوسهالمشتهى؟”(ص74). هكذا يؤكّد الأعفم.سلوى هي المرأة التيستلهيه وتنسيه وجع المنارة وتحييه من جديد. إذن؛ سلوى المرأة تعادل الحياةوالمنارة. لذا يختار الكاتب لقاءهما في آذار، “لأنّه شهر المرأة والأمّوالأرض” (ص33). كما يقول الراوي. من هنا، المرأة رمز الوطن والخصوبة والحياة.وسلوى كانت بحاجة كالأعفم إلى من ينير طريقها، “أنا بحاجة إلى رجليحبّني” (ص120) تقول له. سلوى ما زالت تنتظر حبيبًا وتتوق إلى الأمان علىصدره. هي كالمنارة تنتظر فارسًا يجعلها حقيقة، الوطن الّذي ينتظر من يحييه. هكذايمسي المكان امرأة، وتغدو المرأة مكانًا.ويتحقّق الحلم فيالفصل الأخير، لقد رأيا الحلم ذاته في اللحظة ذاتها في غفوة واحدة (ص360-364). وفيالحلم يكون الاتّحاد، يحملها إلى المنارة ويتعانق الجسدان إلى أن يزهر الربيع فيالمنارة”(ص364). ولا تنتهي الرواية قبل أن يطلب الأعفم من سلوى أن تتزوّجه. وفي هذا إشارة إلى أنّهإذا تحقّق الاتّحاد مع سلوى فلا بدّ أن تتحقّق عودة المنارة. هكذا تنتهي الروايةمن الاقتراب من حدود الفعل والأمل. وليس عبثًا أن يجعل الكاتب ترتيب الفصول علىهذا النّحو. فإذا كان الأعفم قد عانى بصمت طوال الفصول الأولى. فها هي اللحظة قدحانت ليتفجّر الكلام بعد دهر من الصّمت، ويصبح ما قبل الكلام كلامًا في فصل”فيض الكلام”، وهو الفصل قبل الأخير، منطلقًا نحو الفعل في الفصل الأخير “الحلم”. وهذا تأكيدعلى تمرّده على صمت بني الأعفم طوال الستين عامًا. فالطريق إلى الغاية تبدأبالحركة، والحركة هي فعل، والفعل مسبوق بالفكرة، والفكرة ما هي إلا كلمة صامتة يسمعها صاحبها، يحكيها لنفسه. وفي البدء كانتالكلمة. والفكرة من سلطة الوعي، وحلم هيبي عن وعي، والحلم بداية الفعل والأمل.هكذا زرع الكاتبالتفاؤل في روايته، فالأعفم عنده لا يموت، والمنارة هي الأمل الّذي لا يضيع. حتّىفي علاقة الأعفم مع المحاضرة اليهوديّة جعل الأعفم يحقّق هدفه بالحبّ، منتصرًاعليها. فهذه المرأة الّتي لا تنفصل عن رمزيّتها للمكان، تشتهي أن يأخذها الأعفمليعيد إليها إنسانيّتها الّتي سرقت منها، ويروي ظمأ روحها وجسدها. الحبّ حالةتتجاوز الحواجز المكانيّة، فهو القادر على رفع الإنسان إلى مرتبة تتحقّق فيها إنسانيّةالإنسان بغضّ النظر عن هويّته أو جنسه أو قوميّته. وعندما تعترف له المحاضرةأخيرًا بشرعيّة المنارة وحقيقة وجودها يتفاءل الأعفم شاعرًا أنّ دفء كلامها يدفعه بقوّة نحو المنارة (ص263-273).وفي ملاحظة أخيرة أقول: يستمرئ غروري وأناالأنثى، أن تكون المرأة هي المعادل هنا للغاية الأسمى، وأن تكون الخلاص للرجل،لكنّي أتساءل: هل يفكّر العاشق في لحظات عشقه للمرأة بالوطن؟! هل يفكّر العاشقلحظة يسكنه الشوق والحبّ بغير المحبوب؟! كنت أفضّل أن يكون الحبّ لسلوى غير مقرونبشرط المنارة إلى هذا الحدّ من التورّط. كنت أبحث عن علاقة حبّ مشحونة بالقولالعاطفيّ لا بالقول السياسيّ، أو إلى هذه الدّرجة الّتي تغيب فيها الأحاسيسالعاطفيّة والإنسانيّة تحت سلطة الالتزام المباشر. كنت أريده عشقًا لذاتها،لأنوثتها، وبطبيعيّة خالصة، دون أن تُمسّ فكرة الرواية، ودون أن تجرّد سلوى منرمزيّتها للوطن. وكان بإمكان زميلي د. هيبي أن يفعل، لو جعل الرواية أقلّ مباشرةوأكثر غموضًا وحداثة، لكنّه انشغل جدًّا في أدلجة الرواية، وفي تأكيد التزامه، وفيتثبيت حضور المنارة، حتى سخّر كلّ شيء لها، فطغت على النّصّ، وبتكرار إلى حدّالإفراط. ولعلّ البرفيسور طه قد أشار إلى هذه النقطة في مقالته، لذا لن أطيلالحديث فيها. أمّا زميلي د. هيبي فحين أخبرته بملاحظتي هذه برّر ذلك بأنّه يخشىعلى المنارة من الضياع، إن تغافل عنها قليلًا، واعدًا بأن تكون روايته التّاليةحداثيّة رمزيّة، تعتمد التلميح لا التصريح، وبعيدًا عن الالتزام السّياسيّ المباشرالقاتل للإبداع والخيال الأدبيّ. في النهاية، مبارك كتابك أيّها الصديق العزيز،فقدمًا وإلى الأمام.مداخلة د. محمد علي هيبي: هذه ليلتي وحلم حياتي، ولكنّ ليلتي بدونكم، لا ماضٍ لها ولا آتٍ، فماأسعدني بكم هذه الليلة. طاب مساؤكم فردا فردا، وأسعد الله كل أوقاتكم بكل المحبةوالخير. شرّفتموني بحضوركم في هذا المساء المزيّن بزهرة الخرفيش، بنفسجة المنارة،بنفسجها يرقى بكم، وشوكها يَخِزُكم لتشرئبّ أعناقكم نحو المنارة. شرّفتمونيبحضوركم، في هذا المساء المضمّخ بعبق الزعتر، ونكهة المناقيش الخارجة لتوّها منطابون ستي “لبيبة”، طيّب الله ثراها. جئتم لتحتفوا بي وبـ”نجمةالنمر الأبيض”، وهذا والله يكفينا. فكّلي شكر وامتنان وعرفان بجميلكم وفضلكمعليّ وعليها. أودّ من على هذه المنصّة، أن أشكر كل منقرأ الرواية أو سيقرأها، وأن أقول لمن استمتع أو سيستمتع بقراءتها، أرجوك لاتشكرني، بل اشكر محمد الأعفم. هذا الإنسان العربي الفلسطيني المشرّد، هو الذيكتبني ولم أكتبه أنا، فهو صاحب الفضل. ولمن قرأها ولم يستمتع أقول: أرجوك أيضا، العنّيأنا محمد هيبي، ولا تلعن محمد الأعفم ولا المنارة، فهما لا ذنب لهما في إساءتيإليك. واسمحوا لي أن أشكر باسمكم، كل من ألهمني حرفا من حروف روايتي، أو تحمّلنيأثناء كتابتها، بدءا بزوجتي العزيزة التي اعطتني وتحمّلتني أكثر مما أستحقّ،وانتهاء بمن ألهمني ولو حرفا واحدا، أو مرّ مرورا ولو طفيفا. واسمحوا لي أنّ أخصّبالشكر، نادي حيفا الثقافي والمجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني في حيفا والقائمينعليهما، الذين شيّدوا هذا الصرح الثقافي الوطني الشامخ الذي يستحقّ أن نفخر ونفاخربه. وأشكر على وجه الخصوص، صديقيّ العزيزين،المحاميين، فؤاد نقارة وحسن عبّادي، اللذين كانا خير سند، بما بذلاه من جهد قبلوبعد صدور الرواية، وقد توّجت هذه الأمسية الرائعة جهدهما المبارك. فألف تحيّةلكما صديقيّ العزيزين. ولا يسعني أن أنسى الأخ منصور منصور، صاحب مطبعة الطيرة،الذي ساندني في طباعة كل كتبي، ولولا كرمه وصبره عليّ لما رأت هذه الرواية النور.فتحيّة شكر وعرفان بالجميل للأخ منصور ولمطبعة الطيرة وكل العاملين فيها. وأنت يا صديقتي العزيزة عريفة الأمسيةالشاعرة المتألّقة أميمة محاميد، بأسلوبك الرائع جعلتِ من هذه الأمسية قصيدة غزلناعم تنبض بالحياة، جبلتِ حروفها برحيق زهرة الخرفيش وعطر بنفسجة المنارة، ونسجتِخيوطها من حرير إبداعِك، فألبستِ “نجمة النمر الأبيض” ثوبا أنيقا أبرزمفاتنها وزادها جمالا. فألف تحية مشرقة لك. وكيف أنسى أخي الحبيب، د. بسام فرنجية، الذي تمنيت أن يكون الليلةمعنا. أخي بسام يعمل رئيسا لقسم اللغة العربية في كلية في كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة. التقيه عام 2013، في جامعة النجاح في نابلس، في “المؤتمر الأولللأكاديميين الفلسطينيين في الشتات”، حيث شاركنا في أعمال المؤتمر لثلاثةأيام سهرنا لياليها معا، ومن يومها دبّ الحبّ والاحترام، فبقينا على تواصل. يافا التي شُرّد أهله منها لم يزرها حتىالآن. رجوته مرارا أن يعود لنزورها معا. وقد أسعدني قبل شهر تقريبا، برسالةأسعدتني، وكم أتمنّي أن أكون جديرا بها! قال لي: أخي الحبيب محمد، إن لم أزر الوطنوأنت فيه، فلن أزوره أبدا. أفلا يستحقّ منّا كل التحيّة والتكريم؟ كنت قد أرهقته بقراءة الرواية قبل إصدارها،وقد كتب حولها مقالا نُشر مؤخّرا. لقد وعدني بزيارة قريبة، وأنا أعدكم إذا فعلها،أن نأتي معا لحضور أمسية من أماسي هذا الصرح الثقافي الشامخ.وذات يوم، وأنا أتهيّأ لكتابة رسالةالدكتوراه، أخي أبو إياس، بروفيسور إبراهيم طه، قالي لي: عندي طالبة، موضوعرسالتها قريب من موضوع رسالتك، وأعطاني رقم هاتفها لأتشاور معها حول الموضوع،لعلّها تساعدني في تلمّس طريقي. شو إسمها يا أستاذ؟ قال: إسمها لينا الشيخ حشمة. ورُحت أقلّب اسمهاوخاصة اسم عائلتها، الشيخ حشمة”، أقلّبه في رأسي وأتساءل: ما لي ولها؟ لعلهاشيخة من شيوخ قبيلتها؟! وعندما التقينا فيما بعد، لم أُخفِ عنها أنّ اسم عائلتها،أوحى لي بأنّها آنسة أو سيدة متعصّبة للدين وليست من النمط الذي أستطيع التحدّثإليه. ولذلك صرفت النظر عن موضوع الاتصال بها.بعد عام تقريبا كنا في مؤتمر حول اللغةالعربية في الناصرة. بعد خروجنا من القاعة قال لي أبو أياس: تعال أعرفك على ليناالشيخ حشمة. وكانت مفاجأتي عظيمة. ليس لأنّ شكلها قمر، ولا لأنّ بسمتها تشرحالصدر، ولكن لأنّها جمعت إلى ذلك كله، خفّة الروح ودماثة الأخلاق ورجاحة ا

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...