يوميات رمضان - 5
تركت خمسة أطفال على رصيف الانتظار ، ارتدت آخر ما تبقى في خزانتها الهرمة ، ثوب مهشم الأطراف ، أنهكه الزمن ، لاتزال رغدة تحتفظ بجمالها الريفي ، رغم العقود الأربعة التي دهست جسدها الجميل ، سمرة تعانق ضفاف الغسق ، كم شربت من تلك الساقية الوردية ، ضفائرها السوداء تترنح على جانبي خديها ، قبل أن تغادر تفحصت مطبخها الفاقد الأبواب والنوافذ ، كان خاويا كما معدة لم تتجرع الطعام منذ زمن ( سأعود إليكم ببعض الطعام يا أبنائي ... ) قالت جملتها الأخيرة ثم اختفت بين ظلال المارة ، كانت الحشود تنتظر هناك ، الضوضاء لا تكاد تتلاشى من المكان ، الجميع يستعجل الوصول إلى نافذة الاستلام ، ساعات مرت ورغدة ماتزال تقاوم وجع السنين ، دردشة خفيفة مع امرأة أخرى كانت تسبقها ، انتهى كل شيء ، بقيت رغدة شبه وحيدة تنتظر دورها ، يطل من النافذة شاب أشقر الشعر ، ربط خصلة منه إلى الخلف ، لم تكن ملامحه توحي بالطمأنينة ، ابتسم بوجهها قبل أن يطلب منها ملاقاته في الطرف الآخر ، انفرجت أسارير الأنثى فجأة ( إنك جميلة جدا سيدتي ... هل تعطيني رقم هاتفك ... ) قال الشاب ، ضحكت هذه المرة ، ربما من زمن لم تعرف الضحك ( وهل تظن من هي مثلي تحمل هاتفا ... ) ، صمت يخيم على الاثنين ... ( إذن أدعوك لسهرة الليلة ... ) ، تحولت الضحكة فجأة إلى تجهم أضفى عليها جمالا أكثر ، لم تدري كيف تجيب ، سكتت لحظات قبل أن تتخذ قرارها الحاسم ( نعم سوف نسهر الليلة ، سهرة مختلفة ... ) ... في تلك الأثناء كانت تنحني باتجاه الأرض الصلبة ، وجه الشاب الأشقر أمسى أحمرا ، أدارت ظهرها وهي تنتعل فردة حذاء يتيمة ...
--------------
وليد.ع.العايش
5/رمضان/2017م
تركت خمسة أطفال على رصيف الانتظار ، ارتدت آخر ما تبقى في خزانتها الهرمة ، ثوب مهشم الأطراف ، أنهكه الزمن ، لاتزال رغدة تحتفظ بجمالها الريفي ، رغم العقود الأربعة التي دهست جسدها الجميل ، سمرة تعانق ضفاف الغسق ، كم شربت من تلك الساقية الوردية ، ضفائرها السوداء تترنح على جانبي خديها ، قبل أن تغادر تفحصت مطبخها الفاقد الأبواب والنوافذ ، كان خاويا كما معدة لم تتجرع الطعام منذ زمن ( سأعود إليكم ببعض الطعام يا أبنائي ... ) قالت جملتها الأخيرة ثم اختفت بين ظلال المارة ، كانت الحشود تنتظر هناك ، الضوضاء لا تكاد تتلاشى من المكان ، الجميع يستعجل الوصول إلى نافذة الاستلام ، ساعات مرت ورغدة ماتزال تقاوم وجع السنين ، دردشة خفيفة مع امرأة أخرى كانت تسبقها ، انتهى كل شيء ، بقيت رغدة شبه وحيدة تنتظر دورها ، يطل من النافذة شاب أشقر الشعر ، ربط خصلة منه إلى الخلف ، لم تكن ملامحه توحي بالطمأنينة ، ابتسم بوجهها قبل أن يطلب منها ملاقاته في الطرف الآخر ، انفرجت أسارير الأنثى فجأة ( إنك جميلة جدا سيدتي ... هل تعطيني رقم هاتفك ... ) قال الشاب ، ضحكت هذه المرة ، ربما من زمن لم تعرف الضحك ( وهل تظن من هي مثلي تحمل هاتفا ... ) ، صمت يخيم على الاثنين ... ( إذن أدعوك لسهرة الليلة ... ) ، تحولت الضحكة فجأة إلى تجهم أضفى عليها جمالا أكثر ، لم تدري كيف تجيب ، سكتت لحظات قبل أن تتخذ قرارها الحاسم ( نعم سوف نسهر الليلة ، سهرة مختلفة ... ) ... في تلك الأثناء كانت تنحني باتجاه الأرض الصلبة ، وجه الشاب الأشقر أمسى أحمرا ، أدارت ظهرها وهي تنتعل فردة حذاء يتيمة ...
--------------
وليد.ع.العايش
5/رمضان/2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق