اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

إقلاق راحة | قصة : مصطفى الحاج حسين


استطعت أن أنجو ، انطلقت راكضا ، بعد أن تسللت على أطراف أصابعي ، ركضت بسرعة جنونية ، يسبقني لهاثي ، يربكني قلبي بخفقانه ، يعيق الظلام من سرعتي ، خاصة وأن أزقتنا مليئة بالحفر وأكوام القمامة .

أخيرا وصلت ، على الفور أيقظت الشرطة ، تثاءبوا ، تمطوا ، رمقوني بغضب ، وحين شرحت لهم ما أنا فيه ، أخذوا يتضاحكون ، سألني الرقيب :
ـ هل أنت تهذي ؟!..

أقسمت لهم بأني لاأهذي ، ولست في حلم ، بل ما أقوله حقيقة ، وإن كانوا لا يصدقون فعليهم أن يذهبوا معي ، ليشاهدوا بأعينهم ، وليشنقوني في حال كان كلامي كاذبا .
لكن المساعد المناوب ، أخبرني ، بعد أن تظاهر بالاقتناع :
ـ نحن لا نستطيع تشكيل دورية للذهاب معك ، إلاً بعد أن يأتي سيادة النقيب .
وحين سألته ، عن موعد مجيء سيادة رئيس المخفر ، أجاب :
ـ صباحا .. بعد التاسعة .
ولولا خوفي الشديد من رجال الشرطة ، لكنت صرخت بوجهه :
ـ لكني لا أستطيع الإنتظار ، إن الأمر غاية في الخطورة .
كبحت انفعالي ، وسألته برقة واحترام :
ـ ألا يوجد هاتف في منزل سيادته ؟ ..
صاح المساعد ذو الكرش المنتفخة :
ـ أتريد أن نزعج سيادته ، من أجلك أيها الصعلوك ؟.!.
وتمنيت أن أرد :
ـ أنا لست صعلوكا ، بل مواطنا ، أتمتع بالجنسية ، والحقوق كافة ، ولكني همست :
ـ حسنا يا سيدي ، هل لك أن تدلني على منزل سيادته ، وأنا أتعهد لك بالذهاب إليه ، والحصول على موافقته بتشكيل الدورية .
وما كدت أنهي كلامي ، وأنا في غاية التهذيب والاحترام ، حتى قذفني المساعد بفردة حذائه المركون قرب سريره ، وبصراخه المخيف ، قائلا :
ـ أنت لا تفهم ؟!.. وحق الله إنك [ جحِش ] .. أتريد أن تذهب إلى بيته ؟!!.. يالشجاعتك !!!.. انقلع .. وانتظر ، وإياك أن تعاود ازعاجنا .. قسما [ لأحشرنك ] بالمنفردة .

جلست أنتظر ، لم أستطع الثبات ، أخذت أتمشى بهدوء شديد ، عبر الممر الضيق ، وأنا أراقب عقارب الساعة .. الدقيقة كانت أطول من يوم كامل .. وعناصر الشرطة عادوا يغطون في نوم عميق ، اكتشفت أن جميعهم مصابون بداء الشخير ، صوت شخير المساعد أعلى الأصوات ، رحت أتخيل مقدار قوة الشخير عند سيادة النقيب .
تململت ، ضجرت ، يئست ، فقدت قدرتي على الصبر ، فصرخت :
ـ يا ناس أنا في عرضكم ....
رفع الشرطي رأسه ، حدجني بعينين ناعستين ، وزعق :
ـ اخرس يا عديم الذوق .
خرست ، وانتظرت ، عاودت المشي في الممر ، ومراقبة الثواني ، دخنت مالا يحصى من السجائر ، أحصيت عدد بلاط الممر عشرات المرات ، طال انتظاري ، تجدد وتمدد ، ضقت ذرعا ، نفذ صبري ، وطلعت روحي ، اكتويت بنار الوقت ، قلقي يتضاعف ، فمرور الوقت ليس من صالحي ، عليّ أن أفعل شيئاَ .. هل أعود بمفردي ؟.. لكن ، يجب أن يكون أحد معي ، شخص له صفة رسمية ، لكن ما باليد حيلة .. فخطر لي أن ألجأ إلى أخي ، فهو أقرب الناس إليّ .

خرجت من المخفر خلسة ، هرولت ، ركضت ، وكنت أضاعف من سرعتي ، حتى أخذت الهث ، العرق يتصبب مني غزيرا .
قالت زوجة أخي [ عائشة ] ، بعد أن رويت حكايتي لأخي :
ـ نحن لا علاقة لنا بالمشاكل .. عد إلى الشرطة .
خرجت من بيت أخي [ عبدو ] ، والدموع تترقرق في عيني ، تذكرت كلام المرحوم أبي :
ـ الرجل الذي تسيطر عليه زوجته لا ترج منه خيرا .
توجهت إلى أبناء عمي ، طرقت عليهم الأبواب ، وتوالت الأكاذيب :
ـ [ محمود ] .. ذهب إلى عمله باكرا .
ـ [ حسن ] .. مريض ، لم يذق النوم .
وبخشونة .. قال [ ناجي ] :
ـ أنت لا تأتي إلينا ، إلاّ ووراءك المصائب .
[ يونس ] ابن عمتي ، أرغى وأزبد ، أقسم وتوعد ، لكنه في النهاية ، نصحني أن أعود للمخفر ، حتى لا نخرج على القانون .
قررت أن أعود إلى حارتي ، هناك سألجأ إلى الجيران ، قد تكون النخوة عندهم ، أشد حرارة من نخوة أخي ، وأبناء عمي ، والشرطة ، ولمّا بلغت الزقاق ، صرخت :
يا أهل النخوة الحقوني .. الله يستر على أعراضكم .
فتحت الأبواب بعجلة ، خرج الناس فزعين ، التفوا حولي ، يسألوني ، وأنا أشرح لهم من خلال دموعي ، لكن جاري [ فؤاد ] ، أخرسني :
ـ نحن لا علاقة لنا بك وبزوجتك ... اذهب إلى الشرطة .

عدت إلى المخفر ، وجدت المساعد ونفرا من العناصر مستيقظين ، واستبشرت خيرا ، حين ناداني :
ـ هل معك نقود أيها المواطن ؟.
ـ نعم سيدي .
ـ إذا اذهب وأحضر لنا فطورا على ذوقك ، حتى ننظر في أمرك .
دفعت معظم ما أحمل في جيبي ، تناولوا جميعهم فطورهم بشراهة ، تمنيت أن أشاركهم طعامي ، فكرت أن أقترب دون استئذان ، أليست نقودي ثمن طعامهم هذا ؟.!.. وحين دنوت خطوة ، لمحني المساعد واللقمة الهائلة في فمه ، فأشار إلي أن أقترب ، سعدت بإشارة يده ، واعتبرته طيب القلب ، نسيت أنه ضربني ليلة أمس ، بحذائه الضخم ، وحين دنوت منه ، أشار :
ـ خذ هذا الإبريق واملأه بالماء .
اشتعل حقدي من جديد ، اشتد نفوري منه ، ومن عناصره .

ها هي الساعة تتجاوز الحادية عشرة ، ورئيس المخفر لم يأت بعد ، ولما اقتربت من المساعد مستوضحا :
ـ يا سيدي .. لقد تأخر سيادة النقيب .!
رمقني بغضب ، وصاح :
ـ لا تؤاخذه ياحضرة ، فهو لا يعرف أنك بانتظاره .
في الثانية عشرة وسبع دقائق ، وصل النقيب ، هرعت نحو مكتبه ، لكن الحاجب أوقفني :
ـ سيادة النقيب لايسمح لأحد بالدخول ، قبل أن يشرب القهوة .
المدة التي وقفتها ، تكفي المرء أن يشرب عشرة فناجين من القهوة .. ولما هممت بالدخول مرة أخرى ، أوقفني الحاجب من جديد :
ـ سيادته لا يسمح لأحد بالدخول ، قبل أن يوقع البريد .
انتظرت ... دخنت لفافتين قبل أن أتقد م ، لكن الشرطي باغتني بصياحه :
ـ سيادته لا يقابل أحدا قبل أن يطلع على جرائد اليوم .

لاحت بالباب فتاة .. شقراء .. ممشوقة القوام ، لا تتجاوز العشرين ، عارية الفخذين ، والكتفين ، والصدر ، والظهر .. تضع نظارة ، وتحمل حقيبة ، تجر خلفها كلبا غزير الشعر ، مثل خاروف .. نبح عليّ بوحشية ، راحت تخاطبه بلغة لم أفهمها ، اتجهت نحو مكتب النقيب ، انحنى الشرطي ، فتح لها الباب ، دلف الكلب للداخل ، ثم تبعته ، دوت في أذنيّ عبارة حفظتها :
ـ سيادته لا يسمح لأحد بالدخول ...
لكنني مددت رأسي ، وحاولت الدخول خلفها ، جذبني الحاجب من ياقة قميصي ، وثب الكلب نحوي ، نابحا بعصبية واحتقار :
ـ سيادته لا يسمح لأحد بالدخول ، قبل أن ينصرف ضيوفه .
أدخل الشرطي إليهم ثلاثة فناجين من القهوة ، سألت نفسي :
ـ هل يشرب كلبها القهوة أيضاَ ؟؟؟!!!...
طال انتظاري ، الضحكات الشبقة تتسرب من خلف الباب ، والشرطي في كل رنة جرس ، يدخل حاملا كؤوس الشراب ، الشاي ، الزهورات ، المتة ، الكازوز ، الميلو ، الكاكاو ، وإبريق ماء مثلج ، وأخيرا .. دخل حاملا محارم [ هاي تكس ] ، الضحكات تتعالى ، ونباح الكلب يزداد ، كلما نظرت نحو الباب .
تمنيت أن يفتح الباب ، ويطل عليّ كلبها ، حينها سأرتمي على قوائمه ، وأتوسل إليه ، ليكون وسيطاّ لي ، عند سيادة رئيس المخفر ، لكنني تذكرت ، فكلبها للأسف لا أفهم لغته .

وبدون وعي مني ، وجدتني أهجم نحو الباب الموصد ، أدقه بعنف .. وأصرخ :
ـ أرجوك يا جناب الكلب ... أريد مقابلة النقيب .

وما هي إلاّ لحظات ، حتى غامت الدنيا ، توالت اللكمات ، الرفسات ، اللعنات .................
والنباح يتعالى ... ويتعالى .. ويتعالى .

وحين بدأ العالم يتراءى لي ، وجدت نفسي .. ملقى في زاوية الزنزانة ، غارقا في دمي .

مصطفى الحاج حسين
حلبة

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...