اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

هذا الأبخر | صفيّة قم بن عبد الجليل

من نصّ: هذا الأبخر...! من مجموعتي : أزهار الخشخاش التي في طريقها إلى النشر.

... اشتقتُ البحرَ، بعد طول هجر، فنزلتُ. وقفتُ على شاطئه الصخريّ البِكر خجلةً معاتبةً معتذرةً... استقبلني ضحوك الثّغر والعينين، طلْقَ المحيّا مُداعبا متودّدا مغريا بأحضان دفءٍ لا تبيد... اقتربتُ، وبأجاج مائه تطهّرتُ، وناتئَ طهره لثمتُ. ضمّني إليه، قصيدةً صموتا أرهقها الحمل وطال بها المخاض. به تماهيت، وعلى إيقاع هدهدة أمواجه غنّيتُ وطربتُ.
لا أحد يزعج صفونا البهيَّ، هذا الصّباحَ الرّبيعيَّ الباكر! ما أروع أن تختليَ بمنْ تحبّ بعد جفاء! ما أروع أن تكون ساجدة بين يديه في نقاء سرمديّ، تحدّثه في انسياب عجيب وبيان غريب بما لا تجرؤ على البوح به لغيره، وكلّكِ طمأنينة بأنّه كاتم أسرارك وبمائه
الدّافق مطفئ لهيب بركانك. يصغي إليكِ مهتمّا باسما، وقد شاقه غيابك وأعوزه السّؤال عن حالك! يستدرجك إلى البوح كمن يحمل عنك أوزارك، فتهطل صمتا موجعا بليغا ويمتزج ماء عينك بمائه بعد قحط ومسغبة. ترقص أوتار نبضك على أنغام موجه. يزحف إليك في دعة المتوسّل البتول ويدغدغ آثار خطواتك، ثمّ يباغتك وبلهفة الوله يقبّل قدميكِ ويُراقصكِ في حبور مجنون حييّ! تنتابك حمّى العاشق الخجل، فتهفو إليه متمنّعة وأنتِ الطّافحة رغبة في العوذ بأهدابه والتبتّل بمحرابه. يتلو عليكِ ما تيسّر من سِحر قوافيه فيسكرك الصّدرُ ولمّا تبلغ العجزَ؛ ومن طربك تشهقين وتشهقين... حتّى تلتحم أصداؤك بمائه، فتتلوّى أمواجه وتلفّكما غيبوبة كأنّها سِنَةٌ من شهد الدّهر ورضابه! تهبُّ عليكما صَبَا الوجد وقد أضحيتِ بَحرا يسبَح في بحر من نقاء الوجود! يهمس إليكِ، مُعاتبا وقد أنس منكِ دَعَةً وأنستِ منه أمنا: " أنا البحرُ في أحشائه الحبّ ساكن، فاسألي الغوّاص الماهر عن صداقاتي وهِباتي!" قلتُ، في استحياء: " ولِمَ السّؤال وقد علمتُ من أمركَ عجبا؟! بل لمَ السّؤال وقد جئتكَ، هذا الصّباح بنفسي أسعى؟! "
ردّ كمن أدرك منّي أربا ومقتلا: " أنتِ وكلّ البشر يقتلكم الحذر! تحذرون الماء، مائي وهو الحياة والطّهارة والبهاء... وترتمون بين أحضان الطّين ولا تخشون الحمأ المسنون! يا للغباء! "
همهمتُ خجلةً من قبحنا وعهرنا: نعم، صدقتَ! نحنُ نخشى غدركَ والغدر شيمتنا! نحن نخاف خيانة مياهك طينَنَا ونرهب نهشَ حيتانِك أجسادَنا، ونحن الحوت نبتلع صغارَنا والخيانةُ ديدننا ولا يهدأ لنا بال إلّا باغتيال أحلام بعضنا وسفك دمائنا هدرا...! "
قاطعني مزمجرا: " لِمَ كلّ هذا الفُجر، يا بني آدم وحوّاء؟! ألستم خَيْرَ المخلوقات جميعها أو هكذا تدّعون، في كِبْر وخُيَلاء؟! "
هممتُ بالدّفاع عن بني جنسي باستماتة ومكابرة، فأخرستني قهقهاته المدوّية حتّى لكأنّ كياني قد ارتجّ! رماني برذاذه، مُمازحةً وزمزم كما الرّعدُ في يوم عاصف مَطير: " ألا تستحون؟! تبّا لكم، أيّ صفاقة! لا تغرسي هامتك بين ساقيك، التفتي وراءك تُبْصِري ما يُخجلُ الصّخر والشّجر... اُنظُري، انظري...! ذاك الكهلُ الوسيمُ الأنيقُ يدنّس طهارة رمالي ويفتضّ بكارة نقائي بما يؤتيه من فاحش الفعل والقول مع خليلات في عمر بناته أو أصغر! ثمّ ينتفض ويسوّي رابطة عنقه ويركب باذخ سيّارته الفارهة، ليعود إلى زوجته متذمّرا من أعباء العمل الّذي استأثر بكلّ وقته وأعصابه! "
يصمت قليلا ويعود إلى القهقهة بأعلى صوته، في ازدراء مشين: " وتلك الغبيّة تظلّ تنتظر عودته ممنّية النّفس ببعض دفء يقيها عوز المسغبة! يملأ بطنه وينصرف إلى مكتبه. يوهمها بحذلقته بأنّ له ملفّات عاجلة عليه معالجتها. يُغلق الباب وراءه ويسبح في بحار عشيقاته، دون أن يخشى الغرق! تغالب تلك الغبيّة النّعاس ثمّ تنام حتّى تصحو باكرا لتعتني به وبأبنائها والبيت...! هل هناك غباء أفظع؟! هل هناك عهر أبشع؟! وتلعنون البحر ومراكب الموت وغدر اليمّ؟! يا لكم من أبالسة ملاعين! "
يصمتُ البحرُ مستمتعا بشعاع الشّمس الّذي اخترق الظلمة وانعكس على أديمه دفقا من لُجين وضفائر من استبرق ومرجان... تنظر حواليها فلا تُبصر غير شابّ مفتول العضلات يلقي بصنّارته عرض البحر، يبغي رزقا طيّبا. ترتاب في الأمر، أين اختفى ذاك الهاتف الوقح؟! هل رفعته السّماء أم ابتلعه اليمّ؟! تفتّش ببصرها الجهات الستّ. لا أحد على الشّاطئ الصخريّ غير ذاك الشّاب المنتظر رزقه وغير بعيد عنه رجل مديد القامة رثّ الهندام يدخّن في شرود سيجارته ويحدّق في عرض البحر كمن ينتظر أحدا... تفرش حصيرها الصّغير وتجلس على الرّمل، تقرأ ديوان " أشرعة في وجه الرّيح " 1 حينا وتشخص ببصرها إلى الأفق الرّحب، تتلمّظ جمال الحرف وتسافر بخيالها مع صور تناسلت في الدّيوان وتوهّجت بألق الحلم والغربة والعشق. تسأل البحر عن مراكبه وأشرعته ونوارسه، عساها تقف مع الشّاعر في وجه الرّيح! تباغتها خطوات مترهّلة بائسة. تجده منتصبا غير بعيد عنها بقامته المديدة كأبي الهول! تزعجها ابتسامته المفاجئة وقد انفرجت شفتاه الغليظتان عن فم أدرد أبخر عتّمه دخان السّجائر. تسمّرت في مكانها لا تحير له أمرا. ظلّ يطوف بها وقد ماتت الصّرخة بأعماقها رعبا. تكلّفت الهدوء واللّامبالاة وتظاهرت بالقراءة وهي تدسّ رأسها في الكتاب. أشعل سيجارته من أعقاب سيجارة كانت بيده وبدأ يحثّ الخطى نحوها. استرقت النّظر إليه وهي ترتجف. رأته قادما نحوها مترنّحا.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...