وحين أوغلنا توزعتنا الدروب بين رياح الصنوبر وغابات السنديان.!
آخذةً بالانحناء حتى اكتمال دورة الطرف المحيط، مشدوداً إلى مركزه بخيوط الوقت، التي تشرنقت، وهي تلتف حول مجسات الخوف من المجهول. عابرة حدود الزمن المتوجس من فتيةٍ تبعوا اليرقات قبل انثقاب الشرنقة، في محاولة العبور إلى فضاء
الفراشات، يُخرجون معها أحلامهم عبر العيون الممتدة من الذاكرة إلى توجهات المسارات المتكدسة في ظلال المستقبل، يسحبون العشب من تحت أقدامهم، وينشرونه فوق أغصان الشجر المتيبس، ينفخون عليه الندى، ليثمرَ نضوجاً من رعشة الكلمات إلى اكتمال استدارة القمر. يعلقون حبالهم بذلك القرص الذهبي الدوار، يتبعونه في دورة الضوء والظل.
اتبع طريقك يا ابن الشجر. إلى الغابات والحقول، تمسك بقرن الوعل، وترقب علامة الضوء في طرف الطريق.! ، وإذا صادفت غزالة منفردة تبتعد عن القطيع، ولم تنفر منك، أرسل نظرك في عينيها، وبحبٍ غنِّ لها أغنية من مكنون قلبك، وتحسس وراء أذنيها تجد حلمات ناعمة لطيفة مليئة بالمسك، فإن فاح منها ريحه الطيب، ولامس مكمن الجمال فيك، تكون قد مالت إليك وأعجبها غناؤك، واطمأنت لك، عندها أَحِطْ رقبتها بذراعك، واهمس لها كلمات جميلة، وأكمل وإياها رحلتك؛ فهي ترشدك في المسالك الوعرة، وتأخذك إلى انبساط السهول، فقد تكون هي أميرة الحكاية التي فقدت حبيبها، وانطلقت في عمرِ البحث عنه، آملة أن تلتقيه.!
رحلة القمر ثمانٍ وعشرين ضوءاً ومثلها من الظل في سماء واحدة، تتكرر تعداد السماوات التي ترافقك، فلكل سماءٍ قمرها . ويوم تتلاقى السماوات كلها وتندغم في رؤية واحدة؛ عندها يكبر القمر وينحسر الظل ويتقدم الضوء ليعم المحيط؛ وتلتف المسارات حول الدائرة، لتعود وتلتقي عند قارعة أخرى، وسويةً نبسط من محيطها بدايات جديدة لدروب أوسع، ودوائر أكبر.!
حسين عبد اللطيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق