⏪⏬ 1
سعادتي كبيرة .. كبيرة جداً في عودة تواصلي معه اليوم .. وسعادتي الأكبر أنني رجعت كما في كل مرة لذات الشعور الاحتفالي الذي جمعني معه في مطلع ثمانينيات القرن الماضي .. يوم كنا نلتقي يومياً في الإذاعة لتسجيل أعمال من تأليفي أو في تسجيل حلقات حكم
العدالة وغيرها .. وكان كعادته القدوة في قاعة البروفات .. المبدع في الأداء في استوديو الدراما .. المدرسة في الأخلاق .. الإلتزام .. اللباقة .. الاحترم .. التواضع .. الكبير في اعترافه بقدرات الآخرين .. المحب المحفز للشباب الموهبين .. والأقرب إلى القلب في جلساتنا الدائمة بمكتب دائرة المنوعات ، التي كان يترأسها أنذاك المخرج الكبير الحبيب هشام شربتجي ، والذي أعتبره المخبر الدرامي لولادة الكثير من المشاريع ، ومنها سلسلة ( مرايا ) .
وللأمانة .. فإن سبب تواصلي اليوم مع الكبير ياسر ( أبو أنور الحبيب ) أنه وصلني رسالة من التشكيلي المبدع الدكتور سمير ظاظا ، تقول :
- د . سمير : صباح الخير فناننا الحبيب .. عندي لوحة للفنان ياسر العظمة .. في معرفة معه ابعتلك ياها ؟.
وعلى الفور أرسلت له الرد .
- أنا : صباحك فل .. أكيد .. أكتر من أربعين سنة .
وما أن أرسلت اللوحة المرافقة لهذا النص للأستاذ ياسر عبر الواتس آب مع رسالة صوتية .. جائني الرد .
- ياسر : أنته غالي وعزيز أخي الياس .. وفي بيناتنا ذكريات جميلة بالإذاعة يللي كنا نلتقي فيها كل يوم .. وعاصرنا ناس كتير ، تسل وتدوم محبتك ياغالي ، أنا بمصر.. وشكرا عالصورة وليللي رسمها لأنو فنان حقيقي .. وجايب الشبه كامل بالطريقة الصعبة المبتكرة.
وبعد أن تحدثت إليه في ذكريات وأعمال جمعتنا جعلت منه القدوة لي وللكثيرين ..
- ياسر : شكرا اخي اليأس على كلامك الجميل .. و بيسعدني أتعرف ع الرسام الفنان.
هكذا هو دائماً .. تقرأ في تعابيره محبته للناس .. رغبته بالتواصل معهم وخاصة المبدعين منهم .. وأكثر ما كان يثير انتياهي في أحاديثه الحكايا والعبر .. ومنها حكاية رواها أكثر من مرة عن القصاص الشعبي حكمت محسن :
ذات مرة ، سأله أحد معارفه : يا أستاذ حكمت، أنت شلون بتقدر تكتب كل يوم تمثيلية .. يا أخي من وين بتجيب كل هالحكي والقصص ؟! ..
التفت الأستاذ حكمت إلى سيل البشر العابرين أمام دكانه .. وأشار بأصبعه ، وقال : شوف هدول الناس شلون ماشيين .. هدول، بأه سيدي، كل واحد منهم قصة وعبرة ، وكل واحد منهم فصل حكاية ، وطالما أنهن عم يمشوا بالشوارع ، ما بتخلص حكاياتي .. غير بأه أنو في خلف كل باب قصة.
ومع الأيام أدركت تماماً أن الكبير ياسر العظمة هو الأقدر دائماً على استقطاب كل من يلتقيه عابر سبيل من جمهوره الواسع أو موهبة جديدة تحلم في المشاركة بأعماله الجماهيرية .. وأنه الرجل الجاد في تعامله مع محيطه الفن والاجتماع ، والكريم المعطاء مع كل فرصة تتيح له تأكيد ما يمتلك من مواهب أهلته لأن يكون الأقرب لقلوب كل من يتعرف عليه .. وهو الملتقط بذكاء نادر كل فكرة جديدة تعبر في مسامعه أو مشهد اجتماعي أو إنساني أو موقف مثير للجدل أمام مرآة عينيه ، والشديد الحيلة في إعادة صياغة كل ما يثير اهتمام قراءاته في معالجة درامية ساخرة تسلط الضوء على كل ما يهم الناس .. هوالجدير وبامتياز استحقاق لقب نجم مرايا الناس .
⏪⏬2
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 -البورتريه للمبدع الدكتور سمير ظاظا
2- البورتري للمبدع Issam Ismandar
سعادتي كبيرة .. كبيرة جداً في عودة تواصلي معه اليوم .. وسعادتي الأكبر أنني رجعت كما في كل مرة لذات الشعور الاحتفالي الذي جمعني معه في مطلع ثمانينيات القرن الماضي .. يوم كنا نلتقي يومياً في الإذاعة لتسجيل أعمال من تأليفي أو في تسجيل حلقات حكم
العدالة وغيرها .. وكان كعادته القدوة في قاعة البروفات .. المبدع في الأداء في استوديو الدراما .. المدرسة في الأخلاق .. الإلتزام .. اللباقة .. الاحترم .. التواضع .. الكبير في اعترافه بقدرات الآخرين .. المحب المحفز للشباب الموهبين .. والأقرب إلى القلب في جلساتنا الدائمة بمكتب دائرة المنوعات ، التي كان يترأسها أنذاك المخرج الكبير الحبيب هشام شربتجي ، والذي أعتبره المخبر الدرامي لولادة الكثير من المشاريع ، ومنها سلسلة ( مرايا ) .
وللأمانة .. فإن سبب تواصلي اليوم مع الكبير ياسر ( أبو أنور الحبيب ) أنه وصلني رسالة من التشكيلي المبدع الدكتور سمير ظاظا ، تقول :
- د . سمير : صباح الخير فناننا الحبيب .. عندي لوحة للفنان ياسر العظمة .. في معرفة معه ابعتلك ياها ؟.
وعلى الفور أرسلت له الرد .
- أنا : صباحك فل .. أكيد .. أكتر من أربعين سنة .
وما أن أرسلت اللوحة المرافقة لهذا النص للأستاذ ياسر عبر الواتس آب مع رسالة صوتية .. جائني الرد .
- ياسر : أنته غالي وعزيز أخي الياس .. وفي بيناتنا ذكريات جميلة بالإذاعة يللي كنا نلتقي فيها كل يوم .. وعاصرنا ناس كتير ، تسل وتدوم محبتك ياغالي ، أنا بمصر.. وشكرا عالصورة وليللي رسمها لأنو فنان حقيقي .. وجايب الشبه كامل بالطريقة الصعبة المبتكرة.
وبعد أن تحدثت إليه في ذكريات وأعمال جمعتنا جعلت منه القدوة لي وللكثيرين ..
- ياسر : شكرا اخي اليأس على كلامك الجميل .. و بيسعدني أتعرف ع الرسام الفنان.
هكذا هو دائماً .. تقرأ في تعابيره محبته للناس .. رغبته بالتواصل معهم وخاصة المبدعين منهم .. وأكثر ما كان يثير انتياهي في أحاديثه الحكايا والعبر .. ومنها حكاية رواها أكثر من مرة عن القصاص الشعبي حكمت محسن :
ذات مرة ، سأله أحد معارفه : يا أستاذ حكمت، أنت شلون بتقدر تكتب كل يوم تمثيلية .. يا أخي من وين بتجيب كل هالحكي والقصص ؟! ..
التفت الأستاذ حكمت إلى سيل البشر العابرين أمام دكانه .. وأشار بأصبعه ، وقال : شوف هدول الناس شلون ماشيين .. هدول، بأه سيدي، كل واحد منهم قصة وعبرة ، وكل واحد منهم فصل حكاية ، وطالما أنهن عم يمشوا بالشوارع ، ما بتخلص حكاياتي .. غير بأه أنو في خلف كل باب قصة.
ومع الأيام أدركت تماماً أن الكبير ياسر العظمة هو الأقدر دائماً على استقطاب كل من يلتقيه عابر سبيل من جمهوره الواسع أو موهبة جديدة تحلم في المشاركة بأعماله الجماهيرية .. وأنه الرجل الجاد في تعامله مع محيطه الفن والاجتماع ، والكريم المعطاء مع كل فرصة تتيح له تأكيد ما يمتلك من مواهب أهلته لأن يكون الأقرب لقلوب كل من يتعرف عليه .. وهو الملتقط بذكاء نادر كل فكرة جديدة تعبر في مسامعه أو مشهد اجتماعي أو إنساني أو موقف مثير للجدل أمام مرآة عينيه ، والشديد الحيلة في إعادة صياغة كل ما يثير اهتمام قراءاته في معالجة درامية ساخرة تسلط الضوء على كل ما يهم الناس .. هوالجدير وبامتياز استحقاق لقب نجم مرايا الناس .
⏪⏬2
أيام ..
الكبير ياسر العظمة ( نجم مرايا الناس )
قبل أن تولد فكرة مرايا ، كنت أراقب خفة ظله في تجسيد الشخصيات الدرامية التي تتطلب أفعالاً كوميدية أو حتى الجادة ، وبتنوع أدائه يستطيع أن يسرق العين والقلب فيجذب إليه الجمهور دون غيره ..
وأكثر ما كان يثير اهتمامي في شخصيته حديث أساتذتنا الكبار عنه أمثال الراحلون : عميد المسرح السوري الكبير عبد اللطيف فتحي ، الكاتب والنجم الكبير نهاد قلعي ، الكبيرة ساميا الجزائري ،الكبير رفيق سبيعي ... إلخ .. ممن جمعتني معهم أوائل الأعمال في إذاعة دمشق ، وخاصة في البرنامج الأسبوع الدرامي حكم العدالة ، ولا أنسى أبداً كم من مرة تحدث مخرجه الكبير هشام شربتجي عن موهبتي التي تتقاطع مع موهبة أستاذنا ياسر في أيام تسجيل مسلسل حكم القاضي من تأليفي وإخراج الكبير هشام ، وكم من مرة وجه لي المخرج الكبير مروان قنوع الذي أخرج عدداً من الأعمال التي كتيتها أن أبتعد عن تقليد ياسر العظمة وأنني مهما برعت في الكوميديا يجب أن يكون لي شخصيتي ، وكم من مرة منحني المخرج الكبير مصطفى فهمي البكار وساماً في تكرار عبارة خليفة العظمة خلال تسجيل حلقات مسلسلات كتبتها ومن إخراجه .. وأعتبر تشبيه الكبير نذير عقيل لي بسرعة بديهته من الشهادات التي أعتز بها .
كل ذلك لا يعادله سعادتي الأولى به ، في تجسيده شخصية رئيس المخفر ، إحدى أهم الشخصيات في مسلسل ( جنان ) الذي يعتبر برأي النقاد والنجوم الكبا ر من أوئل المسلسلات الهامة التي كتبتها ، من إخراج المصري الراحل محمد كمال الدين ، وبطولة الراحلين ( صلاح قصاص ، رفيق سبيعي ، مها الصالح ، توفيق العشا ، سليم كلاس ، نجاح حفيظ ، هالة شوكت ، ملك سكر ، أديب شحادة ، أحمد طرابيشي ، فتحي صبح ، مها ثروت ، أحمد مصطفى ... إلخ .. ) وأمد الله بعمر أستاذنا ياسر ( أبو أنور الحبيب ) إلى سنين عديدة ومديدة ، مع المذيع إبراهيم القاسم الذي شارك في التعليق إلى جانب المذيعة القديرة الراحلة فريال أحمد .
ولا أخفي أعجابي الشديد بلهفته ، كرمه الراقي ، تقديره لجهود كل من يشارك بأعماله ، وكم كان يكبر يوماً بعد يوم في قلبي في كل مرحلة أكون قريباً فيها منه .. في الإذاعة .. التلفزيون ، في تعاونه مع الكتاب الجدد .. في تشجيعه واهتمامه وإعجابه بحبينا أبن الزبداني الكاتب المبدع مازن طه ، وكم كان قريباً منا جميعاً في لقاءاتتنا ببيت حبيبنا المشترك عابد فهد ، وفي بيته الذي يعكيف فيه على الكتابة وتشرفت بزيارته في الزنداني .
2
-- ولد الكبير ياسر العظمة في دمشق عام 1942 ﻡ ، وعرف منذ بداياته مع المسرح بخفة الظل وسرعة البديهة إلى أن جاءت مشاركاته الأولى مع بدايات التلفزيون في مشاهد كوميدية تؤكد موهبته في هذا المجال ، غير أن الظروف لم تتح أمامه إبراز كامل طاقاته الفنية فشارك في مختلف أنواع الأعمال الدرامية التلفزيونية : منها بصمات على جدار الزمن - عودة القدس - رحلة المشـتاق .. وغيرها ..كما يعتبر أحد رواد المسرح القومي البارزين من خلال مشاركاته المسرحية الهامة في عدد من الأعمال التي يمكن نشير لبعضها والتي يتحدث عنها الكثيرين إلى اليوم ، مثل مسرحية طرطوف ، والخاطبة ، وشيخ المنافقين .. وغيرها ..
موهبته في المسرح والتلفزيون دفعت بالمخرجين الإذاعيين الرواد وأيضاً الجدد في تلك المرحلة ليكون أحد أعمدة العمل الدرامي الإذاعي ، فكان نجم البرامج الدورية الدرامية مثل حكم العدالة وتمثيلية لم تتم والحب والعبقرية وتمثيلية الأسبوع وعدد من المسلسلات وأبرزها الأعمال الكوميدية .. كما أن تمكنه من اللغته العربية واللفظ السليم جعله نجم عدد من الأعمال التاريخية في الإذاعة والتلفزيون ومنها المسلسل التلفزيوني حرب السنوات الأربعة .. أما مشاركاته السينمائية فكانت محدودة نذكر منها فيلم " الرجل الأخير ".
توالت الأعمال وتوالت النجاحات الفنية ، لكن نجمه المتميز كان لايزال يبحث عن فرصة مختلفة لإبراز كوامن موهبته الكوميدية الفذة ، والتي عرفها بها الكثيرين من المتابعين لمسيرته الفنية قبل أن يحقق شهرته الجماهيرية الواسعة .
ورغم تجسيده للعديد من الشخصيات الدرامية في المسلسلات التلفزيونية الاجتماعية والتاريخية إلا أن مشاركاته الهامة مع فرقة تشرين المسرحية في مسرحية ضيعة تشرين كانت الأفضل له في صولة وجولة على خشبة المسرح محققاً معها ناجاحاً باهراً ، جعله أحد أبرز نجوم الكوميديا المشار لهم بالبنان كالنجمين الكبيرين دريد لحام والراحل نهاد قلعي .
3
-- وما أن أخبرت المبدع الاستثنائي الدكتور سمير ظاظا أنني أرسلت اللوحة السابقة ( المنشورة في الحلقة الأولى من سلسلة أيام ) ، التي رسمها بالحروف والكلمات للكبير ياسر العظمة ( أبو أنور الحبيب ) وأنه .. أي الأستاذ ياسر يسعده التعرف على الفنان الرسام ، ليشكره على مبادرته الإبداعية والمتقنة ، قرر الدكتور سمير أن يؤخر التواصل معه حتى ينجز لوحة ثانية اختار صورتها وأطلعني عليها فأعجبتني للغاية .. وكان موعد بيننا أن يسلمني اللوحة ليلة الخميس 20 / 8 / 2020 فأنشرها كما أفعل الآن مرافقة للحلقة الثالثة والأخيرة من نص ( أيام ) عن الكبير ياسر .. لكن تعب النهار الصيفي باغتني فاستسلمت للنوم باكراً ، لكن ما أن استيقظت كعادتي فجراً لأبدأ يومي بالكتابة الدرامية .. اكتشفت أن وعد الحر دين .. وأن الكبير الدكتور ظاظا لا يتأخر عن مواعيده ، فقد أرسل لي اللوحة المرافقة للكبير الأستاذ ياسر العظمة مرسلة بعد نومي الباكر ليلة البارحة .. واللافت فيها أن الدكتور سمير قد كرمني بتضمين اللوحة الأكثر من مدهشة استخدام عبارات من نص الختام عن الأستاذ ياسر مما أنشره في هذه الحلقة .. وبذلك يتطلب مني تقديم جزيل الشكر والامتنان لسببين ، أولهما : أنني أكبر بالأستاذ ياسر الذي عرفته عن قرب قبل نحو أربعين سنة ، ولا يزال الأقرب رغم بعد المسافات بيننا .. والسبب الثاني أن اللوحة تعتبر وثيقة تاريخية هامة منجزة بريشة مبدع استثنائي لشخصية إبداعية سورية لن تتكرر في حياتنا المعاصرة ولا القادمة .
وبالطبع قبل أن أكتب حروفي السابقة ، أرسلت عبر الواتس آب اللوحة للكبير ياسر ، الذي أعتقد أنه لا يزال هانئاً بنومه .
-- في مطلع ثمانينيات القرن الماضي كان هاجس الكبير ياسر العظمة خط مشروع خاص به ، وأثناء مشاركاته الإذاعية كأحد أبرز نجوم الإذاعة متنقلاً بين المسلسلات والبرامج الدرامية الدورية ومنها البرامج التي كان يخرجه آنذاك الفنان المبدع هشام شربتجي والمترأس أيامها لدائرة المنوعات، جاءت فكرة اللوحات الكوميدية التلفزيونية .. وبدأ البحث عن أفكار اجتماعية ناقدة وساخرة تحكي هموم الناس وأوجاعهم ، وما أن يقتنع بفكرة جديدة حتى يبدأ بكتابة السيناريو لها فمرة يدفع أفكاره ويجرها من مشهد حدث أو يحدث أمامه ، ومرة من قصة ساخرة كان قد قرأها بين دفتي كتاب أو في صحيفة أو مجلة ، ومرة أخرى عن حالة إنسانية تثير عاطفته أو أقصوصة يرويها له البعض فيحولها إلى عمل درامي قصير ، وبالنتيجة كانت سلسلة المرايا والتي رسخت مسيرة فنية مدهشة في تنوع الشخصيات التي جسدها جميعا الفنان الكبير النجم ياسر العظمة ببراعة واقتدار حصد من خلالها جماهيرية واسعة منقطعة النظير .
في سلسلة مرايا ، وشوفوا الناس ، وحكايا المرايا وغيرها من الأعمال التي تضمنت العناوين الكثيرة جداً للوحات أعماله ، حرص النجم الكبير ياسر العظمة على تقديم تنوع في المعالجات الفنية فمنها الخطابي المباشر ، ومنها المنولوج الإنساني والدلالي العميق ، ومنها التوعوي التوجيهي ، ومنها الإشكالي أيضاً .
وفي كل عمل له بل في كل لوحة يبحث معها بأدق التفاصيلها الفكرية والإنسانية كان يحرص أشد الحرص على تقديم الأنموذج الأخلاقي الخلاق البعيد عن الإبتذال الرخيص أو الإستئثار المجاني أو الجرأة في خدش الحياء بألفاظ سوقية مفتعلة كما يحدث في بعض الأعمال الكوميدية ، وهذه علامة بارزة تحسب لنجم استمر في تقديم تلك السلسلة أكثر من ثلاثين عام ، خلال مسيرة فنية استثائية الإبداع تقترب من النصف قرن .
لم يترك موضوعاً اجتماعياً وإنسانياً أو موضوعاً ملحاً مرتبطاً بقضايا الناس إلا وتوقف عنده بأهمية وجرأة في معالجته وأسلوبية عرضه ، محافظاً في كل مرة على الكشف عن قيمة فنية جديدة وموهبة استثنائية في تقمص الشخصيات ، وربما كان هذا الكشف في معظم الحالات اكتشاف أيضاً لديه ولدى المشاهد على حد سواء .
وبالتوازي مع ذلك الكشف أو الإكتشاف كان هاجسه الأكبر فضح السلبيات في المجتمع بتسليط الضوء على الظواهر التي تهدف بالنتيجة لأخذ العبرة والحكمة بطرائق مشوقة وممتعة تصل غالباً إلى ذروات درامية تشكل فيما بعد انعطافاً درامياً بناءً في النقد الساخر والهادف .
الذي يعرفه عن قرب يدرك أهمية وسر تواضعه المترجم لأفعال ونجاحات أكثر من ألأقوال ، وهذا ما كان يدفعه دائماً للإعتذار بأدب خالص عن إجراء المقابلات الفنية في مختلف وسائل الإعلام السمعية والمرئية والمقروءة .
وبالطبع فإن لوجهة نظره التي تحترم تماماً أعمية لديه ، كونه يردد ويؤكد دائماً بأن اللقاءات الفنية لا تضيف له ولأعماله الجديد ، فالعمل الإبداعي إن لم يصل إلى وجدان وقلوب الناس عاكساً مراياهم فأي تبرير أو إيضاح آخر لن يضيف شيئاً .. والعمل بحد ذاته من وجهة نظره مهمة أولى تعبر عن مكونانتها السياكلوجية والفزيولوجية التي لا تحتاج للمناقشة والشرح في كل ما يريد إبصاله إلى المتلقي ..
استحق اهتمام معظم الفئات المجتمعية ومن مختلف والأعمار والمستويات الثقافية والشعبية ، مما جعله ولسنوات النجم الأول محلياً وعربياً فكتب عنه الكثير من الدراسات والمقالات والأبحاث التي يمكن أن تعتبر دروساً هامة في صناعة الدراما الناجحة وخاصة الكوميدية ..
كما استحق وبجدارة على الاحتفاء به إنساناً وفناناً .. حاضراً أم غائباً .. في الكثير من المحافل الهامة محلياً وعربياً ودولياً .. ولكونه البارع حقاً بفنه الكوميدي حصل على العديد من الجوائز نذكر منها الجائزة الذهبية لثلاث دورات في مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون ، وجائزة الإبداع من وزارة الإعلام السورية في سباق المسلسلات ، وأيضاً شهادات تقدير وتكريم عديدة من الكثير من الجهات الرسمية والخاصة والنقابات المهنية ، منها نقابة الفنانين السوريين لتميز الإستثنائي والإبداعي.
الكبير ياسر العظمة ( نجم مرايا الناس ) تحية وفاء
إلى ...
من انتزع الإبتسامة من أوجاع الناس فأدخل الفرح إلى قلوبهم ..
ومن بحث ودقق في هموم الناس وأعاد صياغة الحياة في لوحات ساخرة هادفة فحصد محبة جمهور الكوميديا من دون منازع ..
ومن عاش ويعيش الضمير الإنساني بتواضع خلاقه جعله في مراتب رفيعة في عيون الناس ..
إلى نجم مرايا الناس الفنان الكبير ياسر العظمة ( أبو أنور الحبيب ) تحية وفاء وتقدير لإنسانك الراقي وتميز مسيرة عطائك الحافلة بالنجاحات والإبداع .
الكبير ياسر العظمة ( نجم مرايا الناس )
قبل أن تولد فكرة مرايا ، كنت أراقب خفة ظله في تجسيد الشخصيات الدرامية التي تتطلب أفعالاً كوميدية أو حتى الجادة ، وبتنوع أدائه يستطيع أن يسرق العين والقلب فيجذب إليه الجمهور دون غيره ..
وأكثر ما كان يثير اهتمامي في شخصيته حديث أساتذتنا الكبار عنه أمثال الراحلون : عميد المسرح السوري الكبير عبد اللطيف فتحي ، الكاتب والنجم الكبير نهاد قلعي ، الكبيرة ساميا الجزائري ،الكبير رفيق سبيعي ... إلخ .. ممن جمعتني معهم أوائل الأعمال في إذاعة دمشق ، وخاصة في البرنامج الأسبوع الدرامي حكم العدالة ، ولا أنسى أبداً كم من مرة تحدث مخرجه الكبير هشام شربتجي عن موهبتي التي تتقاطع مع موهبة أستاذنا ياسر في أيام تسجيل مسلسل حكم القاضي من تأليفي وإخراج الكبير هشام ، وكم من مرة وجه لي المخرج الكبير مروان قنوع الذي أخرج عدداً من الأعمال التي كتيتها أن أبتعد عن تقليد ياسر العظمة وأنني مهما برعت في الكوميديا يجب أن يكون لي شخصيتي ، وكم من مرة منحني المخرج الكبير مصطفى فهمي البكار وساماً في تكرار عبارة خليفة العظمة خلال تسجيل حلقات مسلسلات كتبتها ومن إخراجه .. وأعتبر تشبيه الكبير نذير عقيل لي بسرعة بديهته من الشهادات التي أعتز بها .
كل ذلك لا يعادله سعادتي الأولى به ، في تجسيده شخصية رئيس المخفر ، إحدى أهم الشخصيات في مسلسل ( جنان ) الذي يعتبر برأي النقاد والنجوم الكبا ر من أوئل المسلسلات الهامة التي كتبتها ، من إخراج المصري الراحل محمد كمال الدين ، وبطولة الراحلين ( صلاح قصاص ، رفيق سبيعي ، مها الصالح ، توفيق العشا ، سليم كلاس ، نجاح حفيظ ، هالة شوكت ، ملك سكر ، أديب شحادة ، أحمد طرابيشي ، فتحي صبح ، مها ثروت ، أحمد مصطفى ... إلخ .. ) وأمد الله بعمر أستاذنا ياسر ( أبو أنور الحبيب ) إلى سنين عديدة ومديدة ، مع المذيع إبراهيم القاسم الذي شارك في التعليق إلى جانب المذيعة القديرة الراحلة فريال أحمد .
ولا أخفي أعجابي الشديد بلهفته ، كرمه الراقي ، تقديره لجهود كل من يشارك بأعماله ، وكم كان يكبر يوماً بعد يوم في قلبي في كل مرحلة أكون قريباً فيها منه .. في الإذاعة .. التلفزيون ، في تعاونه مع الكتاب الجدد .. في تشجيعه واهتمامه وإعجابه بحبينا أبن الزبداني الكاتب المبدع مازن طه ، وكم كان قريباً منا جميعاً في لقاءاتتنا ببيت حبيبنا المشترك عابد فهد ، وفي بيته الذي يعكيف فيه على الكتابة وتشرفت بزيارته في الزنداني .
2
-- ولد الكبير ياسر العظمة في دمشق عام 1942 ﻡ ، وعرف منذ بداياته مع المسرح بخفة الظل وسرعة البديهة إلى أن جاءت مشاركاته الأولى مع بدايات التلفزيون في مشاهد كوميدية تؤكد موهبته في هذا المجال ، غير أن الظروف لم تتح أمامه إبراز كامل طاقاته الفنية فشارك في مختلف أنواع الأعمال الدرامية التلفزيونية : منها بصمات على جدار الزمن - عودة القدس - رحلة المشـتاق .. وغيرها ..كما يعتبر أحد رواد المسرح القومي البارزين من خلال مشاركاته المسرحية الهامة في عدد من الأعمال التي يمكن نشير لبعضها والتي يتحدث عنها الكثيرين إلى اليوم ، مثل مسرحية طرطوف ، والخاطبة ، وشيخ المنافقين .. وغيرها ..
موهبته في المسرح والتلفزيون دفعت بالمخرجين الإذاعيين الرواد وأيضاً الجدد في تلك المرحلة ليكون أحد أعمدة العمل الدرامي الإذاعي ، فكان نجم البرامج الدورية الدرامية مثل حكم العدالة وتمثيلية لم تتم والحب والعبقرية وتمثيلية الأسبوع وعدد من المسلسلات وأبرزها الأعمال الكوميدية .. كما أن تمكنه من اللغته العربية واللفظ السليم جعله نجم عدد من الأعمال التاريخية في الإذاعة والتلفزيون ومنها المسلسل التلفزيوني حرب السنوات الأربعة .. أما مشاركاته السينمائية فكانت محدودة نذكر منها فيلم " الرجل الأخير ".
توالت الأعمال وتوالت النجاحات الفنية ، لكن نجمه المتميز كان لايزال يبحث عن فرصة مختلفة لإبراز كوامن موهبته الكوميدية الفذة ، والتي عرفها بها الكثيرين من المتابعين لمسيرته الفنية قبل أن يحقق شهرته الجماهيرية الواسعة .
ورغم تجسيده للعديد من الشخصيات الدرامية في المسلسلات التلفزيونية الاجتماعية والتاريخية إلا أن مشاركاته الهامة مع فرقة تشرين المسرحية في مسرحية ضيعة تشرين كانت الأفضل له في صولة وجولة على خشبة المسرح محققاً معها ناجاحاً باهراً ، جعله أحد أبرز نجوم الكوميديا المشار لهم بالبنان كالنجمين الكبيرين دريد لحام والراحل نهاد قلعي .
3
-- وما أن أخبرت المبدع الاستثنائي الدكتور سمير ظاظا أنني أرسلت اللوحة السابقة ( المنشورة في الحلقة الأولى من سلسلة أيام ) ، التي رسمها بالحروف والكلمات للكبير ياسر العظمة ( أبو أنور الحبيب ) وأنه .. أي الأستاذ ياسر يسعده التعرف على الفنان الرسام ، ليشكره على مبادرته الإبداعية والمتقنة ، قرر الدكتور سمير أن يؤخر التواصل معه حتى ينجز لوحة ثانية اختار صورتها وأطلعني عليها فأعجبتني للغاية .. وكان موعد بيننا أن يسلمني اللوحة ليلة الخميس 20 / 8 / 2020 فأنشرها كما أفعل الآن مرافقة للحلقة الثالثة والأخيرة من نص ( أيام ) عن الكبير ياسر .. لكن تعب النهار الصيفي باغتني فاستسلمت للنوم باكراً ، لكن ما أن استيقظت كعادتي فجراً لأبدأ يومي بالكتابة الدرامية .. اكتشفت أن وعد الحر دين .. وأن الكبير الدكتور ظاظا لا يتأخر عن مواعيده ، فقد أرسل لي اللوحة المرافقة للكبير الأستاذ ياسر العظمة مرسلة بعد نومي الباكر ليلة البارحة .. واللافت فيها أن الدكتور سمير قد كرمني بتضمين اللوحة الأكثر من مدهشة استخدام عبارات من نص الختام عن الأستاذ ياسر مما أنشره في هذه الحلقة .. وبذلك يتطلب مني تقديم جزيل الشكر والامتنان لسببين ، أولهما : أنني أكبر بالأستاذ ياسر الذي عرفته عن قرب قبل نحو أربعين سنة ، ولا يزال الأقرب رغم بعد المسافات بيننا .. والسبب الثاني أن اللوحة تعتبر وثيقة تاريخية هامة منجزة بريشة مبدع استثنائي لشخصية إبداعية سورية لن تتكرر في حياتنا المعاصرة ولا القادمة .
وبالطبع قبل أن أكتب حروفي السابقة ، أرسلت عبر الواتس آب اللوحة للكبير ياسر ، الذي أعتقد أنه لا يزال هانئاً بنومه .
-- في مطلع ثمانينيات القرن الماضي كان هاجس الكبير ياسر العظمة خط مشروع خاص به ، وأثناء مشاركاته الإذاعية كأحد أبرز نجوم الإذاعة متنقلاً بين المسلسلات والبرامج الدرامية الدورية ومنها البرامج التي كان يخرجه آنذاك الفنان المبدع هشام شربتجي والمترأس أيامها لدائرة المنوعات، جاءت فكرة اللوحات الكوميدية التلفزيونية .. وبدأ البحث عن أفكار اجتماعية ناقدة وساخرة تحكي هموم الناس وأوجاعهم ، وما أن يقتنع بفكرة جديدة حتى يبدأ بكتابة السيناريو لها فمرة يدفع أفكاره ويجرها من مشهد حدث أو يحدث أمامه ، ومرة من قصة ساخرة كان قد قرأها بين دفتي كتاب أو في صحيفة أو مجلة ، ومرة أخرى عن حالة إنسانية تثير عاطفته أو أقصوصة يرويها له البعض فيحولها إلى عمل درامي قصير ، وبالنتيجة كانت سلسلة المرايا والتي رسخت مسيرة فنية مدهشة في تنوع الشخصيات التي جسدها جميعا الفنان الكبير النجم ياسر العظمة ببراعة واقتدار حصد من خلالها جماهيرية واسعة منقطعة النظير .
في سلسلة مرايا ، وشوفوا الناس ، وحكايا المرايا وغيرها من الأعمال التي تضمنت العناوين الكثيرة جداً للوحات أعماله ، حرص النجم الكبير ياسر العظمة على تقديم تنوع في المعالجات الفنية فمنها الخطابي المباشر ، ومنها المنولوج الإنساني والدلالي العميق ، ومنها التوعوي التوجيهي ، ومنها الإشكالي أيضاً .
وفي كل عمل له بل في كل لوحة يبحث معها بأدق التفاصيلها الفكرية والإنسانية كان يحرص أشد الحرص على تقديم الأنموذج الأخلاقي الخلاق البعيد عن الإبتذال الرخيص أو الإستئثار المجاني أو الجرأة في خدش الحياء بألفاظ سوقية مفتعلة كما يحدث في بعض الأعمال الكوميدية ، وهذه علامة بارزة تحسب لنجم استمر في تقديم تلك السلسلة أكثر من ثلاثين عام ، خلال مسيرة فنية استثائية الإبداع تقترب من النصف قرن .
لم يترك موضوعاً اجتماعياً وإنسانياً أو موضوعاً ملحاً مرتبطاً بقضايا الناس إلا وتوقف عنده بأهمية وجرأة في معالجته وأسلوبية عرضه ، محافظاً في كل مرة على الكشف عن قيمة فنية جديدة وموهبة استثنائية في تقمص الشخصيات ، وربما كان هذا الكشف في معظم الحالات اكتشاف أيضاً لديه ولدى المشاهد على حد سواء .
وبالتوازي مع ذلك الكشف أو الإكتشاف كان هاجسه الأكبر فضح السلبيات في المجتمع بتسليط الضوء على الظواهر التي تهدف بالنتيجة لأخذ العبرة والحكمة بطرائق مشوقة وممتعة تصل غالباً إلى ذروات درامية تشكل فيما بعد انعطافاً درامياً بناءً في النقد الساخر والهادف .
الذي يعرفه عن قرب يدرك أهمية وسر تواضعه المترجم لأفعال ونجاحات أكثر من ألأقوال ، وهذا ما كان يدفعه دائماً للإعتذار بأدب خالص عن إجراء المقابلات الفنية في مختلف وسائل الإعلام السمعية والمرئية والمقروءة .
وبالطبع فإن لوجهة نظره التي تحترم تماماً أعمية لديه ، كونه يردد ويؤكد دائماً بأن اللقاءات الفنية لا تضيف له ولأعماله الجديد ، فالعمل الإبداعي إن لم يصل إلى وجدان وقلوب الناس عاكساً مراياهم فأي تبرير أو إيضاح آخر لن يضيف شيئاً .. والعمل بحد ذاته من وجهة نظره مهمة أولى تعبر عن مكونانتها السياكلوجية والفزيولوجية التي لا تحتاج للمناقشة والشرح في كل ما يريد إبصاله إلى المتلقي ..
استحق اهتمام معظم الفئات المجتمعية ومن مختلف والأعمار والمستويات الثقافية والشعبية ، مما جعله ولسنوات النجم الأول محلياً وعربياً فكتب عنه الكثير من الدراسات والمقالات والأبحاث التي يمكن أن تعتبر دروساً هامة في صناعة الدراما الناجحة وخاصة الكوميدية ..
كما استحق وبجدارة على الاحتفاء به إنساناً وفناناً .. حاضراً أم غائباً .. في الكثير من المحافل الهامة محلياً وعربياً ودولياً .. ولكونه البارع حقاً بفنه الكوميدي حصل على العديد من الجوائز نذكر منها الجائزة الذهبية لثلاث دورات في مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون ، وجائزة الإبداع من وزارة الإعلام السورية في سباق المسلسلات ، وأيضاً شهادات تقدير وتكريم عديدة من الكثير من الجهات الرسمية والخاصة والنقابات المهنية ، منها نقابة الفنانين السوريين لتميز الإستثنائي والإبداعي.
الكبير ياسر العظمة ( نجم مرايا الناس ) تحية وفاء
إلى ...
من انتزع الإبتسامة من أوجاع الناس فأدخل الفرح إلى قلوبهم ..
ومن بحث ودقق في هموم الناس وأعاد صياغة الحياة في لوحات ساخرة هادفة فحصد محبة جمهور الكوميديا من دون منازع ..
ومن عاش ويعيش الضمير الإنساني بتواضع خلاقه جعله في مراتب رفيعة في عيون الناس ..
إلى نجم مرايا الناس الفنان الكبير ياسر العظمة ( أبو أنور الحبيب ) تحية وفاء وتقدير لإنسانك الراقي وتميز مسيرة عطائك الحافلة بالنجاحات والإبداع .
-
*الياس الحاجـــــــــــــــــــــــــــــ
1 -البورتريه للمبدع الدكتور سمير ظاظا
2- البورتري للمبدع Issam Ismandar
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق