⏪⏬
زَمنٌ بِهِ غُرَرُ البيَانِ تُداسُ
ويسودُهُ الوسواسُ والخنّاسُ
والحِبرُ زُوّرَ والحُروفُ استُعبِدتْ
وشَكا عُقوقَ بياضِهِ : القرطاسُ
والوزنُ هَلهَلَ والقَوافي أنتَنتْ
واللحنُ غَابَ وفيرسَ الإحسَاسُ
فالشّعرُ أنهَكهُ فوارِسُ عصرِهِ
لَمّا تَولّى " عُكَاظَهُ " جسّاسُ
والشّعرُ زَوّرَ طَعمَهُ وبَريقَهُ
نُقّادُ " ضَادٍ " جُلّهم نُخّاسُ
لَنْ أكونَ مُخطِئاً أو مُتَجنّيَاً إذا مَا قُلتُ أنّ مِنْ مَهَازِلِ القدرِ ., وسُوءِ الحظّ والطّالِعِ أنْ نعيشَ عصراً تتبوّأُ مَنَابِرَهُ شَراذِمٌ مِنَ الهُبلانِ والجهَلةِ ., وتتزعّمَ مؤسساته الثّقافية جحافِلٌ مِنَ الذّؤبانِ الجَائِعةِ المَسعورَةِ التي لم تتورّعَ يَومَاً عن نشبِ أنيابها في كُلّ شيء ., وَتَتصَدّرَ مَراكِزهُ الثّقَافِيةِ قطعَانٌ مِنَ الرّعَاعِ والسّوقَةِ الذينَ لَم ولنْ يقدّموا إلّا الجهلَ والتّخلّفَ والغَباءَ والانحطاط ! وَلَنْ أكونَ مُتجنّيّاً أوساذجاً أيضاً إذا مَا قُلتُ أنّ أصعبَ شيءٍ على الإنسانِ المُبدعِ الفَاعِلِ هُوَ أنْ يُقيّمَهُ ويُقرّرَ مصيرَهُ ومصيرَ نِتاجه أُنَاسٌ قَاصِرونَ لَا يُجيدونَ حتى الكلام .., ولا ظلمةَ على الفِكرِ أحلكُ مِنْ ظلمةِ مَنْ يُنكرُ الشّمسَ إكراماً لِلخَفافيشِ ., ولا شيء أقسى على الحرف مِنْ أن يقرؤهُ مَنْ لم يُومن بِالحَرفِ يوماً .., ولَا أقتلَ لِلكلِمةِ مِنْ أنْ يتشدّقَ بِهَا دَعيٌّ أحنفُ العَقلِ .., ولا أخطرَ على القصيدةِ مِنْ أنْ يقرؤها مَنْ لَا علاقةَ لهُ بالشّعرِ لا مِنْ قريبٍ ولا بعيد ..
هيئةُ الكِتابِ التي مِنَ المُفتَرضِ أنْ تكونَ بِحجمِ هذا الأسم .,وعلى قدرِ المسؤوليةِ المُلقَاةِ على كَواهِلِ جهابِذتها ومُبدعيها ومُفكّريها ومُنظّريها ., وعلى مُستوى رَفيعٍ مِنَ الثّقافةِ والمَعرِفةِ والأدبِ ., وَعَلى مَسافةٍ واحِدةٍ مِنْ الكلّ المُثقّف .., تبيّنَ ولِلأسفِ الشّديد أنّها في أعلى مستوياتِها ليست سوى حفنةٍ مِنَ المأزومين المُعاقين الفارغين .., الحَاقِدين على الفِكرِ والأدبِ والثّقَافَةِ ., الكارِهينَ لِكلّ شيءٍ جميلٍ وقيّمٍ ., ولن تكونَ أكثرَ مِنْ ذلك ما دَامتْ تَحكُمها المَحسوبيّات والوسائط مِنْ جهة ., والأمزجةُ والعُقولُ القاصِرَةُ والقلوبُ الغُلُفُ مِنْ جهةٍ أُخرى .
هَيئةُ الكِتابِ وعبرَ لِجانِها المُعتلّةِ الخاويةِ ., الفَاقِدةِ لِأدنى مُقوماتِ العملِ المُناطِ بِها تُمارِسُ وبِكلّ وقاحة دورَ الوصيّ على الحرفِ والمَعنى ., على الثّقافة والمُثقّفين ., وتَختصِرُ الشّعرَ والشّعراء ., الأدبَ والأدباء بِلجانٍ لا يَتجاوز أعضاؤها الخمسة أو العَشرة في أفضلِ الحالات ., وَتُصدرُ أحكامَهَا يُمنةً ويُسرَةً غيرَ آبِهةٍ بأحدٍ ., فأحكامُها القولُ الفصلُ .., وَما تراهُ هو الحقيقة وكلّ شيءٍ غيرَهُ لا أهميّةَ لهُ ., ولا يُعبَأُ بِهِ كانَ قَائلُهُ مَن كان .., وَمَنْ يَعترضْ أو يُحاوِل الاستفسارَ يُقامُ عليهِ الحدّ إن رجماً أو صلباً أو قتلاً .., فهل هناك فرقٌ بينها وبينَ محاكمِ التّفتيشِ في العصورِ الوسطى .؟!
هيئةُ الكتابِ التي تُصدرُ المِئاتِ مِنَ الكُتبِ والرّواياتِ والدّواوينِ والمَجلاتِ نَاهيكَ عنِ الإصداراتِ المُترجمةِ سنوياً تَعتقدُ أنّها بِعملِها هذا بَلغتِ المشرقينِ والمَغربين .., وحقّقت ما عجزَ عن تحقيقهِ الأولون ., وقضّتْ مضجعَ الإسكندر المَقدوني وأحالتهُ نسياً مَنسيّا .., وأعادتْ لِملِكها " الضّليلِ " إرثهُ المسلوبَ ., في حين أنّ أغلبَ هذهِ الإصدارات لا تُساوي قيمة الورقِ والحِبرِ فيما لو وُضِعتْ في ميزانِ النّقدِ والتّمحيصِ والتدقيق ., وَلكن أيّنَ نحنُ من هذا إذا كانتِ الهيئةُ والقائمونَ عليها هُم أصحابُ الحلّ والعقدِ ., ولا حسيبَ ولا رقيبَ ., بل لا تسمح بوجودِ مَنْ يُحاسب أو يُراقب .
قد يَخرجُ علينا بَعضُ الجَهابِذةِ والفُحولِ مِمّن يُجيدونَ المُحاباة والنّفاقَ وتَمسيحِ الجوخِ ويقولونَ لَنا كلامُكم لا صِحّةَ لهُ وغير منطقيّ ., ويَحقّ لَهم ذلك ., ولهم العُذرَ في الدّفاعِ والمُحاماةِ ., ولكن كما يحقّ لهم يَحقّ لِغيرِهم ., وَمَا يتوهّمونَ بِهِ سيسقطُ بسهولةٍ في أوّلِ جلسةِ مُكاشَفةٍ ومُصارحةٍ هذا إذا كانت لديهم الجرأة في ذلك ولكن هيهات هيهات .
بِالنّسبةِ لي كشخصٍ لا عداوةَ بيني وبينَ أحد مِنْ فُرسانِ الهيئةِ ., ولَا مصلحة بيني وبينَ أحدٍ مِنْ مُبدعي لِجَانِها ., وَلَا أُكِنّ لِأحدٍ مِنهُم إلّا الاحترِامِ وهذا كما يبدو كانَ الخطأَ الفادحَ الذي ارتكبتهُ واكتشفتهُ مُؤخّراً ., ولكِنّي كغيري مِنَ المثقّفين الذينَ يعتقدونَ أنّ لهم حقاً في أنْ يروا أعمالهم تُعَانِق الشّمس ., وأنّ لَهُم حَقّاً في أنْ تُقرأَ أعمَالَهُم ونِتاجَاتهَم بعينِ العَقلِ والإنَصَافِ مِنْ قِبَلِ أهلِ الاختِصَاصِ وأصحَابِ الذّوقِ والشّعورِ والشّاعِريّةِ لَا مِنْ قِبَلِ رَهطٍ بِالكَادِ يَتهَجّى الأحرفَ ., ولِجَانٍ هَزيلَةٍ عَفِنَةٍ تَجترّ زَبَدَ فَشلِهَا و هُرائِهَا .
في الرّابعِ مِنْ نيسان العَام المُنصِرم قدّمتُ ديواناً شِعريّاً لِلهيئةِ العامةِ لِلكتابِ بِعنوان / جمرُ القصيد / .., وَلكن كالمُتوقّعِ تَمّ رفض الدّيوان علمَاً أنّ قصائد الدّيوان نُشرِتْ جميعُها في الصّحفِ الرّسميّةِ وَبعضها في صُحفٍ عربيّةٍ لَها مَكانتها ., وفي العديدِ مِنَ المواقِعِ الإلكترونيّة الوطنيّةِ والعَربيّةِ ., رُغمَ أنّي كُنتُ واثِقَاً تَمام الثّقةِ بأنّهُ سيُرفض ولكن لِأنّنا دائِماً محكومونَ بالأملِ على حدّ تعبيرِ الرّاحلِ " سعد الله ونوس " ., لِذلكَ غَامرتُ لا بَل تهورتُ وقدّمتهُ للهيئةِ العَتيدةِ قَائلاً لَعلّ وعسى تستيقظُ ضمائرُ فحولِ لِجَانِها ., ويعودُ لَهم رُشدهم ., وتَتحرّكُ فيهم النّخوةُ والوطنيّةُ والانتماء .., ولكم كُنتُ مُتوهّماً في ذلك .
وَلِنفتَرِضْ جَدلاً أنّ اللجنةَ المُوقّرَةَ وَقفَتْ في الدّيوانِ على بَعضِ القصَائِد التي تُثيرُ الرّيبةَ أو أمورٍ لا تنسَجِمُ مَعَ سياسةِ القبولِ / وأتحدّاهم أنْ يكونوا وجدوا شيئاً مِنْ هذا / فكان بإمكَانِها وبِكلّ بساطة أن ترفضَ هذهِ القصائد وتُشيرُ إليها لا أنْ ترفضَ الدّيوانَ كُلّه .
إذاً رُفِضَ الدّيوان وأُحيلَ إلى أقربِ سلةِ مُهملاتٍ موضوعةٍ في بهوِ الهيئةِ لِمَاذا .؟! وحدُها اللجنةُ المعصومةُ تمتلكُ الإجابة .., ووحدهُم أعضاؤها العباقِرة يَعرِفونَ السّبب ., وكيفَ لَا وقولُهمُ القولُ الفصلُ الذي لا يأتيهِ البَاطلُ مِنْ بينِ يديهِ وَلا مِنْ خلفِهِ ., ولِلتّنويهِ فقط فإنّ لَجنةَ الهيئةِ ذاتها كانت قد رفضت ديواني الأوّل / زينبيّة الشّروق / العام المُنصرم تحتَ حِججٍ واهيةٍ وأسبابٍ تُضحِكُ الثّكالى
إذاً صَدَرَ قرارُ اللجنةِ الموقّرَةِ بِرفضِ الدّيوانِ جُملَةً وتَفصيلاً .., قرارٌ غيرُ قَابِلٍ لِلطعنِ تحتَ أيّ شَكلٍ مِنَ الأشكال ., ولِذا كَانَ لِزامَاً عليّ كَمعنيّ أوّلاً وآخِراً أنْ أُصدِرَ حُكمي أيضَاً ., حُكماً قَابِلاً لِلطّعنِ وَلكن مِنْ قِبلِ مَنْ يَحترمونَ الكلِمة ., ويتذوقونَ الشّعرَ ويفهمونَ مَقاصِدهُ ., ويغوصونَ في أعماقِهِ ., ويسبرونَ أغوارَهُ لَا غير . أمّا الذينَ رفضوهُ فقط مِنْ أجلِ الرّفضِ فأقولُ لهُم :
- الدّيوان مُنوّعٌ بينَ الوطنيّ والإنسانيّ وأنتُم لا تُريدونَ لا وطناً ولَا إنساناً
- الدّيوانُ تَحدّثَ عَنِ التّضحيةِ والشّهادةِ والشّهداءِ وأنتُم لَا تُريدونَ أيّاً مِنْ هَذهِ لِأنّكم بِكلّ بساطةٍ لم تُؤمنوا بِهذا أبداً
- الدّيوانُ كُتِبَ بِلُغةٍ شِعريّةٍ بَليغَةٍ متينةٍ وأغلبُ قصائِدهِ كُتِبتْ وفقَ عمودِ الشّعرِ الخليلي وأنتُم لا تُريدونَ لا لُغةً ولا شِعرَاً ولا وزناً
- الدّيوان تناول بَعضَ الرّموزِ الوطنيّةِ المُقَاوِمَةِ وَأنتُم بَعيدونَ عنْ هذا ولا يُعجِبكم هذا النّمط
والأهم مِنْ هذا كُلّهُ أنّ الدّيوانَ مِنْ ألِفهِ حتى يائهِ / لُغةً ومَضموناً ومقصداً / أعلى مِنْ مستوياتِكم ., وأرفعُ مِنْ وأبلغَ مِنْ هُرائِكُم ونشازِكم ..
لِهذا رفضتموهُ وهذا أكبرُ شرفٍ لي .
لَا يَفخَرنّ عَليّ الخَامِلونَ وَلا
يُقلّلَنّ بنوا الأخيَافِ مِنْ شَاني
إنّي أُحَذّرُهُم نَفسي وَمَا جُبِلَتْ
عليهِ مِنْ رَحمةٍ حينَاً وَبُركَانِ
مِنْ آدَمِ الحَمَأِ المَسنونِ جِئتُ هُدَىً
فالجِسمُ مِنْ تُربَةٍ والرّوحُ نُوراني
خَليفَةَ اللهِ جِئتُ الأرضَ أُصلِحُهَا
أنَا الوَكيلُ عَليها الوارِثُ البَاني
إلَى الإمَامِ عَليّ يَنتَهي نَسَبي
فليخفِضِ الرّاسَ " هِيّانُ ابنُ بيّانِ"
وَلِأثبتَ أنّي لم أتجنّ في كِتابتي هذهِ سأنشرُ قصائِد الدّيوان تِبَاعَاً ليقرأها كُلّ مَنْ يحترم نفسهُ أولاً واللغةَ والشّعرَ والثّقافةَ ثَانِياً .., فالقارئ هُو مَنْ يهمّني لَا أنتُم .
*مُهنّد ع صقّور
سوريا - جبلة
زَمنٌ بِهِ غُرَرُ البيَانِ تُداسُ
ويسودُهُ الوسواسُ والخنّاسُ
والحِبرُ زُوّرَ والحُروفُ استُعبِدتْ
وشَكا عُقوقَ بياضِهِ : القرطاسُ
والوزنُ هَلهَلَ والقَوافي أنتَنتْ
واللحنُ غَابَ وفيرسَ الإحسَاسُ
فالشّعرُ أنهَكهُ فوارِسُ عصرِهِ
لَمّا تَولّى " عُكَاظَهُ " جسّاسُ
والشّعرُ زَوّرَ طَعمَهُ وبَريقَهُ
نُقّادُ " ضَادٍ " جُلّهم نُخّاسُ
لَنْ أكونَ مُخطِئاً أو مُتَجنّيَاً إذا مَا قُلتُ أنّ مِنْ مَهَازِلِ القدرِ ., وسُوءِ الحظّ والطّالِعِ أنْ نعيشَ عصراً تتبوّأُ مَنَابِرَهُ شَراذِمٌ مِنَ الهُبلانِ والجهَلةِ ., وتتزعّمَ مؤسساته الثّقافية جحافِلٌ مِنَ الذّؤبانِ الجَائِعةِ المَسعورَةِ التي لم تتورّعَ يَومَاً عن نشبِ أنيابها في كُلّ شيء ., وَتَتصَدّرَ مَراكِزهُ الثّقَافِيةِ قطعَانٌ مِنَ الرّعَاعِ والسّوقَةِ الذينَ لَم ولنْ يقدّموا إلّا الجهلَ والتّخلّفَ والغَباءَ والانحطاط ! وَلَنْ أكونَ مُتجنّيّاً أوساذجاً أيضاً إذا مَا قُلتُ أنّ أصعبَ شيءٍ على الإنسانِ المُبدعِ الفَاعِلِ هُوَ أنْ يُقيّمَهُ ويُقرّرَ مصيرَهُ ومصيرَ نِتاجه أُنَاسٌ قَاصِرونَ لَا يُجيدونَ حتى الكلام .., ولا ظلمةَ على الفِكرِ أحلكُ مِنْ ظلمةِ مَنْ يُنكرُ الشّمسَ إكراماً لِلخَفافيشِ ., ولا شيء أقسى على الحرف مِنْ أن يقرؤهُ مَنْ لم يُومن بِالحَرفِ يوماً .., ولَا أقتلَ لِلكلِمةِ مِنْ أنْ يتشدّقَ بِهَا دَعيٌّ أحنفُ العَقلِ .., ولا أخطرَ على القصيدةِ مِنْ أنْ يقرؤها مَنْ لَا علاقةَ لهُ بالشّعرِ لا مِنْ قريبٍ ولا بعيد ..
هيئةُ الكِتابِ التي مِنَ المُفتَرضِ أنْ تكونَ بِحجمِ هذا الأسم .,وعلى قدرِ المسؤوليةِ المُلقَاةِ على كَواهِلِ جهابِذتها ومُبدعيها ومُفكّريها ومُنظّريها ., وعلى مُستوى رَفيعٍ مِنَ الثّقافةِ والمَعرِفةِ والأدبِ ., وَعَلى مَسافةٍ واحِدةٍ مِنْ الكلّ المُثقّف .., تبيّنَ ولِلأسفِ الشّديد أنّها في أعلى مستوياتِها ليست سوى حفنةٍ مِنَ المأزومين المُعاقين الفارغين .., الحَاقِدين على الفِكرِ والأدبِ والثّقَافَةِ ., الكارِهينَ لِكلّ شيءٍ جميلٍ وقيّمٍ ., ولن تكونَ أكثرَ مِنْ ذلك ما دَامتْ تَحكُمها المَحسوبيّات والوسائط مِنْ جهة ., والأمزجةُ والعُقولُ القاصِرَةُ والقلوبُ الغُلُفُ مِنْ جهةٍ أُخرى .
هَيئةُ الكِتابِ وعبرَ لِجانِها المُعتلّةِ الخاويةِ ., الفَاقِدةِ لِأدنى مُقوماتِ العملِ المُناطِ بِها تُمارِسُ وبِكلّ وقاحة دورَ الوصيّ على الحرفِ والمَعنى ., على الثّقافة والمُثقّفين ., وتَختصِرُ الشّعرَ والشّعراء ., الأدبَ والأدباء بِلجانٍ لا يَتجاوز أعضاؤها الخمسة أو العَشرة في أفضلِ الحالات ., وَتُصدرُ أحكامَهَا يُمنةً ويُسرَةً غيرَ آبِهةٍ بأحدٍ ., فأحكامُها القولُ الفصلُ .., وَما تراهُ هو الحقيقة وكلّ شيءٍ غيرَهُ لا أهميّةَ لهُ ., ولا يُعبَأُ بِهِ كانَ قَائلُهُ مَن كان .., وَمَنْ يَعترضْ أو يُحاوِل الاستفسارَ يُقامُ عليهِ الحدّ إن رجماً أو صلباً أو قتلاً .., فهل هناك فرقٌ بينها وبينَ محاكمِ التّفتيشِ في العصورِ الوسطى .؟!
هيئةُ الكتابِ التي تُصدرُ المِئاتِ مِنَ الكُتبِ والرّواياتِ والدّواوينِ والمَجلاتِ نَاهيكَ عنِ الإصداراتِ المُترجمةِ سنوياً تَعتقدُ أنّها بِعملِها هذا بَلغتِ المشرقينِ والمَغربين .., وحقّقت ما عجزَ عن تحقيقهِ الأولون ., وقضّتْ مضجعَ الإسكندر المَقدوني وأحالتهُ نسياً مَنسيّا .., وأعادتْ لِملِكها " الضّليلِ " إرثهُ المسلوبَ ., في حين أنّ أغلبَ هذهِ الإصدارات لا تُساوي قيمة الورقِ والحِبرِ فيما لو وُضِعتْ في ميزانِ النّقدِ والتّمحيصِ والتدقيق ., وَلكن أيّنَ نحنُ من هذا إذا كانتِ الهيئةُ والقائمونَ عليها هُم أصحابُ الحلّ والعقدِ ., ولا حسيبَ ولا رقيبَ ., بل لا تسمح بوجودِ مَنْ يُحاسب أو يُراقب .
قد يَخرجُ علينا بَعضُ الجَهابِذةِ والفُحولِ مِمّن يُجيدونَ المُحاباة والنّفاقَ وتَمسيحِ الجوخِ ويقولونَ لَنا كلامُكم لا صِحّةَ لهُ وغير منطقيّ ., ويَحقّ لَهم ذلك ., ولهم العُذرَ في الدّفاعِ والمُحاماةِ ., ولكن كما يحقّ لهم يَحقّ لِغيرِهم ., وَمَا يتوهّمونَ بِهِ سيسقطُ بسهولةٍ في أوّلِ جلسةِ مُكاشَفةٍ ومُصارحةٍ هذا إذا كانت لديهم الجرأة في ذلك ولكن هيهات هيهات .
بِالنّسبةِ لي كشخصٍ لا عداوةَ بيني وبينَ أحد مِنْ فُرسانِ الهيئةِ ., ولَا مصلحة بيني وبينَ أحدٍ مِنْ مُبدعي لِجَانِها ., وَلَا أُكِنّ لِأحدٍ مِنهُم إلّا الاحترِامِ وهذا كما يبدو كانَ الخطأَ الفادحَ الذي ارتكبتهُ واكتشفتهُ مُؤخّراً ., ولكِنّي كغيري مِنَ المثقّفين الذينَ يعتقدونَ أنّ لهم حقاً في أنْ يروا أعمالهم تُعَانِق الشّمس ., وأنّ لَهُم حَقّاً في أنْ تُقرأَ أعمَالَهُم ونِتاجَاتهَم بعينِ العَقلِ والإنَصَافِ مِنْ قِبَلِ أهلِ الاختِصَاصِ وأصحَابِ الذّوقِ والشّعورِ والشّاعِريّةِ لَا مِنْ قِبَلِ رَهطٍ بِالكَادِ يَتهَجّى الأحرفَ ., ولِجَانٍ هَزيلَةٍ عَفِنَةٍ تَجترّ زَبَدَ فَشلِهَا و هُرائِهَا .
في الرّابعِ مِنْ نيسان العَام المُنصِرم قدّمتُ ديواناً شِعريّاً لِلهيئةِ العامةِ لِلكتابِ بِعنوان / جمرُ القصيد / .., وَلكن كالمُتوقّعِ تَمّ رفض الدّيوان علمَاً أنّ قصائد الدّيوان نُشرِتْ جميعُها في الصّحفِ الرّسميّةِ وَبعضها في صُحفٍ عربيّةٍ لَها مَكانتها ., وفي العديدِ مِنَ المواقِعِ الإلكترونيّة الوطنيّةِ والعَربيّةِ ., رُغمَ أنّي كُنتُ واثِقَاً تَمام الثّقةِ بأنّهُ سيُرفض ولكن لِأنّنا دائِماً محكومونَ بالأملِ على حدّ تعبيرِ الرّاحلِ " سعد الله ونوس " ., لِذلكَ غَامرتُ لا بَل تهورتُ وقدّمتهُ للهيئةِ العَتيدةِ قَائلاً لَعلّ وعسى تستيقظُ ضمائرُ فحولِ لِجَانِها ., ويعودُ لَهم رُشدهم ., وتَتحرّكُ فيهم النّخوةُ والوطنيّةُ والانتماء .., ولكم كُنتُ مُتوهّماً في ذلك .
وَلِنفتَرِضْ جَدلاً أنّ اللجنةَ المُوقّرَةَ وَقفَتْ في الدّيوانِ على بَعضِ القصَائِد التي تُثيرُ الرّيبةَ أو أمورٍ لا تنسَجِمُ مَعَ سياسةِ القبولِ / وأتحدّاهم أنْ يكونوا وجدوا شيئاً مِنْ هذا / فكان بإمكَانِها وبِكلّ بساطة أن ترفضَ هذهِ القصائد وتُشيرُ إليها لا أنْ ترفضَ الدّيوانَ كُلّه .
إذاً رُفِضَ الدّيوان وأُحيلَ إلى أقربِ سلةِ مُهملاتٍ موضوعةٍ في بهوِ الهيئةِ لِمَاذا .؟! وحدُها اللجنةُ المعصومةُ تمتلكُ الإجابة .., ووحدهُم أعضاؤها العباقِرة يَعرِفونَ السّبب ., وكيفَ لَا وقولُهمُ القولُ الفصلُ الذي لا يأتيهِ البَاطلُ مِنْ بينِ يديهِ وَلا مِنْ خلفِهِ ., ولِلتّنويهِ فقط فإنّ لَجنةَ الهيئةِ ذاتها كانت قد رفضت ديواني الأوّل / زينبيّة الشّروق / العام المُنصرم تحتَ حِججٍ واهيةٍ وأسبابٍ تُضحِكُ الثّكالى
إذاً صَدَرَ قرارُ اللجنةِ الموقّرَةِ بِرفضِ الدّيوانِ جُملَةً وتَفصيلاً .., قرارٌ غيرُ قَابِلٍ لِلطعنِ تحتَ أيّ شَكلٍ مِنَ الأشكال ., ولِذا كَانَ لِزامَاً عليّ كَمعنيّ أوّلاً وآخِراً أنْ أُصدِرَ حُكمي أيضَاً ., حُكماً قَابِلاً لِلطّعنِ وَلكن مِنْ قِبلِ مَنْ يَحترمونَ الكلِمة ., ويتذوقونَ الشّعرَ ويفهمونَ مَقاصِدهُ ., ويغوصونَ في أعماقِهِ ., ويسبرونَ أغوارَهُ لَا غير . أمّا الذينَ رفضوهُ فقط مِنْ أجلِ الرّفضِ فأقولُ لهُم :
- الدّيوان مُنوّعٌ بينَ الوطنيّ والإنسانيّ وأنتُم لا تُريدونَ لا وطناً ولَا إنساناً
- الدّيوانُ تَحدّثَ عَنِ التّضحيةِ والشّهادةِ والشّهداءِ وأنتُم لَا تُريدونَ أيّاً مِنْ هَذهِ لِأنّكم بِكلّ بساطةٍ لم تُؤمنوا بِهذا أبداً
- الدّيوانُ كُتِبَ بِلُغةٍ شِعريّةٍ بَليغَةٍ متينةٍ وأغلبُ قصائِدهِ كُتِبتْ وفقَ عمودِ الشّعرِ الخليلي وأنتُم لا تُريدونَ لا لُغةً ولا شِعرَاً ولا وزناً
- الدّيوان تناول بَعضَ الرّموزِ الوطنيّةِ المُقَاوِمَةِ وَأنتُم بَعيدونَ عنْ هذا ولا يُعجِبكم هذا النّمط
والأهم مِنْ هذا كُلّهُ أنّ الدّيوانَ مِنْ ألِفهِ حتى يائهِ / لُغةً ومَضموناً ومقصداً / أعلى مِنْ مستوياتِكم ., وأرفعُ مِنْ وأبلغَ مِنْ هُرائِكُم ونشازِكم ..
لِهذا رفضتموهُ وهذا أكبرُ شرفٍ لي .
لَا يَفخَرنّ عَليّ الخَامِلونَ وَلا
يُقلّلَنّ بنوا الأخيَافِ مِنْ شَاني
إنّي أُحَذّرُهُم نَفسي وَمَا جُبِلَتْ
عليهِ مِنْ رَحمةٍ حينَاً وَبُركَانِ
مِنْ آدَمِ الحَمَأِ المَسنونِ جِئتُ هُدَىً
فالجِسمُ مِنْ تُربَةٍ والرّوحُ نُوراني
خَليفَةَ اللهِ جِئتُ الأرضَ أُصلِحُهَا
أنَا الوَكيلُ عَليها الوارِثُ البَاني
إلَى الإمَامِ عَليّ يَنتَهي نَسَبي
فليخفِضِ الرّاسَ " هِيّانُ ابنُ بيّانِ"
وَلِأثبتَ أنّي لم أتجنّ في كِتابتي هذهِ سأنشرُ قصائِد الدّيوان تِبَاعَاً ليقرأها كُلّ مَنْ يحترم نفسهُ أولاً واللغةَ والشّعرَ والثّقافةَ ثَانِياً .., فالقارئ هُو مَنْ يهمّني لَا أنتُم .
*مُهنّد ع صقّور
سوريا - جبلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق