⏪⏬
لم تفكر ملكة ولو لحظة، لماذا عاندها القدر وبقيت بلا زواج، رغم أنها لو لبست ثوب الدانتيل الأبيض في
العشرين من عمرها لعاشت الحياة الزوجية بكل هيبتها وقدسيتها،لكنها الآن تؤمن بالمقولة التي يرددها عامة البشر ،(نمشي من الحيط الحيط ونقول يارب الستر).
النساء الفضوليات اللواتي كانت تجالسهن في الحديقة كن يسألنهاا دائما لماذا سموك أهلك ملكة؟! كانت تجيبهن على الفور: _ أنا ملكة مجرد اسم ،ملكة من دون خدم أوحشم.
لكنها في قرارة نفسها كانت تتمنى لو تكون ملكة حقيقية في بيتها وأكثر أهمية من ملكات العالم،لها مملكة تحيط بها حديقة لها أسوار عالية تعرش داخلها الأزهار، وتزورها الفراشات في كل الأوقات وعلى رأسها رجل حبيب إلى قلبها يدللها وتستأنس به على مدى العمر.
ذات نهار وهي تجلس مع إحدى صديقاتها ،رأته من بعيد وحيدا يجلس على مقعد خشبي تحت شجرة زنزلخت يانعة الاخضرار، رجل أنيق الملابس هادىء الملامح نظرته تخطف الأبصار،كان يناظر الأطفال وهم يلعبون كرة القدم يشجعهم ويثني على براعتهم في اللعب،وفي بعض الأحيان يصفق لهم،أحبته من النظرة الأولى بهرها وقاره وسرتهاابتسامته الفريدة رغم أنه رجل في الستين من عمره لكنه مسكون بفرحة الدهشة والإكتشاف ولهفة النداء.
في الليل عندما وضعت رأسها على الوسادة تساءلت مع نفسها لماذا لا أصبح ملكة متربعة على عرش قلبه
صحيح أنني بلغت سن الأربعين لكنني مازلت أسلك الطرق المعبدة بالطفولة وعفوية الفرح،تذكرت صديقتها منار يوم قالت لها:
_لماذا هذا القلق المتواصل ،ألست إنسانا يملؤك العشق والحب والشباب،ادحري العتمةمن أمامك حتى يسري نسغ الضوء في عروق.
أيقنت تماما أن هذا الرجل الذي تكرر تواجده في الحديقة وحيدا سيكون ضالتها،بل ربما سيحتويها كما تحتوي الزهرة رحيقها،سيفضلها على كل ملكات العالم المتوجات المتبرجات.
ذات مساء قبل أن تسقط الشمس وراء الجبل الأشم ارتدت ملكة ثوب الجرأة مأخوذة بنشوة العشق فخطت نحوه وجلست قربه على المقعد ،رمت له السلام وعرفته الى نفسها،حكت له وحدتها ووحشتها بعد موت أهلها في الحرب الدائرة على أرض الوطن ،اعترفت له بحبها،فتعاطف معها وتكررت اللقاءات،تمنت لو يفاتحها بالزواج لتهدأ روحها وتقر ،لكنها فوجئت به يعترف لها أنه لم يحس بها ولومرة واحدة،كل ما في الأمر أنه رجل غريب،وزوجته منذ أمد قصير ماتت بسكتة قلبية
وهو الآن ينتظر أولاده المقيمين خلف البحار ليرسلوا إليه ورقة ضم الشمل .
*ناديا ابراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق