اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الشاعر الفلسطيني... بين ألم الحنين وأمل العودة


⏪⏬ بقلم: محمد حسين منصور
لله درُّ تلك القوافي ما أعذب همسها... وما أرقّ جرسها... وما أحسن ديباجتها.. كيف لا تكون كذلك وهي التي نظمت مثل الدرّ النضيد
مخاطبةً كروم فلسطين.. مستظلةً بفيء بياراتها.. مستلقيةً على شاطئ بحرها.. خاشعةً في محاريب مساجدها.. مداعبةً أريج زهرها.. حالمةً على ضفاف نهرها.. واعدةً بفجر العودة المظفر بعد ليل الفراق الذي أيقن أنه مهما طال واشتدت حلكته لن يستطيع غرس بذور النسيان – ولا حتى خلسة – في نفوس المهجّرين الذين يزدادون حنيناً لأرضهم وتمسكاً بحقهم وشوقاً لأهلهم في كل لحظة يمضونها وهم بعيدون عن الثرى الغالي..

وفي هذا الصدد أضع بين يدي القارئ الكريم دراسة لأبيات من قصائد ثلاث لشعراء ثلاثة..كان لهم – مع أقرانهم من المخلصين – الريادة في أدب القضية الفلسطينية.

ولما كان الأدب مرآة الواقع والشعر ديوان العرب..فإن قدر أدبنا أن يولد من قلبٍ جريح أضناه البعاد وفكرٍ كليم عاش بين طيات الذكرى ليومٍ في ربوع فلسطين فكان يومه عمراً كاملاً. ولعلي لا أبالغ إن زعمتُ أن أطياف الذكريات – حلوها ومرّها – تكاد لا تفارق ألباب أدبائنا ولا أذهان شعرائنا. تلازمهم في صحوهم وفي نومهم..في أفراحهم وفي أتراحهم.. كلما مشى شاعرنا في طريق تذكّر شوارع بلاده وكلما رأى بيتاً تذكّر بيته الذي سُلب منه وكلما ذرف دمعةً تذكر سيول الدمع التي تُذرف من سهول الوطن وهضابه.. وإن افترضنا جدلاً أن الأيام قد تُغفل الشاعر عن قضيته – أقول جدلاً- فمن يستطيع محو صورة فلسطين التي حُفرت في القلوب وانسابت مع كل نبضة وجرت في العروق معلنةً استمرار الحياة..ومن هنا ظلّت فلسطين بنرجسيّة رسمها وطهارة أرضها ومخمليّة حنانها. ظلّت متربعة على عروش الأفئدة... حاضرةً في كلّ المحافل... متألقةً في أبهى صورة... ماثلةً في كل جمالٍ تراه العين... رحم الله الشاعر عبد الرحيم محمود حين قال:

فكرةٌ قد خالطت كل الفكر صورةٌ قد مازجت كل الصور
تلك أوطاني وهذا رسمُها في سويداء فؤادي محتفر

عبد الرحيم محمود الذي هُجِّر من فلسطين إلى العراق أيام الانتداب يحكي لنا بحروفٍ تنزف شوقاً حكاية حبّه لأرضه التي تراءت له في نور الشمس وتوهُّج البدر ونواح الحمائم و رقّةِ الأنسام وحفيف الشجر وتلألُئ قطرات الندى..يقول محمود:

يتراءى لي في بهجتها حيثما قلّبت في الكون النظر
في ضياء الشمس في نور القمر في النسيم العذب في ثغر الزهر
في هتون الدمع من هول النوى في لهيب الشوق في قلبي استعر

ولمّا صار حب فلسطين هوساً غزا فكر شاعرنا..وزّع عبد الرحيم محمود أشجانه وخفقات خياله وأسرار ذاته على أوتار قيثارة الحنين لأرضه ومسقط رأسه ليخلص بسمفونيةٍ منبعها القلب ومصبها (فلسطين):

منيتي في غربتي قبل الردى أن أملّي في مجاليك النظر
وتمرّين بيمناكِ على جسدٍ أضناه في البعد السهر
ويغني الطير في أشجاره نغماً يُرقِصُ أعطاف الشجر

وكان لشاعرنا ما تمنى.. إذ قاده قدره إلى الوطن الحبيب الذي صار شاعرنا قطعةً من أرضه وصارت الأرض قطعةً من شاعرنا.. وهناك كان محمود على موعد مع الشهادة التي نالها أثناء دفاعه عن وطنه في معركة الشجرة..ودُفن في ثرى فلسطين وكان اللقاء لقاء الأحبة تماماً كما أراد عبد الرحيم محمود عندما قال:

خبرٌ تنقله ريح الصبا ويذيع الزهرُ أنسامَ الخبر
ويلاقي كل إلفٍ إلفَهُ ويلمّان الشتيت المنتثر

ومن ليل الصحراء في بئر السبع..وبعد أن أضفى عليها المستعمر قتامةً بغيضةً توحي لك بمدى المعاناة التي تجرعها شعبنا.. من هناك بزغ نجم الشاعر يحيى برزق – رحمه الله – نظم برزق القضية شعراً وأنشد الأرضَ عشقاً ولا يجد الباحث صعوبةً في تلمّس الدفء الذي يخبّأه الشاعر في حروف قصيدته , حيث ركب متن سفينة الحب والحنين علّهُ يجد شاطئ الوطن المنشود الذي تبدّى له مع كلّ بسمةٍ ودمعةٍ ورفّة أملٍ وإطلالة خيال..يقول برزق:

يا قصة الحب الكبير ولهفة الـ أمل المثير وبسمتي وجراحي
أنّى ارتحلتُ تظلّ عبر جوانحي بسفوحك الشمّاء والأدواح

لازمت فلسطين شاعرنا الكبير يحيى برزق في حلّه وترحاله , فما زالت رائحة شجر الليمون عندما تتراقص أوراقها ناشرةً عبقها الطيب حاضرةً في نفسه.. ولا زالت صور أشجار الزيتون التي تتلاعب بأغصانها الأنسامُ لِتبدوَ كأنها تتثنّى في عرس الطبيعة متباهيةً بفستانها الأخضر منطبعةً في مخيلته:

يتضوّع الليمون في جنباتها ومعاقد الرمّان والتفّاح
وخمائل الزيتون في عرس الربا تزهى بخضر قلائدٍ ووشاح

ومن جمالها العذري استمدّ شاعرنا صورتَه , فتمثّلت له سنابل القمح فتياتٍ يترنحن بغنجٍ بين يدي الزارع وتمثّل له النهر عاشقاً ولهاً يشكو الصبابة ويئنّ من طول النوى..يقول برزق:

وأرى السنابل كالعذارى تنحني في رقّة للزارع المكداح
والنهر في عطفيه أنّة عاشقٍ يشكو الهوى لمفاوزٍ وبطاح

يحار الفكر في وصف الوطن..فكيف إذا كان هذا الوطن هو (فلسطين) وكيف إذا كان واصفه بعيداً عن ثراه.. باختصارٍ شديد وصف يحيى برزق وطنه إذ قال ( وطن الجمال) وبثّ أنينه عبر الأثير مع طيفٍ راوده وذكّره بطفولةٍ بريئةٍ قضاها الشاعر بين حدود الوطن الحبيب... ويزداد الأنين كلما ذكر الشاعر كفاحه وعذابه وألمه:

وطن الجمال وفيك شدو طفولتي وهوى صباي وذكريات كفاحي
طويت كما يطوى الشراع ولم يزل في اللجّ يضرب قارب الملاح
وطن الخلود وأنت في حلك الدجى أنا منك فرط أسىً وفرط نواح

وبعد هذا البوح الشجيّ الذي باح به الشاعر لقلمه ووريقاته.. خلص إلى قولً يبدد أي يأس يظن القارئُ أنه تسلل إلى نفس برزق..بل ويؤكد أن موعده مع أرضه غداً و( إن غداً لناظره قريب)

وطني وأعلام التحرر رفرفت في الأفق بين غمائمٍ ورياح
لك أنت قدّمنا النذور على المدى وإليك ندفع بالقلوب أضاحي
ميعادنا جبل المُكَبِّر في غدٍ والهفتي لغد العلا الوضاح

وكلما ذكرت العودة - هذا الحلم الجميل الذي تتوارثه الأجيال صاغراً عن كابرٍ تماماً كما تتوارث القضية - رأيتَ البسمة رسمت نفسها على كلّ ثغرٍ.. ورأيت دمعة (الأمل المثير) انسابت من كل عين وتلألأت على كل خدّ.. في هذه اللحظات الشاعرية تفرض قصيدة (سنعود) لأبي سلمى نفسها.. قصيدةٌ يحفظها الجميعُ ويرددها الجميعُ ويهوى معانيها الجميعُ ويدخل في جوّها النفسي الجميعُ ويحلّق في فضاءات خيالها الجميعُ.. وكلما قال أبو سلمى (سنعود) تعالت نبضاتُ القلوب وتسارعت الأنفاسُ وقال الجميعُ (إن شاء الله قريباً سنعود):

عبد الكريم الكرمي أو أبو سلمى كغيره من شعراء القضية هام بأرضه بأشجارها بأنهارها بثمارها بهوائها بمائها بأهلها ببيوتها وبكل شيء يذكره بها.. وهيهات لمحبٍّ أن ينسى محبوبته التي سكنت سويداء فؤاده.. يقول الكرمي:

فلسطين الحبيبة كيف أحيا بعيداً عن سهولك والهضابً؟!
فلسطين الحبيبة كيف أغفو وفي عينيَّ أطياف العذاب ؟!

ومن بُحّة ناي أبي سلمى انطلقت زفرات الحنين ومناجاة الطبيعة الفلسطينية.. فمن السفوح التي تضمّخت بالدم القاني إلى الشوطئ التي ناحت وردّد الفضاء صداها إلى الجداول التي تغيّر ورّادها إلى القباب التي حنّت لصوت الأذان:

تناديني السّفوح مخضباتٍ وفي الآفاق آثار الخضاب
تناديني الشواطئ باكياتٍ وفي سمع الزمان صدى انتحاب
تناديني الجداول شارداتٍ تسير غريبةً دون اغتراب
تناديني مدائنك اليتامى تناديني قراك مع القباب


وبعد هذه اللوحة الفنيّة الرائعة التي رسمتها ريشةُ أبي سلمى بمدادٍ من الدمع والشوق والحنين..وضع الشاعر يده على الجرح – كما يقال – ولعلّ طريقة ( ويسألني الرفاق ) تنمّ على شخصية الشاعر الواثق بالنصر والمتأكد من عدالة قضيته..فالشك بالعودة لم يكن في نفس الشاعر ولكنّ فكرة الشك وجدت طريقها إلى نفوس إخوانه الذين سألوه كما يقول:

ويسألني الرفاق ألا لقاءٌ ؟؟ وهل من عودة بعد الغياب؟

وأجاب الكرمي إجابة الواثق بانتصار الحق مهما طال ظلم الظالمين.. لأن التضحيات التي قدمها شعبنا على ثرى فلسطين لا بد أن تكون جسوراً تمرّ عليها قوافل العودة.. يقول أبو سلمى:

أجل.. سنقبّل الترب المندّى وفوق شفاهنا حمر الرغاب
غداً سنعود والأجيال تصغي إلى وقع الخطى عند الإياب

تميزت أبيات شاعرنا بمزجٍ جميل أبدع في صناعته الشاعر..عندما أظهر لنا حنينه لأمورٍ اشتاق إليها بتفاؤله برؤيتها في مستقبلٍ قريبٍ يتمناه:

نعود مع العواصف داوياتٍ مع البرق المقدس والشهاب
مع الأمل المجنح والأغاني مع النسر المحلق والعقاب
مع الفجر الضحوك على الصحارى نعود مع الصباح على العباب

ينابيع من المشاعر الخالصة فاضت على صفحات الأدب العربي شعرا..تلك هي أقلام شعراء القضية..عطاءٌ ثرٌّ وفكرٌ غزيرٌ جاد به (محمود وبرزق وأبو سلمى) يبدأ من غصّات الألم وحرقة الفراق وينتهي بـ:

أجل ستعود آلاف الضحايا ضحايا الظلم تفتح كل باب

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...