قَبّلتُ تُربكِ صَادِيّاً حَرّانا
يا " كربلاءُ " فأشرِعي :" المِيزانا"
واستوقفي ركبَ الشموسِ وحطّمي
" هُبُلَ " النّفوسِ وكسّري " الأوثانا "
وهَبي حُروفي بعضَ بوحٍ مِنْ رؤىً
قُدسيّةٍ قد ملّتِ الكِتمانا
فأنَا المُسافِرُ و" المَجازُ" سَفينتي
و" خَيالُ " شِعري حَيّرَ الأوزانا
لا " التّورياتُ" تُخيفني أنواؤها
مهما استجاشتْ تنفثُ الأشَجانا
وقصيدتي جُرحٌ تفتّقَ نزفهُ
نخلاً تمايلَ سَعفُهُ وسنَانا
" حِبري وحَرفي " توأمانِ تعاهَدا
أنْ يَبعثا بشتاتِنا الطُوفانا
أنْ يُرسلا نارَ الغضا مِنْ جَمرِهَا
أنْ يُشعِلا بجمودنا البُركانا
فهُناكَ حيثُ اللهُ كلّمَ " آدماً "
و" عليّ " أخبرَ مرّةً " سَلمَانا":
أنْ هَا هُنا يلقى " الحُسينُ " مَصيرَهُ
وتُداسُ شِرعةُ جدّهِ عُدوانا
وهُنا هُنا تُسبى الحَرائِرُ عُنوةً
و" الآلُ " يُسلبُ حقّهم نُكرانا
هَذي رِمالُ " الطّفّ " أكبرُ شَاهِدٍ
كيفَ الأعارِبُ ألّهَتْ " شَيطانا"
***
إيهٍ " أبا الشّهداءِ" جُرحُكَ لم يزل
مِشكاة نورٍ تُشعِلُ الأذهانا
" حَوراؤهُ " في كلّ أُذنٍ لحنُها
نَاقوسُ حَقٍّ يُسمِعُ الطّرشَانا
إنّي لأسمَعُ صوتَهُ مِنْ همسِها
وأرى " رضيعاً " يُنطِقُ الخُرسانا
وأرى أرى " العبّاسَ" يُقحِمُ خيلهُ
في المُستحيلِ لِيُبدِعَ : الإمكانا
لكأنّهُ الموتُ الزّؤامُ وقد أتى
مَلِكاً لينسجَ للعِدا أكفانا
فوقفتُ ما بيني وبيني حائراً
أُصغي لبوحِ يَراعتي ولهانا
لِأخُطّ مَا باحَ النّزيفُ بسرّهِ
سِفرَاً يُترجِمُ للورى نَجوانا
سِفراً " لِآلِ البيتِ" زوّرَ متنهُ
قومٌ عُتاةٌ أنكروا " القُرآنا "
وأُعيدَ لِلتّاريخِ بَعضَ حقائِقٍ
قد ألبسوها : الزّورَ والبُهتانا
***
يَا مَن سَكنتَ مِنَ القلوبِ شِغافهَا
هلّا استمعتَ لِبُرهةٍ شكوانا.؟
هَذي قَصيدةُ مَنْ تَأبّطَ جُرحَهُ
وأتى " طفوفَكَ " رَاجِيَاً غُفرَانا
شَاركتُ فيها " دعبلاً " آهاتِه
وبثَثتَهُ : الأوجَاعَ والأحزَانا
فالحِبْرُ أبلَغُ في القَصِيدَةِ إنَّمَا
لُغَةُ " النَّجيعِ " تَفُوقهُ تِبْيَانَا
وَبِهَا تَهَجَّى اللهُ أحْرُفَ وَحْيهِ
كَيْمَا يُعِيدُ لِنَفْسِهِ سُلْطَانَا
لُغَةُ النَّجِيعِ حِكَايَةٌ أزَلِيّةٌ
سُبْحَانَ فَارِسَ شَوطِهَا سُبْحَانَا
أعني " الحُسَينَ " إمَامَ كُلّ حَقيقَةٍ
وقَضِيّةٍ أحْيَا بِهَا الإنسَانَا
" هَيْهَاتُهُ " لَمَّا تَزَلْ أصْدَاؤهَا
فِي كُلِّ أُذْنٍ تُبْدِعُ الألحَانَا
هِيَ أمْسُنَا البَاكِي وهَمزةُ وصلهِ
وَنَحيبُ فِكرٍ أذهَلَ الأزمَانَا
عَلَّ الغَد الآتِي يُتَرجِمُ لَحْنَهَا
وَيُعيدُهُ لِـ"حُسَيْنِهِا" دِيوَانَا
***
مَولَايَ نَحنُ الرّاعِفونَ كرامةً
ما شَعّ ثَاقِبُ نَجمها لولانا
نَحنُ الأُلَى صُغنَا المُحَالَ قَصَائِدَاً
مِنْ " كَرْبَلاءَ " تَفَجَّرَتْ غُدرانا
وَعَلى مَثَارِ النَّقعِ ثَمَّةَ دَمعَةٌ
مِنْ عَينِ " زَينَب " حَرُّها أدمَانَا
وَبِهَا مَلائِكةُ السّماءِ تَعمّدَتْ
واطّهّرَتْ بِزُلالِهَا دُنيَانَا
مَا زلتُ أُبصِرُ مَوكِبَ النُّورِ الذي
أعشَى وكَحَّلَ نُورُهُ الأجفَانَا
وَشَريطَ أحزَانٍ يُجَرِّحُ مُقلَتي
وَيُشِبُّ بينَ أضَالِعي نِيرَانَا
هِيَ " كَرْبَلاءُ " الأمسِ تُبدِعُني فَتَىً
مِنْ رَحمِهَا وَتَهُزّني إيمَانَا
ولسوفَ تبقى بِدءنا ومَعادنا
ولسوفَ تبقى : الرّمزَ والعِنوانا
فأنَا " ابنُهَا " وَالجُرحُ أضحَى : " وَالِدي"
وَ" هُويّتي" لَن تَعرِفَ الإذْعَانَا
شِعر .د. مُهنّد ع صقّور
جبلة .. سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق