اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

نموره ومشبك ـ قصة قصيرة ...*فؤاد حسن محمد- سوريا

أن تحضر من كواليس الماضي فأنت صديق بائع النمورة والمشبك.
الذاكرة هي مفارقة العمر بين زمنين، وللصوت الخاص بأبي دبوق وهو يصيح مناديا الناس :
- نموره ومشبك .....نموره ومشبك
لذة في الذاكرة يسيل لها اللعاب،وكان في كل مرة يأتي يدخل بيتنا في صراع عائلي،وملاسنات ومشادات تنبعث منها رائحة الغضب، والدي الذي ينوء تحت حمل أعباء الفقر،وأنا وأخوتي الذي يجري في عروقنا فيضان من الجوع إلى السكر، نصاب بالعصبية والتشويش عند سماعنا ذلك النداء،لدرجة اتخذت كلتا عيني أخي شكل عوامتين،وأظن لو التقطت لهما صورة لأخذتا جائزة عالمية في مسابقة العيون المحرومة، سلطة وعز في تلك الحلويات.
عالم جديد ينفتح أمام عيوننا،في أول كلمة قالها والدي:
- لعنة الله على أبو دبوق لأبو الساعة التي ولد فيها.
لكن رأسنا يقول شيء آخر، أشياء تنمو ، أشياء طيبة المذاق،تستبدل ابتساماتنا بتكشيرة،توقظنا من إلفه الحرمان،إنها مناسبة تستحق أن نصرخ فيها من صعوبة العيش بدون طعم حلو،نريد أن نتمسك بشيء من أجل أن نكون سعداء،ولن يكون مهما إن حاول أحدنا أن يكون مسيئا بسبب ذلك.
أخذ أخي يقفز في مكانه متناغما مع ترنيمة " نموره... ومشبك" ثم أطلق أصواتا بدائية تشبه أولئك الذين يطاردون وحشا في الغابات:
أووووي..أوووووي...أويييي
تقدم والدي نحو أخي وضربه بقوة على صدره ، فوقع مستلقيا على ظهره، مرر لسانه على شفتيه وهو يلهث:
- هل جننت ...إعقل....وإلا سأضربك وأضربك حتى يخرج شيء من الأرض ويضربك
أتبع ذلك مع شبه تحريك لشفتيه:
- يمكن الاستغناء عن النموره ... لكن لا يمكن الاستغناء عن الخبز
الجوع يوقظ الذعر في خفايا العقل، اختفى العالم أمام أعيننا ولم نعد نرى إلا صورة والدي والنمورة والمشبك.
عيون أمي كي لا تنهزم ، بكت،تناثرت على وجنتيها غلالة من الدموع بلون الملكوت، دموع تشعرك بأنك صغير ومحاط بالبؤس،ويصير هاجسك ألا تتشوق وألا تتلاشى كظل يختلط بالضوء.
قالت والدموع تحترق تحت جفنيها:
- الأولاد مثلهم بحاجة إلى جرعة من السكر
-أغلقي فمك... اعرف أنهم بحاجة إلى خراء...
- هل تستطيع حضرتك لاستغناء عن التتن(التبغ)
-لا تتفلسفي ...وإلا
ورفع قبضته نحو الأعلى مهددا إياها بالضرب.
طرفت عينا أمي مرتين،وجفت حنجرتها.
شعر والدي بالانزعاج ،لم يفهم لماذا الكل ضده،نادرا ما يرى أمي تحتج، لكنه أدرك عندما يجتمع الأولاد حول الأم يصبح الأب ضعيفا.
فيما أخي مازال مستلقيا على ظهره،أذهله الكلام المفاجئ لأمي
مما جعله يقف بسرعة على قدميه ،ورأيته كما لم أره من قبل،لحظة مسحورة،استدار ونظر إلى والدي كمن ينظر إلى خصم، برم وجهه يمينا وشمالا يبحث عن شيء، ثم التقط طاسة الستانلس، وضرب بها الحائط ،فسقطت تقرقع على الأرضية، مترافقة مع صرخة عالية حادة :
-أووووو ....أووووو
ولما وصل الحائط اتكأ عليه، ووضع رأسه بين يديه ورويدا رويد ملأ رئتيه حد الانتفاخ،وقذف هذا الانتفاخ بكاء متوحشا .
بينما أبو دبوق في الخارج وبعيدا عنا،يقود سيارته ببطء وهو ينعق كالغراب:
- نمورة..... ومشبك
وخلفه أولاد القرية يركضون ، قاطعين طريقا ترابية ،طويلة،قاسية، مليئة بالأشواك.
كان النداء يختفي فجأة ثم يعاود الظهور،صراخ في الخارج وصراخ في الداخل، ودون مقدمات أخذ والدي يتيقن أن للنمورة والمشبك كيانا يتطاول أعلى من رأسه ،بدأ يفكر في حل ،وهو يعاود كنه المشكلة،تملكه الغضب فجأة،واشتعل وميض رائع في عينيه ووجدناه يهدر بعناد وبغضب مكتوم:
_ يلعن أبوكم لأبو أبو دبوق ... الكلب ابن الكلب
أشارة تبدو أكثر شؤما ،تأخذ منا سحر الأمنية، تقودنا إلى مذبح التضحية ،وتخلينا مجردين من الشعور إلا من الانسحاق.
بدأنا جميعنا البكاء،بكاؤنا الغريب ، بكاؤنا المفزع،بكاؤنا المدلل لتلبية حاجتنا لشيء ما،يتصاعد منفردا ومتناغما في خضم هذا التراكض اليائس،كأننا مسروقون من أنفسنا،سباق مع الزمن الطائر، قبل أن يتجاوز أبو دبوق بيتنا،تعالت صيحاتنا اليائسة:
- نريد نمورة ....ومشبك
النداء يقترب بسرعة موتورة،دقائق للحملقة بوجه الأب دون كلمة،هذا كل ما أمكننا الحصول عليه، لحظة بدت فيها أرواحنا تتدثر الخيبة ، الكل يستشعر أنه في خطر،أما والدي فقد غرق في هم لا طاقة له به، فأطرق برأسه ، ولم يرفع عينيه عن الأرض.
وعلى حين غرة دس يده في جيبه، وقال بصوت متألم وهو يخرج بقداسة قطعة نقدية:
- لا أملك سوى خمس وعشرون ليرة
تم دس كلتا يديه في جيبيه ، وقلب بطانتهما المنسوجتين من الموصلين الأبيض،وقال بصوت خاشع كالهمس:
- ليس في جيبي شيء
انبسطت يده وقذف بالقطعة المعدنية في الهواء،سمع لها رنينا وصل عنان السماء،أشرق وجه أخي بابتسامة وتهللت أساريره،وقد استطاع أن يلتقط القطعة المعدنية قبل أن تتوقف عن الدحرجة ،وأطلق ساقيه للريح ،مغتنما هبوبها،كان فم والدي مشدودا وقاسيا، لكني لا حظت أنه يود لو يبكي أيضا،قال وهو يعيد بطانة الجيبين :
- كيف يمكنكما فعل ذلك
لم نفهم أبدا ماذا يقصد.
وقف أخي الصغير على النافذة ووضع يديه على البلور المتسخ يحدق في الصوت،أصغى إلى حفيف إطارات السيارة وهي ترتاح قرب بيتنا كوحش ضخم،وخفقان موسيقى مكبر الصوت تتمدد بعيدا بعيدا،والجميع في لحظة تقرقر فيه معدتة بعنف.

فؤاد حسن محمد- جبلة - سوريا

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...