اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

ليلة خمر ... بقلم : فاديا عيسى قراجه

كان يجب أن أعد كل ما يلزم .. اليوم ستزورني نغم ليس بصفتي الطبية كما تزعم هي وإنما تريد أن تمنحني خبرة أكثر .. فهي تدّعي أن كل ما تعلمته بكلية الطب لا يساوي تجربة واحدة في الحياة .. أضحك رغم اقتناعي بما تقوله نغم ....... ليس هذا وحسب بل يجب أن أحضر العرق البلدي وأشوي قطعتين من اللحم .. ولا تمانع ببعض مما أجوده .. السهر مع نغم أمتع شيء أقوم به بعد يوم عمل مضني .. تساعدني أمي بإعداد العشاء ثم تذهب لتنام لأن دخان نغم يزعجها جداً .... تدخل نغم إلى بيتي .. تحرك السكون الذي يسيطر على كل شيء, تقلب بكتبي الطبية ثم تبتعد عنها ساخرة, ومطلقة النوادر التي تتحدث عن المجانين الذين عالجوا أطباءهم, فأضحك من كل قلبي . تبدل ملابسها وتبدأ بصف الأطباق والكؤوس على الطاولة الزرقاء .. نغم تشبه بيتي .. تخفي عاصفة من التمرد والرفض والقبول والرغبات ...... تحذرني من تمثيل دور الطبيبة النفسية التي تبيع المواعظ والدراية بكل شيء.. تفهمني أنها تعرف كل ما يحيط بمشاكلها وما قدومها إلي سوى الرغبة في زيادة خبرتي .. كنت أتوقع أن تصدّع رأسي باسطوانتها المشروخة .. فهي ما اختارت مهنتها لتطعم الأفواه الجائعة وليس هرباً من زوجة الأب .. أو زوج الأم كما يظهر في الأفلام المصرية التافهة على حد قولها ....... بل هي دخلت هذا المضمار لأنها تعشقه وتعشق كل حركة تقوم بها . ولا يغريها تصفيق الجمهور فهو جاهل بما تقدمه له ولا يهمه سوى ما يكشفه الثوب من بياض وانحناءات ...... هذه المقدمة كانت تشرحها نغم في كل زيارة ثم تبدأ بالحديث عن فلسفة الرقص وعلاقة الأفعى بالخابية ....... فهما على حد تعبيرها يشكلان أسطورة (وأظن بأن هذه الأسطورة من اختراع خيالها الخصب الذي يذهلني) تقول بأن امرأة بارعة الجمال أحدثت فتنة في مملكة قديمة فقد اشتهاها الملك و رجال المملكة وهي اشتهت الراعي وكانت تتسلل إليه بعد انتصاف الليل كي تسمع نايه وهو يذرف الألحان, وترقص له حتى يشيخ الليل .. ولما سمع الملك بقصة العشق تلك حشد جنده إلى أطراف المراعي لكن الراعي بحكمته طلب من المرأة أن تختبئ في خابية الماء .. وحينما تم تفتيش الخابية وجدوا أفعى بيضاء تتكوم داخل الجرة الفخارية, ولم يتمكنوا من إخراجها حتى عزف الراعي على شبابته فخرجت تتمايل تحت أشعة الشمس فأبهر بياضها الجند وأصيبوا كلهم بالعمى حتى الملك ابيضت عيناه ولم يطمئن قلبه ..... ثم تشرح صديقتي المثقفة مدلول الخابية والأفعى والناي في الأسطورة .. اليوم نغم صامتة .. فشلتُ في شدها إلى أي حديث .. كانت تفرغ كأس العرق في جوفها بطريقة مسرحية وكأنها تنتظر كما يبدو حدثاً ما وتعود لتسكب لنفسها المزيد من الخمر ....... تركتها وحاولت الانشغال عنها بأي شيء وللمعلومة فقط أن نغم تقتل نفسها لو انشغل عنها محدثها ....... كنت أراقبها بطرف عيني كلما قلبت صفحة من كتاب كان بيدي .. أصابعها ترتجف وهي تحيط بالكأس .. وسيكارتها تنطفئ لوحدها وقد انحنى رمادها فتوزع ما بين المنفضة والطاولة ...... خرجت من الغرفة,ودخلت أكثر من مرة وفي كل مرة أحاول أن أبدأ بكلمة أو إشارة فيصدني صمتُ نغم القاتل والمحير ....... كانت الساعة قد دخلت على الثالثة صباحاً ..... نظرت نغم في وجهي ثم وضعت كفيها على وجهها وأجهشت بالبكاء ..... نغم تبكي ؟؟؟؟؟؟ هي التي تحتقر دموع المرأة وتصفها بمرق الدجاج المالح ...... كم مرة وصفت الرجل الذي تضعفه دموع المرأة بالرجل الغبي أو الكاذب ...... نغم ما القصة ؟ قلت وأصابعي تزحف لتضم رأسها . قالت من بين الدموع كلاماً كثيراً .. ارتفع صوتها ثم انخفض .. شتمت ثم تراجعت .. صمتت وعادت للعويل ..... نغم عاشقة ؟!! هذا ما فهمته من كلامها الفوضوي ...... فجأة هبت إلى التلفزيون وفتشت على محطة معينة وبدأت بالرقص .. رغم صوت الموسيقا كنت أسمع نشيجها .. كانت حركة جسدها تتلوى مثل أفعى الأسطورة .. يهتز صدرها مخرجاً قيحه .. يتمايل خصرها مثل أمواج تغرق مدناً وقرى .. يتكسر ردفيها يمين, شمال على إيقاع حنون, تتناوب ساقاها على فتح فرجات من عبير .. يميل مشط قدمها للأسفل كوجه بجعة بيضاء يغطس في الماء, نغم تحكي قصتها عبر هذا الرقص الزوربي .. تدق الأرض بكعبيها كفرس أصيل ....... تصفق بيديها .. تسدلهما بوضعية خيبة .. ترفعهما بوضعية دعاء ..ثم تسدلهما .. وترفعهما ..و تصفق . نغم تتداوى بالرقص مثلما يتداوى المريض بالمسكنات .. كانت حركة كتفيها تعزف لحناً لا يمت للحن الذي تراقصه .. من أشعل هذا الفتيل يا نغم ؟؟ أي رجل نال مجد تحريك هذه البحيرة التي تحولت إلى بحر هائج من الرقص ؟ هدأت الموسيقا فتهالكتْ على الكرسي .. وضعت إصبعها على شفتيها وأمرتني بالصمت .. سكبت في جوفها ما تبقى بكأسها من شراب حارق, وبدأت تحكي تغريبتها على حد وصفها .. - نعم أنا عاشقة يا دكتورة . حاولت أن أقول لها هذا أجمل شيء تفعلينه لكنها لم تسمح لي بأي تعقيب بحركة من يدها وأكملت : " أمضيت عمري أسخر من هذا الشعور الذي يبدأ دائما بسيل من المشاعر والأحاسيس واللهفة والانتظار .. كم نصحت صديقاتي بعدم جدوى هذه القصص المكررة البدايات والنهايات .. ماذا يفيد شرحي فأنت تعرفين كل شيء ....... لكنني حقاً أنا عاشقة ... أحذرك من هذه النظرات والتعابير الحمقاء التي ترتسم على وجهك .. كنت فراشة بلهاء تعشق محرقتها .. دخلت مدرسة لتعليم رقص الباليه .. كنت أقف على رؤوس أصابعي .. أدور فيدور العالم معي .. لكن مشروعي فشل لأن لغة المستنعقات كانت أهم من لغة خطواتي الحالمة .. ماذا أفعل والرقص يغلي في دمي ؟؟ ماذا أفعل وأنا أرفض تكسير الأحلام ؟ أنت تعرفين تاريخي ولكن يجب أن أضعك ضمن لوحة كاملة .. كان الرقص الشرقي هو هدفي الثاني .. قرأت السيرة الذاتية لأكثر من ألف راقصة وعلى عدة مستويات فسيرة راقصة من الدرجة الأولى لا تختلف عن سيرة راقصة من الدرجة العاشرة .. كل واحدة كتبت عن حياتها بطريقة حمقاء دون أن تعطي أي منهن سطراً واحداً عن الرقص كلغة بديلة .. تعلمت كل ما يخص هذه الأداة الساحرة .. درست علم الحركة والسكون .. اكتشفت نقاط الضوء والظلمة في المنحنيات والإلتواءات .. فككت عظامي ولحمي قطعة. قطعة وأعطيت كل ذي حق حقه .. قابلت الكثير من الرجال الذين تقدموا إلي برغبات لا تختلف عن بعضها إلا بطريقة الطلب ...... حتى قابلت نظراته الخضراء .. نظراته لم تفعل فعل التعرية كما يفعل كل الرجال .. نظراته كستني بالينابيع والأشجار وسنابل القمح .. لا تندهشي فهذا حقاً ما شعرت به .. شيء يشبه الدفء .. يشبه الأحضان ...... يشبه الفرح .. حدثني عن تاريخ الرقص عند الشعوب .. أسمعني أصوات أقدام الأفارقة الذي حررهم رقصهم المجنون حول نار مجنونة, من نير العنصرية ....... سمعت صراخ الغجر ودوي طبولهم, وهسيس نارهم في ليالي الترحال الأبدية . فتح أمامي أبواب التكايا والدراويش .. سافرت عبر أرديتهم البيضاء وذبت معهم في حلول وقد أعتقتني من كثافتي صوته الحنون الذي كان ينساب مطلقاً الغناء الذي يتحدث عن الحب وأُلفة الأَُلاف .. إياك أن تسأليني أين التقيته فهذه تفاصيل مقيتة لا تعنيني .. كنا حول طاولة خضراء .. حروفنا خضراء .. ضحكاتنا وهمسنا أخضر .. والعالم كان خابية خضراء نتربع في قاعها " . هتفت كالمأخوذة : مدد يا نغم ... مدد . صمتنا معاً .. قالت بتمتمة خافتة : حينما تعشق امرأة مثلي رجلاً مثله هذا يعني أنه هو رجل حياتي .. رجل بيتي .. هو الرجل الذي سأستولد منه أولادي ......... كنت أراقب توترها .. سيكارتها لا ينطفئ رمادها .. عبثت يداها بالكأس .. بدت نظراتها صافية وعميقة أكثر من أي وقت .. قالت شيئاً لا يمكن أن يخطر على بال سواها : - لماذا لم تتزوجي يا دكتورة ؟؟ هل تبحثين مثلي عن رجل يكون هو الخابية التي تودعينها صندوق جسدك الأسود ؟ ضحكت كثيراً . لكنني ظننت بأنني سأجيب بنفس طريقتها وسيكون سؤالها من أسهل الأسئلة .... توقفت كثيراً وأنا أبحث عن صيغة تقنع امرأة مثلها عن سبب عزوفي عن الزواج ......كنت أريد أن أتحدث لها عن حبيبي الذي سافر منذ عشرين عاماً وترك ندبة بل وشماً فوق روحي ..... لشد ما أذهلني أنني لم أجد ما أقوله لصديقتي .. فشلت في إيصال أي تفصيل يخص قصتي, ففضلت الصمت.... وقفت أمامي ثم بدأت بالدوران حولي..... كانت نظراتها تثقب رأسي .. ابتعدت .. ثم اقتربت . همست بلحن معروف في أذني ثم دارت مثل فراشة ....ثم بقفزة واحدة أصبحت فوق سريري, قالت وهي تدس جسدها تحت الغطاء : تعلمي أن تثقي بنفسك . استيقظت على صوتها العالي مختلطاً مع صوت الموسيقا وهمهمة أمي .. انضممت بعد تردد إليهما واحتسيت ما تبقى من قهوة .

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...