أيلول يخلع جثـته … ويمرّ حزينا ًبعينيك ..
يلبس ثوبا ً من الصمت
يرمي الحصى في الطريق إلى أوّل القلب
يبكي من الحبّ
يغفو بعيدا ً وراء المسافات ..
يصحو الذهولُ ..
تعودين خلف السنين التي فارقتْ جسدي
كي تعدّي عليها عصافير أيّامك الآتيهْ ..
تسحبين من الروح ذاكرة ً ..
تزرعين بدايات عينيك
يبكي الفؤاد الخجولُ ..
أطير إلى آخر الأرض ..
سهوا ً أموتُ
فتنأى البلاد .. وتنأى البيوتُ
ويأتي الحنين بلا مفردات ..
ويأتي الرحيلُ ..
فلا تبدئيني من الصفر ..
كلّ اللغات التي تعرفين
ستنهار قبل الكتابة
قبل الرحيل إلى الموت والظلّ والياسمين ..
ستمطر في القلب أحزانها
وتنام …
سيصعد غيمٌ من القـلب نحوك
يبحث عن أوّل البحر فيك
وعن آخر الكلمات
وعن لؤلؤ خبّأتـْه النوارسُ في مقلتيك
وعن أجمل الكائنات ..
وعن كلّ ما يَهـِبُ الروح أشجارها
حين يأتي الصباح الجميلُ ..
فلا تبدئيني من الصفر ..
كلّ الدروب التي سوف تأتي من الفجر ..
تحمل وجهك ..
كلّ البحار التي ستفيض من الروح ..
تبحث عنك ..
وكلّ الحكايات ..
كلّ البدايات ..
كلّ الأغاني
سترسي مراكبها في امتدادك ..
حتـّى تذوب الفصولُ ..
فلا تبدئيني من الصفر ..
كلّ الذين عرفتهمُ ..
أورثوني الحنين إلى البحر ..
أعطوا لقافلة الريح أسماءهم ..
نصبوا خيمة ..
واستراحوا على موتهم ..
فتحوا شرفة ..
للوقوف قليلا ً على صمتهم
والبكاء على أوّل العمر ..
… كانوا يلمّون أحلامهم من دموعي
ومن صدرهم يخرجون الذئاب التي
تنهش الروح ..
يرمون في البئر بعض الحكايات
يبكون بعدي قليلا ً…..
قليلا ً..
وكانوا يريدون موتي قميصا ً
ليبكوا عليّ ..
ليصفو لهم وجه هذي البلاد
ووجه أبي ..
لم يمرّوا على الحلم في أوّل العمر ..
أسكنْـتـُهم في القصيدة ..
خانوا وصايايَ ..
مدّوا دمائي لكي يعبروا ..
شربوا نخب خطوتهم
وهْي تمتدّ فوق دمي ..
أحرقوني
وذرّوا رمادي …
وهم يرقصون من الحبّ حولي
كأنّي النبيّ العليلُ ..
فلا تبدئيني إذا انكسر المستحيلُ ..
فكلّ الذين يمرّون في القلب
مرّوا …
ولم يتركوا غير أحزانهم
والسياج الذي سوف ينمو عليه غدا ً
ياسمينُ الكلام القتيلُ
ـــــــــــــــــــــــــ
بطاقة شخصية
- كريم عبيد من مواليد السويداء 1973
- دكتوراه في الآداب ( تخصص نقد أدبي معاصر ومقارن )
- مدرّس و محاضر في جامعة دمشق منذ عام 2003 ومازال
- شاعر وناقد
من أعماله الأدبية المطبوعة :
1- ديوان شعر بعنوان / أنا لحبيبي .. وحبيبي / دمشق , دار كيوان / 2009
2- ديوان شعر بعنوان / ديوان القيامة / فائز بجائزة الشارقة 2006 / طبع
عام 2011
3- كتاب في النقد بعنوان / الكتابة أمام الموت .. الكتابة أمام الوطن : دراسات في شعر محمود درويش / دمشق , دار كيوان / 2011
الجوائز التي حصل عليها :
1- جائزة الشارقة عن ديوان القيامة 2006
2- جائزة المزرعة في السويداء لثلاث دورات متعاقبة 2004 / 2006 / 2008
3- جائز اتحاد الكتاب العرب الفرعي في السويداء لثلاث دورات متعاقبة 2001 / 2002/ 2003
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق