فى هجعة الليل وسكونه.. بينما أنا فى رحلة ذهنيِّة بين سطور كتاب صديق مؤنس لليلٍ طويلٍ قاسٍ.. استرعى انتباهى ظلُّ متحرِّك على صفحات الكتاب، يتحرَّك حركة حلزونية دائرية شبه جنائزية.. رفعة ناظرىَّ إلى المصباح المثبت فى زاوية الغرفة.. وإذ بفراشة بيضاء بياضها يقق؛ هى أقرب إلى الهوام منها إلى الفراش- تحوم سعيدة مسرورة فى نشاط ونشوة حول الضوء الذى جذبها إليه بدفء حرارته وسنا بريقه..
فقد كانت قبيل لحظات هائمة بالخارج مع قريناتها بين وريقات الشجرة الصغيرة التى أخذت منها أيام الخريف ينعها وإخضرارها.. ومنحتها بدلاً من ذلك اصفراراً ووهناً.. ونسمات باردة..
عدتُ إلى مكانى بين سطور الكتاب الذى تتناول موضوعاته ضمن ما تتناوله : كيف استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وعن طريق مشروع " مارشال " لإعادة إعمار أوروبا التى تبنته عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية عام خمسة وأربعين وتسعمائة وألف .. كيف استطاعت أن تدشِّن صفوفاً مناصرةً لمشروعها نحوالهيمنة على العالم ، فى مقابل مناهضة الفكر الشيوعى الذى ظلَّ يسيطر روحياً على كثيٍر من دول العالم آنذاك، ولتلعب المخابرات اللأمريكية (CIA) التى أسسها الرئيس "هارى ترومان" فى أربعينيات القرن العشرين دوراً غير نبيل فى الصراع لصياغة الحياة، وكسب العقول لمحو مابها تمهيداً لخطِّ مدوَّنات جديدة تصبُّ فى صالح النموذج الأمريكى، مستخدمةً فى سبيل تحقيق ذلك كلَّ أنواع الحروب الباردة والقوى الناعمة من سينما وفن وموسيقى وآلة إعلام ،وحتى كتب الأطفال لم تنجُ من تلك التعبئة الخفيَّة، إضافة إلى استخدام سلاح المساعدات للسيطرة على عمليات صنع القرار فى تلك الدول ليأتى موافقاً للنهج الأمريكى المستهدف.. وما تبع ذلك من مطامع أمريكا فى نفط الشرق الأوسط وثرواته وبنائها سياساتها إنطلاقاً من مصالح البترول والهيمنة على منابعه ، والتحكم فى أسعاره وصولا الى تحقيق حلم الإمبراطورية العظمى التى تحكم العالم ..
كما يتناول الكتاب ـ إلى جانب ذلك ـ نشاط بعض الشركات المتعدِّدة الجنسية، وسيطرتها على اقتصاديَّات بعض الدول الصغيرة التى تعمل بها، وتحكّمها عن طريق مشروعاتها الضخمة فى القرار السياسى لتلك الدول وتوجيه مسارات التنمية بها ، واحتيالها على شراء العديد من المصانع والشركات والبنوك التى بيعت فى هوجة الخصخصة- مباشرة أو عبر وسطاء- وتحكُّمها عن طريق الأسهم والمضاربة فى البورصة فى السياسات المصرفية والبنكية.. بل إنها استخدمت ما يطلق عليهم ناشطون ومنظمات المجتمع المدنى والجمعيات التى تعمل فى مجال حقوق الإنسان أو الدعم الثقافى والديمقراطى الإجتماعى كطابور خامس يعمل لصالحها فى تلك الدول لتحقيق الهدم الخلاَّق ،بعد ان ينجحوا فى تحقيق الفوضى الخلاَّقة التى تعقبها عملية إزالة الأنقاض والأشلاء ثم تصميم جديد لبناء مختلف ، وهى بذلك لا تستهدف تحقيق الحريَّة ، ولا ترسيخ العدل الإجتماعى .
***
مازال ظل الفراشة يتراقص فوق الكلمات وينتقل مع عينىَّ متجولاً عبر صفحات هذا الكتاب المشوق وكأنَّه يتقاسم معها معانيه ومفاهيمه.. ثم مالبثت الفراشة أن أصدرت أزيزاً شبه نهائىِّ.. فرفعتُ ناظرىَّ كرةً أخرى لأجدها وقد التصقت بالمصباح.. لبثت الفراشة المسكينة بعد أن لسعتها حرارة المصباح هنيهة.. ثم اتجهت فى حركة سريعة هاربةً لا ئذةً نحو ركنٍ مهملٍ من أركان الحجرة الصغيرة، التى تضم بين حناياها مكتباً صغيراً ورفاً صُفَّت فوقه بعض الكتب التى لايزال غبارها، أو تفتح صفحاتها إلا فى إجازة الصيف التى أقضيها فى ذلك البيت الريفى البسيط ، بعد نهاية العام الجامعى الملئ بالنشاط ،الحافل بالحركة فى قاهرة المعزِّ العامرة ..
جذبتنى تلك الفراشة.. وأرغمتنى على متابعتها.. ياللأسف !! لقد وقعت فى إحدى شباك خيوط العنكبوت الكثيرة الملتفة التى تصل الرفَّ المصنوع من جريد النخيل بالحائط.. الفراشة الصغيرة تحاول الخروج والخلاص من الخيوط الملتفة حولها.. ولكن عبثا تحاول..
تركتها وعدت إلى ذيل صفحة الكتاب لأواصل متابعتى نشاط تلك الشركات الاستعمارية التى تعمل- إضافة إلى استغلال ثروات الدول الصغرى - تعمل على تهجير العقول النيِّرة والخبرات النادرة منها إلى الدول الكبرى، مقِّدمةً كلَّ الإغراءات لها لاستنزافها لتضيف تروساً جديدة إلى آلة تقُّدمها العملاقة ، ولتحرم تلك الدول من خِيرة علمائها ، وصنَّاع نهضتها ومستقبلها وحتى تظلَّ على حال تخلُّفها وضعفها مصدراً رخيصاً للمواد الخام اللازمة للآلة الصناعية للدول المتقدمة ،وسوقاً لصناعاتها وما تلفظه من بقايا منتجاتها .. بل أحياناً تستخدمها مدفناً لنفاياتها النوويَّة .
ها أنا قد أتيت على ذيل الصفحة الأخيرة من الكتاب.. يعترينى شعور غريب يمزج بين تلك الفراشة المسكينة وهذه الدول الفقيرة التى لا تستطيع حولاً ولا تملك قوةً .. ويجمع بين العنكبوت الأسود المرقَّط الذى ظهر ـ الآن ـ قريبا ًمن الفراشة ،وبين تلك الشركات المستغلة والدول التى تتبعها، وما تحمله فى جعبتها من أجندات تعمل بدأب على تحقيقها على حساب تلك الدول .
ذلك الشعور يدفعنى بشدة إلى أن أخلص هذه الفراشة الصغيرة من خيوط العنكبوت.. ولكن هذا العنكبوت اللَّعين قد وضعها بين أذرعته الطويلة الكثيرة.. إنه يحوم حولها فى حركات تشبه رقصة الموت فى " بلاد الواق الواق " التى يُحكى عنها، وكأنَّ المشهد حلقة من حلقات قبائل آكلى لحوم البشر، أو حفلة لمصاصى الدماء.
ولا أدرى لماذا آثرتُ الانتظار هنيهة لأرى ما سيحدث بين هذين الكائنين: "الفراشة" الصغيرة تقاوم من أجل الحياة ، و" العنكبوت " يتوسَّل بخيوطه وأذرعته من أجل استمراره فى الحياة هو الآخر.
ومع استمرار رحى المعركة غير المتكافئة التى تدور،تعلقت عيناى هى الأخرى بذلك المشهد وطرأ لى سؤال ملح:
أى الكائنين الاثنين أحُّق بالحياة؟
أمعنتُ التفكير لحظة.. ثم رأيتُ- لا لسبب موضوعىِّ أن الفراشة أحقُّ بالحياة.. ربما لسبب جمالى بحت ، وربَّما لأنها هى الكائن الأضعف ونحن بطبيعتنا نميل الى تقديم يد العون للضعفاء إنصافاً لهم ، وربَّما لأسباب أخرى لم تدر بخلدى آنئذ، ولم أشأ أن أعرفها على وجه الدقة.. ومددت يدى لأنتشل الفراشة الصغيرة من براثن هذا العنكبوت المعتدى الآثم .. ولكن للأسف!! فقد يبست.. امتص العنكبوت وبحركات انبساط وانقباض وانقضاض ، وبإبرته رحيق حياتها ودمها مضيفاً رصيداً لحياته ودمه ..
وحينئذٍِ تذكَّرتُ بعضَ ماعلمتُه من شراسة "أنثى العنكبوت" التى لا تتورَّع عن التهام ذكرها والقضاء عليه نهائياً بعد آداء مهمته بالتزاوج للحصول على مزيدٍ من المنافع الغذائية ، وإنجاب سلالات عناكب أكثر صحة واكثر خصوبة.. فإذا كان هذا ماتصنعه بذكرها.. فكيف بفرائسها؟
***
نهضتُ من مكانى.. وفى ألم وحزن طويتُ صفحات كتابى ، ووضعته جانباً ، بينما ماتزال تصدمنى سطوره الأخيرة التى تبشِّربشرقٍ أوسطٍ جديدٍ ترسم خريطته السياسية والجغرافية " الجيوبوليتيكية " الجديدة ـ الآنـ وبما يتناسب مع حاجات ومطامع وطموحات الولايات المتحدة الأمريكية وأهدافها " الجيو استراتيجية " فى ضوء ما ستسفر عنه ثورات الربيع العربية من نتائج ، وما ينتظرنا من تطبيق المشروع الشهير للمؤرخ الصهيونى الأمريكى " برنارد لويس " الذى وضعه عام ثلاثة وثمانين وتسعمائة وألف بتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية والخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية كل منها على حدة ، خاصةً بعد نجاح الاستراتيجية الأمريكية فى الردع والاحتواء، وتبنِّى استراتيجية الهجوم الوقائى والتدخل الدفاعى وصولاً للحكومة العالمية "السوبر باور وسيادة المفهوم الأمريكى" من ليس معى فهو ضدِّى".. وخطوت خارج الحجرة إلى فناء البيت.. لتصفع وجهى نسماتُ الخريف الباردة.. تنثال على صفحات خاطرى مشاهدُ ظلمٍ وجورٍ كثيرةٍ مرَّت فى حياتى..
فقد كانت قبيل لحظات هائمة بالخارج مع قريناتها بين وريقات الشجرة الصغيرة التى أخذت منها أيام الخريف ينعها وإخضرارها.. ومنحتها بدلاً من ذلك اصفراراً ووهناً.. ونسمات باردة..
عدتُ إلى مكانى بين سطور الكتاب الذى تتناول موضوعاته ضمن ما تتناوله : كيف استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية وعن طريق مشروع " مارشال " لإعادة إعمار أوروبا التى تبنته عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية عام خمسة وأربعين وتسعمائة وألف .. كيف استطاعت أن تدشِّن صفوفاً مناصرةً لمشروعها نحوالهيمنة على العالم ، فى مقابل مناهضة الفكر الشيوعى الذى ظلَّ يسيطر روحياً على كثيٍر من دول العالم آنذاك، ولتلعب المخابرات اللأمريكية (CIA) التى أسسها الرئيس "هارى ترومان" فى أربعينيات القرن العشرين دوراً غير نبيل فى الصراع لصياغة الحياة، وكسب العقول لمحو مابها تمهيداً لخطِّ مدوَّنات جديدة تصبُّ فى صالح النموذج الأمريكى، مستخدمةً فى سبيل تحقيق ذلك كلَّ أنواع الحروب الباردة والقوى الناعمة من سينما وفن وموسيقى وآلة إعلام ،وحتى كتب الأطفال لم تنجُ من تلك التعبئة الخفيَّة، إضافة إلى استخدام سلاح المساعدات للسيطرة على عمليات صنع القرار فى تلك الدول ليأتى موافقاً للنهج الأمريكى المستهدف.. وما تبع ذلك من مطامع أمريكا فى نفط الشرق الأوسط وثرواته وبنائها سياساتها إنطلاقاً من مصالح البترول والهيمنة على منابعه ، والتحكم فى أسعاره وصولا الى تحقيق حلم الإمبراطورية العظمى التى تحكم العالم ..
كما يتناول الكتاب ـ إلى جانب ذلك ـ نشاط بعض الشركات المتعدِّدة الجنسية، وسيطرتها على اقتصاديَّات بعض الدول الصغيرة التى تعمل بها، وتحكّمها عن طريق مشروعاتها الضخمة فى القرار السياسى لتلك الدول وتوجيه مسارات التنمية بها ، واحتيالها على شراء العديد من المصانع والشركات والبنوك التى بيعت فى هوجة الخصخصة- مباشرة أو عبر وسطاء- وتحكُّمها عن طريق الأسهم والمضاربة فى البورصة فى السياسات المصرفية والبنكية.. بل إنها استخدمت ما يطلق عليهم ناشطون ومنظمات المجتمع المدنى والجمعيات التى تعمل فى مجال حقوق الإنسان أو الدعم الثقافى والديمقراطى الإجتماعى كطابور خامس يعمل لصالحها فى تلك الدول لتحقيق الهدم الخلاَّق ،بعد ان ينجحوا فى تحقيق الفوضى الخلاَّقة التى تعقبها عملية إزالة الأنقاض والأشلاء ثم تصميم جديد لبناء مختلف ، وهى بذلك لا تستهدف تحقيق الحريَّة ، ولا ترسيخ العدل الإجتماعى .
***
مازال ظل الفراشة يتراقص فوق الكلمات وينتقل مع عينىَّ متجولاً عبر صفحات هذا الكتاب المشوق وكأنَّه يتقاسم معها معانيه ومفاهيمه.. ثم مالبثت الفراشة أن أصدرت أزيزاً شبه نهائىِّ.. فرفعتُ ناظرىَّ كرةً أخرى لأجدها وقد التصقت بالمصباح.. لبثت الفراشة المسكينة بعد أن لسعتها حرارة المصباح هنيهة.. ثم اتجهت فى حركة سريعة هاربةً لا ئذةً نحو ركنٍ مهملٍ من أركان الحجرة الصغيرة، التى تضم بين حناياها مكتباً صغيراً ورفاً صُفَّت فوقه بعض الكتب التى لايزال غبارها، أو تفتح صفحاتها إلا فى إجازة الصيف التى أقضيها فى ذلك البيت الريفى البسيط ، بعد نهاية العام الجامعى الملئ بالنشاط ،الحافل بالحركة فى قاهرة المعزِّ العامرة ..
جذبتنى تلك الفراشة.. وأرغمتنى على متابعتها.. ياللأسف !! لقد وقعت فى إحدى شباك خيوط العنكبوت الكثيرة الملتفة التى تصل الرفَّ المصنوع من جريد النخيل بالحائط.. الفراشة الصغيرة تحاول الخروج والخلاص من الخيوط الملتفة حولها.. ولكن عبثا تحاول..
تركتها وعدت إلى ذيل صفحة الكتاب لأواصل متابعتى نشاط تلك الشركات الاستعمارية التى تعمل- إضافة إلى استغلال ثروات الدول الصغرى - تعمل على تهجير العقول النيِّرة والخبرات النادرة منها إلى الدول الكبرى، مقِّدمةً كلَّ الإغراءات لها لاستنزافها لتضيف تروساً جديدة إلى آلة تقُّدمها العملاقة ، ولتحرم تلك الدول من خِيرة علمائها ، وصنَّاع نهضتها ومستقبلها وحتى تظلَّ على حال تخلُّفها وضعفها مصدراً رخيصاً للمواد الخام اللازمة للآلة الصناعية للدول المتقدمة ،وسوقاً لصناعاتها وما تلفظه من بقايا منتجاتها .. بل أحياناً تستخدمها مدفناً لنفاياتها النوويَّة .
ها أنا قد أتيت على ذيل الصفحة الأخيرة من الكتاب.. يعترينى شعور غريب يمزج بين تلك الفراشة المسكينة وهذه الدول الفقيرة التى لا تستطيع حولاً ولا تملك قوةً .. ويجمع بين العنكبوت الأسود المرقَّط الذى ظهر ـ الآن ـ قريبا ًمن الفراشة ،وبين تلك الشركات المستغلة والدول التى تتبعها، وما تحمله فى جعبتها من أجندات تعمل بدأب على تحقيقها على حساب تلك الدول .
ذلك الشعور يدفعنى بشدة إلى أن أخلص هذه الفراشة الصغيرة من خيوط العنكبوت.. ولكن هذا العنكبوت اللَّعين قد وضعها بين أذرعته الطويلة الكثيرة.. إنه يحوم حولها فى حركات تشبه رقصة الموت فى " بلاد الواق الواق " التى يُحكى عنها، وكأنَّ المشهد حلقة من حلقات قبائل آكلى لحوم البشر، أو حفلة لمصاصى الدماء.
ولا أدرى لماذا آثرتُ الانتظار هنيهة لأرى ما سيحدث بين هذين الكائنين: "الفراشة" الصغيرة تقاوم من أجل الحياة ، و" العنكبوت " يتوسَّل بخيوطه وأذرعته من أجل استمراره فى الحياة هو الآخر.
ومع استمرار رحى المعركة غير المتكافئة التى تدور،تعلقت عيناى هى الأخرى بذلك المشهد وطرأ لى سؤال ملح:
أى الكائنين الاثنين أحُّق بالحياة؟
أمعنتُ التفكير لحظة.. ثم رأيتُ- لا لسبب موضوعىِّ أن الفراشة أحقُّ بالحياة.. ربما لسبب جمالى بحت ، وربَّما لأنها هى الكائن الأضعف ونحن بطبيعتنا نميل الى تقديم يد العون للضعفاء إنصافاً لهم ، وربَّما لأسباب أخرى لم تدر بخلدى آنئذ، ولم أشأ أن أعرفها على وجه الدقة.. ومددت يدى لأنتشل الفراشة الصغيرة من براثن هذا العنكبوت المعتدى الآثم .. ولكن للأسف!! فقد يبست.. امتص العنكبوت وبحركات انبساط وانقباض وانقضاض ، وبإبرته رحيق حياتها ودمها مضيفاً رصيداً لحياته ودمه ..
وحينئذٍِ تذكَّرتُ بعضَ ماعلمتُه من شراسة "أنثى العنكبوت" التى لا تتورَّع عن التهام ذكرها والقضاء عليه نهائياً بعد آداء مهمته بالتزاوج للحصول على مزيدٍ من المنافع الغذائية ، وإنجاب سلالات عناكب أكثر صحة واكثر خصوبة.. فإذا كان هذا ماتصنعه بذكرها.. فكيف بفرائسها؟
***
نهضتُ من مكانى.. وفى ألم وحزن طويتُ صفحات كتابى ، ووضعته جانباً ، بينما ماتزال تصدمنى سطوره الأخيرة التى تبشِّربشرقٍ أوسطٍ جديدٍ ترسم خريطته السياسية والجغرافية " الجيوبوليتيكية " الجديدة ـ الآنـ وبما يتناسب مع حاجات ومطامع وطموحات الولايات المتحدة الأمريكية وأهدافها " الجيو استراتيجية " فى ضوء ما ستسفر عنه ثورات الربيع العربية من نتائج ، وما ينتظرنا من تطبيق المشروع الشهير للمؤرخ الصهيونى الأمريكى " برنارد لويس " الذى وضعه عام ثلاثة وثمانين وتسعمائة وألف بتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية والخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية كل منها على حدة ، خاصةً بعد نجاح الاستراتيجية الأمريكية فى الردع والاحتواء، وتبنِّى استراتيجية الهجوم الوقائى والتدخل الدفاعى وصولاً للحكومة العالمية "السوبر باور وسيادة المفهوم الأمريكى" من ليس معى فهو ضدِّى".. وخطوت خارج الحجرة إلى فناء البيت.. لتصفع وجهى نسماتُ الخريف الباردة.. تنثال على صفحات خاطرى مشاهدُ ظلمٍ وجورٍ كثيرةٍ مرَّت فى حياتى..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق