اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

أطول ليلة في عمري ...*متولي محمد متولي

⏪⏬ 
لم أدخل العناية المركزة من قبل ، والليلة رأيت نفسي في أحد غرفها ؛ ربما كان هذا مجرد كابوس مزعج ، ربما .. .. ولكن ما هذا الهدوء المريب الذي يلف المكان إنه يستفزني ؛ هدوء عجيب لا أسمع فيه إلا صوت النبضات الآلية الصادرة من جهاز بجانبي له
شاشة تشبه شاشة التلفاز !
كنت أرى السقف بعيني يلمع مثل سطح مرآة فضية ؛ تعكس صورة أشخاص يرقدون مثلي على الأسرة المجاورة ؛ فالغرفة كبيرة مقسمة إلى حجرات تفصل بينها الستائر ؛ كانوا خمسة وأنا سادسهم ، لكنهم كانوا شيوخا و عجائز ! إن عمري لا يكاد يصل إلى ربع عمر أحدهم !
قفز إلى رأسي سؤال مخيف : - ماذا أفعل في هذا المكان .. .. ؟
أيقنت أنني لا أحلم بمجرد أن حقنتني ذات الرداء الأبيض والوجه الملائكي بالمهدئ ؛ لم أشعر بسن الإبرة وهو يخترق مبسم الكانولا المغروس سنها في ذراعي ؛ ملمس بشرة أناملها الناعمة فقط جعلني أرتبك ، وبدأ الخدر يسري في وريدي ويتسلل إلى كل أعضائي ! و قبل أن أفقد الوعي، رأيتها تبتسم لي ابتسامة زهور الربيع النضرة ؛ وهي تقول لي ، وما زالت الابتسامة تنير وجهها الذي أشرق كالبدر !
- الحمد لله .. .. أنت تتحسن بسرعة .. .. كنت بين الحياة و الموت .. .. يا ترى ما السبب يا كتكوت ؟
كتكوت .. .. كتكوت ؟! كانت جدتي تقول دائما أن الكتكوت الفصيح من البيضة يصيح ! وأمي كانت تخصص حجرة كبيرة لتربية البط و الدجاج ؛ وكانت تأذن لي في إطعامها ، و في جمع البيض ، كانت أسعد أوقاتي هي التي أقضيها و أنا أجمع البيض ؛ وكنت أتساءل من أين جاء كل هذا البيض؛ والحجرة ليس فيها إلا البط والدجاج ، والكتاكيت ! حتى جاء يوم أغبر؛ وقفز الديك الأحمر الكبير نحو وجهي ، ونقرني في جبهتي نقرة قوية فتحت حاجبي ، وفجرت الدماء الراكدة في شراييني ؛ فلطخت وجهي و ملابسي؛ ذلك اليوم أظن أنه لم تطلع فيه الشمس ! قضيناه في المستشفى ، وسمعت أمي تقول متوعدة أنها عندما تعود ستذبح ذلك الديك المتغطرس ، وكانت تتعجب كيف حدث ما حدث رغم أنها تقص مناقير الديكة ! باستمرار حتى لا يقتل أحدها الآخر أو يصيبه !
عندما أفقت كان الجميع نائمين ؛ عرفت ذلك من نظرة واحدة للسقف ! كنت أنظر إليه وكأنني أنظر في المرآة ! يا ويلي ما الذي جاء بي وسط أهل الكهف ؟! لا .. .. لا .. أهل الكهف كانوا شبابا ، أما هؤلاء فقد بلغوا أرذل العمر ؛ إنهم موتى ولكن خارج القبور ! ووجدتني أتساءل متعجبا
- هل سأصل إلى ذلك العمر يوما ما ؛ فيبيض شعري ، وتسقط كل أسناني، ويتقوس ظهري ، وأصبح جلدا على عظم ؟
انتزعني من كل هذا إحساسي ببرودة شديدة تتسلل إلى عروقي ! عرفت أنه من تأثير الحقنة الجديدة التي حقنت بها الممرضة المحلول المعلق في الحامل الحديدي بجانب سريري فتحت عيني لأرى وجهها ، أصابني الحزن عندما رأيته ؛ فلم يكن هو وجه الأميرة التي كانت معي في أحلامي منذ لحظات ! بل كان وجه ممرضة أخرى ، أكبر سنا ، وأقل حسنا
ابتسمت لي ، وجلست على حافة السرير ، وانطلقت تحكي لي حكايتها ؛ حسبتها مجنونة ؛ فقد أخبرتني بأشياء لا أدري كيف انزلقت من بين شفتيها ! مر وقت طويل وهي لا تكف عن الحديث ، ورغم أنني لم أكن أرى في المكان أي شيء يخبرني الوقت ؛ إلا أن دقات قلبي كانت تؤكد لي أنه قد مرت ساعتان أو أكثر ! والمرأة لا تزال تحكي حتى بدأت أشعر أن رأسي تدور ، فهمت من كلامها أنها تزوجت وهي صغيرة ، وأنجبت بنتا ، وأن زوجها كان يحبها في البداية ، ولكنه بعد فترة أدمن الشرب ، وبدأ يشارك أصدقاءه في لعب القمار ، ومن وقتها تحولت حياتهم إلى جحيم ؛ يضربها أشد الضرب ويهينها أمام الجميع ؛ ثم فجأة قامت وكشفت لي عن أماكن في جسدها تقول أنه كان يكوها بالنار ! انتبهت كمن لدغته أفعى ، و أردت أن أصرخ في وجهها ، هذه المخبولة ستتسبب لي في فضيحة وأنا على هذه الحالة !
نظرت إلى السقف الفضي ؛ إنه مرآتي الآن ؛ اطمأن قلبي عندما تأكدت أن الجميع يغطون في نوم عميق !
درجة الحرارة بدأت ترتفع ؛ لدرجة أن حبات من العرق بدأت تتكور فوق جبيني ؛ مدت المرأة يدها تمسح عرقي بنفس المنديل الذي تجفف به دموعها! وهي تبتسم لأول مرة ، وتقول :
! - انت عرقت .. .. مع إن التكييف شغال
ثم نظرت في ساعتها ؛ ومدت يدها وفتحت الصندوق الطبي الصغير الذي على المنضدة وأخرجت حقنة و بدأت في تجهيزها ، ثم حقنتني ؛ ومن فرط العصبية والارتباك الواضح عليها وهي تفتح غطاء الكانولا ، ثم وهي تحقنني ؛ جعلت السن المغروس في وريدي يتحرك و يسبب لي ألما رهيبا ، لكن سرعان ما بدأ الخدر يسري في عروقي ، وقبل أن أفقد الوعي رأيتها تبتسم ابتسامة عجيبة !
أسمع أصواتا كثيرة تتداخل وتتشابك ، و لا أستطيع أن أميز أي صوت منها ، هل هي أضغاث أحلام ؟! لا .. .. لا .. .. لقد عرفت الآن ؛ إنهم جيراني .. لقد استيقظوا ، ليس هذا فحسب ولكن لديهم زوار أيضا ؛ أبناء وأحفاد وأقارب ؛ كنت أرى صورتهم في مرآتي الجديدة المعلقة في السقف ، تنبهت إلى أن الجميع لديهم زوار إلا أنا ! ذكَّرني هذا بأنني لا أذكر شيئاً ؛ يا إلهي لقد نسيت من أنا ! بدأت أعصر مخي ، حتى أستعيد بعض ذكرياتي لكن بلا جدوى ، أشعر وكأني أدور في متاهة ؛ لم ينتشلني منها إلا صوت أقدام تقترب ، ربما زوار جاؤوا من أجلي ؛ فوجئت بطبيب ومعه أحد ملائكة الرحمة نظر في أحد السجلات وكتب فيه شيئاً ، ثم ابتسم لي وهو يقول :
- الحمد لله على سلامتك .. .. أنا كتبت لك بعض الأدوية التي ستأخذها لمدة أسبوعين
جهز نفسك للخروج يا بطل !
ثم انطلق هو والممرضة التي معه إلى الحالة التي بعدي ؛ وتركني أغرق في دوامة كبيرة لا أعرف لها بداية و لا نهاية .
-
*متولي محمد متولي بصل
دمياط

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...