⇿⏪⏬ مسلسل الملكة بلقيس بنت الهدهاد بطولة الفنانة صبا مبارك وإخراج باسل الخطيب وهو مسلسل تاريخي من إنتاج المركز
العربي للإنتاج الإعلامي - الأردن، إنتاج عدنان العوامله والمنتج المنفذ طلال العوامله وكاتب القصة رشيد خصاونه بطولات (صبا مبارك وأسعد فضة ومنذر رياحنة وغسان مسعود)...
( مقدمة توضيحية)
نحن في زمن أصبحت الصور الفوتوغرافية مصادرًا معرفية موثوقة عند الكثير من العقول التي تؤمن بما تخرجه الدراما والسينماء من أفلام ومسلسلات تبثها القنوات الفضائية ليلا نهار على مرأى ومسمع من كل إنسان على هذا الكون التكلونوجيي العظيم وتنشرها المحطات الفضائية في بث مباشر على فضاء العالم القروي وليس القاري المتباعد بل هو قروي واحد فقد حولته التكلونوجيا المتتطورة إلى قرية واحدة يعيش كل الناس في قرب إلكتروني واحد يدور مداره الزماني في إطاره المكاني المؤقت زمانيًا والمختلف مكانيًا من حيث المسافات والقريب إلى الشاشات في مجلس إنساني عالمي جمع كل سكان الأرض من مختلف البقاع ومن شتئ الأصقاع على جهاز تكلونوجي يسمى الهاتف النقال وحاسب آلي محمول وتلفاز مرئي في جدار كل منزل ومتصفح عالمي يدعى جوجل والذي بدوره جمع سكان الأرض في قاعدة بيانات إلكترونية وميجات تخزينية وشبكة عالمية تسمى الإنترنت وصلت إلى كل بيت في عقود هذه الحضارة الإنسانية المعاصرة والتي أصبحت من أسهل الوسائل التي تأثر على شعوب العالم أجمع معرفيًا وثقافيًا وسياسيًا وبأقل تكلفة مهنية وكفاءة تقنية ومهارة إنسانية فائقة الدقة وسريعة التنقل وبالغة التحمل ودقية في التصوير والتمثيل لكن رائدها هو الإنسان الغربي ومستهلكها كل العالم والإنسان العربي بالذات وقد استطاع أن يبث قنواته العربية ويبعث مداراتها المختلفة من أقمار صناعية دولية تبث بتردداتها إلى سماء ووطننا العربي وتعرض برامجها التفازية وأفلامها المرئية وأخبارها الجارية كل ساعة تنقل أحداثها بسرعة عالية ولها مواقع إلكترونية تنشر إنتاجاتها الفنية من برامج ولقاءات ومسلسلات وأفلام وأخبار وغيرها من هذا القبيل والذي أود الحديث عنه هو دور القنوات العربية في تحويل التاريخ والأدب والثقافة العربية إلى دراما وأفلام ومسلسلات تبثها القنوات العربية المشهورة دوليًا وعالميًا في الإخراج والتمثيل وهي بحاجة إلى التقويم والنقد والتوجيه إلى الرشد لما تنشره من أفلام وبرامج ومسلسلات مخالفة تماماً لتاريخنا الحضاري والإنساني وموروثنا العربي المتجذر في صلب الحضارات والضارب في عمق التاريخ والخالد في أوج الحياة على هذا الكوكب الأخضر وما شهده من حضارات وصراعات وأحداث عظيمة تحتوي على مخزون كوني هائل من التراث الإنساني الماثل بالآداب والفنون والعلوم الإنسانية والمعارف العلمية المتنوعة التي خلفتها حضارتنا العربية الخالدة منذ فجر التاريخ فعندما تتحول القصص وأحداث التاريخ العربية إلى مسلسلات درامية وأفلام وثائقية فهذا شيء جميل لكن لا ينبغي الخروج عن ما دونته مراجع التاريخ ومصادر العلم في حضارتنا العربية القديمة من كتب ومخطوطات ونقوش مسندية وآثار عمرانية ومسميات مكانية شاهدة على حضارة الإنسان العربي ورقيه وزدهاره وعمرانه لهذه الأرض منذ فجر الإنسانية وتاريخها الذي يحمل معه موروث تقافي وإرث قومي عربي محتفي بجوده الكياني والمتميز لغويًا وفنيًا وسياسيًا وممتد جغرافيًا قبل الحدود إلى أبعد معالم لم تحددها ديباجة تضعها الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي لم تكن موجودة في مثل تلك الحقب الزمانية الطامحة إلى التمدد خارج أرض الملك وبعيدًا عن مساكن العمران والزمان نقل لنا كل ذلك مما زخرت به الحضارات العربية من معتقدات وأفكار وسلوكيات ومهارات وثقافات متفردة ومتنوعة وجدت في بيئات عربية متمدنة ومتحضرة في حضن الزمان ومستوعبة تاريخ الحضارات الغابرة وكانت فعلاً مرتع للدول البائدة وديار الممالك العظمى وأرض الإمبراطوريات الكبرى وعواصم البلدان الباقية إلى اليوم والتي حكمت العالم الأرضي قديمًا ولا زالت عراصتها تحمل الكثير من الآثار والمعابد والصروح والمقابر والشواهد الدالة على ذلك التاريخ العظيم وهي ساحات أوطاننا العربية كاليمن والعراق ومصر وبلاد الشام وأرض الرافدين وهي معروفة أنها أرض الحضارات العمرانية ومهد الأعراق الإنسانية ومهبط الرسالات السماوية وأرض الأنبياء بلا شك...فعندما تقوم بعض مؤسساتنا الإعلامية وقنواتنا العربية بإخراج وتمثيل قصص تاريخية كانت بؤرتها الحقيقية هي هذه الأوطان المتحوية على تراث الإنسان الحضاري فلا شك أن العود مهما أخضر زهره أو تفيأ ثمره فإنه يعود إلى أصله البدائي ومهما تهدل ورقه أو أستعذب ذوقه فإنه ينتمي إلى طينته التي خرج منها وتربته التي نما فيها لا كما تخرجه الأفلام الوثائقية والتي تجهل الساحة المكانية واللوحة الزمانية والنكهة الوجدانية لدور الشخصيات اليمنية والبطولات الحقيقية التي كانت مسرحًا لهذه الدراما وسينماء فعلية حدثت قديمًا في اليمن..فعندما يقوم المركز العربي بتمثيل مسلسل عن الملكة بلقيس خارج أرض بلقيس وبعيدًا عن موطنها فهذا هو الإخفاق الإنتاجي الذي يفتقر إلى توضيح الصورة الذهنية الملائمة للطبيعة الفنية الدرامية التي لا تكون بعيدة عن المسرح الفعلي فإن أكبر مخرجي الأفلام الأجنبية يحرصون على هذا الجانب الفني ويسافرون من دولة إلى دولة أخرى من أجل حلقة واحدة أو مسلسل درامي أو تكوين أجزاء صغيرة من فيلم تاريخي يتم إنتاجه خارج وطن المخرج في قلب الحدث الأصلي من أجل أداء الدور البطولي والتمثيل بشكل واضح وجميل يتناسق مع تقنية الإخراج ومكان المسرح الفعلي الذي كان لا بد منه أن يكون في أرض سبأ وديار الملكة بلقيس..فنحن ننتقد المركز العربي في الأردن وطاقمه الإخراجي لأنه مثلّ هذا المسلسل خارج أرض اليمن والذي كان بدوره هو الساحة الفعلية لمثل هذا العمل الفني لكنه كان بعيدًا عن أرض الحدث وتم إخراجه قبل تسع سنوات من هذا العقد الزمني والمسلسل هذا فيه من الشطحات المفبركة والهفوات المربكة التي تكهل جبين سبأ في وضح النهار وتحتار منها أعمدة صرواح في فلق الصبح وينصدع منها سد مأرب بفعل فأران حفرت شقوق السد بكذب خيالي وعمل فني ضم أمورا غربية عن تاريخ الملكة بلقيس وتاريخ سبأ وكتب هذا المسلسل بصورة فنتازية جريدته من قيمته التاريخية واحتوى على مشاهد دخيلة وحقائق لم تكن موجودة سابقًا إنما هي مبنية على التخيل الدرامي والذي لا ينبغي الإفراط به في مثل هذه المسلسلات التاريخية والتي تشوه الحقيقة المثلى وتخريجها بصورة ناقصة تحكمها العاطفة وترسخ لها انطباعات سخيفة عند الأجيال القادمة وتصبح ثقافة ساكنة في ضمير الإنسان العادي الذي يشاهد ولا يقرأ ويتأثر بسهولة بمثل هذه المسلسلات الدرامية والتي أصبحت ثقافة اليوم المؤثرة عند الشباب المشاهد للأفلام المتجاهل ما تكتبه الأقلام الموثوقة عن أحداث الزمان الفائتة وحضاراته الغابرة وما نعاتب عليه ونلوم به في هذا الصدد كاتب القصة الدرامية والمخرج لهذا المسلسل بدورهما لم يرجعان إلى أي مصدر يمني يعينهم على إخراج هذا المسلسل بأحسن صورة فنية وخبرة مهنية وحقيقة تمثيلية موثوقة بأصدق الأحداث التاريخية والمسميات البطولية الفعلية بل أن المخرج تجاهل الدور اليمني بشكل كبير وغيب دوره التمثيلي كاملاً متجاهلاً الفطرة اليمنية والصبغة السيميائية ودورها التاريخي في الشكل التراثي والموروث الفلكلوري اليمني من الأزياء والملابس والأصوات الموسيقية والأماكن الفعلية والصور المدهشة والشخصيات اليمنية الأصيلة التي كانت ستأدي الدور البطولي بحرفية فائقة ومهنية صادقة في تمثيل الأحداث الدرامية ذات الطابع اليمني الأصيل شكلًا وصوتًا وصورة ولهجة ونقلة طبعية إلى الأذهان بأجمل لوحة فنية محتفظة بطوابع الزمان وعناصره الأساسية من الأحاسيس والمشاعر النفسية والبئية المعيشية وثقافتها المختلفة من حيث اللباس والطقوس الدينية والعادات والتقاليد والمعتقدات والأعراف السائدة في ذلك العهد السبأي العريق الذي هو بالفعل عبق التاريخ وحديثه العابر والذائع في كل زمان ومكان لما له من مكانة عظيمة كأمة من الأمم تقدمت رقيًا وحضارةً حتى كان لها أعظم صيت بين الأمم وأجل نصيب أن سميت صورة في القرآن الكريم باسم سبأ والاحقاف وغيرها من الآيات القرانية الكثيرة التي تدل على هذه الحضارة وتحمل في كل معنى من معانيها أنها بلدة طيبة ورب غفور ومع هذا خالف المخرج الكثير والكثير من الشواهد التاريخية والأحداث الفنية والأعراف القبيلة والمسميات المكانية من شواطئ اللبان والبن والزبيب والبخور والأماكن الحضارية الحساسة في تلك العصور الإنسانية التي شكلت حلقة وصل بين الشرق والغرب والمصادر التاريخية تشهد على ذلك كله ومما نعاتب به أيضًا أن منتج المسلسل ومخرجه لم يرجعان إلى الباحثين بهذا الشأن من علماء الأثار ومن المختصين بعلم التاريخ والمهتمون بهذا الجانب الحضاري اليمني من المترجمين لنقوش المسند وغيرهم من المفكرين والمؤرخين لحضارة اليمن الخالدة والتي عصرت دهور الإنسانية جميعها واستوعبت أرضها الجن والإنس واستقبلت ديارها الملائكة وترعرع فيها الأنبياء والعظماء والحكماء على ممر التاريخ القديم أجل أننا لا نود التوبيخ بحجم ما شوهته الأفلام والمسلسلات الوثائقية والتي خالفت المصداقية وكانت غير واقعية حينما تجاهلت هذه الحضارة باخراج أفلام ومسلسلات شوهت مكانتها التاريخية وجعلت أحداثها تحكمها العاطفية والأساطير الخرافية التي شاهدناها في مسلسل سيف بن ذي يزن وما حواه من السحر والشعوذة والمشاهد الغير حقيقية التي شوهت مثل هذه الحضارة وشخصياتها الخالدة ومنها ما أخرجه مسلسل الملكة بلقيس من السخافات الغرامية أيضًا والخيالات الدرامية والصور التمثيلية الغير لائقة بها كملكة ذكرت مكانتها في القرآن الكريم وقص لنا القرآن عن شجاعتها وحكمتها وذكر لنا قصة أسلامها مع النبي سليمان لكن مخرج المسلسل جعلها كعاشقه تحب قائد حرسها المسمى عريب وتهيم في حبه عشقًا شاذجًا كامرأة فتنة في حب أحد جنودها وتغار عليه من إحدى وصيفاتها المسماه تيماء وخادماتها الحسنوات كذلك يتغزلن بجنود القصر وكانت وصيفتها تيماء أمينة سرها تنافسها في عشق عريب وكانت وصيفتها الأخرى ضحية أخرى لمثل هذا العشق الخيالي والغرام التمثيلي الذي لم يكن صحيحا بحق ملكة حكيمة كبلقيس أنما كان مجرد تشويق تمثيلي حسبما هواه المخرج في إخراجه لهذا المسلسل الرمنسي والغرامي والذي بدوره خالف حقيقة التاريخ اليمني في هذا العهد بالذات وكم كان مليئا بالصراعات السياسية الحرجة كما تذكره الكتب والمخطوطات والنقوش المسندية أن بلقيس من أسرة المكاربة تولت الحكم بعد موت الملك الهدهاد ولم يكن له ابن غيرها فورثت العرش من أبيها لكن تضارب الروايات التاريخية لا ترجح ذلك كما أظهر المشهد التلفزيوني أن لها أخاً يسمى ثمامة كان أسيرًا في أرض الحبشة ولا ندري ما هي المصادر الذي اعتمد عليها الكاتب في سرد وقائع كهذه وهي غير واردة بل أنه خلط في التسميات النسائية واختلق مسميات غير واردة مثلها ملكة ريدان أروى بنت يزيد والواضح أنه خلط بينها وبين الملكة أروى بنت أحمد الصليحي والتي جاءت في زمن قريب جدا ولم تكن عليها اللولايات السبأية تعتمد إلا على ملوك حمير وأقيال سبأ لكن مثل هذا المسلسل يفتقر إلى النزاهة الدرامية والشفافية الفنية في نقل التاريخ وأحداثه بصورة واقعية من غير زيادة ولا نقصان فالزمان لا يرحم مثل هذا الخداع في التمثيل والدراما وغياب الكفاءة الذهنية في سرد قصص التاريخ كما نوجه النقد للمخرج باسل الخطيب والذي بدوره تجاهل التراث اليمني من حيث الشكل السيميائي والصورة الدرامية في اللبس والأزياء والرسمات واللوحات التشكيلية والمعابد الأثرية وكما ظهرت الملابس التي ترتديها الملكة بلقيس بهذا المسلسل لم تكن من الطراز اليمني القديم بل أن العيب أنها كانت ملابس حديثة من الزي السوري الحديث الذي يكشف الصدور ويبرز النهود في لبس النساء ولم يكن هذا الزي سبأيا ولا يمنيا بحد ذاته مثله لباس أمراء حمير وأقيال ريدان وحضرموت لم يكن شكًلا حقيقيًا يطابق التراث اليمني المحتفظ في متاحفه بقايا من هذا التراث السبأي والحميري الأصيل من الصور والرسمات والملابس والأزياء وصور الحيوانات والتماثيل والصخور والمعدات والمعادن كلعقيق والياقوت والسيوف اليمانية والتي كانت ستصبغ المسلسل بالطابع اليمني الأصيل...
* د.عبدالمجيد محمد باعباد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق