كان يوم شؤم .. بدأ كل شيء غامض , غريباً ..غير مألوف .. علي غير عادته .. حالة هياج شديدة .. تَلُّف المدينة , الهادئة .. وحمّى من نوعٍٍ ما .. تنتاب الشوارع والميدان .. وكأن كارثة وشيكة , أو قد حلت .. صخب .. ضجيج .. هرج .. مرج شيء عجيب .. أشبه بالفوضى.. حركة دائبة . مضطربة .. مرتبكة ـ لا تنقطع ـ في قلب المدينة, وضواحيها , خِيل له أن الأرض , لو كفت عن الدوران , وتوقفت ما توقف هذا الارتباك الغامض
..الذي ملأ الشوارع , والميدان .. الناس تهرول .. تتعثر تتلفت .. تسرع .. تجري .. تختبئ .. تطل برأسها.. العربات تغير وجهتها قصراً .. وإلا سيتحمل أصحابها .. وخائم التبعات .. والنتائج .. والشرفات مُلأت علي أخرها .. في انتظار هذا القادم .. واللافتات العريضة .. لصقت بطول الحائط وعلقت بعرض الشوارع .. وفي كل مكان .. وبنات المدارس بزيهم الأزرق يتسللن يملأن الشوارع .. وقلب الميدان وهنّ يتأبطنّ حقائبهنّ المدرسية .. ذات المناظر الطبيعية .. والنجوم .. والشخصيات البارزة .. يتمايلن .. ويمشين علي مهلٍ .. غير عابئين , بالتحذيرات , والتهديدات , وكأن الأمر لا يهمهن كثيراً , ولا يعنيهن ويرمونهن بنظرات اللامبالاة.. ثم يضحكنّ .. ويمضين في طريقهن ساخرين .. متهامسين .. والشمس بدت .. وكأنها تسترد عافيتها .. يقف مذعور.. يترقب .. ينتظر.. لأن الأمر بالنسبة له , جد خطير .. ُيهمه.. ويفزعه .. قدوم هذا الكائن .. العجيب .. الغريب الذي طالما سمع عنه الكثير, والكثير.. حتماً سيأتي بعد قليل .. ليقلب المدينة رأساً علي عقب .. مُقطّب الجبين .. زاماً بين حاجبيه .. يحدق في كل اتجاه , كصقرٍ , يدنو في قلق داخلّي , متحفزاً , يخاف أن يظهر , فجأة أمامه.. ينزل من السماء .. او يخرج من تحت الأرض .. أو من وسط الزحام .. يركله .. أو يرفُثه , او يؤذيه , أو يحرقه بنظراته السامة, يلوح بعينيه , بعيداً هنا وهناك متحيزاً إلي سور المنتزه الحديدي .. مستعداً لكل التوقعات .. راجعَ مع نفسه ما سيفعله , إذا بدا يتجلى , أو يظهر ذلك القادم , أطرق برهة , يفكر هنيهة , يدير في جمجمته .. سيناريو صغير , رسمه في ذهنه , سيقوم بتمثيله , عندما يأتي .. المعنيون بالأمر .. تجمعوا حوله .. محذرين .. ومنذرين .. وأخبروه بكل شيء .. بصراحة , ووضوح, ثم فطّموه بما يجب , أن يقوم به, إذا جاء من هم في انتظاره ثم انصرفوا غير بعيدٍ , تمتم ساخطاً , لعن أبوه , وأمه , واليوم الذي جاء فيه إلي الدنيا.. موقف صعب , والمهمة ثقيلة علي النفس .. هكذا كان يخاطب نفسه .. رمقهم في غيظ .. وغضب .. والشرر يتطاير من عينيه .. وهم منهمكين .. في إفراغ الشوارع .. من كل شيء .. يعيق حركة المرور.. يوسعون الطريق .. ينظفونها من القمامة .. ويبعدوا المارة .. فهم يخافون أن تقع عينه ..علي عيب .. أو شيء قبيح .. فلا يروقه , ولا يعجبه منظره , فتكون الطامة الكبرى , والكارثة والمصيبة العظمى , وقاصمة الظهر, وهلكتهم جميعاً , فيظعنون الناس غير أبهين علي شيء .. أو باقين علي من يعرفونهم ..عض يده من الغيظ .. مصمص شفتيه في حنقٍ , وحرقة , وقرف .. ضرب يده علي فخذه .. بصق علي الأرض .. وعلي كل ما يدور حوله .. لافتات معلقة.. منتزهات نظيفة مزينه .. شوارع مكنوسة , وأرض مرشوشة .. بالعربات الصغير .. البيضاء .. وأصحاب المحلات الذين قاموا تطوعاً برش الماء .. بالخراطيم ليسكنوا الغبار.. والتراب .. والمارة يتحاشون كل ذلك .. ويمضوا مسرعين .. إلي حال سبيلهم .. انتصف النهار.. واشتدت الشمس وقوي ساعدها .. وكثر الزحام .. وبعضاً من المعنيين بالأمر .. وقفوا على مفارق الطريق, يشيروا بأيديهم.. لتنظيم حركة المرور, المزدحمة , بعربات " الكارو" .. والحنطور .. " والمكروباظ " .. وعربات اليد .. والناس اللاهثة .. العابثةُ .. المُكشّرة عن أنيابها .. بحواجب مدّلاة .. وشوارب طويلة .. تزغر بعينيها .. وتمرق مسرعة .. يسمع بعض المارة .. يسب ويلعن الذي كان السبب في قطع الأرزاق .. تقف فجأة سيارة سمراء .. يشعر بقلبه يدق .. قلبه يقع في صدره .. حين ترمي ببعض نفر .. مدججين بالسلاح .. يجروا في انتشار ــ خاطف ــ سريع في كل اتجاه .. انزووا .. غاصوا .. اختفوا في وسط الزحام .. بلع ريقه الناشف .. جفّف عَرَقه .. المتساقط على جبينه .. وصدغيه , انحنى قليلاً .. غطّي شيئاً كان يبتاعه .. بحث في جيبه عن سيجارة .. وعلبة " الكبريت " أحس كدبيب النمل يسري في جسده .. والتعب يضرب برجليه .. ويعصف بعقله .. جلس القرفصاء .. في حذر .. ضائقُ صدره .. يترقب .. يمر الوقت بطيئاً جداً .. والباعة المنزوون بجواره .. يبيعون للناس خلسة .. وكأن الأمر ـ بالنسبة لهم ـ لعبة .. أو خديعة .. من المعنيين .. حتى لا يجلسوا في وسط الشارع .. لبيعوا مثل كل يوم ... بينما هو كان جالساً .. القرفصاء على إنائه في حذر.. متحفزاً , ومنتظراً .... قدوم هذا لأتي ......؟؟؟!!!.
*على السيد محمد حزين
طهطا ــ سوهاج ــ مصر
..الذي ملأ الشوارع , والميدان .. الناس تهرول .. تتعثر تتلفت .. تسرع .. تجري .. تختبئ .. تطل برأسها.. العربات تغير وجهتها قصراً .. وإلا سيتحمل أصحابها .. وخائم التبعات .. والنتائج .. والشرفات مُلأت علي أخرها .. في انتظار هذا القادم .. واللافتات العريضة .. لصقت بطول الحائط وعلقت بعرض الشوارع .. وفي كل مكان .. وبنات المدارس بزيهم الأزرق يتسللن يملأن الشوارع .. وقلب الميدان وهنّ يتأبطنّ حقائبهنّ المدرسية .. ذات المناظر الطبيعية .. والنجوم .. والشخصيات البارزة .. يتمايلن .. ويمشين علي مهلٍ .. غير عابئين , بالتحذيرات , والتهديدات , وكأن الأمر لا يهمهن كثيراً , ولا يعنيهن ويرمونهن بنظرات اللامبالاة.. ثم يضحكنّ .. ويمضين في طريقهن ساخرين .. متهامسين .. والشمس بدت .. وكأنها تسترد عافيتها .. يقف مذعور.. يترقب .. ينتظر.. لأن الأمر بالنسبة له , جد خطير .. ُيهمه.. ويفزعه .. قدوم هذا الكائن .. العجيب .. الغريب الذي طالما سمع عنه الكثير, والكثير.. حتماً سيأتي بعد قليل .. ليقلب المدينة رأساً علي عقب .. مُقطّب الجبين .. زاماً بين حاجبيه .. يحدق في كل اتجاه , كصقرٍ , يدنو في قلق داخلّي , متحفزاً , يخاف أن يظهر , فجأة أمامه.. ينزل من السماء .. او يخرج من تحت الأرض .. أو من وسط الزحام .. يركله .. أو يرفُثه , او يؤذيه , أو يحرقه بنظراته السامة, يلوح بعينيه , بعيداً هنا وهناك متحيزاً إلي سور المنتزه الحديدي .. مستعداً لكل التوقعات .. راجعَ مع نفسه ما سيفعله , إذا بدا يتجلى , أو يظهر ذلك القادم , أطرق برهة , يفكر هنيهة , يدير في جمجمته .. سيناريو صغير , رسمه في ذهنه , سيقوم بتمثيله , عندما يأتي .. المعنيون بالأمر .. تجمعوا حوله .. محذرين .. ومنذرين .. وأخبروه بكل شيء .. بصراحة , ووضوح, ثم فطّموه بما يجب , أن يقوم به, إذا جاء من هم في انتظاره ثم انصرفوا غير بعيدٍ , تمتم ساخطاً , لعن أبوه , وأمه , واليوم الذي جاء فيه إلي الدنيا.. موقف صعب , والمهمة ثقيلة علي النفس .. هكذا كان يخاطب نفسه .. رمقهم في غيظ .. وغضب .. والشرر يتطاير من عينيه .. وهم منهمكين .. في إفراغ الشوارع .. من كل شيء .. يعيق حركة المرور.. يوسعون الطريق .. ينظفونها من القمامة .. ويبعدوا المارة .. فهم يخافون أن تقع عينه ..علي عيب .. أو شيء قبيح .. فلا يروقه , ولا يعجبه منظره , فتكون الطامة الكبرى , والكارثة والمصيبة العظمى , وقاصمة الظهر, وهلكتهم جميعاً , فيظعنون الناس غير أبهين علي شيء .. أو باقين علي من يعرفونهم ..عض يده من الغيظ .. مصمص شفتيه في حنقٍ , وحرقة , وقرف .. ضرب يده علي فخذه .. بصق علي الأرض .. وعلي كل ما يدور حوله .. لافتات معلقة.. منتزهات نظيفة مزينه .. شوارع مكنوسة , وأرض مرشوشة .. بالعربات الصغير .. البيضاء .. وأصحاب المحلات الذين قاموا تطوعاً برش الماء .. بالخراطيم ليسكنوا الغبار.. والتراب .. والمارة يتحاشون كل ذلك .. ويمضوا مسرعين .. إلي حال سبيلهم .. انتصف النهار.. واشتدت الشمس وقوي ساعدها .. وكثر الزحام .. وبعضاً من المعنيين بالأمر .. وقفوا على مفارق الطريق, يشيروا بأيديهم.. لتنظيم حركة المرور, المزدحمة , بعربات " الكارو" .. والحنطور .. " والمكروباظ " .. وعربات اليد .. والناس اللاهثة .. العابثةُ .. المُكشّرة عن أنيابها .. بحواجب مدّلاة .. وشوارب طويلة .. تزغر بعينيها .. وتمرق مسرعة .. يسمع بعض المارة .. يسب ويلعن الذي كان السبب في قطع الأرزاق .. تقف فجأة سيارة سمراء .. يشعر بقلبه يدق .. قلبه يقع في صدره .. حين ترمي ببعض نفر .. مدججين بالسلاح .. يجروا في انتشار ــ خاطف ــ سريع في كل اتجاه .. انزووا .. غاصوا .. اختفوا في وسط الزحام .. بلع ريقه الناشف .. جفّف عَرَقه .. المتساقط على جبينه .. وصدغيه , انحنى قليلاً .. غطّي شيئاً كان يبتاعه .. بحث في جيبه عن سيجارة .. وعلبة " الكبريت " أحس كدبيب النمل يسري في جسده .. والتعب يضرب برجليه .. ويعصف بعقله .. جلس القرفصاء .. في حذر .. ضائقُ صدره .. يترقب .. يمر الوقت بطيئاً جداً .. والباعة المنزوون بجواره .. يبيعون للناس خلسة .. وكأن الأمر ـ بالنسبة لهم ـ لعبة .. أو خديعة .. من المعنيين .. حتى لا يجلسوا في وسط الشارع .. لبيعوا مثل كل يوم ... بينما هو كان جالساً .. القرفصاء على إنائه في حذر.. متحفزاً , ومنتظراً .... قدوم هذا لأتي ......؟؟؟!!!.
*على السيد محمد حزين
طهطا ــ سوهاج ــ مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق