اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

القرية الخرفة ــ 4...الولاية || الاطرش بن قابل

في القرية الخرِّفة، لا فرق بين الصباح والمساء، كذلك لا فرق بين اليقظة والنوم، الأيام متشابهة إلا من بعض التفاصيل الصغيرة التي لا تعني شيئا، كذلك الليالي حالك ظلامها كظلم الحاكم، لازال الماء مفقودا إلا أن الحاجة إلى الاستحمام تضاءلت، فقد خيم الشتاء على القرية واستحوذ عليها برده دون مطره، لازال الجفاف يواصل سّن قوانينه، فالقرية الخرفة صارت تشبه صحراء في عــز الشتاء، الرياح استعارت أعمال أخرى فمن لواقح إلى حاملات للغبار، تذره على سكانها، لتزيد من مآسي حياة ساكنيها، وعفن أجسامهم النَّخِرة.

كان الهدوء رفيقا لقصر الحاكم لأشهر البرد الأولى، وفي خضم جو القصر المُفعم بالاختناق وقلة الحيلة، المتعفن برائحة عقاقير الحاكم، وروائح البيض المسلوق بالمطبخ، كانت كل من آخر زوجات الحاكم صغيرة السن التي تزوجها ذات ليلة في عرس ابنته من العام الماضي عندما كان يئن ألما من ركبته اليمنى، قد نفذ صبرها وكتمها لألمها، وفي لحظة سهو، كسرت هذا الهدوء الواثب على قلب الحاكم ونسائه الأخريات، مُكابدة ألام المخاض بصراخ أخرس، وابنته كذلك يؤلمها المخاض لكن بأقل حِدَّة من زوجة أبـيـها. كان وجه ابنة الحاكم وزوجة ولي العهد في الحكم،لزمن قليل، يعتصر فرحا وحمرة وهي تنتظر مولودها في الغرفة المقابلة في الرواق الكبير.

وفي لحظه هدوء نسبي، بعد صرخات مدوية أخافت مجاوري القصر، تـنـهدت زوجة الحاكم تنهيدة استجمعت فيها كل هواء الغرفة، وفي صيحة سمعتها بعض المدن القريبة، لفضت وليدها ذو الرأس الكبير ولفضت روحها معه، ما كانت لتنجو بولادته فقد دمر الطريق في مروره، حتى انفجرت بالدماء التي سالت عبر السرير إلى الباب فالرواق، تتبعها الخادمات بالمكانس حتى ساقته إلى سقيفة يجلس فيها الحاكم مع نسائه، تساءل في دهشة فلم يسمع بالصيحة التي أطلقتها زوجته وأصّمت نصف سكان القرية الخرفة، فقد أصابه منذ زمن ثقل السمع وأصبح يسمع الأصوات التي لا يسمعها البشر من قبيل أصوات الأموات ومشاجرات النمل ولكن في هذيانه فقط... فأصبحت عادته التصنت على خرير الماء في الوادي الذي جّف ماؤه من سنين، ربما كان متلهيا بعض الشيء مع زوجاته.

وفي نهاية المسلك الذي دمره الابن الجديد، احتضنته الداية بقطعة قماش مبطنة بالقطن، فصرخ صرخة ولدت منها أخته في الغرفة المقابلة، مسحته من بقايا الدم فقد كان خروجه مأساويا سالكا طريقا مخالفا للمعهود في الولادة، ربما شق طريقا جديدا.

رُزق الحاكم بابن وابنته ببنت، تنهد الزوج في ولعته لذكر بكرا لأولاده ، ثم تأفف الحاكم من رؤية ابنه وصرخ في زوجته، فلم ترد حتى يومنا هذا. دفنت على أعقاب هذا، بقبر بجبانة منسية كما أمر الحاكم على بعد أميال من القرية لكي لا تجلب هذا الفأل السيئ إلى نساء القرية، كان يتردد على فكر الحاكم أن يدفن الولد معها، كما تردد في القرية أن المولود قاتل بالفطرة، كانتا عيناه دوما تحدقان في ابنة أخته، وفي يوم من الأيام بعد أن استقام قليلا في مشيته، احمرت عينا الأم واصفر وجه الأب، ربما عن غير قصد أو ربما بإيحاء من أمها ابنة الحاكم، وهو يلعب مع ابنة أخته قرب صهريج الماء الكبير الخاص بالقصر، رمته فيه، بحثوا عنه لعدة أيام إلاّ أن أصبح الماء ذو رائحة كريهة، فذهبوا يستقصون الخبر، فوجدوا الطفل قد أصبحت له زعانف، فعرفوا أن الماء قد تعكر وأصبح لا يصلح أن يسقى لساكني القصر دون أذيتهم، فسقوه للقرية فمات بعضهم مسمما، أخذوا الولد ووضعوه في غرفته حتى شفي تماما وزالت الزعانف بفعل تتريبه عدة مرات في اليوم بتراب ممزوجا بالكبريت فأزال هذه التشوهات .

وفي ليلة باردة شابتها رائحة الموتى بل رائحة الموت، نهض الحاكم إلى نافذته فآلمته ركبته اليسرى، فتأكدت له نبوءة العجوز التي تعرف كل شيء، أنه مفارق الحياة حتما بعد زمن غير بعيد، فجمع كل من زوجاته ونسيبه وبناته، وأوصاهم بالحكم لابنه ذو الرأس الكبير، وجعل نسيبه ابن الشيخ النطاط وصيا عليه حتى يبلغ أشده، وفي زمن كان الأمر واضحا للكل، تنفس فيه أهل القرية الخرفة الصعداء بسماعهم لهذا الخبر الذي بدا مفرحا في بادئه، لولا معرفتهم لمن آلت الولاية بعده، استدعى الحاكم العجوز امرأة الشيخ النطاط التي قد ذكرت قبلا هذه النبوءة، فذّكرت الحاكم بأنها في صدّد ذكرها لهذه النبوءة اشترطت أن تكون ليلة من ليالي صيف حامية، وبادرت أن ما ذكرته سيدي الحاكم فقط أضغاث أحلام.

استدعى الحاكم الأطباء، ليتدبروا في أمر ركبته اليسرى فذكروا له أنها من فرط تفكيره في رعيته، ومن بين النصائح التي بادروا بها، وتفاهموا على ذكرها، أن تريح نفسك بعض الشيء وأنت على ركبتيك في حضرة نسائك. وأن تستقيم في النوم، فذهب تفكيره بعيدا في مِلأ الفراغ الذي تركته زوجته الفتية الأخيرة، المتوفاة في المخاض بالولد المشئوم، بعد أن فكر في أنه ربما يكون مخلوقا غير عادي فيعيش ألف سنة أخرى، فقرر الزواج بالرابعة.

الاطرش بن قابل

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...