اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

أســــــــوار عالــية ــ قصة قصيرة || عادل المعموري

في هدأةِِ من ليلِ بهيم ، فوجئ بكسر قضبان نافذة زنزانته ، أصابته الدهشة ، تحطّمَ سكون الصمت على جدار العزلة ، أخذ يفرك عينيه الشاحبتين ويحد النظر صوب النافذة المحطّمة، ينهض واقفا، يقترب منها بهدوء حذر ، يعاينها باستغراب ، فيما كانت أصابعه تمسان حديد ها بتؤدة ، تأكّدَ له أن قواعدها مخلوعة من أماكنها في عمق الجدار ، روحه اليائسة أشعلها جمر الخلاص ، تصارعت في رأسه هواجس القلق والخوف والفرح الآتي ، يحاول الآن أن يرمّم ماتبقّى من محطاته البعيدة الثاوية على رصيف الانتظار.

النار تصهل في عينيه الذاويتين منذ أزمنة بعيدة ، .ظله الممدود خلف الوهم تسرب إليه شعاع فجر جديد. واتته الفرصة الآن ، لن يتغابى عن أفكار العسس والسجانين إزاء نافذة كانت مقفلة طوال السنوات الماضية ..لا يرغب البتة في معرفة من كسرَ ها ، كل همّه أن ينفذ منها إلى خارج أسوار السجن . أحلامه المبعثرة سيلم شتاتها ،والدروب التي نسيها سيمشيها مهما كانت التضحيات.
.لن يعبأ للريح لو استفاقت لتضرب وجوه أبواب الرجاء المعقودة ،
_أيها الليل ألا تنجلي، دع لي كوّة لأهرب منها قبل أن يداهمني الطوفان ،أنا أعرف أن الموت في كل الدروب مباح .
الأوجاع التي كانت تصرخ في كل قطعة من جسده ..هدأت وتناست ضرب الهراوات ولسع السياط ،سيمضي الليلة ، وسيحطّم أسطورة الموت البطيء. و قف منتصباً على ساقيه المتعبتين ،لن يكون بعد هذه الليلة إلتهاب المفاصل الرثوي، ولا سعال منتصف الليل، ولا رئة مشروخة، تتسوّل الهواء المباح ، كلمّا لطمت خياشيمه رائحة البول وعفونة المكان ،تستفيق مشاعره وتتوثب أعضاءه، يشعر أنه يُبعث من جديد، وأن معاناته في الليالي الباردة آن لها ان تتوثب للقفز نحو دروب الرجاء .
.أطلّ بعنقه من النافذة. لاشيء يبعث على الريبة. الأضواء المنعكسة على الأشجار الكثيفة تعانقها نسمات هواء لذيذ، كانت تحّرك المصابيح المعلقة بذؤابات الأشجار السامقة. لا يعلم أي طريق سيسلكه لو ُقيّضَ له أن يعبر النافذة ،الروح المثقلة بالحزن طرحت ثمارها الُمرّة وابتسمت تشدو موّال الخلاص . بات حلمه مشدوداً بعبورها والقفز إلى الأرض المفتوحة ، يخشى أن يبزغ الفجر وهو يغالب انفعالاته وتوجساته. ارتقى الجدار ومدّ رأسه ليلقي نظرة أخيرة على الساحة الخضراء تحرّكت تحت كفه ورقة مطوية تحت درفة النافذة،تمعن بسطورها مستغرباً، قرأ فيها (متى ما وجدتَ النافذة محطّمة .أهرب حالاّ ..اهرب يميناً ولا تلتفت إلاّ وأنت خارج الأسوار..النصر آتِِ يا رفيقي )
لم يستطع تمييز صاحب الخط .لم يشغله التفكير بأمر الورقة .هبط منها .سقط فو ق شجيرة صغيرة ،ولا مست قدمه العشب المبلول ، تذكّر رفاقه في الزنازين الأخرى :
_ يا ترى هل كُسرت لهم النوافذ مثلي ..أم في الأمر سرٌ لا أعرفه ؟!
أسرعََ يجري مقوس الظهر، متحاشياً الارتطام بعوائق الطريق. شرع يركض على غير هدى ،لا شيء يشغله غير معرفة السبيل ، إنه بالكاد يتذكره ، كان قد قطع مسافة ليست بالقليلة وهو يرقب السور العالي الذي بدا يبتعد عنه رويداً رويداً . خطواته لما تزل تقطع المدى وقلبه يخفق بين أضلاعه ، ما كان في الحسبان أن تنطلق صفارة الإنذار بهذه السرعة ، لتعلن للجميع _ أن سجينًا قد هرب _ كل الدروب أُغلقت والقناديل اليدوية أُسرجت. والشرطة على أهبة الاستعداد لكل طارئ.
الهراوات أخذت تتقاطر على جسده الهزيل، أعقاب البنادق سلخت فروة رأسه وأدمت عينيه ،
لم يتبين ملامحهم،الدم النازل على عينيه أفقده الرؤيا .لم يسمع غير همهمات وكلمات مبتورة ولهاث غاضب .رائحة دمه ملأت أجواء الزنزانة وسالت القطرات المستباحة فوق بلاطها النتن ، رموه جثة بلا حراك ،أنين ووجع ممض ، أعقاب البنادق رسمت خارطة كلسع السياط فوق جسده العاري. توقّف النوح عند الفجر ولا ذت الظلمة في تلافيف أشجار السرو الخاتلة ، استفاق قليلاً ..اعتدل في جلسته بصعوبة ، كل عضوِِ في جسده يتألم ، راودته أحداث الليلة الماضية ، حانت منه إلتفاته نحو النافذة .لم تكن هناك نافذة البتة. ثمة جدار مثقوب، مفتوح على أرض شاسعة ..ليس ثمة قضبان ولا عسس ولا سجّان .
ينهضَ من مكانه ،يسير نحو الجدار ،يتلمسه بأصابعه المتورمة .يندفع من رحم الغرفة المظلمة ،تقوده قدماه نحو حديقة خضراء لا تحدها حدود، تغفو فو ق مروجها أزهار ملونة تمتد على مرمى البصر ، تجوّل بين الأشجار الباسقة، رأى جداول الماء المنسابة بين الأحراش والزهور الملونة .طيور و نوارس تحلّق في السماء ،يجد نفسه خفيفاً بسير بلا آلام ولا جراح ،يشعر أنه يعدو بلا قدمين.
طوى انكساراته وراح يجري مبتسماً، فارداً ذراعيه بانتشاء . عبرَ مسافات طويلة، يشدّه الوهج القادم من شعاع الشمس .
راح يضحك مبتهجاً.. تتعالى ضحكاته في الفضاء الفسيح ،يلتفت ليرى كم المسافة بينه وبين الأسوار العالية التي تركها وراءه ،لم يجد أثرا للأسوار ولا لتلك البنايات الشاحبة بلون الموت . واجهه نهر واسع يمتد أمامه بلا جسور ..خلع ملابسه وقفز في عمق الماء ليعبر إلى الضفة الأخرى ، بعد قليل شعرَ بالتعب وهو يجذف بذراعيه ،تلاحقت أنفاسه ، أتعبه اللهاث أحسّ بيد قويه تدفع به نحو الأعماق ، يد هائلة لحيوان أسطوري تضغط به نحو القاع وهو يحاول التخلص منها بلا جدوى، لمّا أوشك على الإختناق ، عنّ له أن يصرخ، أحسّ بحذاء ثقيل يدوس على رأسه، يفتح عينه ليجد نفسه أمام السجّان واقفاً ينظر إليه ، يلتفت حواليه بذهول .. يجد نفسه يربض فوق بلاط الزنزانة .
السجّان يدوس على رأسه باستخفاف مزمجراً :
_ إجمع أشياءك حالاً .. لقد تمّ نقلك إلى زنزانة أخرى.. لانوم فيها .
_لماذا ؟!
_لقد خالفتَ اللوائح والتعليمات .
_أنا لم أكسر القضبان .
_ألا تعلم .... أنّ الأحلام ممنوعة ؟!
.
 عادل المعموري

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...