اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

يوم تيـــه ــ قصة قصيرة || بقلم : زهرة مراد

كانت قد أنهت العمل واستقلّت سيّارتها وأخذت طريق العودة. كان يلزمها مسير عشرات الكيلومترات لتصل إلى بيتها. بادرت بفتح إحدى محطّات الإرسال فجاءتها عبر الأثير أغنية دغدغت ذاكرتها وعادت بها إلى محطّات بعيدة من عمرها. انتشت بكلمات الأغنية "على شان ما ليش غيرك... اللّيل تسهّرني ..."
انطلقت سيّارتها تطوي الطّريق طيّا وشعرت كأنّها حمامة بيضاء تنطلق في السّماء عاليا فاردة جناحيها على امتدادهما. تنظر إلى الأرض فتنتعش بلون الخضرة الممتدّة على أطراف الطّريق. تحاذي المعبّد من الجانبين أشجار كليبتوس عالية، تظهر من بين
أغصانها، على امتداد البصر حقول شاسعة تغطّي نباتاتها أديم الأرض لمساحات لا حدود لها. وتظهر هنا وهناك بعض المنازل صغيرة، منتشرة بين الرّبى والسّهول. ما أحلى الطّبيعة وما أجملها ! هكذا كانت تقول بينها وبينها وتمنّي نفسها بفسحة بين أحضانها الخلاّبة.
وفجأة، أحسّت بشعور غريب يعتريها. شعرت بأنّها وحدها تسير في الطّريق وأنّ شيئا ما غير عاديّ يحدث.
صار الطّريق صامتا، مقفرا، لا أحد يمرّ فيه سواها. نظرت إلى المرآة العاكسة علّها ترى سيّارة خلفها. لم يكن وراءها أحد، لا سيّارة ولا درّاجة ولا شاحنة ولا أيّ نوع من أنواع العربات في الطّريق خلفها. ولم يعترضها أحد على امتداد كيلومترات عديدة. مازال الطّريق إلى منزلها يمتدّ. سوف يعترضها مسافرون على متن سيّاراتهم أو في الحافلة أو غيرها. أرادت أن تغيّر محطّة الإذاعة فانتبهت إلى أنّ الأغنية قد توقّفت دون أن توقفها. أدارت زرّا لترفع صوت المحطّة فأبى أن يعلوَ. غيّرت المحطّة فلم تجد غير الصّمت المطبق على كلّ المحطّات. أمرٌ غريب يحدث. كلّما اقتربت من المدينة ولكن ما هو؟ إنّها لا تفهم.
لم تتوقّف رغم ذلك. بل واصلت قيادة سيّارتها في اتّجاه الشّمال الشّرقيّ. ومن حين لآخر تشيّع نظرها إلى الحقول الممتدّة على حافتي الطّريق، البادية بين أغصان الأشجار المحاذية للمعبّد. فلم تعد ترى أثرا للحياة. أغصان الأشجار لا يحرّكها هواء ولا حتّى نسيم خفيف، حتّى كادت تبدو اصطناعيّة. السّماء غشّاها لون رماديّ ألقى بثقله على كلّ ما في الأرض. لا طائر يطير ولا دابّة تسير. المكان بات قفرا، إلاّ منها. طال الطّريق أمامها كثيرا. وكلّما ازدادت سرعة السّيّارة، كلّما أطبق السّواد على الأرض وانتشر منه بداخلها حتّى كادت تختنق.
الصّمت يعمّ المكان، عدا صوت محرّك سيّارتها يدوّي في أذنيها، ودقّات قلبها التي تزايدت حتّى كاد يقفز من مكانه. ما عساه يحدث؟ أين ذهب النّاس ؟ لم يخلُ هذا الطّريق يوما من السّيّارات والعربات الكبيرة والصّغيرة ليلا ونهارا. إنّها تعرف الطّريق جيّدا وتسير فيها يوميّا. ما الذي جدّ ولا علم لها به. خفّضت السّرعة فجأة حين قفز في ذهنها رأي. مالت بالسّيّارة نحو يمينها وأوقفتها. ثمّ بحثت عن هاتفها لتتّصل بزوجها، سوف تطمئنّ ما إن يرنّ الهاتف ويردّ. حين تسمع صوته، سيسري فيها شعور بالطّمأنينة وتعمّ السّكينة روحها، لا داعي للخوف، ها هي تجد الهاتف. تعمل بسرعة على البحث عن رقم زوجها، لكنّها لا تستطيع. يبدو أنّ الهاتف قد تعطّل أو أنّ شحن بطاريته قد انتهى.
تذكّرت بسرعة أنّ لها مفتاحا يمكّنها من الاتّصال بالأنترنت. ومنها ستتّصل بزوجها أو بابنها أو ابنتها أو أيّ صديق أو صديقة عبر الـ facebook. سوف تتّصل بالعالم خلال ثوان وتطمئنّ لكونها في أمان. ها قد وجدت حاسوبها المحمول ومفتاح النّت.
لتتّصلْ حالا.
قد يأخذ الاتّصال بعض الوقت، ولكن حين تتّصل، سوف تشعر بالأمان. ماذا يحدث ؟ لا المحمول يُفتح ولا المفتاح يعمل ولا هي تستطيع الاتّصال. ازداد قلقها ووضعت كلّ شيء جانبا ثمّ شغّلت محرّك السّيّارة مجدّدا بيد مرتعشة، وعادت إلى الطّريق. كانت تشعر بالوحشة. ولكنّ الأمل في أن تصل بسرعة إلى بيتها، أين ستجد زوجها وأبناءها بانتظارها، كان يطمئنها بعض الشّيء.
سوف تجد رفيق دربها قد سبقها في العودة من العمل، وسوف تجد الغداء ساخنا على طاولة الأكل. سوف تغيّر ملابسها بسرعة، وتغسل يديها وهي تحدّثهم عمّا أحسّت به من وحشة أثناء القيادة بمفردها في طريق العودة. سوف يضحك زوجها كعادته وهو يمازحها ساخرا من خوفها المبالغ فيه، وسوف تقبل مزاحه طبعا، المهمّ أن تصل البيت بسرعة، وتتخلّص من هذا الكابوس المرعب الذي يشعرها بخلوّ العالم وبوحشة أن تكون وحيدة فيه. وأخيرا وصلت إلى مشارف مدينتها. تنفّست الصّعداء وارتاحت قليلا. أجالت النّظر في الشّوارع وهي تدخل المدينة، فلاحظت أمرا غريبا. الشّوارع والأنهج مقفرة. الدّكاكين مغلقة ولا أحد يسير أو يقف أو يجري. لم تر إنسانا ولا حيوانا، حتّى القطط التي تعوّدت أن تجوب الشّوارع ليلا نهارا، لم تر ولو واحدا منها. الصّمت يعمّ المكان بأكمله. ازداد قلقها وركّزت تفكيرها على بيتها علّ الكابوس ينتهي هناك.
أوقفت سيّارتها ونزلت. دكّان عطّار الحيّ مفتوح. أطلّت على بابه، فإذا لا أحد فيه. بسرعة دخلت منزلها منادية زوجها وابنها وابنتها، فلم يأتها جواب من أيّ منهم. فتحت الباب ودخلت. فإذا بالصّمت يعمّ المنزل كلّه. اتّجهت إلى الهاتف القارّ لتتّصل بأحدهم. فلم تجد به حرارة. فتحت التّلفاز فلم يُفتح. عادت إلى خارج البيت تستجلي الشّارع من جديد. فلم تجد أحدا يشرح لها ما يحدث. رفعت نظرها إلى السّماء فلم تر غير الغيوم الدّاكنة تغطّيها وتعكس سوادها على الأرض فتجعلها تشعر بالاختناق من جديد.
عادت إلى البيت وهي في دهشة وحيرة من أمرها، لا تفهم ما يحدث، حين سمعت فجأة صوت محرّك سيّارة في الشّارع. إنّه زوجها يعود رفقة الأولاد في سيّارة صديق. أسرعت إليهم سائلة: "ما الذي يحدث في المدينة ؟ أنا لا أفهم شيئا ! أين النّاس ؟
- الناس خارج المدينة.
- ولِمَ ؟
- غرق زورق كان يقلّ "حرّاﭬـة". ثلاثون شابّا شربوا ماء البحر ثمّ ألقت بهم الأمواج على الشّاطئ. إثر الإعصار الذي اجتاح المدينة هذا الصّباح.
- يا الله ! فلماذا لم أستطع الاتّصال بك بالهاتف ؟
- لقد تعطّلت شبكة الهواتف والنّت في المدينة كلّها. ألم أقل لك إنّ إعصارا هزّ أركان المدينة أثناء غيابك ؟ لقد تضرّرت بعض المنازل وبعض المباني في السّوق. الحمد لله أنّ بيتنا لم يتعرّض للأذى.
- نعم الحمد لله...
جلست العائلة حول طاولة الغداء ولكن لم يأكل أحد شيئا...

زهرة مراد 
 تونس

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...