" رواد التنوير في فلسطين " هو عنوان دراسة للكاتب والباحث الفلسطيني سعيد مضيه من اصدارات دار الثقافة الفلسطينية العام ٢٠١٦، وكانت صدرت بطبعتها الاولى عام ٢٠٠٨ عن مؤسسة الانتشار العربي ، وهي صورة بانورامية للمقاومة الثقافية والفكرية والتربوية والدينية في فلسطين التاريخية ، وتتحدث عن تسعة منورين فلسطينيين ساهموا في بلورة وتطوير الثقافة التنويرية على مشارف القرن العشرين ، وارساء ثقافة وطنية مقاومة مناهضة للاستيطان والانتداب والاحتلال الصهيوني .
يعد الأستاذ سعيد مضيه صاحب الكتاب ، أحد أهم الاصوات الثقافية والفكرية والاجتماعية التنويرية البارزة والمهمة في ميدان التورخة والعمل الثقافي والميداني الفلسطيني . فهو كاتب وباحث ومفكر مبدع ومؤرخ قدير ، من مواليد بلدة حلحول قضاء الخليل العام ١٩٣٤ ، عمل في التدريس ، وفصل من وظيفته ، ولوحق من قبل النظام الاردني ثم من سلطات الاحتلال الاسرائيلي ، وسجن مرتين في المعتقلات الاسرائيلية ، وفي العام ١٩٧٨أبعد عن الوطن وعاد اليه في ١٩٩٤.
انضم مضيه للحزب الشيوعي الاردني وشارك في نضالاته الاجتماعية والسياسية والطبقية ، وعمل في رابطة الكتاب الاردنيين كأمين سر ونائباً للرئيس ، وهو حتى الآن قابض ومتمسك بفكره الايديولوجي والعقيدة الشيوعية ، ومنخرط في الفعاليات والنشاطات الكفاحية ضد الاحتلال .
صدر له عدداً من المنجزات والكتب البحثية ، وهي : " الثقافة الفلسطينية والممارسات الصهيونية ، الاجتماعي والبيولوجي في الابداع الفني ، ثقافتنا ومهمات المرحلة ، الثقافة العربية في فلسطين ، جدل الثقافة الديمقراطية ، رمال في العيون " .
وله عشرات المقالات والدراسات والمداخلات السياسية والفكرية والتاريخية المنشورة في المواقع الالكترونية المختلفة .
يقع كتاب " رواد التنوير في فلسطين " لسعيد مضيه في ٢٩٣ صفحة من الحجم المتوسط ، ويهديه الى " مدينة القدس ، مدينة النور والتنور ، وستعود قريباً مدينة السلام " ، ويستهله بالتأكيد على أن " ثقافة التنوير الحديثة ولدت في حضن المقاومة ، وبداخلها تعمدت وصلب عودها "، ويجيب عن السؤال : ما هو التنوير بقوله : " التنوير حركة روحية ميزت مرحلة من النهوض العربي ، استهلت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وتواصلت حتى الحرب العالمية الاولى ، أو بعد ذلك بسنوات ، حين اخضعت الأقطار العربية لحكم الانتدابات بعد صدور وعد بلفور وافتضاح مؤامرة سايكس بيكو ، فإدرك المثقفون المنورون ومن تابعوهم واقع الكولونيالية الامبريالية ، وانتقلت برسالة التنوير الى ترشيد حركة نهوض شعبي للتحرر القومي " .
ويوضح مضيه أن المنورين اعتمدوا على نشر وبث رسالتهم التنويرية بالحث على انشاء المدارس واصدار الصحف والمجلات والمطبوعات والكتب الأدبية والثقافية والفكرية والاهتمام بالفنون الأدبية بمختلف الوانها وأجناسها .
ويتطرق سعيد مضية في كتابه الى الثقافة الوطنية الفلسطينية ، ويشير الى كيف اتخذت الكنيسة الارثوذكسية موقفاً معادياً من المثقفين الارثوذكس ، ويتوقف ايضاً عند بدايات ظهور ونشوء الحركة المسرحية في فلسطين .
ويفرد مضيه صفحات طويلة من كتابه ليقدم نبذاً عن سير الرواد التنويريين الفلسطينيين التسعة ، الذين ساهموا وسعوا الى تطوير وتأصيل الفكر التنويري في ربوع فلسطين ، فيتناول باسهاب حياتهم وأعمالهم ومؤلفاتهم ونشاطهم الثقافي المميز ، ويتحدث بداية عن الباحث والناقد محمد روحي الخالدي ، صاحب العديد من المؤلفات في مجالات التاريخ والعلوم والآداب ، ثم بندلي الجوزي الذي كان اهتمامه منصباً على على التاريخ والعلوم والآداب والأبحاث ، واشتهر بكتابه " تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام " ، ويعرج على المفكر والمربي الفذ خليل السكاكيني ، الذي عشنا معه لحظات مع أرفع آيات الحزن على زوجته " سلطانة " وحزنه بفقد ابنه " سري " ، والأديب البارع الذي ربط الأدب بالحياة ، واهتم بدور المثقف في الحركة الوطنية ، ودمج الكنيسة بالقضية الوطنية .
ثم يغوص في عالم نجيب نصار ، صاحب صحيفة " الكرمل " التي ظلت طوال صدورها لسان حال الجماهير العربية والمعبر عن طموحاتها ، ويلج دنيا خليل بيدس ، احد اعلام السرد القصصي ، وصاحب أول رواية فلسطينية هي " الوارث " ، ومؤسس مجلة " النفائس العصرية " التي احتضنت الاقلام الجادة وكتابات المبدعين والمثقفين الفلسطينيين والعرب ، ثم يتناول نجيب عازوري الذي لفت الانظار بوعيه المبكر ، ودمج القضية القلسطينية بالقضايا العربية ، وألف في هذا المضمار كتاب " يقظة الأمة العربية " ، ويأتي بعد ذلك الى حياة الباحث التراثي توفيق كنعان ، رائد البحث الفولكلوري الفلسطيني مبرزاً القيمة الوطنية لابحاثه في التراث ، ويركز على مكانة محمد اسعاف النشاشيبي الأدبية والثقافية ، الذي درج منذ صغره على حضور حلقات العلم والفكر التي كان والده يستضيفها في بيته ، وكان يحضرها ويشترك فيها كبار العلماء ، وتشهد مؤلفاته على أنه كان ذا ثقافة لغوية وأدبية وفلسفية وتاريخية عميقة ، ولم يكن يفلت من بين يديه كناب في العربية الا وقرأه وحفظ منه وروى عنه ، ولعل كتابه " نقل الأديب " شاهداً على عمق ثقافته وتبحره الواسع في حنايا كتب التراث الخصبة .
وفي النهاية يستعرض مسيرة الاديبة كلثوم عودة الحياتية والثقافية التي حفلت بالنشاط الثقافي ، والتي تركت وراءها أعمالاً متنوعة في شكلها ومضمونها .
ان دراسة سعيد مضيه " رواد التنوير في فلسطين " تمثل انجازاً ومشروعاً بحثياً رصيناً ومهماً ، ويشكل بادرة ايجابية لدراسة الحركة الثقافية والفكرية الفلسطينية ، وهو يحصر بحثه في الفترة الممتدة من القرن التاسع عشر حتى مشارف القرن العشرين ، ويعتمد خ نهج السيرة الثقافية والفكرية لأهم الاعلام والشخصيات الثقافية التنويرية الفلسطينية لكل واحد منها على حدة ، وهي نماذج دالة على المقاومة الفكرية والعلمية والروحية لهؤلاء الرواد المثقفين الذين خاضوا التجارب الأدبية والثقافية وحققوا حضوراً وهاجاً في الثقافة التنورية المضيئة ، واسهموا في رفد الفكر الفلسطيني بكتاباتهم في شتى أنواع الكتابة ، وشاركوا في نشر وترسيخ ثقافة النور والضياء العقلانية .
وفي النهاية ، كتاب " رواد التنوير في فلسطين " غني بالمعلومات ، ودراسة معمقة تستحق القراءة الواعية ، فتحية للمؤلف الراقي الاستاذ الباحث الفلسطيني القدير سعيد مضيه ، مع التمنيات له المزيد من الصحة والعافية والعمر المديد ليظل يثري مكتبتنا الفلسطينية باصداراته الجادة ودراساته الهادفة وابحاثه المفيدة ، ودمت معطاء ومتميزاً .
يعد الأستاذ سعيد مضيه صاحب الكتاب ، أحد أهم الاصوات الثقافية والفكرية والاجتماعية التنويرية البارزة والمهمة في ميدان التورخة والعمل الثقافي والميداني الفلسطيني . فهو كاتب وباحث ومفكر مبدع ومؤرخ قدير ، من مواليد بلدة حلحول قضاء الخليل العام ١٩٣٤ ، عمل في التدريس ، وفصل من وظيفته ، ولوحق من قبل النظام الاردني ثم من سلطات الاحتلال الاسرائيلي ، وسجن مرتين في المعتقلات الاسرائيلية ، وفي العام ١٩٧٨أبعد عن الوطن وعاد اليه في ١٩٩٤.
انضم مضيه للحزب الشيوعي الاردني وشارك في نضالاته الاجتماعية والسياسية والطبقية ، وعمل في رابطة الكتاب الاردنيين كأمين سر ونائباً للرئيس ، وهو حتى الآن قابض ومتمسك بفكره الايديولوجي والعقيدة الشيوعية ، ومنخرط في الفعاليات والنشاطات الكفاحية ضد الاحتلال .
صدر له عدداً من المنجزات والكتب البحثية ، وهي : " الثقافة الفلسطينية والممارسات الصهيونية ، الاجتماعي والبيولوجي في الابداع الفني ، ثقافتنا ومهمات المرحلة ، الثقافة العربية في فلسطين ، جدل الثقافة الديمقراطية ، رمال في العيون " .
وله عشرات المقالات والدراسات والمداخلات السياسية والفكرية والتاريخية المنشورة في المواقع الالكترونية المختلفة .
يقع كتاب " رواد التنوير في فلسطين " لسعيد مضيه في ٢٩٣ صفحة من الحجم المتوسط ، ويهديه الى " مدينة القدس ، مدينة النور والتنور ، وستعود قريباً مدينة السلام " ، ويستهله بالتأكيد على أن " ثقافة التنوير الحديثة ولدت في حضن المقاومة ، وبداخلها تعمدت وصلب عودها "، ويجيب عن السؤال : ما هو التنوير بقوله : " التنوير حركة روحية ميزت مرحلة من النهوض العربي ، استهلت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وتواصلت حتى الحرب العالمية الاولى ، أو بعد ذلك بسنوات ، حين اخضعت الأقطار العربية لحكم الانتدابات بعد صدور وعد بلفور وافتضاح مؤامرة سايكس بيكو ، فإدرك المثقفون المنورون ومن تابعوهم واقع الكولونيالية الامبريالية ، وانتقلت برسالة التنوير الى ترشيد حركة نهوض شعبي للتحرر القومي " .
ويوضح مضيه أن المنورين اعتمدوا على نشر وبث رسالتهم التنويرية بالحث على انشاء المدارس واصدار الصحف والمجلات والمطبوعات والكتب الأدبية والثقافية والفكرية والاهتمام بالفنون الأدبية بمختلف الوانها وأجناسها .
ويتطرق سعيد مضية في كتابه الى الثقافة الوطنية الفلسطينية ، ويشير الى كيف اتخذت الكنيسة الارثوذكسية موقفاً معادياً من المثقفين الارثوذكس ، ويتوقف ايضاً عند بدايات ظهور ونشوء الحركة المسرحية في فلسطين .
ويفرد مضيه صفحات طويلة من كتابه ليقدم نبذاً عن سير الرواد التنويريين الفلسطينيين التسعة ، الذين ساهموا وسعوا الى تطوير وتأصيل الفكر التنويري في ربوع فلسطين ، فيتناول باسهاب حياتهم وأعمالهم ومؤلفاتهم ونشاطهم الثقافي المميز ، ويتحدث بداية عن الباحث والناقد محمد روحي الخالدي ، صاحب العديد من المؤلفات في مجالات التاريخ والعلوم والآداب ، ثم بندلي الجوزي الذي كان اهتمامه منصباً على على التاريخ والعلوم والآداب والأبحاث ، واشتهر بكتابه " تاريخ الحركات الفكرية في الاسلام " ، ويعرج على المفكر والمربي الفذ خليل السكاكيني ، الذي عشنا معه لحظات مع أرفع آيات الحزن على زوجته " سلطانة " وحزنه بفقد ابنه " سري " ، والأديب البارع الذي ربط الأدب بالحياة ، واهتم بدور المثقف في الحركة الوطنية ، ودمج الكنيسة بالقضية الوطنية .
ثم يغوص في عالم نجيب نصار ، صاحب صحيفة " الكرمل " التي ظلت طوال صدورها لسان حال الجماهير العربية والمعبر عن طموحاتها ، ويلج دنيا خليل بيدس ، احد اعلام السرد القصصي ، وصاحب أول رواية فلسطينية هي " الوارث " ، ومؤسس مجلة " النفائس العصرية " التي احتضنت الاقلام الجادة وكتابات المبدعين والمثقفين الفلسطينيين والعرب ، ثم يتناول نجيب عازوري الذي لفت الانظار بوعيه المبكر ، ودمج القضية القلسطينية بالقضايا العربية ، وألف في هذا المضمار كتاب " يقظة الأمة العربية " ، ويأتي بعد ذلك الى حياة الباحث التراثي توفيق كنعان ، رائد البحث الفولكلوري الفلسطيني مبرزاً القيمة الوطنية لابحاثه في التراث ، ويركز على مكانة محمد اسعاف النشاشيبي الأدبية والثقافية ، الذي درج منذ صغره على حضور حلقات العلم والفكر التي كان والده يستضيفها في بيته ، وكان يحضرها ويشترك فيها كبار العلماء ، وتشهد مؤلفاته على أنه كان ذا ثقافة لغوية وأدبية وفلسفية وتاريخية عميقة ، ولم يكن يفلت من بين يديه كناب في العربية الا وقرأه وحفظ منه وروى عنه ، ولعل كتابه " نقل الأديب " شاهداً على عمق ثقافته وتبحره الواسع في حنايا كتب التراث الخصبة .
وفي النهاية يستعرض مسيرة الاديبة كلثوم عودة الحياتية والثقافية التي حفلت بالنشاط الثقافي ، والتي تركت وراءها أعمالاً متنوعة في شكلها ومضمونها .
ان دراسة سعيد مضيه " رواد التنوير في فلسطين " تمثل انجازاً ومشروعاً بحثياً رصيناً ومهماً ، ويشكل بادرة ايجابية لدراسة الحركة الثقافية والفكرية الفلسطينية ، وهو يحصر بحثه في الفترة الممتدة من القرن التاسع عشر حتى مشارف القرن العشرين ، ويعتمد خ نهج السيرة الثقافية والفكرية لأهم الاعلام والشخصيات الثقافية التنويرية الفلسطينية لكل واحد منها على حدة ، وهي نماذج دالة على المقاومة الفكرية والعلمية والروحية لهؤلاء الرواد المثقفين الذين خاضوا التجارب الأدبية والثقافية وحققوا حضوراً وهاجاً في الثقافة التنورية المضيئة ، واسهموا في رفد الفكر الفلسطيني بكتاباتهم في شتى أنواع الكتابة ، وشاركوا في نشر وترسيخ ثقافة النور والضياء العقلانية .
وفي النهاية ، كتاب " رواد التنوير في فلسطين " غني بالمعلومات ، ودراسة معمقة تستحق القراءة الواعية ، فتحية للمؤلف الراقي الاستاذ الباحث الفلسطيني القدير سعيد مضيه ، مع التمنيات له المزيد من الصحة والعافية والعمر المديد ليظل يثري مكتبتنا الفلسطينية باصداراته الجادة ودراساته الهادفة وابحاثه المفيدة ، ودمت معطاء ومتميزاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق