بدأت القصة لنقل بدأت التغييرات عندما تأخر أول مرة عشر دقائق ,كانت ساعة البيت تضبط على عودته ..يُدار المفتاح في القفل فأنزل الطعام عن النار ,يغتسل ويغير ملابسه ,فأوزع الطعام في أطباق على الطاولة ,وبعد زفرتين من حنجرته, يرفرف الولدان لتبدأ معزوفة الكراسي والأطباق ..ثمّ تجاوز التأخير ربع ساعة ,بعدها تمدد إلى ساعة ...وما بين عشر دقائق تأخير ,وساعة ,انزاحت سلوكيات وحلت محلّها سلوكيات جديدة تحتاج إلى فترة طويلة من التدجين لتصبح من المسلمات ,فمثلاً بدل القهوة الممزوجة بالحليب صباحاً,حلّت القهوة السادة
وأصبحت الهجين الذي استوطن برنامجنا اليومي ,وبدل قبلات الصغار ومداعبتهم ,حلّ السؤال الروتيني عنهم وعن دراستهم ,أما مطبخي الذي كان يلاقي منه الرضا والاستحسان أصبح في ليلة وضحاها يشكو من ثغرات لا تخطر على بال ..وفي غرفة الجلوس التي كانت تضج بزقزقات عصفورينا أصبح الهمس فيها من الكبائر فأضطر للتنقل على رؤوس أصابعي وإن تجرأت وحاولت الكلام يُفهمني بأنه حريص على متابعة فيلم أجنبي وغير راغب بسماع أحاديثي المكررة مثل وجهي ماذا؟! هل قال إن وجهي مكرر ؟وجهي الذي ظل يقسم إلى فترة غير بعيدة بأنه مقطوف من ضوء القمر ...إذاً دق ناقوس الخطر ,ودخل فيروس الملل إلى أحاديثنا ويجب معالجته بأقصى سرعة ضوئية ..
أشارت عليّ صديقتي بزجاجة عطر (تسطح بغلاً) على حدّ تعبيرها..عددتْ مناقبها وكيف أنها أعادت زوجها إلى أحضانها وجعلته خاتماً في إصبعها وفي إصبع أصغر فرد في عائلتها..لحظة ..لا أريد لزوجي هذا المصير ..أجابتني صديقتي بتأفف : ماذا تريدين إذاً؟
سحبت زجاجة العطر من يدها ,نسلت قميص نوم من عمق خزانتي ,أشك أنه من أيام عرسنا ,سرّحت شعري القصير عدة تسريحات حتى استقر رأيي على واحدة ..سكبت الملوخية التي يعشقها في طبق زجاجي لم يسبق لي أن استعملته فهو من هدايا العرس ,حاولت أن أعرف لمن أحتفظ بهذه الأشياء لكن مفتاح زوجي دار في القفل ,دخل بحذائه غير عابئ بنظراتي المؤنبة ..شمّ رائحة عطري ..تسمر في مكانه ..تلفت هنا وهناك كان الصمت مخيماً.. نسيت أن أقول بأنني أودعت صغاري عند أمي ..بعد مشاورات ذهنية حسم أمره ,وأكمل إلى غرفة النوم ,رمى حقيبته السوداء على السرير ,تخلّص من معظم ثيابه ,وخرج شبه عار إلى دورة المياه ,رشق الماء على وجهه ثمّ اتجه إلى المطبخ ,أزاح كرسيه وجلس بانتظاري..دخلت إليه تهفهف رائحة العطر من حولي وترفرف ثنيات فستاني القصير على فخذي ّ ,سارعت إلى سكب الطعام في صحنه و في صحني ,كانت ابتسامة مقتولة تدفن غمازة خده ..لم أسمع تعليقاً سوى صوت لقيماته السريعة والمتوالية ,لم يسأل عن الأولاد ,لم يسأل عن مصدر عطري الذي(سطح البغل ولم يسطحه) بعد أن تجشّأ وهذه عادة جديدة ,قام وهو شبه عار ,أمضى ساعة في الحمام ,ثمّ ركض إلى غرفة النوم ليبدأ الشخير المموسق .. أنهيت أعمالي ولحقت به .. جلست على طرف السرير ..أزحت الغطاء عنه ..يا للجسد الذهبي !يا للصدر العريض ! ما هذه العضلات المفتولة ؟ زحفت نحوه ,أصبحت في مواجهة هذا البهاء المحجوب عني ..استلقيت قربه, شممت رائحته المميزة,شعره الأجعد ,ذقنه الأشقر ,سنابل صدره , يا للجاذبية! التصقت به ,ما الذي أتعبه لدرجة لم يحس بأصابعي تحرث صدره ,وكتفيه, وبطنه؟ كم اختبأت تحت هذه الظلال ؟ كم توسدت خديه؟ حاولت أن أوقظ في صدره رغباتي ..حاولت أن أفنى فيه ..ماذا سأقول لصديقتي التي أقسمت بأن سر عطرها باتع ؟ الآن سيعود صغاري...ساعدني يا رب ..
تنحنح أخيراً ,رفرفت أهدابه الشقراء ,تسلل الوعي إليه ,فتح عينيه ,حدَّق في وجهي الأسمر ,حاول أن يجلس, فضغطتُ برفق على صدره ,وهمست في أذنه: دعني في متعتي أرجوك .
أبعد يدي عنه ,أصلح جلسته ,أسند جذعه على كوعه,ورسم ابتسامة صفراء على وجهه ,وحاول الكلام فوضعت إصبعي فوق شفتيه القرمزيتين ,وأنا في دهشة أمام هذا العري الصاعق ,التصقت به , فانتعشت نظراته ,قامت من غفوتها ,تجولت في وجهي في ثنايا ثوبي أمسك خصلات شعري القصير ,تنشّق عبير رقبتي ,استقرت يده على خدي ..شددته إلى صدري شيئاً فشيئاً ,أحاط خصري بيديه القويتين ,وبدأت أنفاسنا تعلو وتهبط ,كان بيننا وبين الفناء شهقة ..دقّ الباب ,فشدني إليه ..ازدادت الطرقات عنفاً, فتشبثت بصدره أكثر ..زقزق الصغار من وراء الباب ومعهم أمي , فتراخت أيدينا وتحرر الجسدان , وركضت أذرعنا لتلملم الفراخ إلى العش الذي كاد أن يتهاوى لولا رشة عطر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق