اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

قراءة الأديب الناقد الدكتور زهير سعود لنصّ (تراب) للكاتبة مريم بغيبغ


قراءة الأديب الناقد الدكتور زهير سعود لنصّ الكاتبة مريم بغيبغ
النص
(تراب)
سقطنا على الأرض.استقمت مفزوعاً.. حملَ حجراً وتناولتُ عصاً... تأمّلني.. نظرتُ إليه... عرفتهُ. تعانقنا وتوسّدنا قبراً واحداً.)
القراءة 
أبدعت كاتبة النصّ باستخدام اللفظة الشعرية في سردٍ قصصي أنجز خاصّية من خصائص الققج، وهي الانشغال باللفظة الايحائية الظلّية التي تذهب بخيالِ المتلقي إلى مفاهيم فلسفية روحانيةٍ حواها تاريخ الفكر الإنساني، فعنوان النصّ
بعد قراءته الاستكشافية أرجعت الذاكرة إلى نتاج التأمّل في النشأة وتفسير الحياة، وهذا ما أوغلنا بعيداً وقبل ميلاد السيّد المسيح بقرون، إذ بعد الأيونيين وحضور دور الفلاسفة الطبيعيين المحدثين قال أنباذوقليس الصقيلي (483-424) ق.م أن العالم مركّب من عناصر أربعة هي الماء والهواء والنار والتراب، فتكونت الأجسام من تلك العناصر بالتحليل والتركيب.. النظرية التي جاءت إلى مدرسة المسلم جعفر الصادق عبر أقباط المكتبة الاسكندرية وأنتج منها أول ثورة علمية -بعد ألف عام- بالخروج على تعاليم آرسطو والقول أن الهواء والتراب ليسا عناصر بسيطة، بل يحويان مجموعة عناصر (في التراب الحديد).. تلك المدرسة أنتجت أبو الكيمياء القديمة جابر بن حيّان والمعرّف بجبير في الغرب الذي منح لافوازيه (1743-1794) م لقب أبو الكيمياء الحديثة من اكتشافه الاوكسجين في الهواء وذلك بعد ألف عام جديدة.. وإذا كانت تعاليم جعفر قد انتشرت في دولة الإسلام بالقرن السابع الميلادي بما فيها المدينة المنورة، دون المساس بأصحابها، فإن المسيحية الأوربية لم تكن تقبل الخروج على مفاهيم آرسطو وقد مهّد ذلك لقطع عنق لافوازيه بعد قول قاضي محكمة الجمهورية الفرنسية: إن فرنسا لاتحتاج العلماء بل العدالة.. لكن عدالة فرنسا العقل نطقت على لسان جوزيف لابراغ بالقول: إن قطع رقبة لافوازيه لا يستغرق دقيقة واحدة ولكن مائة سنةٍ لا تكفي لتعوضنا عن واحدٍ مثله. أنتجت فرنسا تاريخ أوربا المتخوصر من بوح الفينيق بإعادة هيبة لافوازيه العالم والاعتذار له في حين أرجع العرب مقولة جعفر وابن حيان إلى الميتافيزيك الحالم الذي لم ينهض بأمة الإسلام بل ألقاها في مصاف التبعية والذلّ وسخرية التاريخ بسبب إرجاع نتاج مدرسة الصادق إلى الكرامات فالقتل المعنوي، وفي تينك المعادلتين ضاع شرود العقل العربي الابداعي لينتج الدمى الموظفة في عجلة السحق الجاري...
تمنح نصوص الققج القوّية طاقة الشرود في قراءة استخدام اللفظ المعجمي وتشكيلات وحدات الدلالة سواء تناول الأمر الكشف الأيقوني للفظ أو موحيات الوحدات الدلالية في التراكيب الجملية، وفي القراءة الأفقية والتقاطعية لصياغة النصّ.. وهو حق من الواحب علينا الاعتراف به للسياقات التي تنبع من عقد السرد الذي نحن بصدده، فهي عديدة وتكشف طبيعة الاختزال الروائي للعمل الابداعي في أحد تعريفات الققج، وذلك ميزة جديدة للنصّ... تبدأ الكاتبة نصّها بالعبارة (سقطنا على الأرض) وهي عبارة تقود إلى مفهوم ارتداء الأرواح الأجسام البشرية الترابية، فالإنسان روح وجسد بالتعبير الإسلامي ومادته صنعت من التراب والماء عناصر أنباذوقلس وتركيبة العناصر حسب جعفر، فالتعبير إشارة للهبطة من نعيم الجنّة إلى الأرض بعد انتصار الخطيئة، للاختبار والتجربة الإنسانية في إعادة الاعتبار لصفاء تلك الأرواح عن ممازجة الطين...
(استقمت مفزوعاً) مفردات حوى كليهما اشتراكاً بمعاني الألفاظ.. فالاستقامة تعني الاعتدال والاستواء وفي معنى آخر الانصاف والعدل والنزاهة.. أما مفزوع فهوالإسم المفعول من فزع: خاف وذعر، وفزع من نومهِ تعني هبّ وانتبه وفزع إليه لجأ إليه وفزع أهله أغاثهم ونصرهم...
بطل النصّ بعد السقوط على الأرض الملازم لشخصين (تشبيه بقصّة آدم وحوّاء) يروي سيرة الحياة المعاشة بعروجه على الالتقاء بين شخصيتي الحدث وهما الناطق بضمير المتكلم، حيث أدوّن مظهراً جديداً لقوّة النصّ في تقانة استخدام ضمير المتكلم في الكتابة القصصية، فالكاتب يروي بحيادية تامّة سيرة الحياة على الأرض، مبتعداً عن الوصف الزائد والحشو، وتمكنت الكاتبة باستخدامها الأفعال الحركية القوّية والجمل المختصرة الايجازية في حبكتها السردية المتماسكة واعتماد اللفظة المعجمية ذات التنوع الدلالي في نسق لا يشتّت القارئ، بل دفعه للوقوف على الحدث والأحداث الجزئية ضمن توظيفات المقارنة والمشابهة بقصّة الوجود الإنساني، مبدّلة الحركة الذاتية إلى حركة الأشخاص للتبئير...
(حمل حجراً وتناولت عصاً): الحجر مادة أساسية للبناء والإقامة والاستقرار، كما هو وسيلة دفاعية قديمة بدائية، واستخدام المصطلح يرسل إشارة ايحائية لاكتشاف النار بالعصر الحجري في أحد مراحل التطور الاجتماعي والتلويح بقصّة الوجود.. والعصا إسمٌ جمعه عصّي ومثناه عصوان وهي ما يتخذ من خشبٍ وغيره للتوكؤ أو الضرب، كما أن رفع عصاه تعني سافر وسار ورحل، إضافة لحمولة اللفظ التذكير بالآية الكريمة (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) وعصى موسى عليه السلام إحدى معجزاته التي خصّه بها الله فقلبت حيّة

عظيمة، وضرب بها الحجر لينفجر عيوناً من الماء، كما ضرب بها البحر لينغلق.. وذلك ورد في القرآن الكريم.
نلحظ كيف قاد إيحاء النصّ إلى إكمال عناصر النشأة من التراب إلى النار فالماء.. فيما أثبته الميتاسرد والميتالغة المكتشفة من مفردات النصّ وسلوك شخوصه. فعل التأمّل وهو التثبّت في الأمر والنظر فيه مليّاً.. أي التفكير العميق والتبصّر وإمعان النظر مرّة بعد مرّة أخرى للتحقّق والاستيقان، فهو تأمّل ذاتي باطني في علم النفس يحمل الملاحظة الداخلية لحالة شعورية أو انفعالية يحسّ بها الشخص...
(تأمّلني..نظرت إليه) بعدها تشير الكاتبة إلى التعارف الذي استلزم السيرورة الحدثية المطلقة إشارات المعاني لموحيات الوجود البشري بعد الهبطة.. وأرى هنا أن كلمة (عرفتهُ) يمكن الاستغناء عنها، فالتأمّل والنظرة وما تلا المفردة من عناق كافٍ للايحاء بالمعرفة.. العناق اقتراب الأعناق والضمّ إلى الصدر حبّاً بالمُعانَق وفيه إشارة لاشتراك شخصيتي القصّ في إكمال مسيرة سقوطهما على الأرض بالتلازم والارتباط والحبّ...
(وتوسّدنا قبراً واحداً) خاتمة لخصّت الوجود البشري على هذه الأرض وجمعت الأحداث في قفلة صادمة مدهشة تظهر قناعة الكاتبة بهذه الحياة العابرة المرحلية "وما الحياة الدنيا إلّا متاع الغرور" سورة آل عمران وسورة الحديد.. "وما الحياة الدنيا إلا لعبٌ ولهوٌ وللدار الآخرة خيرٌ للذين يتقون أفلا تعقلون" الأنعام..
توسّد الشيء جعله وسادة تحت رأسه وتوسّد الأرض نام عليها، وسَّد الأمر إليه أسنده، وفي الحديث الشريف (إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) وتوسّد اتكأ.. فالأجسام التي حملت الآرواح الآدمية وعاشت حياتها الأرضية في مآل حتمي لنهاية قريبة بالموت الذي بعده تعود الأجسام إلى مادتها وعناصرها الطبيعية في التراب.. النصّ يروي قصّة الحياة والنشأة وخاتمة المطاف بإيقاع لفظي مشوّق وسرد توتري قفل بالادهاش وحكمة الوجود المعاش.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...