⏪⏬
بدأت القصة عندما كنت أقف بإنتظار الحافلة في إحدى المحطات و فوجئت بمجموعةٍ من الشبان تتجه نحوي و ترمي بالحجارة و تردد "مسلمة ملعونة". وقد اعتاد جار لنا أن يطرق باب منزلنا ليلاً، ومعه فأس في يده صارخاً ” عرب ملعونون ”.
خلال عملي كمدرسة وكيلة في الكثير من المدارس،وجه إلي الكثير من الأطفال سؤالاً بشكل عدوانيً: ” لماذا ترتدين حجاباً؟ ألا يمكن أن تخلعيه؟”.
لا أتذكر في الحقيقة كم مرة تكررت معي تلك المواقف، لكن ما أذكره جيداً هو مدى الحزن والغضب والاستفزاز الذي تعرضت له، وكيف ينقلب يومي رأساً على عقب.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يقوم رجل بالغ أو طفل صغير بهذا الأمر؟ الجواب هو أنهم لم يتعلموا ولم يدركوا أننا مختلفون كبشر.
عند قدومي إلى السويد شعرت في البدايةبالغرابة. على سبيل المثال، عندما يقف الناس في مكان محددووقت محدد بانتظار الحافلة، فأنا لم أعتد على ذلك. أو عندما يفضل السويديون عدم الجلوس إلى جانب بعضهم البعض أثناء ركوبهم الحافلة، أو كيف لا يقوم زميلي في العمل الذي يتناول طعامه بدعوتي لتذوق الطعام عندما أجلس مقابله، وكيف يتعانق الناس عندما يحيون بعضهم.
في مرة من المرات قلت لجارتي ” الناس في هذه البلاد غريبو الطبع ”، فقاطعتني الجارة حينها قائلة ” إنهم مختلفون وليسوا غريبون. مختلفون، يمكن للمرء أن يقول ”، ومن ذلك الوقت بدأت أنظر للاختلاف بشكل آخر.
الجارة كانت محقة في الواقع. نحن مختلفون فقط، وليس أكثر من ذلك. ومع أن الاختلاف بين البشر أمر بديهي، إلا أن البعض لا يزال يرفض تقبل هذه الحقيقة.
اختلاف ملابسي عن ملابسك، اختلاف ألواننا وأصولنا، لا يعني أنني ومن يشبهني طبيعيون وعاديون وأنك لست كذلك.
كوني أرتدي حجاباً وأنت لا تفعل ذلك، لا يعني هذا أنني على حق وأنك على خطأ. ليس عليك أن تحبني كما أحب إخوتي ووالداي، ولكن يجب أن تحترمني كإنسانة.
في وقت مضى كنت أعتقد أن الآخرين غريبون لاختيارهم أن يعيشوا ويلبسوا بطريقة مختلفة.
لذلك أتسأل أحياناً:
لماذا لا يوجد في المدارس مادة دراسية عن الثقافة؟، ولماذا لا يتعلم الطفل مختلف الثقافات منذ الصغر.
أنه في الهند مثلاً يحتوي الطعام على توابل كثيرة، وأن الشعب الياباني يلقي التحية بطريقة مختلفة، وأن جزءاً من النساء في سورية يرتدين الحجاب.
من الطبيعي جداً أن يتساءل البعض، لماذا يلبس الآخرون بشكل مختلف أو هم مختلفون.إسألني دون قذف حجارة، أو صراخ أوشتائم، وسأجيبك بكل سرور !.
في كل مرة تعرضت فيها لمواقف مؤذية كتلك التي تحدثت عنها تمنيت أن أصرخ بأعلى صوتي ” البشر مختلفون، مختلفون لا أكثر، ألا تفهم ذلك ”.
إلا أنني كنت مصدومة، ما جعلني أبتلع كل ما أردت قوله في صدري وأكتفي بالصمت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتبة كرونيكا في جريدة كرستيانستاد موزاييك Kb Mosaik. وهي تعمل كمراسلة؛ جزء من عملها مع راديو السويد Sveriges Radio في مالمو. وتدرس حالياًفي مجال الرياضيات،وهي مهتمة بالأمور الإجتماعية و القضايا المجتمعية.
تهتم عبير بالقضاياالمتعلقة بالاندماج بشكل كبير.
ـ فخورة بوجود Kb Mosaik بثلاث لغات. أتمنى لو كان هناك مثل هذه الصحيفة في جميع أنحاء السويد ، تقول هي.
العمر: ٢٤ سنة.
العائلة: متزوجة من سامر وهبي، الذي يعمل في مجال الطبخ.
مكان الميلاد: دمشق، سورية.
السكن: في Skurup.
التعليم: درست لمدة عام في كلية الإعلام في جامعة القاهرة. وأنهت دورة أساسية في الإنتاج الإذاعي في راديو AF في لوند. تدرس حالياً " برنامج البكالوريوس في الرياضيات" في جامعة لوند.
الخلفية: تركت سورية عندما كان عمرها ١٧ عاماً متجهة إلى مصر. وفي أوكتوبر عام ٢٠١٣ وصلت إلى السويد.
العمل: مذيعة أخبار ومراسلة لراديو السويد Sveriges Radio في مالمو، باللغتين السويدية والعربية. لديها شركة للدروس الخاصة. وفي أوقات الفراغ تشارك في أعمال راديو AF.
وسائل التواصل الاجتماعي: تناقش بحماس القضايا الاجتماعيةوالأمور المجتمعية، بما فيها قضية الاندماج والبيئة.
كتابها المفضل: "الدليل الاجتماعي إلى السويد".
بدأت القصة عندما كنت أقف بإنتظار الحافلة في إحدى المحطات و فوجئت بمجموعةٍ من الشبان تتجه نحوي و ترمي بالحجارة و تردد "مسلمة ملعونة". وقد اعتاد جار لنا أن يطرق باب منزلنا ليلاً، ومعه فأس في يده صارخاً ” عرب ملعونون ”.
خلال عملي كمدرسة وكيلة في الكثير من المدارس،وجه إلي الكثير من الأطفال سؤالاً بشكل عدوانيً: ” لماذا ترتدين حجاباً؟ ألا يمكن أن تخلعيه؟”.
لا أتذكر في الحقيقة كم مرة تكررت معي تلك المواقف، لكن ما أذكره جيداً هو مدى الحزن والغضب والاستفزاز الذي تعرضت له، وكيف ينقلب يومي رأساً على عقب.
و السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يقوم رجل بالغ أو طفل صغير بهذا الأمر؟ الجواب هو أنهم لم يتعلموا ولم يدركوا أننا مختلفون كبشر.
عند قدومي إلى السويد شعرت في البدايةبالغرابة. على سبيل المثال، عندما يقف الناس في مكان محددووقت محدد بانتظار الحافلة، فأنا لم أعتد على ذلك. أو عندما يفضل السويديون عدم الجلوس إلى جانب بعضهم البعض أثناء ركوبهم الحافلة، أو كيف لا يقوم زميلي في العمل الذي يتناول طعامه بدعوتي لتذوق الطعام عندما أجلس مقابله، وكيف يتعانق الناس عندما يحيون بعضهم.
في مرة من المرات قلت لجارتي ” الناس في هذه البلاد غريبو الطبع ”، فقاطعتني الجارة حينها قائلة ” إنهم مختلفون وليسوا غريبون. مختلفون، يمكن للمرء أن يقول ”، ومن ذلك الوقت بدأت أنظر للاختلاف بشكل آخر.
الجارة كانت محقة في الواقع. نحن مختلفون فقط، وليس أكثر من ذلك. ومع أن الاختلاف بين البشر أمر بديهي، إلا أن البعض لا يزال يرفض تقبل هذه الحقيقة.
اختلاف ملابسي عن ملابسك، اختلاف ألواننا وأصولنا، لا يعني أنني ومن يشبهني طبيعيون وعاديون وأنك لست كذلك.
كوني أرتدي حجاباً وأنت لا تفعل ذلك، لا يعني هذا أنني على حق وأنك على خطأ. ليس عليك أن تحبني كما أحب إخوتي ووالداي، ولكن يجب أن تحترمني كإنسانة.
في وقت مضى كنت أعتقد أن الآخرين غريبون لاختيارهم أن يعيشوا ويلبسوا بطريقة مختلفة.
لذلك أتسأل أحياناً:
لماذا لا يوجد في المدارس مادة دراسية عن الثقافة؟، ولماذا لا يتعلم الطفل مختلف الثقافات منذ الصغر.
أنه في الهند مثلاً يحتوي الطعام على توابل كثيرة، وأن الشعب الياباني يلقي التحية بطريقة مختلفة، وأن جزءاً من النساء في سورية يرتدين الحجاب.
من الطبيعي جداً أن يتساءل البعض، لماذا يلبس الآخرون بشكل مختلف أو هم مختلفون.إسألني دون قذف حجارة، أو صراخ أوشتائم، وسأجيبك بكل سرور !.
في كل مرة تعرضت فيها لمواقف مؤذية كتلك التي تحدثت عنها تمنيت أن أصرخ بأعلى صوتي ” البشر مختلفون، مختلفون لا أكثر، ألا تفهم ذلك ”.
إلا أنني كنت مصدومة، ما جعلني أبتلع كل ما أردت قوله في صدري وأكتفي بالصمت.
-
*عبير شالاتيــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتبة كرونيكا في جريدة كرستيانستاد موزاييك Kb Mosaik. وهي تعمل كمراسلة؛ جزء من عملها مع راديو السويد Sveriges Radio في مالمو. وتدرس حالياًفي مجال الرياضيات،وهي مهتمة بالأمور الإجتماعية و القضايا المجتمعية.
تهتم عبير بالقضاياالمتعلقة بالاندماج بشكل كبير.
ـ فخورة بوجود Kb Mosaik بثلاث لغات. أتمنى لو كان هناك مثل هذه الصحيفة في جميع أنحاء السويد ، تقول هي.
العمر: ٢٤ سنة.
العائلة: متزوجة من سامر وهبي، الذي يعمل في مجال الطبخ.
مكان الميلاد: دمشق، سورية.
السكن: في Skurup.
التعليم: درست لمدة عام في كلية الإعلام في جامعة القاهرة. وأنهت دورة أساسية في الإنتاج الإذاعي في راديو AF في لوند. تدرس حالياً " برنامج البكالوريوس في الرياضيات" في جامعة لوند.
الخلفية: تركت سورية عندما كان عمرها ١٧ عاماً متجهة إلى مصر. وفي أوكتوبر عام ٢٠١٣ وصلت إلى السويد.
العمل: مذيعة أخبار ومراسلة لراديو السويد Sveriges Radio في مالمو، باللغتين السويدية والعربية. لديها شركة للدروس الخاصة. وفي أوقات الفراغ تشارك في أعمال راديو AF.
وسائل التواصل الاجتماعي: تناقش بحماس القضايا الاجتماعيةوالأمور المجتمعية، بما فيها قضية الاندماج والبيئة.
كتابها المفضل: "الدليل الاجتماعي إلى السويد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق