اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

بصل | قصة قصبرة ...* راوية وادي

⏪⏬ 
كانَ الصغيرُ يرتجفُ خوفاً كعصفورٍ بلّلهُ المطر، أمسكَ الأبُ بيدِ الصغير، وضغطَ بإصبعهِ بقوةٍ على الجرحِ الذي إحمرَ لونهُ و لا زالَ الدمُ ينزفُ منه، و أسرعَ به الى العيادةِ الصحيةِ القريبةِ من البيت. لصقَ الطبيبُ الجرحَ الذي لمْ يعدْ الصغيرُ يحسُ بهِ و قد خدرَ إصبعه المجروح و قال َ:لا تخفْ يا يوسفَ أنتَ بخير، و لكنه درسٌ تتعلمهُ أن لا تركضَ وبيدك كوبٌ من الزجاج، و أن إلتفتَ الطبيبُ إلى الأبِ و قالَ و هو يغمزُ عينيهِ بعضُ الألمِ يعلمنا الصوابَ .. عليك أن تشربَ و أنت جالس يا يوسف…. أومأ الصغير رأسه موافقاً .و تابع الطبيب موجهاً الحديثَ للأبِ: عليك أن تحافظَ على الجرح َجافاً لئلا يلتهبَ و يتعفنَ، ثمَ وجَّهَ الكلامَ للصغيرِ قائلاً: سيؤلمك الجرحُ قليلاً، و لكنَ ذلك يعني أنكَ قويٌ … و أنكَ ستصبحُ رجلاً … و أن الجرحَ سيشفى بسرعة.
عادَ ياسرُللبيتِ، و عادَ الصغيرُ مهرولاً يختبيءُ في حضنِ والدتهِ، و في أقلِ من دقيقةٍ يغرقُ في نومٍ عميق. جلسَ على الأريكةِ و لا زالتْ كلماتُ الطبيبِ ترنُ كالجرسِ في رأسهِ .. -بعضُ الألمِ يعلمنا الصواب-، تلكَ كلماتُ والدتهِ له ،و قدْ تذكَر كلَ مرةٍ حزنتْ والدتهُ محاولةً إخفاءَ حزنها عنهُ و عن أخواتِه الصغارِ، كانتْ تهربُ للمطبخِ، و تبدأُ بتقطيعِ البصلِ فلمْ يكنْ البيتُ سوى غرفتين لا تحتملان على سعتهما و شظفِ العيشِ مزيداً من الحزن و الأسى. كانَ ياسرُ الابنُ الأكبرِ لأبٍ ذهب لمعركةٍ لم تنتهِ، و لم يبدُ لها نهاية ،و تركَ خلفهُ صبيةً حسناءَ و صغارها. كانت الأم تحتضنُ أختهَ أمينةَ و رقيةَ كلما سألتاها أينَ أبيهم ،و تبدأُ بسردِ القصصِ المفرحةِ، وإن غالبَ الدمعُ عينيها. ذاتَ مرةٍ عادَ من المدرسةِ، و وجدَ أمهُ في المطبخِ تقطعُ بصلاً و لكن هذهِ المرةُ كانَ البصلُ كثيراً، و كانت تبكي بحرقةٍ و سألها: لمَ تقطعينَ كلَ هذا البصلِ يا أمي؟ ألا يؤلمك كلُ هذا الدمعِ و يحزنك؟ قالتْ له: بعضُ الألمِ يعلمنا الصوابَ، و لكنه أمسكَ بيدها، و قالَ لها بكلِ براءةٍ: أمي كمْ أكرهُ البصلَ .. لا أحبُ رؤيتك تبكين. احتضنها بكلتىّ يديهِ، و غمرتهُ رائحةُ البصلِ، و بكيا معاٍ….. و همستْ و هي ترتجفُ: و ما ذنبُ البصل. و بعد أيامٍ قليلةٍ أخبرهُ عمه ِ أن والدَه قد مات…. و ربما لنْ يعودَ أبداً، و سألهُ أن يكونَ رجلاً، و أنْ يفهمَ معنى المسؤلية… كلامٌ لم يفهمهُ لسنواتٍ طوال، و قدْ حرصتْ والدتهُ كل الحرصِ أن يعيشَ طفولتهُ كغيرهِ من الصغار. لم تكفْ عن تقطيعِ البصلِ .. و لا عن البكاِء، و لكنه فهمَ و كبرَ و… هو يكرهُ البصلَ، و يحبُ أمهُ أكثرَ من كلِ ما في الكونِ من أشخاصٍ و أشياء. فهم كمْ كانت تعاني، و كمْ أحبتْ أن يكونَ أطفالها سعداء.
و كان إبناً باراً و صورةً جميلةً لأبٍ ذهبَ و لم يعدْ، و لكنه في قلبِ و ذاكرةِ الزوجةِ أبداً لم يغبْ. رحلتْ و لكنها علمتهُ أنَ الحياة َلا تقفُ عندَ حضورِ الأشخاصِ أو غيابهم بلْ على قدرِ محبتهِم و وفائنا لهم ، و أنَ الحزنَ لا يقتلُ فينا الفرحَ بلْ ربما يعلمنا الصبرَ و يهدينا سبلَ الصواب. أحس بغصةٍ في حلقهِ فقامَ من مجلسهِ و دخلَ المطبخَ ليشربَ كوباً من الماء ، و إذ بزوجتهِ تقطعُ بصلاً و الدمعُ يغطي وجهها، كانَ يعلمُ قدرَ خوفها على صغيرها. فتحتْ فمها وأرادتْ أن تقولَ شيئاً .. و لكنه وضعَ يدهُ على فمِها، و احتضنها بحنانٍ و قالْ: إنه الخوفُ و الالمُ على يوسف … أحسُ بك ….. و أردفَ مازحاً: فما ذنبُ البصلِ تقطعيه … ضحكا معاً و لكنَ رائحةَ البصلِ العالقة ِفي المطبخِ لا زالت تستدعي الدمعَ الذي غمرَ وجهيهما.

* راوية وادي
كاتبة وفننانة فلسطينية تقيم في كندا

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...