اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

إنْ كُنْت تُدْرَك الْحَقِيقَة | مَسْرَحِيَّة مِيلُودراما ...* بِقَلَم الأديبة: عَبِير صَفْوَت

⏪⏬
الشُّخُوص
يَقِف فَتًى ثلاثينى عَلَى خَشَبَةٍ الْمَسْرَح ، مَعَهُ بَعْضَ الزُّهُور الْبَيْضَاء .
جُثَّة لِرَجُل كَبِيرٌ مُلْتَفَّة بِكَفَن أَبْيَض ، عَلَى سَرِيرٍ المشفى .
يَقِف الْفَتَى العشرينى يُحْمَل بَعْض الزُّهُور الْبَيْضَاء بَيْن زرعاه ، يَقْتَرِب مِن جُثَّة أَبِيه ، مُلْقَاةً عَلَى مُرْقِدًا بالمشفى .

يَنْظُر الِابْنِ لِأَبِيهِ مطولاً ، ثُمّ يَبْتَعِد خُطُوَات ، كَأَنَّه يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بسخرية :

كُنْتُ أَرَى مُنْذ بَاعَ تِلْكَ النَّظْرَة بِالرَّاحَة وَثِيرَة ، طَالَمَا قَالَت نَفْسِك :
أننى الْمُهَاجِم وَالْعَدُوّ لَك دوماً .

كَيْف لِنَفْسِي أَنْ تَكُونَ عَدُوًّا لَك ؟ ! وَأَنْتَ يَا أَبِى الْعَزِيز ، عَزِيزٌ .

كَيْفَ يَكُونُ الْأَبُ فِى عَيْن ابْنِه الْوَحِيد ؟ ! طَرِيق هَلَاك .

يَقْتَرِب بِعُيون الحَنِيَّة يُتَمْتِم :

السِّتّ أَنْت أَدِيم الْمُسْتَقْبَل ؟ ! أَم أَرَانِى وَاهَمّ .

يَبْتَعِد مُنْدَفِعا :

يَقُولُونَ إنّ الْأَبَ هُوَ مرسخ بِنَاء الأَجْيَال ، أَنَا لَسْت مِنْ أَجْيَالٌ هَذَا الوَطَنِ ، جَرَّاء الترحيل لِبِلَاد أُخْرَى ، فُقِدَت مَعْنَى الوَطَن ، بَحَثْت عَنْك ، دَبّ الْخَوْف بِأَقْوَالِهِم والرثاء ، قَال الْجَمِيع :
مَات أَبِيك .

الْآنَ بَعْدَ عِشْرُون ثَقُل وضنى ، قَالُوا :
يَمُوت أَبِيك .

اعْلَمْ أَنَّك لَمْ تَمُتْ وَقَدْ أتَيْتَ لأسئلك .

يَقْتَرِب الْفَتَى مِنْ جُثَّة أَبِيه المسجية ، يُخَاطَب بهمس :

لِمَاذَا تَخَلَّصْت مِنًى ؟ ! هَل أَصْبَحْت حَيَاتِك أَكْثَر حُرِّيَّة وَرَاحَة ، تَخَلَّصْت مِن قيودك فِى شَخْصٌ ابْنَك الْوَحِيد ، تَرَى مِنْ هَذَا الِابْنِ الْوَحِيد الْجَبَّار ؟ ! لتتخلص مِنْه .

فركت عيناى مُنْذ عِشْرُون عَام ، قَالَ لِى صَاحِبُ الْعَمَلِ ساخراً :

مَاذَا أَتَى بِك إلَى هُنَا ؟ ! يَا ابْنَ الْعَشَرَة أَعْوَام .

بَكَيْت وَنَظَرْت حَوْلِ ، صَرَخَت بَحَثْت عَنْك فِى كُلِّ جِوَار ، أجهرت :

أَبِى أَبِى ، أَيْنَ أَنْتَ يَا أَبِى ؟ !

قَال الْغَرِيب يُصَوِّب أُصْبُعَه :

أَنْتَ غُلَامٌ فَقَدْ أَبِيه .

كَيْف فُقِدَت أَبِى ؟ ! أَبِى حَىّ .

قَال الْغَرِيب :

أَبِيك حَىّ وَأَنْت أَصْبَحْت مَيِّت .

مَات ابْنَك الْوَحِيد يَا أَبِى ، مِن عِشْرُون عَام ، كُنْتُ فِى عِدَاد الْأَمْوَات .

أَنْت هُنَا أَلْحَى ، وَأَنَا هُنَاك مَيِّت .

لَمْ تَغْرُبْ عَنْ عيونى يوماً ، لَم اتناسي ملامحك وَأَدَقّ الْأَشْيَاء ، كُرْسِيَّك الهزاز ، وغليونك مُتَكَاثِف الأدخنة الزَّرْقَاء ، عَبِق مِن الْأَمَان وَالسَّكِينَة بروحى برغم جحودك والاسي مِنْك ، كُنْت دَائِمًا مُكْفَهِرَّا ، زاعق متذمرا ، تَرَى يَا أَبِى لِمَاذَا كُنْت متذمرا ؟ !

راودتنى الْكَثِيرِ مِنْ الْأَسْئِلَةِ ، كُنْت أَوَدّ أَن احاصرك بِهَا ، لَكِنِّى تفاجأت بِهَذَا الْيَوْمِ بفقدانك ، قَالُوا الْبَعْض :

بَاعَك أَبِيك لرجلا بِالْخَارِج يَحْتَاج عُمَّالِه .

وَقَالَ الْبَعْضُ :

مِسْكِين أَيُّهَا الْغُلَامُ ، مَات أَبِيك .

تحسست مقعدى رَأَيْته بَارِد ، واحتضنت نَفْسِي أَطْيَب خاطرى ، كُنْت عِنْدَمَا أَتَذْكُر رحيلك بِالسَّمَاء ادَّعَوْا لَك ، وَعِنْدَمَا أَرَاك هجرتنى لتتخلص مِنًى ، كُنْت أَتَسْأَل :
مَاذَا أَنَا فَعَلْت ؟ ! وَمَا السَّبَبُ وَرَاءَ ذَلِكَ .

كَانَت تَطْغَى بِى الْأَجْوِبَة السَّخِيفَة :

رُبَّمَا ، لِأَنَّك كُنْت تُكْرَه أمى ، رُبَّمَا لِأَنَّك تَعَشَّق الْحُرِّيَّة ، رُبَّمَا لِأَنَّك انانى ، رُبَّمَا لِأَنَّكَ لَا تَتَمَسَّك بِالِاعْتِرَاف ، رُبَّمَا لِأَنَّك تكرهنى .

هَل تَسْمَعُنِي ؟ ! وَأَنْت الرَّاقِد بالمشفى هَذَا ،

جُثَّة هَامِدَة .

مَا الَّذِى دفعك لترحل أبنك ؟ ! لِبِلَاد أُخْرَى ، وَإِنَّا لَمْ اِكْتَمَل مِن النضوج بَعْد .

مَنْ قَالَ لَك ؟ ! أَن تَتَخَلَّص مِنًى .

نَفْسِكَ أَمْ هُم ، مَنْ يَسْتَطِيعُ فِى الْعَالِم ؟ ! أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ ابْنِهِ ، ويلقية بأبشع الطَّرِيق يَرْحَل .

أَجِب وَقُل الْحَقِيقَة ، يَبْتَعِد الِابْن كَأَنَّه تَفاجَأ :

كَيْف ستتحدث وَأَنْت مَيِّت ؟ ! وَإِنْ كُنْت حَيّ هَل ستتحدث ، لَا أَظُنُّ .

إذَا أَنْتَ مَيِّت فِى كُلِّ الْأَحْوَالِ .

يَقْتَرِب الِابْن وَيَكْشِف غِطَاء الْجُثَّة مصدوما متروعا ، يَجْهَر مصعوقا :

يالا بَشَاعَةٌ وَجْهَك ، أَفْصَح لِى عَنْ مَنْ أَرَاه ؟ !

وبدى لَغَط الْأَسْمَاع وَضَوَى خَبَث السِّيرَة مُوجِبَةٌ ، مَاذَا فَعَلْت بدنياك يَا رَجُلُ ؟ !

قَالُوا الْبَعْض إِنَّك قَاتَل ، قَتَلْت آلَاف الأبرياء ، وَأُخِذَت عُمُوم الْحُقُوق ، وَأُلْحِقَت الفُرَص لِنَفْسِك بِالانْتِهازِيَّة ، هَلْ أَرَى نَفْسِى كَذَبْت بِالْإِفْصَاح عَنْك ، كُنْت أَدْرَك سُوء ضَالَّتَك واتنكر ، أَيُّهَا الْبَارّ بالرزيلة .

أَرَاك تتساءل ، لِمَاذَا أَتَيْت وَأَنَا كَارِهٌ .

إنْ كُنْت تُدْرَك الْحَقِيقَة وَتَرَى بفطنك ، لَكُنْت زُرِعَت بَذْرِه ضَالَّة فِى أَرْضٍ بُورٌ ، إنَّمَا اعماك اللَّه وزرعت بذرتك بِأَرْض الصَّالِحِين ، وَهَذَا مَا جلبنى لأودعك بمثواك الْأَخِير .

تَعَلَّمْت يَا أَبَى أَنْ الْأُبُوَّة لَن تَعَوَّض ، رُبَّمَا تركتنى أَوْ قُمْت بِبَيْع ابْنَك فِى سُوق الرَّقِيق ، إنَّمَا يَا أَبِى أَبَدًا لَن تَبِيعٌ حَقِّ الْوَالِدِ عَلِيًّا ، وحقك الَّذِى سافدية بعمرى .

يَقِف الِابْن متوجهاً بِظَهْرِه نَحْو جُثَّة الْأَب :
الْآن عَلَيْك الرَّحِيل ، أَنَا اسامحك ، وَإِنْ قَالَتْ نَفْسِي :

أَيْن الْمَاضِي وَسُوء الْمَصِير ؟ !

سَأَقُول لَهَا :

مَا بِالْيَد إِلَّا الْخَيْرَ وَلَن يُخْلِف الْمَكْتُوب مِمَّا هُيِّئَت لَنَا الْأَقْدَار إلَّا الصَّلَاح وَالثَّوَاب بِشَأْنِه ، وَالْأَرْوَاح يَا أَبِى تَحْيَا عِنْد مُقْتَضَى نُصَيْر .

تَمَّت

*عَبِير صَفْوَت

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...