⏪⏬
مَرّ الْأَسَد ذَات صَبَاح رَأَى غَزَالَة جَمِيلَة تَنْظُر الْبَرَاح ، تَأْكُل بِصَمْت وَتَحْيَا بِسَلَام ، بَيْن ضَحَايَا مِنْ رَفَأْت الظرفات ، وَبَعْضًا مِنْ الطُّيُورِ الْجَارِحَة النَّافِقَة .
سُئِل الْأَسَد الغَزَالَة بعينان تَتَطَلَّع لِجَمَالِهَا بِنَهم الجائِعِين ، قَائِلًا :
مَا الَّذِى أَتَى بِك ؟ ! آيَتِهَا الغَزَالَة رَائِعَة الْجَمَال نَحْوَ بَيْتِ الْأَسْوَد ، وبدى الْأَمْر كَأَنَّك لَا تَخْشَى المفاجأت .
قَالَت الغَزَالَة بِثِقَة عَمْيَاء ، وَهَى تَسْتَكْمِل طَعَامِهَا :
لَمْ أَكُنْ غَزَالَة يَوْمًا ، إنَّمَا كُنْت حَمَامَةٌ وَدِيعَة .
اِقْتَرَب الْأُسْدِ مِنْ الغَزَالَة يُتَوَهَّم بِهَا التَّسَاؤُل وَالِاهْتِمَام ، لَعَلَّهَا تَلَهَّى بحديثها وطعامها ، حَتَّى يَنَالَ مِنْهَا ، يُقِيمَ عَلَيْهَا حَدُّ الالتهام .
قَالَت الغَزَالَة وَهَى تَنْظُر بِعَيْن لِلْأَسَد وَعَيَّن لِطَعَام :
كُنْت حَمَامَةٍ بَيْضَاءَ جَمِيلَة صَغِيرَةُ ذَاتُ يَوْمٍ ، وَقَدْ قَامَ الضباع بايذائى ، بَكَيْت وَتَضَرَّعْت بِالدُّعَاء لِلَّهِ أَنْ اتحول عَقْرَب لادافع عَنْ نَفْسِي ، خَشِي مِنًى الْجَمِيع وَابْتَعَد وتهيئت اسلحتى لمقاومة الْآخَرِين ، تنسانى الْجَمِيع خشيتا مِن عقابى وَمَن هيئتى الْجَدِيدَة ، ثُمَّ قُمْتُ بِالدُّعَاء لِلَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِى غَزَالَة تَحْيَا فِى سَلَام وَأَمَانٌ ، وَأَنْت الْآن تراودنى بالكلم اتلاهى لتأكلنى مِثْلَمَا كُنْت حَمَامَةٌ ، وَأَنْت الَّذِى لاَ تَعْتَقِدْ أننى لَم أَعُود يَوْمًا عَقْرَب ، وَرُبَّمَا لَا تُعْلَمُ ، مَهْمَا تَحَوَّلَت الْأَشْيَاءَ مِنْ الْخَارِجِ فَسَمّ الْعَقْرَب لَن يَفْنَى مِنْ الدَّاخِلِ .
نَكَّس الْأَسَد رَأْسَه بَاكِيًا ، يَقُولُ فِى هَزْلٌ :
دَائِمًا تَخْتَلِط عَلَى الْأَسْوَدِ الْأُمُور ينخدعون بِصُوَر الْجَمَال ، وَأَبَدًا لَن يَتَفَكَّر كُلًّا مِنَّا نَحْنُ الْأَسْوَد ، أَن الغَزَالَة الْجَمِيلَة ، إذ اِقْتَرَب مِنْهَا جَائِع ، تَحَوَّلَت عَقْرَب .
نَظَرْت الغَزَالَة لطبق يملأة الطَّعَام ، قَدَّمْته لِلْأَسَد تَقُول : خُذْ هَذَا نَصِيبَك أَيُّهَا الْأَسَد الشُّجَاع .
تَرَاجَع الْأَسَد بحزر يُرَدِّد :
وَإِنْ كَانَ الْجَمَال حَلِيمٌ طَيَّب ، فَخَلْفَه السُّمّ بِصَاع .
قَالَت الغَزَالَة تتهكم :
يُفْرَض الظَّنّ الْأَسْوَد دَائِمًا . نَاتِجٌ الْأَطْمَاع .
رَحَل الْأَسَد يتنهم بفريسة سَبَقْتُه الْفِرَاسَة وَقَال :
مِنْ الْآنَ أَنْتِ حُرَّةٌ ، كاحرار لَن يمتلكهم سَيِّدًا ، طَالَمَا كَانَ فِى يَدِ الْعَبْدِ مَفَاتِيح التَّحَوُّل وَقِرَاءَة بَاطِن البَوْح متمرسة الاصفاع . .
*عَبِير صَفْوَت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق