اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

كأنه هو | قصة قصيرة ... *آمال الحرفي

⏪⏬
في أولى لقاءاتي بك، بعد أن هجرتني، كنتَ باسم الثغر، ضحوكاً كما عهدتُك، ولن أنسى ما حييت باقة الورد التي أهديتني. صدِّقني إن
قلت لك إنني عاجزة عن وصف مدى سعادتي بلقياك ليلتها، وكم أفرحني اهتمامك و فيض حنانك رغم كثرة الحاضرين حولنا. لكنني لمتك عن ضيق الوقت الذي خصصته لي.
رحلتَ مسرعاً دون أن تتيح لي فرصة البوح و لو بالقليل من الأحاديث المخبأة بداخلي. أُدرك أنك تقصَّدت ذلك. فأنت تعرف أن دموعي سخية، و أنها كانت ستسبق لا محالة ما قد ينطق به لساني.. ليتك تعرف كم كان مؤلما وجع كتمان ما بداخلي.. ألمٌ فظيع بقدر وجع فراقك. ذهبتَ مسرعا ليطول غيابك..آآه و كم طال!
فجأةً، قررتَ أن يتجدِّد اللقاء بعيدا عن الأنظار. أذعنتُ لرغبتك، فشوقي لك كان أكبر مما تتصور، و عودتك أنستني كل ما كان بي من لوم لك أو عتاب. استقبلتني بعبوس وجهك كما عرفتُك في نوبات غضبك. غضب سرعان ما يفتر غليانه بسبب طيبة قلبك التي طالما حاولتَ أن تخفيها بتصنعك القسوة.. وحين سألتك عن السبب، أجبتني بنبرة حادة أنني لم أنجز ما طلبتَ مني كما ترغبُ أنت.. قلتَ ذلك و تواريت عن ناظري دون أن أعرف طلبكَ أصلاً..
انتظرت عودتك مجدداً، لعلي أفهم سبب تلك الغضبة. طال انتظاري لك حتى حسبتك لم تعد ترغب بوصالي، لكني لم أفقد الأمل و انتظرت عودتك كل ليلة.
انتهى بكَ الأمر واقفاً أمامي، بعد أن رقَّ لي قلبُك وغلبك الحنين. لكنك ظللتَ ساكتا. اكتفيتَ بالنظر إلي ملياًّ دون أن تروي عطشي بإجابة واحدة عن الأسئلة المستعرة بداخلي. ذهبتَ يومها و لم تعد بعدها لملاقاتي، و تمنيتُ كل ليلة أن أتوغل بنوم عميق لعل الأحلام تجود علي بلقياك مجدداً..
حينها لم أجد بدًّا من مصارحة المحيطين بي بترددك عليَّ، و أنا التي كنت أفضل الاحتفاظ بأمر زياراتك الليلية سرا بيننا نحن الاثنين.. جاءني التفسير من العارفين بالأمر أن روحك لم ترقد بعدُ بسلام، ما دامت كل أغراضك على حالها منذ غيابك، بينما يقتضي العرف أن نهبها لمن يحتاجها. والواقع أن لا أحد من بيننا تجرأ أن يفكر بالأمر، فمصابنا فيك كان جللاً لدرجة أننا لم نكن نقبل بأمر رحيلك، و إن كان أمرا منتظرا، بل محتوما بعد أن حل بك ما حل في غير وقته.
أردت، أنا و كل أحبائك، الاحتفاظ و لو باليسير منك ، لكنني أدركت لاحقا أنني كنت مخطئة ما دامت روحك تستوطن كل أرواحنا.
وقع الاختيار علي أنا كي أواجه ذكراك. اختاروني أنا الجسورة، أنا المقدامة، أنا التي يقال عني امرأة بعشرة رجال. لكنني ما إن فتحت خزانة ملابسك، حتى انفض من حولي رجالي العشرة، و تركوني وحيدة لمواجهتك يا أبي ..
انهرت باكية أمام قمصانك و ربطات عنقك و ألبوم صورك.. لكن أكثر ما هزمني كانت كتبك وشهادة تخرجك ..بكيتك بحرقة و كتمت صوت وجعي بصدري، كي لا أؤجج نار أمي التي كانت تبكيك بحرقة أكبر بالغرفة المجاورة، و تتظاهر بتوضيبها بينما أنا أنجز المهمة التي أوكلت لي.
الغُصة الخانقة بحلقي والضيق الجاثم على صدري جعلاني أسرع بالأمر، ثم أوصل الأمانة لعمي ادريس، ذاك الرجل الطيب الذي أرى فيه شبها كبيرا منك قلبا و قالبا.
قادتني بعدها سيارتي للمقبرة. ولجتها دون أن ألقي التحية على أصحاب المكان، و دون أن أتلو بعضا من آيات الرحمان على روحك و على أرواح كل مجاوريك بمقامك الأبدي.
ارتميت بحضن قبرك لأبكيك بملء روحي. عاتبتك على الرحيل المبكر و أنا في أوج الحاجة إليك. لمَ لمْ تكن شجاعا و صلبا أمام المرض؟ لم رحلتَ و أنا ما زلتُ بأول المشوار؟ لم كسرت ظهري بعد أن كنت لي الدعم و السند؟
و بينما أنا أنتحب، رنَّ هاتفي ليعيدني لرشدي. فتسمرت عيناي على شاشته بعد أن كانتا تتطلعان لما يحيط بي دون أن تريا شيئا.هلَّت عليَّ صورة صبي حديث الولادة. كانت الصورة لأول فرحةٍ لأخي القريب البعيد. القريب بطبعه الحنون، والبعيد بعد أن اختار العيش بالضفة الأخرى من المتوسط. حين رأيت الصورة، انتابني شعور بأن روحي عادت إلي بعدما كنتُ أحسها خاوية بعد غيابك.
أريد أن أخبرك يا أبي، أنه طفل جميل بقدر جمال شكل و طباع والديه. ملامحه، بها جمال الصباحات الندية بكل الغابات التي تعودتَ أن تجوبها طيلة سنين عملك. و الأجمل أن أخي أسماه باسمك..
بشرى قدوم ذاك الصبي جعلتني أضحك وأبكي في الوقت نفسه. الأولى لفرح أخي، و الثانية لغيابك أنت. فهذا الصبي هو أول بشارة فرح بعد رحيلك.. هو أول حفيد لن تلاعبه كما فعلتَ مع أبنائنا نحن. صرتُ أنظر للصورة و أقبله على الهاتف، ثم أصفه لك و كأنك ماثل أمامي.
لا أدري وقتها لمَ هبت ريح خفيفة بالمكان. ريح ذات ملمس رهيف على وجنتي، ثم بدأ بعدها رذاذ ناعم يهمي على المقبرة. أحسست ساعتها و كأن روحك تُحيط بي، بل تغمر المكان كله. صرت ألتفت يمنة و يسرة، باحثة عنك.. حاولت أن أناديك لكنني أحسست بثقل لساني و فرار صوتي مني. فبدأت أتحسس قبرك و أمسح الغبار عن شاهده ، لأعلمك أنني أعي أنك هنا معي..
إحساسي بقربك، جعل أصواتاً كثيرة تتعالى برأسي.. كيف لي أن أرفض أمر رحيلك ؟ لماذا أحتمي بالحزن و أنا لست لا إمرأة ضعيفة و لا سلبية؟ كيف لم ألتقط مضمون البشارة التي هلَّت علي قبل قليل؟ بشارة روح جديدة اختارت المجيء إلينا لتكون امتدادا لك.
فهمت، وقتها بجلاء، ما كنتَ تلمحُ إليه في المنام عكس ما ذهب إليه تخمين سادة التفسير. أنت حزين لحزني عليك، و ترفض أن يتملك الحزن عقلي بعد أن أحكم قبضته على قلبي. فهمتُ أنكَ ترغب أن أطوي الجناح على جرح فراقك و أن أُقبل على الحياة بروح متفائلة كما عهدتني.
ارتسمت على شفتي ابتسامة ارتياح لِما وصلتُ إليه. مسحت دموعي، استجمعت أشلائي، قبَّلت شاهد قبِرك، دعوت لك، و طلبت منك أن لا تبخل علي بزياراتك الليلية مستقبلا، ثم عدت أدراجي.

*آمال الحرفي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...