اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

فاصلة بين مَوجَين.. ومخيم


نتيجة بحث الصور عن رواية “مرج البحرين”
⏪ هيثم أبو الغزلان

يجَلِسُ “ثائر” في عصر يوم مشمس على صخرة متوسّطة الحجم، تبرز في جوانبها نتوءات مثل الإبر، ليست ملساء ولا تُريح الجالسين. تمامًا مثل الذي يركب بساط الريح واقفًا، يظلّ قلقًا، والريح تُوجّهه شمالًا أو جنوبًا، لكنّه لا يستطيع توجيهها أو السيطرة
عليها!
لعلّها هي الريح نفسها التي تتواطؤ مع رذاذ البحر وموجاته المتتالية ليتطاير مثل غبار صيف يكاد يُغلق أنفه. ويدخل بعضها في عينيه اللتين بحثتا عن نومٍ هانئ في ليلة شديدة السواد فضاعت بين جنباته، وأثقلها السهر. فانتفخت أوداجه وبدأ يخبو بريق عينيه اللتين أصبحتا مثل حبّتي خرز.

..بدا البحر مثقلًا، واسعًا، بلا أفق، لكنّه يهدر بصوت عالٍ كمن يريد أن يتحلّل من كل شيء فيه فيقوم بِلَفظِ أسراره إلى الشاطئ، لكنّه ما يلبث أن يبتلعها مثل الذي شعر فجأة بندم شديد؛ فلم تأخذه العزّة بإثم البوح؛ فانكدرت نفسه، وعاد إلى نفسه!

وحين يُزحزح “ثائر” جسده الملتصق بالصخرة، تهبط عليه الهموم فجأة، فلا يستغرب من ذلك البتّة؛ فهل غادرته لكي تعود، وهي الملتصقة به، تعيش فيه، تنام معه، ويتشاركان البحر معًا؟! فهي مثل البحر تبدو هادئة في أحيان، بينما يضج ما حولها بحركة لا تهدأ، وثائرة في أحايين كثيرة مثل إعصار يقتلع ما حوله ويجعل كل شيء خرابًا؛ فيتساءل في نفسه:

هل هي ولادة من جديد لروحٍ تصل إلى السماء، تُقارع السحاب، وتعود مطرًا؟! أم هي مجرّد خطوات مرصوفة تقود إلى مجهول نضيع فيه ويضيع فينا؟!

يمرُّ الوقت ببطء. يتعمّد أن يُريَه البحر بسكونه وثورانه، جماله وقبحه، بشاعته حين يضيق على محبّيه، وجماله حين يتّسع للعائدين على أكفّ الريح يصنعون المستحيل. وبين سكون البحر وحركته التي لا تهدأ؛ كانت كلُّ موجةٍ فيه حين يتقلّص تحمل أسرارًا، وتضع أوزار الأرواح التي أُزهقها، ولم يحملها إلى ضفّة أخرى علّه ينجيها. فما وصلت، وما غرقت، لكنّها عايشت بين موجاته كل الأهوال وما انكسرت..

في تلك اللحظات تراءت أمام عينيه مساحة واسعة من بحر لا متناهٍ، وأفق لا يغيب. فبدأ يستجدي أنفاسه التي بدأت بالتراجع رويدًا رويدًا، وأفرغت رئتيه من هواء يشاركه فيه البحر حاشرة إيّاه في زاوية ضيّقة على صخرة لا تمتلك قلبًا، أو شجرة لا تعطي هواء نقيًا لروحٍ قيّدها المكان، وسجنها المنفى. عندها تمنّى لو أنّه خُلق طائر نورس أبيض بجناحين كبيرين، يغطُّ ويطير، ولا يستطيع أحد تقييده! فهو لا يتقيّد بشارات مرور، ولا يقف عند تقاطع طرق، ولا أحد يمنعه من تنفّس الهواء؛ فهو لا يحمل جنسية معيّنة، ويسافر إلى حيث يريد ويشتهي حيث السماء مفتوحة أمامه. ولا يخاف حرس الحدود، ولا الشرطة، ولا البحر بهدوئه أو بثورانه.

وحين بدأ البحر بالتمايل يمنة ويسرة مثل سفينة لا تعرف مكانًا للرّسُو، بدأ قرص الشمس يرسل أشعته الذهبية، في هذا الوقت بدأ التعب يتغلغل في نفس “ثائر” بعد نحو ساعتين من الجلوس على صخرة صمّاء جعلت جسمه مثل لوح الثلج، فيما أفكاره ظلّت تغادر وتعود لا تستقر على حال، وروحه ليست على قيد الحياة، وليست بميّتة!

..في تلك اللحظات برز له الموت من البحر الذي لم يملّ، ولم يشبع. بدا يقترب، ويبتعد، يقع وينهض من جديد فيستل سيفه ويرويه من دماء الأبرياء ليلًا ونهارًا، كأنّه لا يكتفي بذلك. فيعود ليصول ويجول، ويتعب، ويستريح، يروح ويجيء، ويظل يحمل ما يريد وما لا نريد، مثل نسر جامح يتخطّف طريدته، أو مثل حصان يصهل في كل وقت ويدوس على رؤوس من يرغب!! أو مثل ريح تهبُّ وتقتلع، وتنقضّ على فريستها بوحشية، أو تقتلها برحمة، أو بين بين!!

وبكل جرأة يظهر الموت بدرجاته المتفاوتة؛ الوحشيّة، والرحيمة، وأيضًا التي تحرم الإنسان نعمة الحياة بقتل لا هو وحشيّ ولا هو برحيم.. تمامًا مثلما يفعل البحر حين تشق السفن عبابه، فمرّة يوصلنا إلى مبتغانا، ومرة إلى مبتغاه حيث يبتلعنا. لا يُفرّق بين صغير وكبير، أو بين رجل وامرأة، أو شاب وشابة، فالكلُّ حين يجوع البحر يصبح طعامًا له. فحين تعلو أمواجه وتتبدّل أحواله ندرك عندئذٍ أنّه لم يَعُد فينا النّبي نوحٍ لتُنجينا سفينته، ولا المسيح ليمشي على الماء فنصل معه إلى مبتغاه، أو النبي موسى ليَفرُق البحر بنا فينجو ويُنجينا..

فالناظر إلى البحر وهو يقف على شاطئه، ليس مثل الذي خاض عبابه، وذاق أهواله، ولامس الموت معه. فالهادئ الرحيم ومن يحضن عشّاقه الذين يترنّمونه أغنية تكشف أسرارهم عند غروب الشمس المترافق مع شعاع هزيل يُعانق فيه الشفق الأحمر لحظات الغروب مودعًا نهارًا ألقى إليه كل أوجاعه وتركه ومضى، ليس هو نفسه حين يتخلّى عن نفسه ويبتلع أحبابه.

فيتساءل “ثائر” في نفسه: هل تدرك كم مرّة تغيّر هذا البحر؟! وهل تدرك لِمَ تحوّل من بحر لطيف جميل حنون يهامس الشمس، ويعاتب القمر المختبئ خلف غيمات تخفي وجهه إلى حوت جائع بشع؟! ولماذا عانَدناه كسمكة صغيرة أبت تسليم نفسها، وعاندت التيار الجارف فلا هي نجت، ولا هو سيطر عليها، لم تبق حيث هي، ولا غادرته. كان همّها البقاء على قيد الحياة، وهمّه ابتلاعها مثل حجر يغوص إلى القاع؟!

هو نفسه القاع الذي غصنا إليه مرّات ومرّات، فلم يسترجع نفسه، ولم يُعدنا كما كنّا. فأصبحنا مثل قطيع الغنمات البيض المذعورات من الذئب المذعور ترمينا بالزبد الأبيض موجات من صحو يعلو، وموجات تهبط، أو تتوارى، أو تنعس مثل يمامات خلف الصخر الوهّاج بلا ضوء!! فنمشي لأكثر من ألف عام، نقطع ألف وادٍ، ونمتطي كل بحر هائج، نلمُّ العطر عند شواطئ الليلك، فنصل ولا نصل!

..سألت البحر يقول “ثائر” بموجه المتلاطم والمتتابع، ومائه المتطاير عن المخيم، والشهداء والمنفى، وأسرار الذين طاردهم فنشرها وغيّبهم. فلم يجبني، كأنّه صنم لا تسمع له همسا! أسأله عن أؤلئك الذين ضاعوا في متاهاته، وأؤلئك الذين ما ضلّوا ووصلوا الأرض بروحهم أو بلهفتهم والحنين. فطَفَت جراحاتهم، وتسلّقوا إلى القمر، وعادوا إلى وجه الأم الكنعانية مُبتسمين، وهم يعبرون مخاض الألم من المخيم إلى البحر إلى الوطن، وهم يردّدون:
..ويا أيّها البحر
إن فلسطين فاصلة بين موجين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* فصل من رواية “مرج البحرين” التي صدرت في تشرين أول (أكتوبر)، 2019، ووقّعها الكاتب في مدنية صيدا، جنوب لبنان.

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...