انطلق الرجل يطلق الأبخرة الزرقاء المتصاعدة من غليونة في البراح ، تتعارك بسيوف الشك لنيل من اقتناص الباطل ، و كشف الحقيقة .
دخل يكمم انفة بصورة مشمئزة ، حتي نظر الي رفيقة وهو الطبيب الشرعي ، بإشارة من يدية ان يتم فحص الجثة .
خرج المحقق يستنشق هواء نقي ويشعل غليونة في براح الروف الذي لم يقطن فية غير غرفة صغيرة لعجوز هي وقطتتها الثلاثة ، اخذه الأمر برهة ، حتي أعاد النظر عن المشهد المروع ، قائلا بين نفسة : قتلت مروعة بالخوف ، قطعا هنالك أمر .
اجاب الطبيب رجل التخمين والأدلة : ايضا بدأت اشك في الأمر ، انما لا حكم بدون البراهين والأدلة.
المحقق : اذا هيا هلما الينا بها .
أضاف المحقق بعض من منثور العطر يعبق زوايا المكتب متسائلا : ما إسمك الحقيقي ؟!
سأل المحقق هذا السؤال ، لرجل الذي كان يجلس أمامه في تحفظ ، حتي اجاب في هدوء وخشوع : حامد الكيلاني يابية .
المحقق: كيف اكتشفت الجريمة وانت بالدور الأول ؟!
أجاب حامد : تعودنا رؤيتها يوميا ، و منذ ثلاثة أيام تغيبت ، وعند الصعود ترأت لنا الروائح معاذ الله .
المحقق : كيف كانت العلاقة بين القتيلة وأفراد الجيران ؟!
اجاب حامد بكل خشوع وإيمان : طيبة والحمد لله .
..
جلس الحج حسين في غضب مجمهر ، وهو يداري حماقة غافلة بين الأجفان ، حتي قام بتحية المحقق ، وتبين من الوهلة انه يخفي شئً يتنكر له بالغضب والكيل والتنمر والغيظ والحسبان .
القي المحقق حجرا في بحيرة الحج حسين الراكدة ، طارحا سؤال : حج حسين ، ما يدور في نفسك به الخلاص .
جرفت هذه الكلمة الحج حسين ، الي عالم من الرفض والشكوك ، حين أستمع أول مرة كان يجلس فوق الروف في ركن منزوي ، حتي استمع لهذا الحوار الذي اثار سخطة .
حين قال كامل ابن زوج القتيلة : ما ذنبي انا واخوتي ؟!
يتوقف بيع البيت علي هذه الغرفة ، التي تقطنين بها ، أبي رحل ، و قد اخذت حقك ، فلترحلي اذا .
خرج الحج حسين يلوح بيدية في حيز ضيق ، قائلا شبه هامسا : الرحمة ضلت طريقها .
اجابة المحقق بسؤال : هل تظن يدا لهذا الشاب في مقتل الراحلة ؟!
قال الحج حسين : حاول أن يطردها اي نعم ، إنما محاولة قتل ، ماتت المراة بعد رحيلة بخمسة أيام .
..
اكد بسيوني البواب حين اخذته شهادة الحق مندفعا : و اللهي العظيم اقول الحق .
سألة المحقق بهدوء : من كان ؟!
من المترددين علي القتيلة ، قبل ثلاثة ايام .
قال يتذكر : واللهي ما رأت عيني الا ، رجلا يصلح الهاتف ، وصعد في غير وجود القتيلة ، نظرا لخروجها لابتياع الأشياء ، حتي اضطرت هي ان تترك معي مفتاح الغرفة ، احتسابا ان ياتي وهي بالخارج .
أهتم المحقق وانتصب في جلستة ، مشرئب متيقظ بسؤال : هل اخذك المشهد لغموض وريب ؟!
قال حسين : لا يابية ، الا ان توقف حسين متذكرا ، تلك الواقعة ، حين جاء رجلا اخر من الهيئة لاصلاح الهاتف ، الا ان قال له حسين : اتي صديقك واتم الأمر ، الا ان تنكر الرجل من حضور موفضين عنه .
انتبة المحقق قائلا : اذا ، من هو الرجل الاول ؟!
الذي قام بإصلاح الهاتف ؟!
ثم ناورو بسؤال آخر : هل كنت تلازم الرجل في حين إصلاح الهاتف ؟!
ارتبك حسين البواب قائلا : قدماي تؤلمني يابية ، تركته لحظات ثم عدت .
انغمر المحقق في وميض من التسأل ، بين نفسة قائلا : عند هذا الرجل ، يتجلي اللغز .
..
جلس الطبيب الشرعي يلتقط انفاسة قائلا : مثلما توقعت ، ماتت اثر الخوف والترهيب ، مما أدي الي ارتفاع في الأدرينالين ، ادي للموت المفاجئ.
المحقق مشدوها : حقيقتا ما الدافع ؟!
الطبيب متعجبا : انها التكنولوجيا .
المحقق ياخذه اللفظ مستعلما : التوضيح لو سمحت ؟؟
..
يقف المحقق في حالة من الزهو قائلا : الأن تكشفت الحقائق .
قال الطبيب الشرعي : ماهو نهاية الخيط ؟!
المحقق : بالمراقبة لأبن زوج القتيلة الراحل ، تبين أن عامل الهاتف المزيف ، اتي من اجل وضع بعض ادوات المكبرات الصوتية في غرفة القتيلة ، كما ذكرتم .
اكد الطبيب : بالضبط وقد تم ضبط .
ثم استكمل المحقق : هذا العامل ، كان ينفذ الاوامر بالترهيب حتي تهرب القتيلة وتترك الغرفة ، انما ما حدث انها ماتت من الخوف والرعب .
الطبيب يستكمل : اتم الأمر بعيدا عن ابن الراحل ، حتي تبتعد عنه الشبهة تماما .
ضحك المحقق قائلا : من الغباء ان تجعل اصاحب الملفات يؤدون لك المهام الخاصة .
اكد الطبيب : حقا ف شهادة البواب والتعرف علية ، كان لها صدي إيجابي .
المحقق : الأن وقد تضخمت الجريمة ، حتي ذادت مخاوف الحروب النفسية ، من ميراث الحداثة لدفع المرء علي الانتحار .
اندهش الطبيب الشرعي يجاري المحقق : ان كان الأمر كذلك ، فالعداء كل العداء للعولمة والتكنولوجيا والحداثة .
اشغل المحقق غليونة ، اخرج زفرة قاسية ، وهو يشير باناملة نحو السماء .
حتي قال الطبيب بخشوع : الله للقلوب النظيفة ، ومساوء الحداثة للعقول المظلمة .
*عبير صفوت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق