اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

صغيرتي ــ قصة قصيرة ...*وائل محمد فكري علي

وائل فكري
⏪ كنت جالسًا على مكتبي في ليلة شتوية قارصة البرودة، أراجع دروسي وأنا أحتسي كوبًا من الكاكاو الساخن بتلذذ، لقد اقتربت الامتحانات وأصبحت على الأبواب، كشبح يقترب رويدًا رويدًا، فتتحدد ملامحه المقلقة يومًا بعد يوم، ورغم ذلك كنت مطمئنًا إلى حد
ما من تحصيلي، فقد واظبت على حضور المحاضرات ومراجعتها من أول العام، ولكن إحساسي بتلك البرودة الشديدة في هذه الليلة أعطاني شعورًا عامًّا بالقلق والخوف والوحدة... شرد ذهني عن الكتاب المفتوح أمامي ونظرت مفكرًا في كشاف الإضاءة القابع على مكتبي بجانب رأسي، إنه يضيء لي ويعطيني بعض الدفء إلى درجة أني أتحسس بأناملي أحيانًا المصباح شديد السخونة بداخله، أملًا في حرارة مباشرة تسري بأطرافي، وإذا انطفأ هذا المصباح لسبب أو لآخر أفشل في قراءة دروسي بل وأشعر بالبرد أكثر، إلى هذه الدرجة ضعيف هذا الإنسان؟! وتدرج خيالي إلى أبعد من ذلك، ماذا لو فقدت مسكني هذا وأصبحت في العراء في ليلة شتوية كهذه؟! ماذا لو اختفت ملابسي الصوفية الثقيلة في تلك الطبيعة التي لا ترحم؟! ماذا لو لم أجد الطعام والشراب؟! وبهذا انتقلت بأزمتي الخيالية من طالب علم يأمل في الاستذكار إلي إنسان بدائي يطلب الاستقرار، ماذا لو... استفهام مقلق يشعرك بالعجز عن معرفة ما سوف يحدث وما ستفعله، ويفضي إلي التشتت في كثير من الأحيان، لذا لا داعي لأن أجهد ذهني بتلك الفلسفة وأكتفي بتحـصيل ما قد يساعدني علي إجابة أسئلة الإمتحانات ثم أفعل ما يحلو لي بعد ذلك.

وقبل أن أعود مستسلمًا إلي الكتاب القابع أمامي لمحت نملة صغيرة تمشي بجواره... في حالتي العادية كنت أمد سبابتي لأدهس النملة وألقي بها بعيدًا في غضب، ففي الصيف يوجد النمل في كل مكان حتي في طيات ملابسنا وداخل آذاننا، ولكننا الآن في الشتاء! والنمل لا يظهر في هذا الفصل، فهو يقبع في جحوره الخفية منتظرًا الفصول الدافئة ليخرج فيها، أما تلك النملة فأمرها غريب، إني لم أر أي نمل منذ أن بدأ هذا الشتاء القاسي بزمهريره، كانت تلك النملة تمشي بوهن تراه العين المجردة في ارتعاشة أطرافها وحركاتها غير المنتظمة، لم أمد إصبعي لأدهسها كما جرت العادة، بل ملت بجذعي للأمام كي أراها عن قرب، واقتربت بوجهي منها أكثر وأكثر، تأملتها، ثم بحثت من حولي وأسفل مكتبي فلم أجد أي أثر لنمـل آخر، إذن، هي وحيدة في هـذا الجـو البارد، حتمًا هي ضائعة ولا تعرف طريق العـودة، ولكن هل فــَـقــَدت طريقها منذ بداية الشتاء؟!... أي منذ حوالي شهر ونصف الشهر! لا أرى نتيجة غير ذلك حسب معرفتي الضحلة بسلوك النمل، فما سبب خروجها في هذا الوقت وأنا أعـلم أن النمل يتهيأ للبيات الشتوي بكل المؤن اللازمة للبقاء آمنًا في جحوره طوال فترات البرد.

إنني أمام كارثة مصغـرة، وإذا أردنا أن ندرك ذلك علي طريقـتنا فعلينا أن نتخيل شخصًا ضـل طريق العودة لبلدته وجال في الصحراء تائهًا، وعلينا أن نضيف إنه في تلك الصحراء منذ شهر ونصف -هذا لو اعتبرنا أن مرور الزمن علينا وعلى النمل سواء- بلا أي مساعدة من أحد، كما أن الشتاء أقبل عليه في تيهه هذا وهو يرتدي الملابس الصيفية، فهل لنا أن ندرك حجم تلك الكارثة؟! إنها مصيبة إلى درجة أن هذا الشخص لابد أنه هالك قبل انقضاء ربع هذه المدة! فما بالنا بتلك النملة الضئيلة، يبدو أن تلك المسكينة قد تلمست بعض الدفء من ضوء مصباحي كأمل في بعض الطاقة، وحتمًا تحتاج إلي طعام، فهي أمامي تبدو كمن يموت جوعًا وعطشًا في صحراء مقفرة مهلكة.

قمت مسرعًا وأحضرت بعض ذرات السكر علي طرف سبابتي، ثم أسقطت تلك الذرات بجـانـبها، لم تبد صغيرتي أي اهتمام، رغم أن بعض ذرات السكر تماثلها حجمًا، اقتربت برأسي منها لأتأكد أنها علي قيد الحياة، حيث إنها توقفت عن التحرك وقبعت ساكنة تحت ضوء المصباح، لمحت حركة عشوائية بدرت منها فأحسست بنوع من الراحة ودفعت بإحدي ذرات السكر حتى لامست جسدها، عادت صغيرتي إلى سكونها مجددًا، شعرت بقلق وعدم قدرة علي مراقبتها جيدًا، فأخرجت عدسة مكبرة من أحد أدراج مكتبي ووضعتها أمام عيني، وهنا رأيت صغيرتي بحجم كبير واضح وشاهدت أرجلها وهي تتحرك ببطء شديد، كما لاحظت حركة قرون استشعارها العشوائية، كررت المحاولة مع ذرة سكر صغيرة في ربع حجمها تقريبًا فلم يتغير شيء، ولكن بعد أن ابتعد طرف إصبعي لاحظت أنها قد أحاطت ذرة السكر بأطرافها في ارتعاشة واهنة، غمرتني سعادة بالغة لما حدث وعـلت وجهي ابتسامة واضحة لم تظهر منذ أيام، ولكن بعد لحظات تكورت صغيرتي علي نفسها تاركة السكر من حولها وسكنت، تحولت ابتسامتي إلي علامات جزع وأنا أدقق النظر في جسدها الساكن، مددت سبابتي من جديد وحاولت أن أحركها أو أقرب السكر منها مجددًا فظلت علي حالها، أيقنت بعد دقائق من المحاولات الفاشلة أن صغيرتي قد ماتت، وأن سطح مكتبي كان مرحلتها الأخيرة في رحلة شاقة انتهت بالهلاك، ماتت صغيرتي وسط غذاء وفير، ماتت صغيرتي بعد أن احتضنت إحدى حبات السكر دون أن تقرب فمها إليها، لقد مات مسافر الصحراء الضائع بجانب بئر الماء، مات دون أن يشعر به أحد من عشيرته، ولكني شعرت بها، وشهدت موتها، لذا قررت أن أدفنها، فمسافر الصحراء الوحيد إذا مات لا يدفن، فمن يدفنه؟! وما أتعس هذا المصير، أحضرت علبة ثـقـاب فارغة، ووضعت صغيرتي بداخلها وأغلقتها جيدًا بشريط لاصق، ذهبت لحديقة المنزل في جو شديد البرودة ودفنتها تحت الشجرة الوحيدة بها، وحيد الغرفة يدفن، وحيدة النمل أسفل وحيدة الحديقة.

عدت إلي غرفتي والتقطت العدسة المكبرة التي تركتها على مكتبي، وبكل غضب قذفت بها بعنف في الحائط، فتهشم زجاجها السميك إلى قطع صغيرة أشبه بذرات السكر، أطفأت مصباح مكتبي، ثم استلقيت على سريري مرتعشًا مكتئبًا.

*وائل محمد فكري علي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
||نبذة عن المؤلف||

وائل محمد فكري علي الميلاد : 1 - 2 - 1975 الجنسية : مصري المؤهل : بكالوريوس هندسة مدنية باحث في التاريخ المصري القديم يعمل في مجال ترميم الآثار بوزارة الآثار المصرية بجانب كتابة القصة القصيرة والمقالات . صدر للكاتب : - كتاب في التاريخ المصري القديم ( اصدار كتاب " موجز موسوعة مصر القديمة " طبعة يناير 2009 من دار نشر مدبولي، ويشمل في 1288 صفحة مختصر لتاريخ مصر القديمة منذ ما قبل ال...

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...