أُحِبُّ مِنَ القصائدِ.. ما كانت أمِّي تُحجِمُ
عن حِياكتِها لنا في وضحِ الألمِ
لتُجنِّبَنا الغرقَ في بحرِ أحزانِها
يخلعُ الزَّمنُ عن جسدهِ النِّهاياتِ المُفجِعةِ
ويؤوبُ إلى البداياتِ
يفوحُ عطرُ الأزهارِ البرِّيةِ من شقوقِ القلبِ
يتعانقُ الزَّمانُ والمكانُ..
يتوحَّدانِ في صورةٍ ضمنَ إطارٍ
تتسلَّلُ منها أمِّي برشاقةٍ
فيبتسمُ الجدارُ بعد طولِ حدادٍ
يرقصُ الشَّارعُ حين تطأهُ قدَماها
وينحني البابُ من فرحٍ
يخرجُ منزلُنا في نزهةٍ، متأبِّطًا ذراعَها
نغدو فراشاتٍ ملوَّنةً
وهي الزَّهرةُ الوحيدةُ في ربيعِنا القصيرِ الأمد
نتطايرُ حولَها
وتحطُّ رِحالُنا على وجنتَيْها
نطبع عليهما خيباتِنا
نتسابقُ لنحظى منها بعناقٍ نُطفئُ بهِ حرائقَنا المتكرِّرةِ
على عجلٍ.. يعودُ الَّزمنُ ليَسترِدَّ أمانتَهُ
فتصعدُ أمِّي إلى الجدارِ على مضضٍ
تُلوِّحُ لنا مُودِّعةً
وتستقرُّ في صورةٍ
بالأبيضِ والاسودِ
يفترُّ ثغرُها عن حسرةِ الغِيابِ
وتنزلقُ في هاويةِ الصَّمتِ
ونحن بذهولٍ نجمعُ دموعَنا في إناءِ الحياةِ الفارغِ
ونسقي بها شجرةَ العمرِ اليابسة
*ريتا الحكيم
-----------------
- هذا ما يحدثُ في بيتِنا مُنذ ثلاثِ غصَّاتٍ وأكثر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق