المنظر أماَمي مُقسم الخلفية لأربع لوحاَت جداَرية .
لوحة أولي لرجل وأمرأة .
لوحة ثانية لأمرأة فقط .
لوحة ثالثة مضببة.
ولوحة رابعة بها ذكري لشارع.
كُرسي في مُنتصف خشبة المسرح .
البطلة أمراة تُناَهز منْ العمر أربعون عام .
وصوت للأخر الذي يلاَزم البطلة طيلة الوقت .
أضاءة مختلفة تخدم اللقاء الحِواَري ، أصْواَت إيحائية تُشاَرك الحْدث وتتساوي مع الحالة النفسية مع البطلة.
تَجلس البطلة تتأمل البراَح كأنها تتأمل العاَلم ، تشعر بالملل والتأفف ، تستمع إلي موسيقي كلاَسيك هاَدئة ، تُفكر بينما يخفت صوت الإيحاء تدريجياَ ، تفكر وتقترب من أحدي اللوحات التي بها الرجل والمرأة ، تُفكر بِصوت عاَلي وهي تنظر إلي اللوحة الأولي وتتسأل: ما الذي أتي بي إلي هنا ؟!
صمت.....
تنظر إلي اللوحة وتعيد السؤال:
أنني أحدثك....أحدثك....ما الذي أتي بي إلي هنا ؟!
تستكمل حواراَ داخلياً يأتي من بين دخائل النفس .
شئ لغريب إنكما لم تكوناَ متفهمان مره ، مع ذلك أتيت ، العالم كان يتغير وأنتما.... لا ....تعود لنفس السؤال :
ما الذي أتي بي إلي هنا ؟!
تتطلع إلي اللوحة كأنها تبحث عن إجابة أخري ،
تفرك رأسها ، تتنكر .
أبداَ ...ابداَ ...تتنهد ...لا أتذكر...
تكاَبر :
لكني سأحاول...نعم سأحاول .
تتفوة وهي تصف من الذكري قطاع وصفي :
هيئة عريضة...شارب أسود...بسمة في ثغر لاَمع...رأس اصلع يتفصد عرقاَ...ها قد بدأت.
يأتي صوت الدخيل الأخر يسئلها بسخرية:
الا تتذكرية ؟!
تتفاجأ... تنظر خلفها ... أمامها...تبحث عن مصدر الصوت في كل مكاَن .
تجلس متعبة...تلوح نفسها بالعتاب حين يظهر علي وجهها الأرق :
خطأ ما أضناني .
تسترق السمع ، يعود لنفس السؤال:
الاَ تتذكرين ؟!
قالت وإنتابها الزعر :
ما شأنك ؟!
أن تذكرت .... ترتبك وتتحجج..إنما ربماَ تناَسيت .
يعود الصوت ويتسأل بصوت ذاَت نبرة ساَخرة:
ولكن ، هل نسيت قطع السكر البلورية ؟!
امّ الأنامل الدافئة ؟!
و..الطعام المستثاغ الذي كان يسري كالسلسبيل بين يدية.
تبتعد متعمدة تقبض شقي ما بين زراعيها ، وتقول:
شئ يقتلني ؟!
يحاَصرهاَ الصوت بإشارة ابهام ، ليفضي بالحنين :
الحناَن يقتلك ؟!
تقف بعدوانية وكبرياَء...وبصوت جَهوري منطلق :
تناسيت الحبُ...تناَسيت الضغف....تناَسيت التنازل.
تتحدث وهي تجز بأسناَنهاَ .
تناسيت الهزيمة في المعركة.
صمت ....
يقترب الصوت بفحيح الثعبان قائلأ :
تناسيت الرحمة.
تفرغ البطلة من الكلمة وتجري نحو اللوحة لرجل والمرأة ، تحملق فيهماَ وتقول مهددة للصوت :
أياك ، أعلم أن الرحمة هي الوحيدة ، التي لم أتناسها....صمت ....وفي حالة من التأثير والتوجع تقول بصوت ينفجر من البكاء :
أنا...بشر .
يضحك الصوت مجدداَ ويستكمل بِسؤال:
اذاَ لِماذا ؟!
لا تتذكرين .
تتنهد في عناَء وتنظر للوحة التي بها والديهاَ وتَقول :
هي تَتَذكر...هي تَقول...هي تعْترف .
يسأل الصوت:
وأنتِ ؟!
تقول وهي تسير خلف ذكرهاَ :
أنا ...أنا ...كنت أتجول بين أرجاء نفسي ، كنت اعْتقدها فسحة خاَرج الأعشاَش ، مثل فرخ الطير مع أمة ....
تبتسم وتقول بصوت مرح :
وسنعود ألي الديار قريبا ،إنماَ...
صمت...
أوقات ضائعة مرت .
يسألها في مواجهة :
لا تنكري أنكِ بدأتِ البحث مبكراَ ؟!
تقول بصوت مفزوع :
البحث...البحث...
يؤكد الصوت لهاَ بنبرة هاَمسة : البحث عنة.
تَجلس في هِدوء وتَقول :
العالم كاَن يبحث معي ، بل إن البشرية كاَنت تبحث ، الطفولة ترهلت منذ باَع ، من ثلاثون عاَم وأنا أبحث ، من ذاك العصر المتحجر .
يلاحقها الصوت :
لكنك لم تكوني متحجرة؟!
تَقول بِصوت يمتلأ بالشدة:
لكني تحجرت .
الصوت يذكرهاَ :
بل كنت سيل من الماء .
تقول بلا مبالاة:
تناسيت المياه والشعور بالعطش .
يتبعها الصوت كأنه يغويها :
الأبار لن تفني ابداَ .
هي تؤكد وتنفي كلاَمة عن كاَهلهاَ :
لكن البشرية ستظل ظمأي .
يحاول الصوت ترويضها نفسيا :
شربت حتي الثمالة ؟!
تتحدث بالأثير الذي يعيش بداخلها :
هاهاها...كاسائر الأعداء عندما يتجرعون دماء ضحاياهم .
يكرر الصوت:
ضحايا وأثر ؟!
هل تحدثت عن الضحايا ؟!
تجيب : أي نعم ، فلتنظر حولك .
يؤكد الصوت بأهتمام:
لكنك حرة.
تقول بصوت يميل للأنتقام:
أنا الظل القابع بين السجون ...أنا الارواح المأثورة بين التنهيد ....أنا الوجع.
يلاقيها بإتهام:
بل أنتِ الجانية ؟!
تلوح البطلة بدفاع عن النفس:
بل انا المجني عليها.
يتراجع الصوت بلا اهتمام كأنه لا يقتنع :
لا عليك من الأمر.
تعود للوحة والديها وتقول :
أنظر أليها كأنها تتجاهل الشخص الذي بجانب الرجل في اللوحة ....تؤكد ....تلك المراة التي بجانبة....طالما قالت .....
صمت .
يسأل: ماذا قالت ؟
تتذكر :
قالت ، ما أفزعني.
يتسأل : ماذا قالت ؟!
قالت ما نفض عني رغبتي ....أبعدتني...
يلاحقها: ماذا قالت ؟
تواصل: بل جزعتني.
يستمر الملاحقة :ما من ؟
تستكمل: جعلت أحساسي غاضب ثائر .
يتطفل: لماذا؟.....لماذا؟
اشارت بكل قوتها: لأنهم وحوش .
يستمر: من هم ؟
تنظر للافق: وحوش..وحوش...ثم كرهت...تَعنت...إنما بت أحلم اواه لو الوحش يقتلني ؟!
يحاصرها: الأنتقام من النفس .
توضح: أنتقمت من نفسي في أطار اللحظات.
وكأنة مقتنع: اللحظات المنصرمة هي الاعتراف بدلالة الحدث .
تؤكد : بعض من التاريخ يتنكر للحب .
يتسأل : وأنتِ؟!
تنكر: الأن ، أنا لست انا .
يستجوبها: والحب ؟!
تبوح: أوقات قليلة وحاضر قبل ظلال الفراق والأنقسام ، يتخطي أيام ويكون تاريخ.
يجسد صوتة: الهروب .
تتجسد بصوت والدتها الكاهلة: أين أنتِ ؟!
أنزلي إلي الاسفل أنا هنا.
يلاحقها بجهر الصوت: الهروب .
تستكمل وهي تمرح: كنت أحب اللهو والغروب....تتوقف...إنما كنت أبكي...تبحث...اشياء لا تكفيني.
يؤكد لها: إنما رأيتك تبحثين .
تشير نحو نقطة في البراح :
كان يتراقص بهذه الصفحات من العالم ، أحبك...احبك .
يتسأل: كنت تضحكين ؟!
تسترسل :
بكيت كثيرا تمنيت أن اكون من السيف ، اقطع كل الألسنة.
يسألها بهدوء : صوتها كان يقلقك ؟!
تستكمل : تعود لصوت الكهولة ، لماذا تبكي ؟!
أنا هنا...ابدا لا تبكي...لاتبكي .
تذهب مسرعة للوحة الثانية..وتنظر للمرأة الوحيدة التي بداخلها وتقول بعنف :
العنصرية....العنصرية....الصراع الداخلي الأسري....
تلوح بالبراح:
ما بال القبائل... الطوائف.... العشائر ...الافكار...العلم.....الادب....الشعر....
الفن ....الابداع....السياسة.....الماديا....ما بال أنا ونفس ؟!
يتوقف الصوت بسؤال : نفسك ؟!
تمنعة: لا تتدخل ، فانا وهي أحرار .
يذكرها: أنتِ حرة منذ الصغر .
تضحك : الصغر...هل قلت الصغر ؟!
منذ ثلاثون عام وأنا بعمر الثمانون عام.
يناورها: إنة البحث عن الحب .
تجزع: الحب ؟
ليت ما تعتقدة..اذ فقدت حب العالم ؟!
فتحب نفسك .
يروادها: وهل احببت نفسك ؟!
تجيب بكل ثقة:
نعم وقتلتها بهذا الحب .
يتعجب :لماذا ؟!
توضح: حب النفس ..قتل النفس.
يستعلم: وإحياء النفس ؟!
تهرب البطلة نحو لوحة أخري .
تصف المشهد : منظر بديع زاوية لمدخل شارع متصل بالماضي...وتشير نحو وتتسأل :
إنة هناك الا تراه هذا الشبح ؟!
يتملق في الصورة .
يضاد لها في الحديث :
حتي لم تحاولي أن تزرعي زرعة ؟!
تهرب البطلة..وتصرخ بعد أن تتفاجأ بالسؤال..وتقول :
الغربان.....الغربان....
يبتسم برثاء:
طفلة .
تبكي وتقول وهي تنظر للوحة :
أنظر لهذا السيل كان لي ...كان لي .
يصمت الصوت .
تستكمل :
كنت رغم الصراعات أفضلة...كان يناديني كلما ابتعدت...كنت اشعر بنقاء...نقاء ...وتتنهد.
يعترض الصوت :
خداع...ذادة الخداع .
تستكمل :
كنت اتراقص عندما تمطر...اتمزع بين طيات اللقاء .
يسخرالصوت : عبث .
تجارية:
عبث قمة العبث .
ويخاطبها بود :
كيف جفت البحار ؟
تستنكر :
حتي الأن لا اعرف كيف جفت البحار .
يؤكد:
ليس من العجيب شأن هذا.
تنظر للأفق : فلتنظر إلي السماء وتسئل ، هل كان مقدر ؟!
يرد بإيمان:
نحن مخيرون .
تقول :
كيف نختار ونحن بلا دراية ؟!
يحاصرها: لكنك أدركت .
تعاند :
ادركت الحياة ، أدركت.....تصمت ....ادركت أني لا أتحرك كالأشجار .....ولا اتأثر كسائر البشر .
يصف حالتها: جمود...تلاشي ...فناء .
تعترض : لا ابدا...نحن لها دائما سنكون المدافع
سنكون الرصاص.
يحزرها:
المعارك كثيرة .
بأصرار: انا اعرف معركتي.
يتأكد: الأن ؟!
تقول بكل ثقة عندما تقترب من اللوحة الرابعة وهي لوحة فارغة:
تخطيت كل المسافات والحروب النفسية لأكون اهلا لتلك المعركة.
تتفاجأ بالصوت : المعركة.
تجيب : المعركة .
يردد: الحياة معركة .
تردد: الحياة مشاهد...ازمان...واوقات وفرص...تصمت....وتنازل عن الحقوق ....او التهيئة لقطفها.
يتسأل:
بماذا تعتقدي أن يقول القدر ؟!
تجيب بسؤال :
تري القدر حكمة او نتيجة مُتخلًفة من الاحداث .
يعاود : احقأ لا تعلمين ؟!
تؤكد بحزم:
نعلم جميعا أنة زمن المعارك.
يتسأل بسخرية: المعارك ؟!
تتسأل : تري لماذا توصلنا لذلك ؟!
تقوم بنهرة :العقل يقول .
يعترضها : العقل لا يقول التاريخ.
تنظر البطلة الي اللوحات وتقول :
أقراء التاريخ ، لو تتوقف الصراعات.
يتسأل :هل تعتقدي ؟
ترسم بالكلمات: الصراع...الصراع... إنه الحياة .
يستكمل رسم لوحتها: إنه الظلم والقهر والاستفحال الاستعمار شديد القسوة والجحود .
يروادها: كيف حال مشاعرك الأن ؟!
تنبهة :عليك أن تتسال عن رسالتي الجديدة، العلوم...التكنولوجيا .
يرسخ كلماتها: باكورة العلوم أفضل .
تتذكر : صراع العقول .
يكشف لها الحقيقة: صراع التقدم لمحاربة التقدم .
يسألها بتكهن: واللوحات ؟!
ترمي الكلمة خلف ظهرها : ذكري .
يجزع من التغير: وال أنا...وال هي ؟!
تجيب بثقة: يوجد ال هؤلاء ...ونحن منهم .
يخشي: اذن وانا ؟!
تنهرة بلا مبالاة : انت الماضي والقرين...عليك أن تتغير.
يعترض: لم أتغير من الاَف السنين .
متعددة: اذا ساقتلك.
يرتعب : لا ..لا ..انا مطاوع كما تريدين.
تقول بأنتصار : نعم هذا ما قصدتة...اذا نغلف الماضي بسترة بيضاء..ونفتح الممرات...نخرج السبي اللذين تعذبوا....نفرغ البلاد من الجميع الا من الاعداء.....ثم ندك الاعداء ونطهر الأرض ..ثم يعود ساكينيها الأصلين للتعمير من جديد .
يوفقها: فكرة سديدة.
تضيف: ونقتل الاسد .
يرتجف الصوت: لا.. الاسد.. لا .
تقول بثقة: لا تخشي..إنة كهل وعنيد مهلل .
يواجهها: لم ادرك أن الحداثة والعولمة تغيرك ؟!
تضحك : هههههه ...الأصنام تستطيع أن تتعامل مع الأصنام .
يتسأل بجزع: وأنا ؟!
تنظر للأفق : في مهب الريح.
تسترق البطلة السمع ، لكنة يتلاَشي وتنظر للوحات...لكنها أختفت.
تنظر لساعة في اليد وتقول: حاَنت اللحظة .
تمت
*عبير صفوت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق