الشاعر الحاذق يستطيع أن يستخدم الإيحاء بطريقة إبداعية يعبّر فيه عن مواقفه النفسية.يستطيع الشاعر الحاذق أن يستخدم الإيحاء بطريقة إبداعية يعبّر فيه عن مواقفه النفسية، كونه من العناصر المهمة في بناء القصيدة فهو يلعب دورا مهما في عملية الإبداع ويمنحها العمق والتأثير لدى المتلقي. فالإيحاء يستخدم للتأثير في ذهن المتلقي بفكرة معينة، وكلّما كان الإيحاء قوّيا ازداد تأثيره، لذا لا بدّ أن يتقن الشاعر طريقة يحدث فيها تأثيرا ايجابيا يرسم من خلاله صورا تتزاحم في ذهن المتلقي وتثير انتباهه وهذا ما يسعى إليه الشعر.
وهناك طرق يستخدمها الشاعر في الإيحاء عند المتلقي، فأما يكون عن طريق المفردة التي تدخل في النسيج الشعري، أو عن طريق الصورة الغريبة والمثيرة، أو عن طريق الألوان التي يستخدمها في داخل هذا النسيج، وكل واحدة ستؤثّر حتما على حواس المتلقي وتثير دهشته .
في قصيدة الشاعر فاضل ضامد "هندسة حين نكون هلام" يضعنا أمام زخم إبداعي غريب عن طريق استخدامه للأشكال الهندسية التي تصدمنا منذ عنوانها حيث استخدم مفردة "هندسة" ومفردة "هلام" حيث التناقض ما بين الشكل المنتظم واللامنتظم في محاولة لصناعة الغرابة واللامتوقع ورسم صورة إيحائية مثيرة لدى المتلقي .
إننا أمام لوحة تجريدية استطاع الشاعر رسمها بالكلمات بدلا عن الألوان، وظف الأشكال الهندسية مستعينا بها لتوحي لنا هذه الأشكال المنفردة مرة ومتداخلة مع بعضها مرّة أخرى عن حجم المعاناة والتشظّي في الذات الشاعرة، هذه الصور التشكيلية كان يريد من خلالها جمالية شكلية لكونها تمتلك من الدلالات الرؤيوية والتعبيرية الصورية ما يمنحها عمقاَ وصراعا مستمرا داخل النصّ، وكذلك رؤية جدلية ما بين الذات المقهورة والواقع الشرس .
وبالعودة إلى النصّ نلاحظ هذا الإرباك الذي يخلقه الشاعر في ذهنية المتلقي، وخلق صور مستفزّة وتأجيج الصراع، فمثلا نقرأ:
"على المربع الدائري كان يقف المثلت الأفقي ليضيء دروب المستطيلات المعينية وهي تنسكب من دلو الإهرامات المنبسطة على أرجوحة مغلقة".
إنّ الشاعر استطاع حشد عدد كبير من الأشكال الهندسية في هذا المقطع الشديد التكثيف (المربع / الدائرة / المثلث / المستطيلات / المعين / الهرم). إن أغلب هذه الأشكال الهندسية تعبّر عن هزيمة الإنسان وصراعه وجوديا وفكريا واجتماعيا وسياسيا، وكذلك عن الأنظمة الأستبدادية وصراعه في دائرة مغلقة لا سبيل للذات من الخروج منها، أو هي عبارة عن حواجز تحيط بالذات الساقطة في الفتن ووسط هذا الاضطراب الذي يعمّ الواقع، وربما توحي لنا بمستوى التهديد المستمر الذي تعانيه هذه الذات يوميا وانهيارها وسقوطها.
وهنا نقرأ أيضا هذا القلق والخوف والمعاناة في هذا الواقع الموبوء مستعينا بالأشكال الهندسية (الكرة – الدائرة / المخروط / المثلثات / المكعب / المربع الخطوط المستقيمة / التحدّب منحنيات) ليزيد من حالة الصراخ في لوحة تشكيلية مثيرة، فمثلا نقرأ هنا:
"قلقلة تلك الكرة السائلة كالمخروط هاربة من وكر المثلثات بزواياها الخيطية، حتى المكعب بنى داره على مربع مهاجر، قاسية هذه الخطوط كلما استقامت يظهر التحدب عرضيا كأن المواقف عمر بلا آفاق وكأن العمر منحنيات بلا فائدة".
هذا القلق المستمر واللاجدوى والانهزامية لدى الذات الشاعرة والمصير المجهول الذي ينتظرها، وشحن هذه الأشكال الهندسية برمزية محببة تدفع المتلقي المبدع إلى الوقوف عندها طويلا في محاولة فكّ شفراتها والبحث عن التأويل المناسب لها وقراءتها قراءة إبداعية منتجة.
ونقرأ أيضا:
"تبقى صورتي هندسة المرايا ثالوثنا العمق نمد أصابعنا فيرتجف الهلام حينها نختزل البصمات بقضمات من ورق ونغادر كأرغفة فارغة من دقيق ساعاتنا المترهلة على أعمدة النور فتبقى الطرقات تطوي نفسها لتترك الخطى على التراب يمحوها مهندس الريح وبارع العواصف على مقابض الانزياح".
هذا التشتت والتشظّي والتقاطع معبّرا عن التصدع في الذات والانهيار بسبب الظلم والتسلّط والاستبداد وبشاعة الواقع اليومي، يحاول الشاعر أن يرسم لنا ملامح صورته عبر هذه الأشكال الهندسية في زمن مغلق وبنظرة تشاؤمية.
ويختتم الشاعر نصّه بهذه اللوحة الغريبة والمثيرة:
"نبقى مستعمرة لأعمال بيكاسو وبراك ثم ينهال علينا محتلون آخرون لا يحملون حقائب الإسعافات لنتخلص من رتم هذا اللحن كأن بوق الأنابيب يمتص أصواتنا لنعود أجسادا صامتة".
حيث تبقى الذات الشاعرة التي تمثّل الجماهير المغلوبة على أمرها منهزمة تحت رحمة القمع والفساد تعبّر عن حالة النفي والغربة والفناء .
لقد استطاع الشاعر أن يستثمر تقنية وهندسة القصيدة السردية التعبيرية المكتوبة على شكل كتلة واحدة / أفقية / بدون تشطير أو توقفات أو سكتات أو فضاءات في رسم لوحته الشعرية المثيرة للجدل، حيث الفقرات النصّية الطويلة وببناء جملي متواصل من أجل تضخيم الإيحاء وإبراز الصور الشعرية بصورة مثيرة حيث تتجلّى اللغة بانزياحاتها وتفجير طاقاتها، وهذا ما جعل النصّ يمتلك بُعداً دلاليا، وتوهّجا مستمرا وصراعا يتناوب ما بين القوة والضعف، في محاولة من الشاعر إبراز المواقف وتصوير المحنة والواقع المتهرىء .
النص:
على المربع الدائري كان يقف المثلث الأفقي ليضيء دروب المستطيلات المعينية وهي تنسكب من دلو الإهرامات المنبسطة على أرجوحة مغلقة، قلقلة تلك الكرة السائلة كالمخروط هاربة من وكر المثلثات بزواياها الخيطية، حتى المكعب بنى داره على مربع مهاجر، قاسية هذه الخطوط كلما استقامت يظهر التحدب عرضيا، كأن المواقف عمر بلا آفاق، وكأن العمر منحنيات بلا فائدة، تبقى صورتي هندسة المرايا ثالوثنا العمق نمد أصابعنا فيرتجف الهلام حينها نختزل البصمات بقضمات من ورق ونغادر كأرغفة فارغة من دقيق ساعاتنا المترهلة على أعمدة النور فتبقى الطرقات تطوي نفسها لتترك الخطى على التراب يمحوها مهندس الريح وبارع العواصف على مقابض الانزياح. نبقى مستعمرة لأعمال بيكاسو وبراك ثم ينهال علينا محتلون آخرون لا يحملون حقائب الإسعافات لنتخلص من رتم هذا اللحن، كأن بوق الأنابيب يمتص أصواتنا لنعود أجسادا صامتة .
وهناك طرق يستخدمها الشاعر في الإيحاء عند المتلقي، فأما يكون عن طريق المفردة التي تدخل في النسيج الشعري، أو عن طريق الصورة الغريبة والمثيرة، أو عن طريق الألوان التي يستخدمها في داخل هذا النسيج، وكل واحدة ستؤثّر حتما على حواس المتلقي وتثير دهشته .
في قصيدة الشاعر فاضل ضامد "هندسة حين نكون هلام" يضعنا أمام زخم إبداعي غريب عن طريق استخدامه للأشكال الهندسية التي تصدمنا منذ عنوانها حيث استخدم مفردة "هندسة" ومفردة "هلام" حيث التناقض ما بين الشكل المنتظم واللامنتظم في محاولة لصناعة الغرابة واللامتوقع ورسم صورة إيحائية مثيرة لدى المتلقي .
إننا أمام لوحة تجريدية استطاع الشاعر رسمها بالكلمات بدلا عن الألوان، وظف الأشكال الهندسية مستعينا بها لتوحي لنا هذه الأشكال المنفردة مرة ومتداخلة مع بعضها مرّة أخرى عن حجم المعاناة والتشظّي في الذات الشاعرة، هذه الصور التشكيلية كان يريد من خلالها جمالية شكلية لكونها تمتلك من الدلالات الرؤيوية والتعبيرية الصورية ما يمنحها عمقاَ وصراعا مستمرا داخل النصّ، وكذلك رؤية جدلية ما بين الذات المقهورة والواقع الشرس .
وبالعودة إلى النصّ نلاحظ هذا الإرباك الذي يخلقه الشاعر في ذهنية المتلقي، وخلق صور مستفزّة وتأجيج الصراع، فمثلا نقرأ:
"على المربع الدائري كان يقف المثلت الأفقي ليضيء دروب المستطيلات المعينية وهي تنسكب من دلو الإهرامات المنبسطة على أرجوحة مغلقة".
إنّ الشاعر استطاع حشد عدد كبير من الأشكال الهندسية في هذا المقطع الشديد التكثيف (المربع / الدائرة / المثلث / المستطيلات / المعين / الهرم). إن أغلب هذه الأشكال الهندسية تعبّر عن هزيمة الإنسان وصراعه وجوديا وفكريا واجتماعيا وسياسيا، وكذلك عن الأنظمة الأستبدادية وصراعه في دائرة مغلقة لا سبيل للذات من الخروج منها، أو هي عبارة عن حواجز تحيط بالذات الساقطة في الفتن ووسط هذا الاضطراب الذي يعمّ الواقع، وربما توحي لنا بمستوى التهديد المستمر الذي تعانيه هذه الذات يوميا وانهيارها وسقوطها.
وهنا نقرأ أيضا هذا القلق والخوف والمعاناة في هذا الواقع الموبوء مستعينا بالأشكال الهندسية (الكرة – الدائرة / المخروط / المثلثات / المكعب / المربع الخطوط المستقيمة / التحدّب منحنيات) ليزيد من حالة الصراخ في لوحة تشكيلية مثيرة، فمثلا نقرأ هنا:
"قلقلة تلك الكرة السائلة كالمخروط هاربة من وكر المثلثات بزواياها الخيطية، حتى المكعب بنى داره على مربع مهاجر، قاسية هذه الخطوط كلما استقامت يظهر التحدب عرضيا كأن المواقف عمر بلا آفاق وكأن العمر منحنيات بلا فائدة".
هذا القلق المستمر واللاجدوى والانهزامية لدى الذات الشاعرة والمصير المجهول الذي ينتظرها، وشحن هذه الأشكال الهندسية برمزية محببة تدفع المتلقي المبدع إلى الوقوف عندها طويلا في محاولة فكّ شفراتها والبحث عن التأويل المناسب لها وقراءتها قراءة إبداعية منتجة.
ونقرأ أيضا:
"تبقى صورتي هندسة المرايا ثالوثنا العمق نمد أصابعنا فيرتجف الهلام حينها نختزل البصمات بقضمات من ورق ونغادر كأرغفة فارغة من دقيق ساعاتنا المترهلة على أعمدة النور فتبقى الطرقات تطوي نفسها لتترك الخطى على التراب يمحوها مهندس الريح وبارع العواصف على مقابض الانزياح".
هذا التشتت والتشظّي والتقاطع معبّرا عن التصدع في الذات والانهيار بسبب الظلم والتسلّط والاستبداد وبشاعة الواقع اليومي، يحاول الشاعر أن يرسم لنا ملامح صورته عبر هذه الأشكال الهندسية في زمن مغلق وبنظرة تشاؤمية.
ويختتم الشاعر نصّه بهذه اللوحة الغريبة والمثيرة:
"نبقى مستعمرة لأعمال بيكاسو وبراك ثم ينهال علينا محتلون آخرون لا يحملون حقائب الإسعافات لنتخلص من رتم هذا اللحن كأن بوق الأنابيب يمتص أصواتنا لنعود أجسادا صامتة".
حيث تبقى الذات الشاعرة التي تمثّل الجماهير المغلوبة على أمرها منهزمة تحت رحمة القمع والفساد تعبّر عن حالة النفي والغربة والفناء .
لقد استطاع الشاعر أن يستثمر تقنية وهندسة القصيدة السردية التعبيرية المكتوبة على شكل كتلة واحدة / أفقية / بدون تشطير أو توقفات أو سكتات أو فضاءات في رسم لوحته الشعرية المثيرة للجدل، حيث الفقرات النصّية الطويلة وببناء جملي متواصل من أجل تضخيم الإيحاء وإبراز الصور الشعرية بصورة مثيرة حيث تتجلّى اللغة بانزياحاتها وتفجير طاقاتها، وهذا ما جعل النصّ يمتلك بُعداً دلاليا، وتوهّجا مستمرا وصراعا يتناوب ما بين القوة والضعف، في محاولة من الشاعر إبراز المواقف وتصوير المحنة والواقع المتهرىء .
النص:
على المربع الدائري كان يقف المثلث الأفقي ليضيء دروب المستطيلات المعينية وهي تنسكب من دلو الإهرامات المنبسطة على أرجوحة مغلقة، قلقلة تلك الكرة السائلة كالمخروط هاربة من وكر المثلثات بزواياها الخيطية، حتى المكعب بنى داره على مربع مهاجر، قاسية هذه الخطوط كلما استقامت يظهر التحدب عرضيا، كأن المواقف عمر بلا آفاق، وكأن العمر منحنيات بلا فائدة، تبقى صورتي هندسة المرايا ثالوثنا العمق نمد أصابعنا فيرتجف الهلام حينها نختزل البصمات بقضمات من ورق ونغادر كأرغفة فارغة من دقيق ساعاتنا المترهلة على أعمدة النور فتبقى الطرقات تطوي نفسها لتترك الخطى على التراب يمحوها مهندس الريح وبارع العواصف على مقابض الانزياح. نبقى مستعمرة لأعمال بيكاسو وبراك ثم ينهال علينا محتلون آخرون لا يحملون حقائب الإسعافات لنتخلص من رتم هذا اللحن، كأن بوق الأنابيب يمتص أصواتنا لنعود أجسادا صامتة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق