اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

الفصل الرابع من رواية " ليلة السابع من مارس " ...** أسماء الصياد

الفصل الرابع
( نافذةٌ تُفضي إلى سِرٍ )

نفضَ عن رأسه أمر الكٌرة التي اختفت ليلة أمسٍ, دون أن يدخل الشقة أحد سواه, منذ أن انتقلَ إليها, وحرضته برودة الهواء على إغلاق باب الشُّرفة, و الاستلقاء ثانيةً بفراشه, متدثرًا ببعض ملابسه الشتوية الثقيلة..
ولكن النوم قد فرَّ من عينيه فرار المدين المحتال, من الدائن الأمين..
و راح يرى وسط ظلام الغرفة, وجه "هُدى" تلك التي أحبَّها منذ لقائهما الأول..
عندما أقبلت تسأل عن كتب للاقتناء..

و ماكان من "الريس مدبولي", إلا أن سخر من سؤالها, وهو يكاد أن يلتهمها بنظراته الشهوانية الحادة, قائلًا:
ــ هذه مطبعة.. مطبعة فقط.. و ليست مكتبة.. أَلم تقرئي اللافتة ؟!

رغم وداعتها, لمحت في نظراته مانفِّرها من المكوث أمامه للحظاتٍ بعد مارأت منه..
وقفلت ذاهبة, تنشد ضالتها لدى مكتبةٍ بالجوار..
لم يتردد "مصطفى" ــ الذي كان يتابع الحوار من كثب ــ في اللحاق بها:
ــ آنِسة.. آنِسة أأأ....... أنا اسمي "مصطفى درويش".. طالب بكلية التجارة.. و عامل بالمطبعة هنا.. و أهوى القراءة مثلك .. و أريد أن أساعدكِ إذا لم تُمانعي !
التفتت نحو مصدر الصوت, في هدوءٍ.. فقال مباشرةً في سعادةٍ برؤية وجهها الوديع عن قُرب:
ــ أي نوعٍ من الكتب تُفضلين ؟!

انفرجتْ أساريرها قليلًا.. و قالت:
ــ المجلات التعليمية, خاصةً للأطفال.. و الروايات ..

ابتهج قائلًا:
ــ أمهليني حتى الغد.. لعلِّي أجلب لكِ بعضها !

تعجَبَتْ من اهتمامه, و لكنها اعتقدت, أنه مجرد بائع كتب, يقتفي أثر الرزق أينما كان, فأومأت موافقة.. و هى لا تعلم, إلى أي مدىً قد سلبه جمالها الهاديء, و رقة صوتها لُبَّه..

مع بشائر الصباح, ذهبَ إلى عمله, بنفسٍ مُفعمةٍ بالحيوية, رغم بقائه ساهرًا حتى مشارف الصبح.. كان يفكر فيها.. و قد اختبر شعور جديد, غير مألوف لديه..

هاهو القلب منه ينبض بقوة.. يعربد في صدره, عربدة سجين يريد فكَّ قيده, و الانطلاق نحو المدى البعيد, دون أن يسأله أحد؛ " إلى أين, و إلى متى تقصد الدرب المجهول ؟! "..

ظلَّ يترقب قدومها, و يتلفتْ في اضطرابٍ كلما أتى عميل للمطبعة, أو ذهبَ أخر..

أوشكت شمس الظهيرة, على أن تغمر كافة الطُّرق بأشعتها الناعمة, تلك التي لم تقوَ بعد على مجابهة برودة الطقس..

لم يتناول طعام الفطور مع "جابر" ككل صباح, يخشى أن تأت حوراؤه, وتمضي, دون أن يراها..
عينه ترصد كل مَنْ يعبر عتبة المطبعة.. و "جابر" ــ مستودع أسراره ــ يشفق عليه..

للانتظار حُرقة.. و لوعة.. لايدركهما سوى من ارتشقَ سهم الحب بأعماق فؤاده..

كوب من الشاي الساخن, جاءه به "جابر", وهو يقول هامسًا, حتى لاتتناهى إليه آذان "مدبولي", و سائر عُمَّاله من حولهما:
ــ لن تأتي اليوم.. احتسِ كوبَ الشاي.. أنت مازلتَ على لحمِ بطنك..
ثم استطرد, لمَّا رأى وجوم الشاب:
ــ لعلها نسيتْ أمر الكتب, و المجلات, اليوم.. و ربما تُقبلُ غدًا.. الغائب حُجته معه يا بُني..

ــ أريدُ عاملًا هنا؛ يُدعى "مصطفى درويش" ..
قالها رجل جنوبي اللهجة, يبدو من هيئته, أنه عامل أجير, أو ماشابه..

همَّ "مدبولي" أن أن يستفسر منه عن كُنهَ سؤاله؛ و لكن "جابر", أسرع يجيب:
ــ هاهو.. انتظره بالخارج.. و سيوافيكَ على الفور ..

ذهب الرجل, ينتظر الشاب, بينما يهمس "جابر" للشاب, رغم مراقبة "مدبولي" لهما:
ــ مؤكدٌ.. أنَّ جميلتكَ هى التي أرسلته.. اذهب, و استطلع الأمر..
و قبل أن يتفوه الشاب بكلمة, إذ شدَّ "جابر" على كتفه يُطَمئنَهُ:
ــ لاعليكَ من "الريس مدبولي".. دعهُ لي..

حمل الشاب حقيبة جلدية ــ مازالت سميكة, و لامعة نوعًاماــ كم شَهِدتْ معه رحلته اليومية مِن, و إلى المعهد .. ثم أسلمها للرجل, بعد أن أخبره أنَّهُ ساعي مدرسة الأنوار للتعليم الأساسي, التي تعمل بها الآنِسة "هُدى" ..

أبَى قبول النقود التي أرسلتها إليه "هُدى" مع الساعي, و كتبَ لها ورقة, قال فيها:
ــ الهدية؛ جزاؤها القَبول ليس إلا ..

لقد عكفَ يوم أمس ــ بعد انتهاء وردية عمله ــ على انتقاء عدد من الكتب, و المجلات, و نقدِ ثمنِها من راتبه, الذي مايتحصل عليه, حتى يُحلِّق بجناحين خفيين متبخرًا ..

كم أوهمتهُ أمه "نجاة"؛ بأن مايمنحها إياه من راتبه, بالإضافة إلى مبلغ الإيجار الذي تتسلمه من "فهيمة"؛ يَفِيان بحاجاتهما حتى نهاية الشهر, و زيادة..
و لولا أن كانت "نجاة" سيدة مُدبرة, تكتفي بأولويات الأشياء, لكُشف أمرها لابنها منذ سنين..
و الحقيقة التي لطالما خبَّأتها الأم الطيبة عن ابنها؛ أن "فهيمة", هى التي كانت تتحصل منها على إيجار شهري, يوشك على أن يستنزف مايربو على نصف راتبه الشهري !

لم يتحمل قلب "نجاة", أن يُدرك ابنها الوحيد, أنَّه مجرد مستأجِر, قد يُطرد من بيته الذي وُلد به بأي يوم ..
لِذا قد أزعجَها تلميح "فهيمة", بأنها مالكة البيت, و بأن "مصطفى" قد يغادر البيت خالي الوفاض؛ إذا لم يتزوجها بالموعد الذي تحدده ..
فهكذا هددت "فهيمة", و توعدت "نجاة" قبل ليلةٍ فائتة..
فكان الموت أرفق بالأم الحانية, من أن ترى فلذة كبدها يقع مُرغمًا بذلك الشَّرك..

ويومٌ, بعد يوم.. تقوى أواصر الحب, و أواشج الحلم بين "مصطفى", تلك الحسناء الخجولة, حتى تحدَّثَ إلى أمه في الأمر.. فسعدتْ أيما سعادةٍ, و استبشرتْ باختياره الحسن, خاصةً بعد أن طرق الشاب, و أمه باب أسرة الفتاة, و انتهاءً بخطبتهما وسط مباركة, و تهنئة الأقارب, و الجيران, و الأصحاب !

لن تهدأ ثائرة "فهيمة", و ابنتيها بعد أن عَلِمنَ بالأمر..
و كانت حيلة من حِيَل الشيطان, تلك التي نسجتها "فهيمة", في إحكامٍ, و خُبث!

أفزع الشاب صوت خشخشة بغرفته ــ حيث مازال ممدًا بفراشِه يستعيد الذكريات ــ و إذ بِتيار هواءٍ بارد يحرك نافذة صغيرة, عن يسار سريره..
كانت الشُّباك ذو الضلفة الواحدة, يتحرك بقوة, من أثر الرياح العاصفة التي هبَّت فجأة, مما دفع الشاب إلى النهوض في خِفة, يكبس مفتاح الكهرباء, و يضيئ الغرفة, التي راح مصباحها ــ الذي يتوسط سقفها ــ يترنح ذات اليمين, و ذات اليسار.. ثم أحكم إغلاق النافذة ..

ثم قفز الشاب صوب النافذة, لتهوله المفاجأة؛
لقد كان لدى النافذة منتهى سلم معدني مثبتٌ بالحائط ــ بالمَنْوَر ــ و يبدأ من نافذة الطابق الأعلى ..
تلاحقتْ أنفاس الشاب, و هو يقول مستنتجًا:
ــ إذًا فالسارق الخَفي, الذي سرقَ صورة أمي, و عبثَ بأغراضي, و بَعثَرها, و الذي أخذَ الكُرة من الشُّرفة؛ يقطن بالطابق التالي !!!

تيقَّنَ أن النوم لن يداعب هدبيه حتى الصباح, فقصد المطبخ الصغير, ليُعد كوبًا من الشاي, و بينما يرتشفه؛ يمكنه ترتيب خطواته, و ماذا عليه أن يفعل إزاء ذلك الجار المشاغب, الذي أقلقَ راحته, و ما كفَّ عن مضايقته منذ أتى إلى هُنا !

اكتشفَ أنَّ اسطوانة الغاز فارغة تمامًا.. لامَ نفسه, أن لم يتأكد من امتلائها بالغاز من عدمه قبل الليلة .. ثم ترحَّم على أُمِّه التي كانت تُعنى بكل شيء يخصه..

زفر غيظًا, و فيما يمضي صوب الفراش يائسًا, إذ مرَّ بالصالة, حيث المنضدة, و الطبقين الفارغين فوقها, و إبريق الشاي.. كما رآهما أول مرة..
ولكن!!!!!

و لكن ثمة طفلة هناك, تلهو بملعقة بأحد الطبقين, كَمنْ تريد إيهامه بأنها تتناول الطعام, حيث كانت تلوك اللاشيء بفمها الصغير..
تجمَّد حيث يقف مشدوهًا.. و لكن سرعان ماتذكَّر السُّلم المعدني المُثبت خلف غرفة نومه؛ فاستنتج على الفور؛ بأن هذه الطفلة هى نفسها "السارق الخفي" الذي كان يفكر في وسيلةٍ للعثور عليه..

لم تلتفت الطفلة نحوه, رغم اقترابه منها بخطواتٍ بطيئة..
أراد التأكد من أنه مازال يقظًا.. لايحلم !

وقف بمحاذاة المنضدة, يحدق إلى تلك المشاغبة التي اقتحمت مسكنَهُ بهاتهِ الساعة المتأخرة, فإذ به يرى صورة أمه المفقودة, تتوسط المنضدة أمام الطفلة مباشرةً, و الطفلة لاترفع ناظريها عنها طرفة عين !!!!

* أسماء الصياد 

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...