صرخات صوتها الحادة ما عادت تصل إلى مسمعي ! تفقدتها ·· ألقيت نظرة على تجمعات الأطفال في فناء الدار ·· لم تكن معهم · بحثت بهدوء وسرعة بين الغرف المتاح لي دخولها ·· لم أجدها · تسارعت نبضات قلبي ·· والهدوء توقد واندفع في أطرافي ضجيجاً صاخباً : - أين سارة ؟ ·· من رآها ؟ استنفرت صاحبة البيت والزائرات ·· تبعثرن في الغرف والملحقات والسطح للبحث عنها ·· ولا أثر ! أركض بين الجدران وأجأر كلبوة ، وخطوط دمعي اللاهث تجأر معي ·· " خلي بالك من سارة ·· لا
تنسيها في زحمة الضيفات وكثرة القيل والقال ·· أعرفك ! " شدد علي بتنبيهاته وهو يوصلني إلى هنا ·· وكأن قلبه تنبأ بحدوث شيء ما !! تسمر الأطفال في أماكنهم حين رأوا هلعي ودموعي ·· لم أخجل من الصراخ أمامهم بهستيرية : - أين سارة ؟ ·· من رأى ابنتي سارة ؟ تسابقت الأمهات لاستنطاق أولادهن ·· ارتعدت فرائص أكبرهم ·· فرك يديه ببعضهما : - أنا لم أرها · ازدرد ذ و القميص الأصفر ريقه ورفع حاجبيه : - أنا رأيتها · أمسكت بتلابيبه ·· اتسعت عيناي بمساحة رأسه : - أين ؟ رفع بنطاله الأخضر فوق خصره النحيل : - كانت تلعب هنا قرب الباب ثم فتحته وناديتها فلم ترد علي وخرجت · دفنت وجهي بين كفي : - يا إلهي ·· ليس في البيت رجال ، كلنا نساء وأطفال فقط ·· من سيبحث لي عنها خارج البيت ؟ لوح ذو الوجه المستدير بسبابته السمراء القصيرة محذراً : - وأنا أيضاً ناديتها ، قلت لها لا تخرجي من البيت حتى لا يصيبك ما أصاب الأرنب الصغير الذي خرج من بيته واصطاده الصياد ، أمي قالت لي هذا ·· أليس كذلك يا أمي ؟ وضعت أمه يدها على فمه وطلبت منه السكوت · دوار يصيبني ·· وحلقي صحراء جافة لم تعرف طعم الإرتواء يوماً .. - اعطوني عباءتي لأبحث عنها في الشوارع · تدخلت ذات الثوب المشجر : - خرجت سارة لتلعب بالرمل الذي أمام البيت ، هي قالت لي أنها تحب اللعب بالرمل لكن أمها تمنعها حتى لا تتسخ ثيابها · " منذ متى كانت سارة - ابنة السنتين - تعرف الكلام " آه ·· ليتني ما نهيتها يوماً عن فعل شيء ما ·· ليتني ما منعتها منذ قليل من أكل قطع الكاكاو التي تعشقها · وقف الأبيض ذي الشعر الكث المجعد على أطراف أصابعه منفعلاً : - حين كانت سارة تلعب بالرمل وقفت سيارة حمراء فيها سائق له شوارب ، كأبي ، وناداها السائق وأعطاها قطعة كاكاو وأخذها معه في السيارة .. " يا ويلتي ·· خطفت ابنتي ! " · زمجرت ذات الغرة الكستنائية المتدلية على العينين : - قلت لها لا تأخذي من الغريب شيئاً ·· أمي قالت لي لا تأكلي من أحد شيئاً ، ولا تذهبي مع الغرباء أبداً · نهرها السمين الواقف أمامها بغضب : - كاذبة ·· لا يا خالة ·· سارة لم تذهب في السيارة الحمراء ·· بل جاءت طائرة بيضاء وركبت فيها ثم طارت ، راحت إلى البحر · " أراني كرة لحمية تتقاذفها أرجل صغيرة ملونة " · بأسى قال الأقرع الصغير وهو يحك أرنبة أنفه : - الصحيح ، أن سارة طلعت إلى الشارع وجاءت سيارة ـ شبح - مسرعة ودعستها ونزل منها الدم · " ابنتي ماتت ؟ ·· دعستها سيارة ! " · حبوت إلى الباب حبواً ·· ما عادت قدماي تحملانني ·· وفي صدري فحيح أم ثكلى ! وكحكيم ، نطق ذو الثوب الأبيض ، بعد صمت مطبق ، وعينيه تضيق وتتسع حسب مخارج كلماته : - لكن سارة قصيرة ، ولا تستطيع يدها أن تمسك بهذه ، لتفتحها - وأشار إلى مقبض الباب - · تحنطت في مكاني ·· دلو من الماء المثلج اندلق فوق رأسي ·· سكنتني رعشات متوالية ·· ودمي تيار متناوب ، نقطة مغلية ·· وأخرى متجمدة · " قصيرة ·· لا تصل لمقبض الباب ·· لم تخرج ·· إنها في البيت ·· ال ·· ! " اشتعلت الحياة في أوصالي ·· تركبت أعضائي فوق بعضها البعض ·· وكالبرق طرت من بينهم ·· وقفت وسط المطبخ ·· بحثت جيداً ·· وبهدوء ·· تمطت ، من تحت مفرش الطاولة المتدلي حتى الأرض بارتخاء ، قدمان صغيرتان حافيتان ·· أعقبتهما ساقان رفيعتان ·· ثم جذعاً ناحلاً بذراعين سمراوين ·· ثم عينان لا معتان وسط وجهٍ بني معجون بنصف علبة الكاكاو المزروعة ، بكثافة ، تحت الطاولة !!
تنسيها في زحمة الضيفات وكثرة القيل والقال ·· أعرفك ! " شدد علي بتنبيهاته وهو يوصلني إلى هنا ·· وكأن قلبه تنبأ بحدوث شيء ما !! تسمر الأطفال في أماكنهم حين رأوا هلعي ودموعي ·· لم أخجل من الصراخ أمامهم بهستيرية : - أين سارة ؟ ·· من رأى ابنتي سارة ؟ تسابقت الأمهات لاستنطاق أولادهن ·· ارتعدت فرائص أكبرهم ·· فرك يديه ببعضهما : - أنا لم أرها · ازدرد ذ و القميص الأصفر ريقه ورفع حاجبيه : - أنا رأيتها · أمسكت بتلابيبه ·· اتسعت عيناي بمساحة رأسه : - أين ؟ رفع بنطاله الأخضر فوق خصره النحيل : - كانت تلعب هنا قرب الباب ثم فتحته وناديتها فلم ترد علي وخرجت · دفنت وجهي بين كفي : - يا إلهي ·· ليس في البيت رجال ، كلنا نساء وأطفال فقط ·· من سيبحث لي عنها خارج البيت ؟ لوح ذو الوجه المستدير بسبابته السمراء القصيرة محذراً : - وأنا أيضاً ناديتها ، قلت لها لا تخرجي من البيت حتى لا يصيبك ما أصاب الأرنب الصغير الذي خرج من بيته واصطاده الصياد ، أمي قالت لي هذا ·· أليس كذلك يا أمي ؟ وضعت أمه يدها على فمه وطلبت منه السكوت · دوار يصيبني ·· وحلقي صحراء جافة لم تعرف طعم الإرتواء يوماً .. - اعطوني عباءتي لأبحث عنها في الشوارع · تدخلت ذات الثوب المشجر : - خرجت سارة لتلعب بالرمل الذي أمام البيت ، هي قالت لي أنها تحب اللعب بالرمل لكن أمها تمنعها حتى لا تتسخ ثيابها · " منذ متى كانت سارة - ابنة السنتين - تعرف الكلام " آه ·· ليتني ما نهيتها يوماً عن فعل شيء ما ·· ليتني ما منعتها منذ قليل من أكل قطع الكاكاو التي تعشقها · وقف الأبيض ذي الشعر الكث المجعد على أطراف أصابعه منفعلاً : - حين كانت سارة تلعب بالرمل وقفت سيارة حمراء فيها سائق له شوارب ، كأبي ، وناداها السائق وأعطاها قطعة كاكاو وأخذها معه في السيارة .. " يا ويلتي ·· خطفت ابنتي ! " · زمجرت ذات الغرة الكستنائية المتدلية على العينين : - قلت لها لا تأخذي من الغريب شيئاً ·· أمي قالت لي لا تأكلي من أحد شيئاً ، ولا تذهبي مع الغرباء أبداً · نهرها السمين الواقف أمامها بغضب : - كاذبة ·· لا يا خالة ·· سارة لم تذهب في السيارة الحمراء ·· بل جاءت طائرة بيضاء وركبت فيها ثم طارت ، راحت إلى البحر · " أراني كرة لحمية تتقاذفها أرجل صغيرة ملونة " · بأسى قال الأقرع الصغير وهو يحك أرنبة أنفه : - الصحيح ، أن سارة طلعت إلى الشارع وجاءت سيارة ـ شبح - مسرعة ودعستها ونزل منها الدم · " ابنتي ماتت ؟ ·· دعستها سيارة ! " · حبوت إلى الباب حبواً ·· ما عادت قدماي تحملانني ·· وفي صدري فحيح أم ثكلى ! وكحكيم ، نطق ذو الثوب الأبيض ، بعد صمت مطبق ، وعينيه تضيق وتتسع حسب مخارج كلماته : - لكن سارة قصيرة ، ولا تستطيع يدها أن تمسك بهذه ، لتفتحها - وأشار إلى مقبض الباب - · تحنطت في مكاني ·· دلو من الماء المثلج اندلق فوق رأسي ·· سكنتني رعشات متوالية ·· ودمي تيار متناوب ، نقطة مغلية ·· وأخرى متجمدة · " قصيرة ·· لا تصل لمقبض الباب ·· لم تخرج ·· إنها في البيت ·· ال ·· ! " اشتعلت الحياة في أوصالي ·· تركبت أعضائي فوق بعضها البعض ·· وكالبرق طرت من بينهم ·· وقفت وسط المطبخ ·· بحثت جيداً ·· وبهدوء ·· تمطت ، من تحت مفرش الطاولة المتدلي حتى الأرض بارتخاء ، قدمان صغيرتان حافيتان ·· أعقبتهما ساقان رفيعتان ·· ثم جذعاً ناحلاً بذراعين سمراوين ·· ثم عينان لا معتان وسط وجهٍ بني معجون بنصف علبة الكاكاو المزروعة ، بكثافة ، تحت الطاولة !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق