اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

شيء من الذاكرة المهجورة….** د كريمة نور عيساوي

على غير عادتها أيقظتها أمها هذا الصباح، وهي تمرر يدها على خصلات شعرها القمحي، ثم طبعت قبلة طويلة على جبينها. لأول مرة تحس بدفء صدر أمها بعدما احتضنتها بقوة، أول مرة تتحسس بشرة أمها الناعمة. لم تعهد منها هذا العطف ولا هذا السيل الجارف من الحنان. غمرتها سعادة كبيرة لا حد لها، وتمنت في داخلها لو طالت المدة، وراودتها فكرة ادعاء المرض علها تقبع في البيت، وتنعم بهذا بهذا الفيض من الحنان. حاولت أن تنقب في ذاكرتها الصغيرة عن صورة مشابهة لهذه اللحظة التي عاشتها فلم تفلح في ذلك، ذاكرتها مشحونة بصور صاخبة تمر أمامها كالبرق تباعا. فأمها إما أن تصرخ في وجهها عندما تعمد، عن
قصد وإصرار، إلى تمزيق ثيابها بالمقص حتى تثير غضب أمها أو عندما تتسخ ملابسها أثناء الأكل. فهي لم تعثر عن أي صورة لأمها، وهي تحثها على الدراسة أو التحضير للامتحانات. أكبر شيء كانت مهووسة به أمها هو الحرص على نظافتها، ومظهرها الخارجي.

لم تستفق آلاء من هذه الهلوسات إلا على صوت أمها، وهي تطلب منها برفق أن تغسل أطرافها، و أن تلتحق بها من أجل أن تمشط شعرها. سيل من الأسئلة عج بها رأسها الصغير. لماذا أمي اليوم حنون؟ لماذا غابت هيبتها؟ ما السر وراء ابتسامتها الغامضة؟ ولماذا طلبت مني ارتداء فستان العيد؟ ارتدت آلاء فستانها، ولحقت بأمها لتجدها تمشط شعر أختها الطويل وتزينه بشرائط حمراء، وقد ارتدت هي الأخرى فستان العيد الوردي. أمسكتها من يدها، وسألتها ولأول مرة، هل تريدين أن يظل شعرك مسدلا أم تفضلين أن يكون على شكل ذيل حصان؟ أحست بفرح كبير، وبأنها أصبحت فتاة كبيرة تستشيرها أمها في المظهر الذي تفضله ويليق بها. فقالت أريده على شكل ذيل حصان بشريط أخضر.

بعد وجبة الفطور قربتهما الأم إليها، وأجلستهما على ركبتيها، وقالت بصوت مشحون بالأسى ونبرة لم تنسها طول حياتها: مهما طال الزمن، ومهما كانت الظروف لا تصدقا أبدا ما يُقال لكما عني، كونا متأكدتين أنني أحبكما أكثر من نفسي، وسأظل أحبكما حتى لو سافرت. ستظلان أجمل شيء في حياتي إلى جانب أختكما عهد. وإذا بها تسألها آلاء: هل ستسافرين ماما؟ لا يا عزيزتي هي فقط وصية أردتكما أن تحفظاها عني. والآن حان وقت المدرسة. امسكي بيد أختك فقد صرت مسؤولة عنها. وانطلقتا بعد أن قبلتهما واحتضنتهما بقوة، وقد ظهرت لمعة دمعة في عينيها.

في القسم، وفي حصة الرسم، أول مرة ترسم آلاء وجها بشريا بعدما كانت جل رسوماتها من مظاهر الطبيعة. ولما سألتها المعلمة متعجبة عمن في الصورة قالت دون تردد هي ماما الحنون. مرت الفترة الصباحية يسرعة، ورن جرس الخروج. انتظرت أختها طويلا بباب القسم لكنها لم تأت. شعرت بأنها أخفقت في المسؤولية التي أسندتها إليها أمها في هذا الصباح، سيطر عليها نوع من الخوف لا عهد لها به، حاولت أن تتذكر طريق العودة إلى البيت. لم تستفق إلا على صوت أبيها، وهو يناديها تعالي يا آلاء. أصابتها الدهشة. ما الذي أتى بأبي في هذا اليوم؟ حمل عنها الحقيبة، وهي لا تنبس ببنت شفة، أبي لم يزر مؤسستنا قط. ما الذي جعله يترك عمله؟ لم أكن أرى أبي إلا في الأعياد. حتى الحفلات كان يتغيب عنها. لماذا لم يلتحق بعمله اليوم؟ كنت أحظى برؤية والدي في عيد الأضحى وهو يذبح الشاة وأنا أساعده، لم تتعود أن تتحدث مع أبيها لذلك واجهت صعوبة في فتح باب التواصل معه. كانت تبدو على ملامحه الصارمة آثار الضجر والحزن والغضب. حاولت أن تسترق نظرة إليه لكنها لم تستطع إلى ذلك سبيلا. وفجأة وجدت نفسها أمام البيت. الشارع مكتظ بالناس. ونظرة الحسرة في عيون الجيران. سيارتا الإسعاف والشرطة مركونتان في الحي. ما الذي يجري؟ ما كل هذا الحشد من الناس؟ لماذا تبكي جارتنا أم عماد؟ ولماذا عمي خالد هنا؟ أحست بنوع من الجوع. سألت أختها الصغرى: أريد أن آكل؟ ألا تحسين بالجوع؟ وإذا بالجدة تهرول باتجاههما وهما يجلسان في باحة البيت، والدموع تنهمر من عينيها مدرارا. أهلا صغيراتي؟ ما ذنبكما وقد يتمتما دون وجه حق؟ وإذا بالعمة تقبل مقتضبة الحاجبين تعلو سحنتها موجة من الغضب الجامح.: هذا ما خلفته أمكما؟ فضيحة ولعنة. في هذه اللحظة فقط انتبهت آلاء لغياب الأم، وصرخت بأعلى صوتها، ودون أن تعير اهتماما لأبيها، قد أحست فعلا أن مكروها أصاب الأم. أريد ماما. فما كان من الجدة إلا أن رددت وهي كلها حرقة وألم: لقد ذهبت أمكما إلى دار البقاء، لتنطق العمة بصوتها الجوهري الخشن: ذهبت بعد أن لطخت سمعتنا بفضيحة مدوية. لقد انتحرت. كانت آخر كلمة وصلت إلى سمع آلاء قبل أن يغمي عليها…..

كانت آلاء مستلقية باسترخاء على السرير الناصع البياض حينما بادرها الطبيب قائلا: طيب مهندسة آلاء، انتهت حصتك اليوم، حاولي أن ترتاحي، تفضلي بشرب كوب من الماء. حصة اليوم أعتبرها أنجح حصة حتى وإن كنت قد تعبت كثيرا وبكيت كثيرا وتألمت كثيرا. لكننا استطعنا أن نلج لتاريخك القديم، ونحرك الذاكرة. وقد كان تجاوبك إيجابيا. منذ بداية العلاج لم تكوني تتحدثين إلا عندما أطرح عليك سؤالا. اليوم استرجعت كل شيء دون أي سؤال. لنا لقاء في الأسبوع المقبل. أعتقد أننا بدأنا الخطوة الأولى اليوم.

د كريمة نور عيساوي

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

  • فيلم (كال وكمبريدج).. هموم الجيل الثاني من المغتربين العراقيين
  • ⏪⏬ا: (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على ... اكمل القراءة
  • المكتبة المسرحية: ثلاثة أعمال مسرحية للكاتب أحمد إبراهيم الدسوقي
  • ⏪⏬صدرت للكاتب والشاعر والرسام أحمد إبراهيم الدسوقي.. ثلاثة مسرحيات.. هم ... اكمل القراءة
  • فيلم "بين الجنة والأرض" يختتم عروض "أيام فلسطين السينمائية"
  • ✋✋اختتم مهرجان "أيام فلسطين السينمائية"، دورته السابعة والاستثنائية بالفيلم ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة جدا

  • عناد | قصص قصيرة جدا ...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪اشاعاتاقتنع بمقولة أن وراء كل عظيم امراة.. تزوج أربعة.. وضعوه فى مستشفى ... اكمل القراءة
  • حنين | قصص قصيرة جدا...*على حسن بغداى
  • ⏬⏪تعليماتنزل القبر.. استقبلوه بالترحيب.. طلبوا منه أربعة صور وشهادة وفاته لضمه ... اكمل القراءة
  • الحسناءوالحصان | قصة قصيرة جدا ...*رائد العمري
  • ⏪⏬في الاسطبل كان يصهلُ كعاشقٍ أضناه الاشتياق، هي لم تكن تفهم صهيله جيدا، جاءت ... اكمل القراءة

    قصص قصيرة

  • ابن جلَّا | قصة قصيرة ...*حسان الجودي
  • ⏪⏬رفضت بعض خلايا الدماغ المشاركة في عملية التفكير التي همَّ بها ابن جلاّ .فقد ... اكمل القراءة
  • أطول مما يتخيل العمر | قصة فصيرة..!.. * عبده حقي
  • ⏪⏬فجأة وجد رأسه معلقا بحبل بين أغصان الشجرة وعيناه جاحظتان إلى السماء .كان جسده ... اكمل القراءة
  • مسافر في الليل | قصة قصيرة ...*على السيد محمد حزين
  • ⏪⏬ارتدى آخر قطار متجه إلي القاهرة , حشر نفسه وسط الكتل البشرية المعتركة الأجسام ... اكمل القراءة

    قراءات أدبية

  • قراءة لنص "ميلاد تحت الطاولة" ...* لـ حيدر غراس ...*عبير صفوت حيدر غراس
  • "الدارسة المعمقة والجزيلة للأديبة الكبيرة (عبير صفوت) لنص ميلاد تحت ... اكمل القراءة
  • الرواية التاريخية في الأدب الفلسطيني ...*جواد لؤي العقاد
  • رإن أفخم وأهم الرويات في الأدب العربي تلك التي تقدم لنا معلومات تاريخية موثوقة ... اكمل القراءة
  • الأهازيج الشعبية في رواية “ظلال القطمون” لإبراهيم السعافين
  • *د. مخلد شاكر تدور أحداث رواية “ظلال القطمون” حول الأدب الفلسطيني, وحول ... اكمل القراءة

    أدب عالمي

  • إعتذار .. مسرحية قصيرة : وودي آلان - Woody Allen: My Opology
  • ترجمة:د.إقبال محمدعلي*"من بين مشاهير الرجال الذين خلدهم التاريخ،كان "سقراط" هو ... اكمل القراءة
  • الأسطورة والتنوير ...* فريدريك دولان ..*ترجمة: د.رحيم محمد الساعدي
  • ⏪⏬الأسطورة هي بالفعل )تنوير( لأن الأسطورة والتنوير لديهما شيئا مشتركا هو الرغبة ... اكمل القراءة
  • أدب عالمي | الموت يَدُق الباب.. مسرحية لـ وودي آلان
  • ⏪بقلم: وودي آلان،1968⏪ترجمة: د.إقبال محمدعلي(تجري أحداث المسرحية في غرفة نوم ... اكمل القراءة

    كتاب للقراءة

  • صدر كتاب "الفُصحى والعامية والإبداع الشعبي" ...*د.مصطفى عطية جمعة
  •  ⏪⏬عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة ؛ صدر كتاب « الفُصحى والعامية ... اكمل القراءة
  • رواية"أنا من الديار المُقدَّسة والغربة" للأديب المقدسي جميل السلحوت
  • *نمر القدومي:صدرت رواية الفتيات والفتيان “أنا من الديار المقدسة” للأديب المقدسي ... اكمل القراءة
  • صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- الجزء الثاني”
  • * للباحث “حسين سرمك حسن”صدور كتاب “أمريكا وجرائم استخدام أسلحة الدمار الشامل- ... اكمل القراءة

    الأعلى مشاهدة

    دروب المبدعين

    Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...