اعلان >> المصباح للنشر الإلكتروني * مجلة المصباح ـ دروب أدبية @ لنشر مقالاتكم وأخباركم الثقافية والأدبية ومشاركاتكم الأبداعية عبر أتصل بنا العناوين الإلكترونية التالية :m.droob77@gmail.com أو أسرة التحرير عبر إتصل بنا @

لماذا نكتب؟

نكتب لأننا نطمح فى الأفضل دوما.. نكتب لأن الكتابة حياة وأمل.. نكتب لأننا لا نستطيع ألا نفعل..

نكتب لأننا نؤمن بأن هناك على الجانب الآخر من يقرأ .. نكتب لأننا نحب أن نتواصل معكم ..

نكتب لأن الكتابة متنفس فى البراح خارج زحام الواقع. نكتب من أجلك وربما لن نعرفك أبدأ..

نكتب لأن نكون سباقين في فعل ما يغير واقعنا إلى الأفضل .. نكتب لنكون إيجابيين في حياتنا..

نكتب ونكتب، وسنكتب لأن قدر الأنسان العظيم فى المحاولة المرة تلو الأخرى بلا توان أو تهاون..

نكتب لنصور الأفكار التي تجول بخاطرنا .. نكتب لنخرجها إلى حيز الذكر و نسعى لتنفيذها

أخبارالثقاقة والأدب

حلقة ــ قصة قصيرة ...**هُدى محمد وجيه الجلاّب

تترك الزقاق التي ما زالت تسكنها مُرغمة منذ سنين
والتي باتت تلمسها غريبة عن مسامات بدن يذوب كشمعة
مع مرور وقت شديد المُعاناة.
ترتمي في حُضنها هُنيهة لتلمس خيبة ضعف سافر.
تشدّ يدها على كتف نحيلة بقوة، لتنساب كلمات محبوسة وراء ستائر سميكة: _ ما لها أيّامنا أمّي؟ أنا متوترة خائفة كأنّ هذا العام نحس على الجميع؟
- نعم بنتي بتنا على كف عفريت نمضي دون هُدى، الله يحمي سورية يا ربّ.
تقرأ بؤس وجهها أكثر فتبكي. تدير ظهرها بهدوء، ظنّها لمْ تنتبه لانحدار دموع هاربة وهي التي بروحها تلامس نسيج الأوجاع الخفية.
تلج دواخلها؛ ترى والدها طيفاً خفيفاً يتمشى برفق ثمّ يختفي مثل فقاعة صابون:
تلك الكنبة الكبيرة التي أجلس عليها كانت مكانه المفضل في غرفة الجلوس ..
تحت هواء نافذة عريضة منخفضة تطل على حديقة منزل مُمتلئة بأنواع زهور وأوراق طرية. كان يتربع ساعات طويلة يفكر ويتأمل بصمته المُعتاد.
تلامس قماش قص مخمل عنابي براحة يدها: كان يقعد هُنا، بيده مذياعه الصغير يستمع إلى نشرات الأخبار، يحلم بتحرير فلسطين وباقي الأراضي العربية المغتصبة ليته لمْ يكتف بهذا وهبّ ليحارب ويموت راضياً مرضياً.
تسعل أمّها. تنتبه لتعود أدراج واقع كئيب الخطوات.
تقترب، تلامس شعر ابنتها الأسود القصير لتستقبل روحها عبقاً ممتلئاً بالدفء وطعماً أطيب من فاكهة فردوسية.
تخرج تدريجياً مِن شبكة تحاصرها كسمكة ضعيفة أسيرة خيوط مُلتفة بإحكام، تتأمل برضا وتهجس: وحده قلبها قادر على تحويل محطة غضبي إلى شعور سلام، حالة تفاعل عجيب قادر على عجني وتشكيلي من جديد.
عرف الهدوء طريقه إلى صخبها قليلاً، ترقبها وهي لابسة ثوبها الأسود وشالها الأبيض الشفاف الذي يكشف عن غرّة رمادية متدلية بدلال على طرف جبين عريض، كأنّها غيمة شتوية تنوي الهروب ومغادرة سماء متوترة الأعصاب.
تسأل مُبتسمة بافتعال مُمضّ كي تقلب مزاج مناخ مُتأرجح دون حبال: ماذا عندك من قصص قديمة يا أمّي؟ ذكريني بفصل مِن حياتنا الغابرة.
تغمض عينيها لتتخيل حلقة مِن ماض جميل بوضوح وشفافية.
- كان يثيرنا تركك للأمور الكبيرة واهتمامك بأصغر الأشياء.
- مثل ماذا قولي؟
- إذا مرّت فراشة زائرة مثلاً تحاولين القبض عليها، تسألين مُعترضة: لماذا لا نستطيع الطيران؟
ترفرفين بيديكِ بمرح، تحاولين الارتفاع عن سطح الأرض.
تنظر متأملة تعابير وجهها وهي تسمع بشغف، تدخل عمق عينيّها فلا ترى أثراً للرضا الذي تتمناه.
تسبح ضمن مُحيط عقلها: أنا أحلم بالحريّة منذ الصغر إذاً؟
تسكت الأمّ مقهورة من جمودها، من عقدة جبينها.
بعد يأس لحظات، تراها لا تتجاوب كعجينة طرية بين يديها مثل الأيام السهلة التي مرّت بسلام. انقلبت بين يديها تمثال رخام من هول وقت يعبر دون هُدى.
تذهب إلى الصلاة لتتركها مع أفكار عابثة.
ترمق حولها بملل، ترى صورة قديمة على الطاولة.
تدقق. طفلة عادية تبتسم ابتسامة عريضة تظهر سنها اللبني المكسور، يبدو عليها سعادة عارمة وهي محمولة على كتف والدها.
تفكر بموضوعية : كم أتعبت أمّي وأبي رحمه الله؟
تتخيل ابنها في البيت جالساً وحده يتابع برامج تلفاز أصبح يجلب إلى وسط البيوت جميع المصائب الدائرة في البلاد. ضمنها:
- لن أتزوج ثانية كما تريد أمّي، سأعيش لأجل ابني الوحيد سأعمل جهدي على أن يدرس إلى ما شاء الله.
تنظر إلى أساور يديها العريضة بتفاؤل وهي تترحم على زوج فقدته منذ سنة تقريباً في أحداث الحرب المجنونة.
- سأبيع قطعة قطعة مِن ذهبي هذا، سأصرف على دراسته، عندما يكبر سيشتري لي ما أريد.
تراجع ذاتها نادمة: لا أريد منه شيئاً، فقط أريده أنْ يكبر ويقف على قدميه بثبات.
معاتبة روحها: - ماذا إذا تابع نشرة أخبار ورأى المجازر المرعبة والدماء أو سمع صوت انفجار؟ بحضن مَن سيختبئ؟
رعب ينتابها، ينفض غبار كسلها، تنهض واقفة بذعر، تترك والدتها دون وداع.
تعود إلى بيتها مُسرعة الخطوات خوف أنْ يفتقدها صغيرها المحتاج ويدخل موج ثائر إلى محيط نفسه الزاهية فيتوه بين أكوام وزحام وألوان وكلمات.
على طريقها تعود إلى وقت غير بعيد قتلها ملايين المرات.
تدخل دهاليز فكرها: منذ مات والده لا يفارق البيت، كأنّه تعقد مِن هاته الحياة، يا ليت أستطيع العبور إلى أزقة نفسه كي أعرف ما يدور في خلده الصغير.
صوت انفجار مُرعب يزعزع كيانها، تتخيل ابنها يُغطي وجهه بيديه الصغيرتين.
ينادي مُحتاجاً: ماما؛ ماما.
- لا تخف أنا قادمة يا روح الماما.
ثمّة شيء عجيب جعل أقداماً كانت تطوي الطريق بتعب وملل ترتفع عن سطح الأرض وتطير مسحورة كفراشة بريّة.
روح تسأل فتافيت جسد: أ هو انفجار جديد؟
تسير بخفة دون عناء. أحدهم يقول بصوت باك: يا ستار غطوا جسد هذه المرأة المُمزقة، يا لطيف.
في بالها : أ هي القيامة؟ ترى دخاناً كثيفاً يصعد أدراج سماء عالية، غبار يطير حولها حرّاً، صراخ أجساد مُمددة يرعب آذان الفضاء. ثمّة أشلاء مُقطعة فوق حُبيبات تراب طري يفوح غاراً وعبقاً أحمر. أناس كثيرون يركضون في اتجاهات مُختلفة دون أهداف مُحددة .
ترقب روحها شاباً يافعاً مُعفر الثياب يسحب أساور عريضة من يد امرأة ممزقة الجسد.
بعجب: أساور هذه الصبيّة كمْ تشبه صياغة أساوري العريضة وشالها الأسود الشفاف، سبحان الله كم تشبهني أيضاً؟ حتى خال خدها الأيمن.
تدور برشاقة بين أشلاء ساخنة بأقدام خفيفة وروح حائرة ، لتطير بأجنحة حُرّة كما كانت ترغب وتشتهي وتحلم في حلقة ضائعة مِن شريط زمن عَبر.

*هُدى محمد وجيه الجلاّب

ليست هناك تعليقات:

أخبار ثقافية

قصص قصيرة جدا

قصص قصيرة

قراءات أدبية

أدب عالمي

كتاب للقراءة

الأعلى مشاهدة

دروب المبدعين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...